الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَضَحِكَ، فَقَالَ: هَلْ تَدْرُوْنَ مِمَّ ضَحِكْتُ؟ قُلْنَا: اللهُ وَرَسَوْلُهُ أعْلَمُ. قَالَ: مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُوْلُ: يَا رَبِّ ألَمْ تُجِرْنِيْ مِنَ الظُّلْمِ؟ فَيَقُوْلُ: بَلَى. قَالَ: فإنِّي لَا أُجِيْزُ الْيَوْمَ عَلَى نُفْسِيْ شَاهِداً إلَاّ مِنِّي. فَيَقُوْلُ: كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ شَهِيْداً، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِيْنَ عَلَيْكَ شُهُوْداً. فَيُخْتَمُ عَلَى فِيْهِ ثُمَّ يُقَالُ لأرْكَانِهِ: انْطِقِيْ
…
)) الحديثَ نحوَهُ.
قَالَ ابنُ الصَّلاحِ: ((وهذا - أَيْ: جَعْلُ القِسْمِ الَّذي حُذِفَ فِيهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، والصَّحَابيُّ من المُعْضَلِ - جيِّدٌ حَسَنٌ؛ لأنَّ هَذَا الانقطاعَ بواحدٍ مَضْمُوماً إلى الوَقْفِ، يَشْتَمِلُ عَلَى الانقطاعِ باثنينِ: الصَّحَابيِّ، ورسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذلِكَ باسْتِحْقَاقِ اسمِ الإعضالِ أَوْلَى)) (1).
الْعَنْعَنَةُ
136 -
وَصَحَّحُوا وَصْلَ مُعَنْعَنٍ سَلِمْ
…
مِنْ دُلْسَةٍ رَاويْهِ، والِلِّقَا عُلِمْ
137 -
وَبَعْضُهُمْ حَكَى بِذَا إجمَاعَا
…
و (مُسْلِمٌ) لَمْ يَشْرِطِ اجتِمَاعَا
138 -
لكِنْ تَعَاصُراً، وَقِيلَ: يُشْتَرَطْ
…
طُوْلُ صَحَابَةٍ، وَبَعْضُهُمْ شَرَطْ
139 -
مَعْرِفَةَ الرَّاوِي بِالاخْذِ عَنْهُ،
…
وَقيْلَ: كُلُّ مَا أَتَانَا مِنْهُ
140 -
مُنْقَطِعٌ، حَتَّى يَبِينَ الوَصْلُ،
…
وَحُكْمُ (أَنَّ) حُكمُ (عَنْ) فَالجُلُّ
141 -
سَوَّوْا، وَللقَطْعِ نَحَا (البَرْدِيْجِيْ)
…
حَتَّى يَبِينَ الوَصْلُ في التَّخْرِيجِ
(العَنْعَنَةُ) وَمَا أُلْحِقَ (2) بها من المؤنَّنِ.
العَنْعَنَةُ: مَصْدَرُ ((عَنْعَنَ الْحَديْثَ))، إذَا رَواهُ بـ ((عَنْ))، من غيرِ بيانٍ؛ للتَّحديثِ، أَوْ الإخبارِ، أَوْ السَّمَاعِ (3).
(1) معرفة أنواع علم الحديث: 162، وانظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 279، والمقنع 1/ 148.
(2)
في (م): ((لحق)).
(3)
انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 280.
(وَصَحَّحُوا) أي: جُمْهُورُ المُحَدِّثينَ، وغيرُهم (وَصْلَ) سندٍ (مُعَنْعَنٍ سَلِمْ مِنْ دُلْسَةٍ) - بضمِّ الدال - بمعنى: تدليسِ (1)(راويهِ) فاعِلُ سَلِمَ، (واللِّقا)(2) - بالقصرِ للوزنِ - بينَهُ وبينَ مَن عَنْعَنَ عَنْهُ (عُلِمْ) وَهَذا كِنايةٌ عَن سَمَاعِه مِنْهُ (3).
واحتجّوا لِذلِكَ بأنَّه لَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ، لَكَانَ بِعَدمِ ذِكْرِهِ الواسِطةَ بَيْنَهُمَا مدلِّساً (4)، والكَلامُ فِيْمَنْ لَمْ يُعرَفْ بالتَّدلِيسِ، والظاهرُ السَّلامةُ مِنْهُ.
(وَبَعْضُهُم) كَالحاكِمِ (5) والخطيبِ (6)، (حَكَى بِذَا) أي: في ذَا القَوْلِ (إجماعا)(7).
(1) في (ص): ((التدليس)).
(2)
جوّد الهمزة ناشر (م) مع أن المصنف أشار إلى حذف الهمزة، وله في مثل هذا نظائر كثيرة عز بنا عن التنبيه عليها مخافة تضخم الهوامش.
(3)
انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 280 - 281.
(4)
في (ع): ((تدليساً)).
(5)
معرفة علوم الحديث: 34.
(6)
الكفاية: (421 ت، 291 هـ).
(7)
وحكي أيضاً عن ابن عبد البر. قال ابن الصلاح: ((وكاد أبو عمر بن عبد البر الحافظ يدّعي إجماع أئمة الحديث على ذلك)). معرفة أنواع علم الحديث: 163.
قال الزّركشيّ 2/ 22: ((لا حاجة لقوله: ((كاد)) فقد ادعاه في أول كتابه التمهيد وعبارته: ((أجمع أهل العلم على قبول الإسناد المعنعن بثلاثة شروط: عدالة المخبرين، ولقاء بعضهم بعضاً، وأن يكونوا براء من التدليس)). ولم يذكر ابن الصّلاح الشرط الأول ظناً أنه يؤخذ من الثّالث)). وانظر: التمهيد 1/ 13، والتقييد:83.
قال ابن حجر 2/ 583: ((إنما عبر هنا بقوله: كاد؛ لأن ابن البر إنما جزم بإجماعهم على قبوله، ولا يلزم منه إجماعهم على أنه من قبيل المتّصل)).
وادعى أبو عمرو الداني إجماع أهل النقل على ذلك، لكنّه اشترط أن يكون معروفاً بالرواية عنه. انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 163، شرح التبصرة والتذكرة 1/ 281 - 282.
وتعقبه ابن حجر في نكته 2/ 583 فقال: ((إنما أخذه الداني من كلام الحاكم، ولا شك أن نقله عنه أولى؛ لأنه من أئمة الحديث، وقد صنف في علومه)).
قلنا: الحق مع ابن حجر، وانظر: معرفة علوم الحديث الحاكم: 34، وكلام الداني قاله في كتاب " القراءات " له كما ذكر ذلك البقاعي في النكت الوفية: 129/ ب.
وعِبارَةُ الحَاكِمِ: ((الأحاديثُ المُعَنْعَنَةُ التي لَيْسَ فِيها تَدْليسٌ مُتَّصلةٌ، بإجماعِ أئمةِ النَّقْلِ)) (1).
وَهذا عَلَيْهِ البُخاريُّ وغيرُهُ (2).
(وَ) لكنْ (مُسْلِمٌ (3) لَمْ يَشْرِطِ) في الحكمِ باتِّصالِهِ (اجتماعا) أي: لقاءً لَهُمَا، بَلْ أنكرَ اشتراطَهُ، وادَّعى أنَّه قَوْلٌ مخترعٌ، لَمْ يُسْبَقْ قائلُهُ إِليهِ، وأنَّ القَوْلَ الشائعَ المتَّفقَ عَلَيْهِ بَيْن أَهْلِ العِلْمِ بالأخبارِ مَا ذَهَبَ هُوَ إِليهِ (4). (لكِنْ) اشْتَرطَ (تَعاصُراً) لَهُما، وإنْ لَمْ يأتِ في خَبَرٍ قَطُّ، أنَّهُما اجْتَمَعَا، أَوْ تَشَافَها (5).
قَالَ ابنُ الصَّلاحِ: ((وَفيمَا قَالَهُ نَظَرٌ (6) أي: لأنَّهم كَثيراً مَا يُرسِلون مِمَّنْ عَاصَروهُ، وَلَمْ يَلْقَوْهُ (7)، فاشتُرِطَ لقيُّهما؛ لتُحمَلَ الْعَنْعَنَةُ عَلَى السَّمَاعِ.
(وَقِيلَ): إنَّهُ (يُشْتَرطْ طُوْلُ صَحَابَةٍ) بَيْنَهُمَا، قالَهُ ابنُ السَّمْعَانِيِّ (8).
(وَبَعْضُهُم)، وَهُوَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانيُّ (9)(شَرَطْ مَعْرِفَةَ الرَّاوِي) المُعَنْعَن
(1) معرفة علوم الحديث: 34.
(2)
انظر: النكت لابن حجر 2/ 595.
(3)
الجامع الصّحيح 1/ 13 - 26.
(4)
انظر: إكمال المعلم1/ 164، وقد عزاه الإمام النّوويّ في التقريب: 60إلى المحققين، وقال في شرحه لصحيح مسلم1/ 25: ((والصّحيح الذي عليه وقاله الجماهير من أصحاب الحديث والفقه والأصول أنه متّصل
…
)).
وقال ابن حجر في النكت2/ 595: ((وهذا المذهب هو مقتضى كلام الشّافعيّ رضي الله عنه)). وبه قال ابن
عبد البر، كما في التمهيد 1/ 26، وانظر: الرسالة للشّافعيّ: 378 - 379 (1032).
(5)
الجامع الصّحيح 1/ 13 - 26، وانظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 282.
(6)
انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 169، والنكت لابن حجر 2/ 596.
(7)
وهكذا قال البقاعي في النكت الوفية: 130/ ب.
(8)
انظر: قواطع لأدلة 1/ 374، ومعرفة أنواع علم الحديث: 169، والإرشاد 1/ 187.
(9)
نقله عنه ابن الصلاح في معرفة أنواع علم الحديث: 169.
قلنا: في النقل عن أبي عمرو الداني: اضطراب، فهذا الذي حكاه المصنف عنه نقله ابن الصلاح: 169، في حين أنّه نقل عنه سابقاً في: 163 - 164 أنّ العنعنة تحمل على الاتصال بشرط تحقق اللقاء ولو مرّة. بينما نقل ابن رشيد في السنن الأبين: 30 بأنّ مذهبه حمل العنعنة على الاتصال بشرط أن يكون الراوي قد أدرك من عنعن عنه إدراكاً بيناً، ونقل عنه في: 36 ما يدلّ على أنّ مذهبه بأن تحمل العنعنة على الاتّصال، إذا ثبت كون المعنعن والمعنعن عنه كانا في عصرٍ واحدٍ، وكان لقاؤهما ممكناً فالله تعالى أعلم.
(بالاخذِ)(1) -بالدرجِ- (عَنْهُ) أي: عمَّنْ عَنْعَنَ عَنْهُ، بأنْ كَانَ مَعْرُوفاً بالرِّوَايَةِ عَنْهُ (2).
(وَقِيْلَ) في السَّندِ المُعَنْعَنِ: (كُلُّ مَا أَتَانَا مِنْهُ)، وإنْ لَمْ يَكُنْ راوِيهِ مُدلِّساً، فَهُوَ (مُنْقَطِعٌ)، لا يُحتجُّ بِهِ، (حَتَّى يَبِينَ) أي: يظهرَ (الوصلُ) بمجيئِهِ مِن طَريقٍ آخرَ، أنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ؛ لأنَّ ((عَنْ)) لا تُشْعِرُ بشيءٍ من أنواعِ التحمُّلِ (3).
قَالَ النَّوَوِيُّ: وهذا (4) مَرْدودٌ بإجماعِ السَّلَفِ (5).
قَالَ شَيْخُنا (6): وَقَدْ تَرِدُ (7)((عَنْ))، ولا يُرادُ بِها بَيانُ حُكْمِ اتِّصالٍ، أَوْ انقطاعٍ، بَلْ ذِكْرُ قِصَّةٍ سواءٌ أأدْرَكَها، أَمْ لا؟ بِتَقْديرِ مَحْذُوْفٍ أي: مِن قِصَّة فُلَانٍ، أَوْ شأنِهِ، أَوْ نحوِ ذَلِكَ.
مِثَالُهُ: مَا رَواهُ ابنُ أبي خَيْثَمَةَ في " تاريخِه "، عَنْ أبيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بنُ عيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إسحاقَ، عَنْ أبِي الأحْوَصِ:((أنَّه خَرَجَ عَلَيْهِ خَوَارِجُ فَقَتَلُوْهُ)) (8).
فَلَمْ يُرِدْ أَبُو إسْحاقَ بِقولِه: ((عَنْ أبي الأحوصِ)) أنَّه أخبرَهُ (9) بِذَلِكَ، وإنْ كَانَ قَدْ لقِيَهُ وسَمِعَ مِنْهُ؛ لأنَّهُ يَسْتَحيلُ أَنْ يَكُونَ أخبرَهُ بَعْدَ قَتْلِهِ، وإنَّما أرادَ نَقْلَ ذَلِكَ بتقديرِ مُضافٍ مَحْذُوْفٍ، كَمَا تقرَّرَ (10).
(1) جوّد ناشر (م) الهمزة، وهو من ذهوله الشديد.
(2)
انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 283.
(3)
حكاه الرّامهرمزيّ في المحدّث الفاصل: 450 عن بعض المتأخرين من الفقهاء، ونقله الخطيب في الكفاية:(515 ت، 361 هـ) عن بعض الفقهاء وأهل الحديث.
وقائل هذا القول أبهمه ابن الصّلاح والناظم، وحكاه أيضاً الحارث المحاسبي فيما نقله ابن حجر عن بعض أهل العلم. وانظر: الكفاية: (420 ت، 290 هـ)، والنكت على كتاب ابن الصّلاح 2/ 584.
(4)
في (ق): ((وهو)).
(5)
شرح صحيح مسلم 1/ 109.
(6)
النكت لابن حجر 2/ 586.
(7)
في (ع): ((يرد)).
(8)
ذكره الحافظ ابن حجر في نكته 2/ 586 - 587.
(9)
في (م): ((أخبر)).
(10)
النكت لابن حجر 2/ 587.
(وحكمُ أنَّ) -بِالفَتحِ والتَّشْدِيدِ- نَحْوُ: أنَّ فُلَاناً قَالَ، (حُكمُ عَنْ) فِيْمَا تقرَّرَ، (فَالجُلُّ) - بضم الجيم - أي: المُعْظَمُ مِنَ العُلَماءِ، ومنهمُ: الإمامُ مَالِكٌ (سَوَّوْا) بَيْنَهُمَا، كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ ابنُ عبدِ البَرَّ في " تمهِيْدِهِ "(1).
وأنَّه لا اعتِبارَ بالحروفِ، والألفاظِ، بَلْ باللِّقاءِ، والمجالسةِ، والسَّمَاعِ، يَعْني مَعَ السَّلامةِ مِنَ التَّدليسِ.
(وَلِلْقَطْعِ) أي: ولانقطاعِ مَا رَواهُ الرَّاوِي بـ ((أنَّ)) (نَحَا) أي: ذهبَ أَبُو بَكْرٍ (2)(البَرْدِيْجِيْ) - بفتح الموَحّدة أكثر من كَسْرِهَا، وبالدّالِ المُهْمَلَةِ - نِسْبَةً لِـ ((بَرْدِيْجَ)) (3) قريةٍ من قُرَى ((طُوْس)) (حَتَّى يَبِيْنَ الوَصْلُ) لَهُ بأنَّهُ سَمِعَهُ - مَثَلاً - ممَّنْ رَواهُ عَنْهُ (في التَّخريجِ)، يَعْني فِي (4) رِوَايَةٍ أُخْرَى (5).
142 -
قَالَ: وَمِثْلَهُ رَأى (ابْنُ شَيْبَهْ)
…
كَذا لَهُ، وَلَمْ يُصَوِّبْ صَوْبَهْ
143 -
قُلتُ: الصَّوَابُ أنَّ مَنْ أدْرَكَ مَا
…
رَوَاهُ بالشَّرْطِ الَّذي تَقَدَّمَا
144 -
يُحْكَمْ لَهُ بالوَصْلِ كَيفَمَا رَوَى
…
بـ (قَالَ) أو (عَنْ) أو بـ (أنَّ) فَسَوَا
(1) التمهيد 1/ 12 - 14، وانظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 285.
(2)
حكاه عنه ابن عبد البر في التمهيد 1/ 26. وبنحو قول البرديجي قال أحمد بن حنبل، كما في تدريب الرّاوي 1/ 217، وإليه ذهب الطحاوي في شرح المشكل 5/ 463 عقب (6158) فقد قال: ((الفرق فيما بين (عن) و (أن) في الحديث: أن معنى (عن) على السّماع حتّى يعلم سواه، وأن معنى (أن) على الانقطاع حتّى يعلم ما سواه)). وانظر النكت على كتاب ابن الصّلاح 2/ 595. وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 285 مع التعليق عليه.
(3)
برديج: على وزن (فعليل) - بفتح أوله - بليدة بينها وبين برذعة نحو أربعة عشر فرسخاً، ولهذا يقال له: البرديجي والبرذعي، فمن نحا بها نحو أوزان العرب كسر أولها؛ نظراً إلى أنه ليس في كلامهم (فعليل) - بفتح الفاء - كما أشار إليه الصاغاني، فقال: برديج - بكسر أوله - بليدة بأقصى أذربيجان، والعامة يفتحون باءها. فالمراد أن من نطق بها على مقتضى تسميتها العجمية فتح الباء على الحكاية، ومن سلك بها مسلك أهل العربية كسر الباء.
وانظر: الأنساب 1/ 328، ومراصد الاطلاع 1/ 181، ونكت الزركشي 2/ 33، ومحاسن الاصطلاح: 154، ونكت ابن حجر 2/ 594، وتاج العروس 5/ 420.
(4)
في (ص) و (ع): ((وفي)).
(5)
معرفة أنواع علم الحديث: 165 - 166، وانظر: النكت لابن حجر 2/ 594.
145 -
وَمَا حَكَى عَنْ (أحمَدَ بنِ حَنْبَلِ)
…
وَقَولِ (يَعْقُوبٍ) عَلَى ذا نَزِّلِ
146 -
وَكَثُرَ استِعْمَالُ (عَنْ) في ذَا الزَّمَنْ
…
إجَازَةً وَهْوَ بِوَصْلٍ مَا قَمَِنْ (1)
(قَالَ) أي: ابنُ الصَّلاحِ: (وَمِثْلَهُ) أي: مَا نحا إِليهِ البَرْدِيْجِيُّ، (رَأى)(2) الحافِظُ الفَحْلُ (3) أَبُو يُوسفَ يَعقوبُ (ابنُ شَيْبَهْ)(4).
فإنَّه حَكمَ عَلَى رِوَايَةِ أبي الزُّبَيْرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ الحنفيَّةِ، عَنْ عَمّارٍ، قَالَ:((أتَيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يُصَلِّيْ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلامَ)) بالاتّصالِ (5).
وعَلى رِوَايَةِ قَيْسِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ عطاءِ بنِ أبي رباحٍ، عَنْ ابنِ الحنفيّةِ، ((أنَّ عمَّاراً مَرَّ بِالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يُصَلِّيْ)) بالإرسالِ، لكونِهِ قَالَ: إنَّ عمَّاراً، وَلَمْ يقلْ: عَنْ عَمَّارٍ (6).
(كَذَا لَهُ) أي: لابنِ الصَّلاحِ حَيْثُ فَهِمَ الفَرْقَ بَيْنَهُمَا مِن مُجرَّدِ لَفْظِهِمَا (وَلَمْ يُصَوِّبْ) أي: يُعَرِّجْ (صَوْبَهُ) أي: صَوْبَ مَقْصَدِ ابنِ (7) شَيْبَةَ، في الْفَرقِ؛ لأنَّ حُكْمَهُ عَلَى الرِّوَايَةِ الثانيةِ بالإرْسَالِ، لَيْسَ مِنْ جِهَةِ تعبيرِ ابنِ الحنفيّةِ بـ ((أنَّ))، بَلْ مِن جِهةِ أنَّه لَمْ يُسنِدِ الحكايةَ فِيْهَا إلى عَمَّارٍ بَلْ إلى نَفسِه، مَعَ أنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مرورَهُ، بخلافِهِ في الأولى، فإنَّه أسْندَها فِيْهَا إِليهِ، فَكانَتْ مُتَّصِلةً (8).
(1) أي: جدير وخليق. انظر: اللسان 13/ 347 (قمن).
(2)
في (م): ((رأي)) خطأ.
(3)
يصف هذا الرجل بأنه فحلٌ إشارة إلى أنه قد بلغ الغاية من معرفة هذا الفن، أفاده البقاعي في النكت الوفية: 32/ أ.
(4)
معرفة أنواع علم الحديث: 166، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 286.
(5)
أخرجه أحمد 4/ 263 من طريق حماد بن سلمة، عن أبي الزبير. وأخرجه النسائي في الكبرى (1111) من طريق قيس، عن عطاء، عن محمد، عن عمار بن ياسر، فذكره.
(6)
رواه النّسائيّ 3/ 6، وفي الكبرى (1111) وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد2/ 81 من حديث عمّار بلفظ:((فلم يرد عليه)). وقال: ((لعمار عند النّسائيّ: أنه سلم فرد عليه، فيكون هذا ناسخاً لذلك)).
(7)
في (م): ((ابن أبي))، وَهُوَ خطأ.
(8)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 287.
(قلتُ: الصَّوَابُ أنَّ مَنْ أَدْرَكَ مَا رَواهُ) مِن قِصَّةٍ، وإنْ لَمْ يُعلمْ أنَّهُ شَاهَدَهَا (بالشَّرْطِ الَّذي تَقَدَّمَا)، وَهُوَ السَّلامةُ مِنَ التَدليسِ (يُحْكَمْ)
-بالجزمِ- (لَهُ) أي: لِما رَواهُ (بالوَصْلِ، كَيْفَمَا رَوَى بـ: قَالَ، أَوْ عَنْ، أَوْ بِـ: أنَّ)، أَوْ يذكرُ، أَوْ فعلَ، أَوْ نحوَها (فَسَوَا) -بالقصرِ لُغَةً في مدِّهِ- أي: فكلُّها (1)، كَمَا قَالَ ابنُ عَبْد البرِّ، وغيرُهُ سواءٌ في أنَّهُ يحكمُ لَهُ بالوصلِ صحابياً كَانَ راويه، أَوْ تابعيّاً (2).
وَمَنْ لَمْ يُدركْ ذَلِكَ فَهُوَ مُرْسَلُ صَحَابِيٍّ أَوْ تابعيٍّ أَوْ مُنْقَطِعٌ إنْ لَمْ يُسنِدْهُ إلى مَنْ رَواهُ عَنْهُ وإلَاّ فمتصلٌ، وَسَواءٌ في ذَلِكَ أَرْوِيَ بـ:(عَنْ) أم بغيرِها وهذه قاعدةٌ يُعملُ بِهَا. (وَمَا حَكَى (3)) أَي: ابنُ الصَّلاحِ (عَنْ) الإمامِ (أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلِ) من أَنَّ قَوْلَ عُروةَ: أنَّ عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: يا رَسُوْلَ اللهِ، وَقَوْلَهُ: عَنْ عائِشةَ رضي الله عنها ليسا سواءً، (وَ) عَنْ (قَوْلِ يَعْقُوبٍ) بنِ شَيْبةَ مِمَّا (4) قَدَّمْتُهُ (عَلَى ذَا) أي المذكورِ مِنَ القاعدةِ (نَزِّلِ) وتقدَّمَ بيانُ تنزيلِ قَوْلِ يَعْقُوبَ، وأمَّا تنزيلُ قَوْلِ أَحْمَدَ (5) فعروةُ في اللفظِ الأَوَّلِ لَمْ يُسْنِدْ ذَلِكَ إلى عائشةَ، ولا أدركَ القصةَ فكانَتْ مرسلةً، وَفِي الثَّانِي أسندَهُ إليها بالعنعنةِ فكانتْ متَّصلةً (6)(وَكَثُرَ) كَمَا قَالَ ابنُ الصَّلاحِ (7) بينَ (8)
(1) في (ص): ((فكل ما)).
(2)
التمهيد 1/ 26 - 27.
(3)
في (م): ((حكى)) خطأ.
(4)
في (ص): ((بما)).
(5)
كلام أحمد رواه الخطيب في الكفاية: (575 ت، 408 هـ) بإسناده إلى أبي داود. وانظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 290.
(6)
انظر: كلام الحافظ ابن حجر في النكت على ابن الصّلاح 2/ 590 - 591 في هذه المسألة وانظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 290.
(7)
معرفة أنواع علم الحديث: 164.
(8)
سقطت من (ق).
المنتسبينَ إلى الحديثِ (استِعْمَالُ عَنْ فِي ذَا الزَّمَنْ) المتأخِّرِ، أي بعدَ الخمسِ مِئةِ (1)
(إِجَازَةً) قَالَ: فإذا قَالَ أحدُهم: قرأتُ عَلَى فلانٍ عَنْ فلانٍ، أَوْ نحوِ ذَلِكَ فَظُنَّ بِهِ (2) أنَّهُ رواهُ بالإجازةِ (وَهْوَ) مَعَ ذَلِكَ (بِوَصْلٍ مَا) أي بنوعٍ من الوَصْلِ (قَمَِنْ) - بكسرِ الميمِ وبفتحِها - (3)، وَهُوَ الأنسبُ هنا، أي: حقيقٌ بِذَلِكَ (4)، والحاصلُ أنَّ مَا فيهِ ((عَنْ)) يحكمُ باتِّصالِهِ سَمَاعاً في الزمنِ الْمُتَقدِّمِ، وَهُوَ مَا قدَّمَهُ قَبْلُ وباتِّصالِهِ إجازةً (5) في الزمنِ المتأخِّرِ وَهُوَ مَا هنا.
وإنَّما أَمَرَ ابنُ الصلاحِ فِيهِ (6) بالظنِّ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَجْزِمْ بالحُكمِ بِهِ؛ لأنَّ زَمنَهُ لَمْ يَكُنْ تقرَّرَ فِيهِ اصْطلاحٌ بِذَلِكَ، وَأَمَّا (7) الآنَ فَقَدْ تَقَرَّرَ، واشتهرَ فَيُجْزَمُ (8) بِهِ.
قَالَ شَيْخُنا: وَحُكْمُ ((أنَّ)) فِي ذَلِكَ حكْمُ ((عَنْ)) إذَا لَمْ يَحْكِ بها الإخبارَ، أَوْ التحديثَ، فإن حَكى بها ذَلِكَ، ((ك: حَدَّثَنَا فُلَانٌ أنَّ فلاناً أَخْبَرَهُ))، فَهُوَ تَصْريحٌ بالسَّمَاعِ.
وَمَا قَالَهُ قَريبٌ مِمّا رَدَّ بِهِ ابنُ الصَّلاح عَلَى الخَطَّابِيِّ في زَعْمِهِ، أنَّ في ذَلِكَ إجازةً، وَسيأتي ذَلِكَ في مَبحثِ: كَيْفَ يَقُولُ (9) مَنْ رَوَى بالمناولةِ والإجازةِ؟
(1) فتح المغيث 1/ 188.
(2)
قال البقاعي في النكت الوفية: 134/ أ: ((فظنّ به هو فعل أمرٍ؛ وإنما أمر بالظن، ولم يطلق الحكم؛ لأن في زمنه لم يكن تقرر الاصطلاح أن ذلك للإجازة، وإنما كان قد فشا ذلك الاستعمال فيهم، وأما في هذا الزمان فمتى وجدنا محدّثاً قال: حدّثني فلان مثلاً، عن فلان فإنا نتحقق أن ذلك إجازة؛ لأن الاصطلاح تقرر على ذلك)). وانظر: معرفة أنواع علم الحديث: 164، ونكت الزّركشيّ 2/ 31، وفتح المغيث 1/ 188.
(3)
انظر: الصحاح 6/ 2184، واللسان 13/ 347 (قمن).
(4)
سقطت من (ص).
(5)
سقطت من (ص).
(6)
((فيه)) سقطت من (ق).
(7)
في (ص): ((أما)).
(8)
في (م): ((فجزم)).
(9)
((كيف يقول)). سقطت من (ق).