الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّالِثُ: الإجَاْزَةُ
(الثَّالِثُ) من أقسامِ التحمُّلِ: الإجازةُ.
وَهِيَ تقالُ لغةً (1): للعبورِ، وللإباحةِ.
واصطلاحاً: للإذنِ في الرِّوَايَةِ.
440 -
ثُمَّ الإِجَازَةُ تَلىِ السَّمَاعَا
…
وَنُوِّعَتْ لِتِسْعَةٍ أَنْوَاعَا
441 -
أرْفَعُهَا بِحَيْثُ لَا مُنَاولَهْ
…
تَعْيِيْنُهُ الْمُجَازَ وَالْمُجْازَ لَهْ
442 -
وَبَعْضُهُمْ حَكَى اتِّفَاقَهُمْ عَلَى
…
جَوَازِ ذَا، وَذَهَبَ (الْبَاجِيْ) إِلَى
443 -
نَفْي الْخِلَافِ مُطْلَقاً، وَهْوَ غَلَطْ
…
قَالَ: وَالاخْتِلَافُ فِي الْعَمَلِ قَطْ
444 -
وَرَدَّهُ الشَّيْخُ بأَِنْ (2) للشَّافِعِي
…
قَوْلَانِ فِيْهَا ثُمَّ بَعْضُ تَابِعي (3)
445 -
مَذْهَبِهِ (الْقَاضِي حُسَيْنٌ (4)) مَنَعَا
…
وَصَاحِبُ (الْحَاوي) بِهِ قَدْ قَطَعَا
446 -
قَالَا كَشُعْبَةٍ وَلَو جَازَتْ إِذَنْ
…
لَبَطَلَتْ رِحْلَةُ طُلَاّبِ السُّنَنْ
447 -
وَعَنْ (أبي الشَّيْخِ) مَعَ (الْحَرْبِيِّ)
…
إِبْطَالُهَا كَذَاكَ (لِلسِّجْزِيِّ)
448 -
لَكِنْ عَلى جَوَازِهَا اسْتَقَرَّا
…
عَمَلُهُمْ، وَالأَكْثَرُوْنَ طُرَّا
449 -
قَالُوا بِهِ، كَذَا وُجُوْبُ الْعَمَلِ
…
بِهَا، وَقِيْلَ: لَا كَحُكْمِ الْمُرْسَلِ
(1) انظر: مقاييس اللغة 1/ 494، ونكت الزّركشيّ 3/ 502، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 158، والنكت الوفية 260/ب، وتاج العروس 15/ 75، وحاشية توضيح الأفكار 2/ 309.
(2)
بتخفيف ((أنّ)) المشددة؛ لضرورة الوزن كما نبّه على ذلك الشارح.
(3)
في البيت تضمين عروضي وهو تعليق البيت بالبيت الذي يليه، وهو عيب عروضي.
(4)
في (أ) من متن الألفية: ((القاضي الحسين)) وأشار الشارح إلى أنها نسخة، وفي النفائس:((قاضي حسين))، وما أثبتناه من بقية النسخ، قال البقاعي:((في نسخة منكّر فهو منوّن، والجزء الأخير مطوي، وفي نسخةٍ ((الحسين منعا)) مخبول لاجتماع الخبن فيه والطيّ، فيخالف قافية البيت الثاني، فالتنكير أحسن)) النكت الوفية: 254/ أ.
(ثُمَّ الإِجَازَةُ تَلي السَّمَاعَا) عَرْضاً، فَهُوَ أرفعُ مِنْها عَلَى الْمُعْتمَدِ؛ لأَنَّهُ أبعدُ مِنَ التَّصْحِيفِ والتَّحْرِيفِ.
وقِيلَ: عَكْسُهُ؛ لأنَّها أبْعدُ مِنَ الكذبِ والرِّياءِ والعُجْبِ (1).
وَقِيلَ: هُمَا سَوَاءٌ (2).
(و) قَدْ (نُوِّعَتْ لِتِسْعَةٍ أنواعَا) مَعَ أنَّها مُتَفَاوِتَةٌ أَيْضاً، كَمَا يَأتِي.
(أَرْفَعُها بِحَيْثُ لَا مُنَاوَلهْ) مَعَهَا أي: أرفعُ أنواعِ الإِجَازَةِ الْمجَرَّدةِ عَنِ المناولةِ، وَهُوَ أَوَّلُ أنواعِها:
(تَعْيينُهُ) أي: المُحَدِّثُ الكِتَابَ (الْمُجازَ) بِهِ، (و) الشَّخْصَ (المجازَ لَهُ)، كقولِهِ: أجزْتُ لَكَ، أَوْ لَكُمْ، أَوْ لفلانٍ " صَحِيْحَ البُخَارِيِّ "، أَوْ جَمِيْعَ هذِهِ الكُتُبِ (3).
أما غيرُ المجرَّدةِ عَنْ المناولةِ، فسيأتي حُكْمُها.
(وَبَعْضُهُم)، كَمَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ (4) (حَكَى اتِّفَاقَهُم) أي: العُلَمَاءِ
(عَلَى جوازِ ذا) النَّوعِ.
(وذَهَبَ) الْقَاضِي أَبُو الوليدِ سُليمانُ بنُ خَلَفٍ الْمَالكيُّ (الباجِيْ)
-بالإسكان لما مَرَّ- نسبةً لـ ((بَاجةَ)) مَدينةٍ بالأندلسِ (5)(إلى نَفْي الخِلافِ) عَنْ جَوازِ الإجازةِ (مُطْلَقاً) عَنِ التَّقييدِ بهذا النَّوعِ، (وَهْوَ غَلَطْ) لِما يأْتِي.
(قَالَ) أي: الْبَاجِيُّ: ((لا خِلافَ في جَوازِ الرِّوَايَةِ بالإجازةِ، (والاختلافُ)(6) إنَّما هُوَ (فِي العَمَلِ) بِها (قطْ) أي: فَقَطْ)) أي لَا فِي الرِّوَايَةِ (7).
(1) قاله أبو القاسم عبد الرحمان بن منده كما ذكر ذلك السخاوي في فتح المغيث 2/ 63.
(2)
قاله بقي بن مخلد وتبعه ابنه أحمد، وحفيده عبد الرحمان فيما حكاه ابن عاتٍ عنهم. انظر: فتح المغيث 2/ 63.
(3)
معرفة أنواع علم الحديث: 311، والإرشاد 1/ 368، وانظر: فتح المغيث 2/ 63.
(4)
الإلماع: 88.
(5)
انظر: معجم البلدان 1/ 315.
(6)
في (م): ((والخلاف)).
(7)
الإلماع: 89، ومعرفة أنواع علم الحديث: 311، ونكت الزّركشيّ 3/ 502 - 506.
(وَرَدَّهُ) أي: مَا قَالَهُ الباجيُّ، بَلْ صرَّحَ بِبطْلانِهِ (الشَّيْخُ) ابنُ الصَّلاحِ (1)
(بِأَنْ) مُخفَّفةٌ (2) مِنَ الثَّقيلةِ، أي: بأنَّهُ (للشَّافِعيْ) وَمَالِكٍ (قَوْلانِ فِيْهَا) أي فِي الإجازةِ جوازاً وَمَنْعاً.
وَقَالَ بالمنعِ جَمَاعَاتٌ مِنَ الْمُحَدِّثِيْنَ (3)، والفقهاءِ (4)، والأصوليينَ (5).
وردَّهُ أَيْضاً بِما لخَّصَهُ الناظِمُ بِقولِهِ: (ثُمَّ بَعْضُ تابعي مذهبِهِ) أي: الشَّافِعيِّ (6)، وَهُوَ
(الْقَاضِي حُسَيْنٌ)، وَفِي نُسْخَةٍ: الحسَنِ (مَنَعا) الرِّوَايَةَ بِها أي: قَطَعَ بِمنعِها، (وَ) كَذَا الْقَاضِي أَبُو الحسَنِ الْمَاوَرْدِيُّ (7) (صَاحِبُ الحاوِي بِهِ) أي: بالمنعِ (8)(قَدْ قَطَعَا)، وكَذا غَيْرُهُما (9).
(قالا) القاضِيَانِ (كشُعْبَةٍ) - بالصَّرْفِ وعَدَمِهِ، والأوَّلُ أولى - وابنِ الْمُبَارَكِ، وغيرِهِما:(وَلَوْ جازَتْ) أي: الإِجَازَةُ (إذنْ) تَكْمِلةٌ (لَبَطَلَتْ رِحْلةُ) - بكسرِ الراءِ وضمِّها - أي: انتقالُ (طُلَاّبِ السُّنَنْ) مِنْ بَلَدٍ إلى بَلَدٍ لاسْتِغْنَائِهِمْ بالإجازَةِ عَنْهَا (10).
(1) معرفة أنواع علم الحديث: 312.
(2)
في (م): ((محففة)) بالحاء المهملة.
(3)
انظر: الكفاية: (452 - 456 ت، 314 - 317 هـ)، شرح التبصرة والتذكرة 2/ 129 - 130، فتح المغيث 2/ 60، التدريب 2/ 30.
(4)
انظر قول الشّافعيّ من طريق الربيع بن سليمان في الكفاية: (455 ت، 317 هـ) وهو رواية عن مالك كما نقلها الخطيب في الكفاية: (455 ت، 316 هـ)، وبه قال أبو حنيفة، وأبو يوسف كما حكاه الآمدي.
قال الخطيب: ((قول مالك والشافعي محمولان على الكراهة لأنه قد حفظ عنهما الإجازة لبعض أصحابهما وسنذكر الخبر بذلك في موضعه)) ثمّ ذكرهما في الكفاية: (462 - 465 ت، 323 - 324 هـ).
وانظر: المحدث الفاصل: 448، والإلماع: 93 - 94، والأحكام للآمدي 1/ 280، وفتح المغيث 2/ 64.
(5)
انظر: الإحكام في أصول الأحكام 1/ 280.
(6)
انظر: الكفاية: (455ت، 317هـ) و (464ت، 324هـ)، والبحر المحيط 4/ 397، وشرح التبصرة 2/ 130.
(7)
بفتح الميم وسكون الألف وفتح الواو وسكون الراء، وفي آخرها دال مهملة، وهذه النسبة إلى بيع ماء الورد وعمله. انظر: الأنساب 5/ 61، واللباب 3/ 165.
(8)
انظر: الحاوي 20/ 146، وأدب القاضي، له 1/ 387 - 389، ومعرفة أنواع علم الحديث: 312، وروضة الطالبين 11/ 157.
(9)
انظر: روضة الطالبين 11/ 157، وفتح العزيز 12/ 488 - 491، ومعرفة أنواع علم الحديث: 312، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 130.
(10)
مذهب شعبة بالمنع حكاه الخطيب في الكفاية: (454 ت، 316 هـ).
(وَ) جاءَ أَيْضاً (عَنْ أَبِي الشَّيْخِ) الحافِظِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الأصْبَهَانِيِّ (1)(مَعَ) أَبِي إسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ (2)(الْحَرْبِيِّ إبْطالُهَا، كَذَاكَ) نُسِبَ إبْطَالُهَا (لِلسِّجْزِيِّ) - بكسرِ السينِ - نسبةً لسِجسْتَانَ عَلَى غَيْرِ قِياسٍ (3)(4).
وَهُوَ الحافظُ أَبُو نَصْرٍ عُبَيْدِ اللهِ (5) بنُ سَعيدٍ الوائليُّ، حَيْثُ حَكَاهُ عَنْ جَمَاعَةٍ وأقرَّهُ (6).
وبالَغَ جَمَاعَةٌ في المنْعِ مِنْها، حَتَّى قَالَ إمامُ الْحَرَمَينِ:((ذَهَبَ ذاهِبُونَ إلى أنَّهُ لا يُتَلَقَّى بالإجازَةِ حُكْمٌ، ولا يسُوغُ التَّعْوِيلَ عَلَيْهَا عَمَلاً ورِوَايَةً)) (7).
(لَكِنْ عَلَى جَوازِها اسْتَقَرَّا عَمَلُهُمْ) أي: الْمُحَدِّثِيْنَ، وصارَ بَعْدَ الخُلْفِ إجماعاً، أَوْ كَالإجْمَاعِ.
قَالَ الإمامُ أَحْمَدُ، وغَيْرُه: لَوْ بَطَلَتْ لضاعَ العلمُ (8).
قَالَ السِّلَفِيُّ (9): وَمِن مَنَافِعِهَا، أنَّه لَيْسَ كُلُّ طالبٍ يقدِرُ عَلَى رحلةٍ (10).
(والأَكْثَرونَ) مِنَ العُلَمَاءِ (طُرَّا) -بضمِّ الطاءِ- أي: جميعاً، (قَالُوا بِهِ) أي: بالجوازِ (11).
(1) الكفاية: (449 - 450 ت، 313 هـ).
(2)
الكفاية: (453 ت، 315 - 316 هـ).
(3)
انظر: الأنساب 3/ 246.
(4)
نقله عنه ابن الصّلاح في معرفة أنواع علم الحديث: 312، وانظر: شرح التبصرة والتذكرة 2/ 130.
(5)
في (ص): ((عبد الله)) مكبراً، والمثبت من باقي النسخ وهو الموافق لمصادر ترجمته. انظر: السير 17/ 654.
(6)
حكي الإبطال عن أبي ذر الهروي، وأبي طاهر الدباس وهو أحد قولي مالك، وحكي عن أبي حنيفة، وأبي يوسف وغيرهم. انظر: الكفاية: (451 - 456 ت، 314 - 317 هـ)، ومعرفة أنواع علم الحديث: 312، وإحكام الأحكام 2/ 91، ونهاية السول 3/ 196.
(7)
البرهان 1/ 645.
(8)
انظر: فتح المغيث 2/ 67.
(9)
بكسر السين وفتح اللام، وانظر في سبب هذه النسبة: الأنساب 3/ 297، ووفيات الأعيان 1/ 107، ونكت الزركشي 1/ 381، ونكت ابن حجر 1/ 489، وتاج العروس 23/ 460.
(10)
انظر: فتح المغيث 2/ 67.
(11)
انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 313. قال الإمام النّوويّ في الإرشاد 1/ 271:
((والمذهب الصّحيح الذي استقرّ عليه العمل، وقال به جماهير العلماء من المحدّثين وغيرهم، جواز الرّواية بها))، وذكر الخطيب أسماء كثيرة من العلماء الذين حكى عنهم الجواز في كفايته: (449 - 450ت، =
وَمَا مَرَّ عَنِ الشَّافِعيِّ وَمَالكٍ، حَمَلَهُ الخَطيبُ عَلَى الكَراهَةِ؛ لِما صَحَّ عَنْهُمَا أنَّهُمَا أجازاهَا (1).
وَكَمَا أنَّ المعتمدَ جوازُ الرِّوَايَةِ بها، (كَذَا) المعتمَدُ (وُجُوْبُ الْعَمَلِ) بالمرويِّ
(بِها)؛ لأنَّه خَبرٌ مُتَّصِل الرِّوَايَةِ، كَالْمسْمُوعِ.
(وَقِيلَ) وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَمَنْ تَبِعَهُم: (لَا) يَجِبُ العملُ بِهِ،
(كَحُكْمِ) الحَدِيْثِ (الْمُرْسَلِ)(2).
وَرَدَّهُ الخَطيبُ (3)، وَغَيرُهُ بأنَّه كَيْفَ يَكُونُ مَنْ يَعْرِفُ عَينَه، وأمانتَهُ، وعَدالتَهُ كمَنْ لا يعرفُ؟
450 -
وَالثَّانِ (4): أَنْ يُعَيِّنَ الْمُجَازَ لَهْ
…
دُوْنَ الْمُجَازِ، وَهْوَ أَيْضاً قَبِلَهْ
451 -
جُمْهُوْرُهُمْ رِوَايَةً وَعَمَلَا
…
وَالْخُلْفُ أَقْوَى فِيْهِ مِمَّا قَدْ خَلَا
(والثانِ) بحذفِ الياء - مِن أنواعِ الإجازةِ الْمجرَّدةِ عَنِ الْمُنَاوَلَةِ:
(أن يُعيِّنَ) المحدِّثُ (المجازَ لَهْ، دُوْنَ الْمُجازِ) بِهِ، كقولِهِ:((أجزتُ لَكَ جَمِيْعَ مَسْموعَاتي، أَوْ مَرْويَاتِي)) (5).
(وَهْوَ) أي: هَذَا النوعُ (أَيْضاً قَبِلَهْ جُمْهُورُهُمْ) أي: العُلَمَاءِ (رِوَايَةً) بِهِ،
(وَعَمَلا) بالمرويِّ بِهِ بشَرْطِهِ الآتي في ((شَرْطِ الإِجَازَةِ)) (6).
= 313 - 314 هـ). ونقل الزّركشيّ في نكته 3/ 507 عن ابن منده في جزء الإجازة عن الزّهريّ، وابن جريج، ومالك بن أنس، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل، ثمّ نقل عن ابن منده قوله:((فهؤلاء أهل الآثار الذين اعتمد عليهم في الصّحيح رأوا الإجازة صحيحة واعتدّوا بها ودوّنوها في كتبهم)).
(1)
الكفاية: (455 ت، 317 هـ).
(2)
معرفة أنواع علم الحديث: 314. وقال ابن الصلاح: ((وهذا باطل؛ لأنه ليس في الإجازة ما يقدح في اتصال المنقول بها وفي الثّقة به))، والله أعلم.
(3)
الكفاية: (456 ت، 317 هـ).
(4)
حذفت الياء من ((الثاني))؛ لضرورة الوزن كما سينبه الشارح عليه.
(5)
معرفة أنواع علم الحديث: 314، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 131.
(6)
قال ابن الصّلاح: ((والجمهور من العلماء من المحدّثين والفقهاء وغيرهم على تجويز الرّواية بها أيضاً، وعلى إيجاب العمل بما روي بها بشرطه، والله أعلم)). انظر: ومعرفة أنواع علم الحديث: 314، والبحر المحيط 4/ 399 - 400، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 131.
(وَ) لكِنْ (الخُلْفُ) فِي كُلِّ من قبولِ ذَلِكَ، والعملِ بِهِ (أَقْوَى فِيهِ) أي: في هَذَا النَّوعِ (مِمَّا قَدْ خَلَا)، مَضَى مِنَ الخُلْفِ (1) فِيْمَا قَبْلَهُ، لِعَدمِ تَعْيينِ المُجَازِ بهِ.
وَعَلَى قَبولِهِ يَجِبُ - كَمَا قَالَ الخطيبُ - عَلَى المجازِ لَهُ الفَحْصُ عَنْ أُصُولِ المُجيزِ مِن جِهةِ العُدولِ الأثباتِ، فمَا صَحَّ عِنْدَهُ مِن ذَلِكَ حَدَّثَ بِهِ (2).
452 -
وَالثَّالِثُ: التَّعْمِيْمُ فِي الْمُجَازِ
…
لَهُ، وَقَدْ مَالَ إِلى الْجَوَازِ
453 -
مُطْلَقاً (الْخَطِيْبُ)(وَابْنُ مَنْدَهْ)
…
ثُمَّ (أبو الْعَلَاءِ) أَيْضاً بَعْدَهْ
454 -
وَجَازَ لِلْمَوْجُوْدِ عِنْدَ (الطَّبَرِيْ)
…
وَالشَّيْخُ لِلإِبْطَالِ مَالَ فَاحْذَرِ (3)
455 -
وَمَا يَعُمُّ مَعَ وَصْفِ حَصْرِ
…
كَالْعُلَمَا (4) يَوْمَئِذٍ بِالثَّغْرِ
456 -
فَإِنَّهُ إِلى الْجَوَازِ أَقْرَبُ
…
قُلْتُ (عِيَاضٌ) قالَ: لَسْتُ أَحْسِبُ
457 -
فِي ذَا اخْتِلَافاً بَيْنَهُمْ مِمَّنْ يَرَى
…
إِجَازَةً لِكَوْنِهِ مُنْحَصِرَا
(والثالثُ) مِن أَنْواعِ الإِجَازَةِ: (التَّعْمِيمُ فِي الْمُجازِ لَهُ) سَوَاءٌ أعيَّنَ (5) المجازَ بِهِ، أَمْ أطلقَ، كَقولِهِ: أجزتُ لِلْمُسْلِمينَ، أَوْ لِمَنْ أدركَ زمانِي (6) الكِتَابَ الفلانِيَّ، أَوْ مروياتي.
(وَقَدْ مَالَ إلى الْجَوازِ) أي: - جَوَازِ هَذَا النوعِ - (مُطْلَقاً) أي: سَوَاءً الموجودُ وقتَ الإِجَازَةِ وبعدَها، قَبْلَ وفاةِ الْمُجيزِ، قَيَّدَ بِوَصْفٍ خَاصٍّ، كأهلِ الإقليمِ الفلانيِّ، أَوْ مَنْ مَلَكَ نُسْخةً مِن تَصْنيفِي هَذَا، أَوْ لَمْ يقيِّدْ كمَنْ قَالَ:((لا إلهَ إلا اللهُ)) الحافظُ (الخطيبُ (7)، و) الحافظُ (ابنُ مَنْدَهْ (8)، ثُمَّ) الحافظُ (أَبُو العلاءِ) الحسنُ بنُ أَحْمَدَ
(1) في (م): ((الخلاف)).
(2)
الكفاية: (477 ت، 334 هـ)، والإجازة للمعدوم والمجهول:80.
(3)
في نسخة (أ) من متن الألفية والنفائس: ((فاحذري)).
(4)
بالقصر؛ لضرورة الوزن وسينبه عليه الشارح.
(5)
في (ص): ((عين)).
(6)
((زماني)): سقطت من (ص).
(7)
الإجازة للمعدوم والمجهول: 80، والكفاية:(493 ت، 345 - 346 هـ)، والإلماع:98.
(8)
حكاه عنه ابن الصّلاح: 315.
العطَّارُ الهمدانِيُّ مالَ إلى جوازِهِ (أَيْضاً)(1).
وقوله: (بَعْدَهْ) أي: بَعْدَ ابنِ مَنْدَه تأكيدٌ.
(وَجَازَ) التَّعميمُ فِي المجازِ لَهُ بِقسمَيْهِ السَّابِقَينِ، لَكِنْ (لِلْمَوْجُودِ) وقتها خاصَّةً (عِنْدَ) القاضِي أَبِي الطيِّبِ طَاهِرِ (الطَّبَرِيْ) (2)؛ لخبرِ:((بَلِّغُوْا عَنِّيْ)) (3).
(والشيخُ) ابنُ الصَّلاحِ (للإبطالِ) لِذلِكَ (مَالَ)، حَيْثُ قَالَ:((لَمْ نرَ، وَلَم نَسْمَعْ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ أنَّهُ اسْتَعْمَلَ هذِهِ الإِجَازَةَ، وَلَا عَن الشِّرْذِمَةِ (4) الْمُتأخِّرةِ الذين سوَّغوها، والإجازةُ في أصلِها ضَعِيْفَةٌ، وَتَزدادُ بِهذا التَّوسُّعِ ضَعْفاً كَثِيْراً، لا يَنْبَغي احتمالُهُ)) (5).
(فَاحْذَرِ) اسْتعْمَالَها رِوَايَةً وعَمَلاً؛ لَكِنْ أجازَها جَماعَاتٌ مِنَ الأئِمَّةِ الْمُقْتَدى بِهم مِمَّنْ تقدَّمَ ابنَ الصَّلاحِ، ومِمَّنْ تأخّرَ عَنْهُ، وَرَجَّحَهُ ابنُ الحَاجِبِ (6)، والنَّوَويُّ (7)، وَغيرُهما.
(1) معرفة أنواع علم الحديث: 315، وابن العماد في شذرات الذهب 4/ 282. وقد حكاه عنه الحازمي كما قال الحافظ العراقي في شرح التبصرة 2/ 132. وقد ناقش العراقي ابن الصلاح في هذا نقاشاً مستفيضاً في كتابه التقييد: 182 - 183.
(2)
الإلماع: 98، والإجازة للمعدوم والمجهول:80.
(3)
أخرجه عبد الرزاق (10157) و (19210)، وأحمد 2/ 159 و 202 و 214، والدارمي (548)، والبخاري 4/ 207 (3461)، والترمذي (2669)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (133) و (398)، وفي شرح معاني الآثار4/ 128، وابن حبان (6265)، وأبو نعيم في الحلية 6/ 78، والقضاعي (662)، والخطيب في تاريخه 13/ 157، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 40، والبغوي (113) من حديث عبد الله بن عمرو.
(4)
الشرذمة: تطلق على القليل من الناس. مقاييس اللغة 3/ 273.
(5)
معرفة أنواع علم الحديث: 315 - 316، قال العراقي في شرح التبصرة 2/ 133:
((ممن أجازها أبو الفضل أحمد بن الحسين بن خيرون البغدادي، وأبو الوليد بن رشيد المالكي، وأبو الطاهر السلفي، وغيرهم. ورجّحه أبو عمرو بن الحاجب، وصحّحه النّوويّ من زياداته في " الروضة " وقد جمع بعضهم من أجاز هذه الإجازة العامة في تصنيف له، جمع فيه خلقاً كثيراً رتبهم على حروف المعجم، لكثرتهم)). وانظر: منتهى الوصول: 83، وروضة الطالبين 11/ 158.
(6)
منتهى الوصول: 83.
(7)
روضة الطالبين 11/ 158. قال العراقي في التقييد: 182: ((أن ما رجحه المصنف من عدم صحتها خالفه فيه جمهور المتأخرين وصححه النّوويّ في الروضة من زيادته فقال: الأصح جوازها)).
هَذَا وَقَدْ قَالَ النَّاظِمُ مَعَ أنَّه مِمَّنْ رَوَى بِها: ((وَفِي النَّفْسِ مِنْها شيءٌ، وَأَنَا أتوقَّفُ عَنِ الرِّوَايَةِ بِهَا)) (1). وَقَالَ فِي " نُكَتِهِ ": ((والاحْتياطُ تَرْكُ الرِّوَايَةِ بِها)) (2). وَنَقَل شَيْخُنا عَدمَ الاعتدادِ بِهَا عَنْ مُتْقنِي شُيوخِهِ، وتبعَهُم فِيهِ.
(وَمَا يَعُمُّ مَعَ وَصْفِ حَصْرِ، كالعُلَمَا (3)) -بالقصرِ- الموجودينَ (يومئذٍ) أي: يومَ الإِجَازَةِ (بالثَّغْرِ) أي: ثَغْرِ دمياطَ، أَوْ إسْكَنْدريةَ، أَوْ غَيْرِهما (4).
(فإنَّهُ) أي: اسْتِعْمَالَ الإِجَازَةِ في هذِهِ الصورةِ، (إلى الجوازِ أقربُ) مِنْهُ فِيْمَا لا حَصْرَ مَعَهُ.
قَالَهُ (5) ابنُ الصَّلاحِ، وعَمِلَ بِهِ، حَيْثُ أجازَ رِوَايَةَ كِتَابِهِ " علوم
الحَدِيْث " (6) عَنْهُ لِمَنْ ملَكَ مِنْهُ نُسْخَةً.
(قُلْتُ): وَقَدْ سَبَقَهُ إلى ذَلِكَ الْقَاضِي (عِيَاضٌ)، فإنَّهُ (قَالَ: لَسْتُ أَحْسِبُ) أي أظنُّ (في) جَوازِ (ذَا) أي: مَا حُصِرَ بِوصْفٍ نَحْوُ قَوْلِ المُحدِّثِ: أَجزتُ لِمَنْ هُوَ الآنَ مِنْ طَلَبةِ العِلْمِ ببلدِ كَذَا، أَوْ لِمَنْ قَرَأَ عليَّ قَبْلَ هَذَا (اختِلافاً بينَهُم) أي: العُلَمَاءِ
(مِمَّنْ يَرى إجازةً) أي: جوازَ الإِجَازَةِ الخاصّةِ، ولَا رَأيتُ مَنْعَهُ لأحدٍ؛ (لِكَونِهِ مُنْحَصِرا) مَوْصُوْفاً، كَقولِهِ: أجزْتُ لأولادِ فلانٍ، أَوْ إخوةِ فلانٍ (7).
458 -
وَالرَّابعُ: الْجَهْلُ بِمَنْ أُجِيْزَ لَهْ
…
أو مَا أُجِيْزَ كَأَجَزْتُ أَزْفَلَهْ
459 -
بَعْضَ سَمَاَعاِتي، كَذَا إِنْ سَمَّى
…
كِتَاباً او (8) شَخْصاً وَقَدْ تَسَمَّى
(1) انظر: شرح التبصرة والتذكرة 2/ 134.
(2)
التقييد والإيضاح: 183.
(3)
في (م): ((كالعلماء)) بإثبات الهمزة، ولم يفهم الناشر مراد الشارح.
(4)
في (م): ((غيرها)).
(5)
في (ق) و (م): ((قال)) وهو خطأ أحال المعنى.
(6)
الصّحيح في اسم هذا الكتاب: " معرفة أنواع علم الحديث "، وما اشتهر فيه فإنما هو تجوز. انظر: دراستنا لكتاب معرفة أنواع علم الحديث لابن الصّلاح: 57 - 62.
(7)
الإلماع: 101.
(8)
بالإدراج؛ لضرورة الوزن.
460 -
بِهِ سِوَاهُ ثُمَّ لَمَّا يَتَّضِحْ
…
مُرَادُهُ (1) مِنْ ذَاكَ فَهْوَ لَا يَصِحْ
461 -
أَمَّا الْمُسَمَّوْنَ مَعَ الْبَيَانِ (2)
…
فَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِالأَعْيَانِ
462 -
وَتَنْبَغِي الصِّحَّةُ إِنْ جَمَلَهُمْ (3)
…
مِنْ غَيْرِ عَدٍّ وَتَصَفُّحٍ لَهُمْ
(والرابعُ) من أنواعِ الإِجَازَةِ:
(الجهلُ بِمَنْ أجيزَ لَهْ، أَوْ مَا أُجيزَ) بِهِ، أَوْ الجهلُ بِهمَا، المفهومُ بالأولى، بلِ الصَّادِقُ بِهِ كلامُهُ، بجَعْلِ القضيةِ فِيهِ مَانِعَةُ خلوٍّ، وَفِي مِثالِهِ الآتي إشارةٌ إِليهِ.
فالأول: كأجزْتُ بعضَ النَّاسِ " صَحِيْحَ البخاريِّ ".
والثاني: كأجزْتُ فلاناً بَعْضَ مَسْمُوعَاتِي.
والثالث: (كأجزْتُ أَزفَلَهْ) - بفتحِ أولِهِ وثالِثِهِ - أي: جَمَاعَةً مِنَ النَّاسِ (4)
(بَعْضَ سَمَاعَاتي).
و (كَذَا إنْ سَمَّى) أي: المجيزُ (كِتَاباً، اوْ (5)) بالدرجِ (شَخْصاً).
(وَقَدْ تَسَمَّى بِهِ) أي: بالكتابِ أَوْ الشَّخْصِ (سِوَاهُ)، ك: أجزتُ لَكَ أَنْ تَرويَ عَنِّي كِتَابَ " السُّنَنِ "، وَفِي مَرْوِيَّاتِهِ عدَّةُ كُتُبٍ يُعرفُ كُلٌّ مِنْها بالسنَنِ (6).
أَوْ أجزْتُ مُحَمَّدَ بنَ خالدٍ الدِّمَشْقِيَّ، وثَمَّ جَمَاعَةٌ يُشَاركونَهُ في اسمِهِ ونسبتِهِ المذكورةِ (7).
(1) في (النفائس): ((مراداه)) وهو خطأ.
(2)
في نسخة (ب) من متن الألفية: ((البياني)) وهو خطأ.
(3)
قال البقاعي في نكته الوفية: 256 / أ: ((أي: جمعهم، يقال: جمل الشيء إذا جمعه، والحساب أي: ردّه إلى الجملة)). وانظر: لسان العرب 11/ 27 (جمل).
(4)
انظر: الصحاح 4/ 1716، ولسان العرب 11/ 305 (زفل).
(5)
في (م): أثبت الهمزة، ولم يفقه مراد الشارح.
(6)
انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 316، وشرح التبصرة 2/ 136، والنكت الوفية: 256/ أ. قال الحافظ العراقي: ((فإن هذه الإجازة غير صحيحة)).
(7)
معرفة أنواع علم الحديث: 316، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 136، والإرشاد 1/ 377. وفي تاريخ دمشق 52/ 379 - 391 جماعة باسم محمّد بن خالد الدّمشقيّ. فانظره إن شئت.
(ثُمَّ لَمَّا) أي: لَمْ (يَتَّضِحْ مُرادُهُ) أي: المجيزُ (مِن ذاكَ (1)) بقرينةٍ، (فَهْوَ) أي: استعمالُ هذِهِ الإِجَازَةِ (لا يَصِحْ)(2) لِلِجَهلِ بالْمُرادِ، بِخِلافِ مَا إذَا اتَّضَحَ مُرادُهُ بِقَرينةٍ.
كأنْ قِيلَ لَهُ: أجزتَ لِي كِتَابَ "السُّنَنِ"، لأبي داودَ؟ فيقولُ: أجزتُ لَكَ رِوَايَةَ السُّنَنِ (3).
أَوْ قِيلَ لَهُ: أجزتَ لِمُحَمَّدِ بنِ خالدِ بنِ عليِّ بنِ محمودٍ الدِّمَشْقِيِّ؟ بحيثُ لا يلتبسُ، فَقَالَ: أجزتُ لِمُحَمَّدِ بنِ خالدٍ الدِّمَشْقِيِّ.
فإنَه يَصِحُّ؛ لأنَّ الجوابَ ينزلُ عَلَى المسْؤُولِ عَنْهُ (4).
(أمَّا) الجَمَاعَةُ (المُسَمَّوْنَ) المعيَّنُونَ في اسْتِدْعَاءٍ، أَوْ غيرِهِ، (مَعَ البَيانِ) لَهُمْ، ولأنْسَابِهِم، وَشُهْرتِهِم، بِحيثُ يزولُ الالتباسُ، (فَلَا يَضرُّ) حينئذٍ (الْجَهْلُ) مِنَ الْمُجيزِ (بالأَعْيانِ) فِي صِحَّةِ الإِجَازَةِ، كَمَا لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةَ المُسْمِعِ عينَ السَّامِعِ مِنْهُ.
(وتَنْبَغِي (5) الصِّحَّةُ إنْ جَمَلَهُمْ) أي: جَمَعَهُم بالإِجَازَةِ (مِن غَيْرِ عدٍّ، وتَصَفُّحٍ لَهُمْ) واحداً واحداً، كَمَا في سَمَاعِ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ بهذا الوصفِ (6).
463 -
وَالْخَامِسُ: التَّعْلِيْقُ فِي الإِجَازَهْ
…
بِمَنْ يَشَاؤُهَا الذَّيِ أَجَازَهْ
464 -
أو غَيْرُهُ مُعَيَّناً، وَالأُولَى
…
أَكْثَرُ جَهْلاً، وَأَجَازَ الْكُلَاّ
465 -
مَعاً (أبو يَعْلَى) الإِمَامُ الْحَنْبَلِيْ
…
مَعَ (ابْنِ عَمْرُوْسٍ) وَقَالَا: يَنْجَلِي
466 -
الْجَهْلُ إِذْ يَشَاؤُهَا، وَالظَّاهِرُ
…
بُطْلَانُهَا أَفْتَى بِذَاك (7)(طَاهِرُ)
(1) في (ص) و (ع) و (م): ((ذلك))، وما أثبتناه من (ق)، وهو الموافق لما جاء في متن الألفية.
(2)
في (م): ((لا تصح)).
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 2/ 137.
(4)
المصدر السابق.
(5)
في (م): ((وينبغي)).
(6)
قال ابن الصّلاح: ((فينبغي أن يصح ذلك أيضاً، كما يصح سماع من حضر مجلسه للسماع منه، وإن لم يعرفهم أصلاً ولم يعرف عددهم ولا تصفح أشخاصهم واحداً واحداً)). معرفة أنواع علم الحديث: 316 - 317، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 137، والإرشاد 1/ 378.
(7)
كذا في النسخ كلها، وفي النفائس: ((بذاك أفتى
…
))، ويصح الوزن به.
467 -
قُلْتُ: وَجَدْتُ (ابنَ أبي خَيْثَمَةِ)
…
أَجَازَ كَالَّثانِيَةِ الْمُبْهَمَةِ
468 -
وَإِنْ يَقُلْ: مَنْ شَاءَ يَرْوِي قَرُبَا
…
وَنَحْوَهُ (الأَزْدِيْ) مُجِيْزاً كَتَبَا
469 -
أَمَّا: أَجَزْتُ لِفُلَانٍ إِنْ يُرِدْ
…
فَالأَظْهَرُ الأَقْوَى الْجَوَازُ فَاعْتَمِدْ
(الخامسُ) مِن أَنْواعِ الإِجَازَة:
(التَّعليقُ في الإجازهْ)(1)، والرِّوَايَةِ، وَلَمْ يُفْردْهُ ابنُ الصَّلاحِ بنوعٍ، بَلْ أَدْخلَهُ في نوعٍ قَبْلَهُ؛ لأنَّ فِيهِ جَهالةً وَتَعْلِيقاً (2). وأفْرَدَهُ النَّاظِمُ (3)؛ لأنَّ الصُّورةَ الأخيرةَ مِنْهُ لا جهالةَ فِيْهَا، كَمَا سَيأتِي.
ثُمَّ تَعليقُ الإِجَازَةِ إمّا أنْ يَكُونَ (بِمَنْ يَشَاؤُها الذي أجازَهْ) الشَّيْخُ، يعني بمشيئةِ المجازِ لَهُ المبهَمِ، كقولِهِ: مَنْ شاءَ أَنْ أجيزَ لَهُ، فَقَدْ أجزتُ لَهُ، أَوْ أجزتُ لِمَنْ شاءَ.
(أَوْ) بِمَنْ يشاؤُها (غيرُهُ) أي: غيرُ المجازِ لَهُ حالَ كونِهِ (مُعيَّناً)، كَقولِهِ: مَنْ شَاءَ فلانٌ أنْ أجيزَهُ، فَقَدْ أَجَزْتُهُ، أَوْ أَجَزْتُ لِمَنْ يَشَاؤُه فُلَانٌ، أَوْ أجزتُ لِمَنْ شئتُ إجازتَهُ.
(وَ) الصُّورةُ (الأُولى أكثرُ جَهْلاً) مِنَ الثّانِيةِ؛ لأنَّها مُعَلَّقةٌ بمشيئةِ مَنْ لا يُحْصَرُ (4)، والثانيةُ بمشيئةِ (5) مُعيَّنٍ، مَعَ اشتراكِهما في جهالةِ المجازِ لَهُ (6).
وخَرَجَ بالمعيَّنِ المبْهَمُ في الثَّانيةِ، كقولِهِ: أجزتُ لِمَنْ شاءَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ أجيزَهُ، فهي باطلةٌ قَطْعاً، لوجودِ الْجَهالةِ فِيْهَا مِن جِهَتينِ.
(وأجازَ الْكُلَاّ) أي: الصُّورتينِ السَّابقتينِ (مَعاً أَبُو يَعْلى) مُحَمَّدُ بنُ الحُسَينِ ابنِ الفَرَّاءِ (الإمامُ الحنبليْ، مَعَ) الإمامِ أَبِي الفَضْلِ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ (7)(8)(ابنِ عَمْرُوْسٍ)
(1) في (م): ((بالإجازة)).
(2)
معرفة أنواع علم الحديث: 317.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 2/ 138.
(4)
في (م): ((لا يحضر)).
(5)
في (م): ((بمشيئة معلقة)).
(6)
انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 317، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 138.
(7)
في (ع) و (ص): ((عبد الله)) مكبراً، وما أثبت هو الصواب. انظر: السير 18/ 73.
(8)
الإجازة للمعدوم والمجهول: 81، وانظر: الإلماع: 102.
- بفتحِ أوَّلِهِ (1) -. (وَقَالا)(2)، يعني: وَقَالَ مَنِ احتجَّ لَهُمَا، كَمَا أشارَ إِليهِ في
"شرحِهِ"(3): لأنَّهُ (يَنْجَلِي الجهلُ) فِيْهِمَا فِي ثاني الحالِ (إِذْ) أي: حِيْنَ (يشاؤُها) أي: المعلقُ بمشيئةِ الإجازةِ.
قَالَ ابنُ الصَّلاحِ (4): (والظاهرُ بطلانُها) فِيْهِمَا، وَقَدْ (أَفْتَى بِذاكَ) أي: بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطيِّبِ (طاهرُ) بنُ عَبْدِ اللهِ الطَّبريُّ لَمَّا سَألَهُ الخطيبُ عَنْهَا، وَعلَّلَ بأنَّهُ إجازةٌ لمجهولٍ، فَهُوَ كَقَولِهِ: أجزْتُ لِبعضِ النَّاسِ (5).
قَالَ ابنُ الصَّلاحِ: وَقَدْ يُعلَّلُ أَيْضاً بِما فِيْهَا مِنَ التَّعليقِ بالشَّرْطِ (6).
(قُلْتُ): لَكِنْ قَدْ (وَجَدْتُ) الحافظَ أبا بَكْرٍ أَحْمَدَ (ابنَ أبي خَيْثَمَةِ أجازَ) مَا هُوَ، (كالثَّانِيةِ الْمُبْهَمَةِ) في المجازِ لَهُ فَقَطْ،، فإنَّهُ قَالَ (7): قَدْ أجزتُ لأبي زكريا يَحْيَى بنِ مَسْلَمَةَ أَنْ يَرْوِيَ عَنِّي مَا أحبَّ مِن " تاريخي " الذي سَمِعَهُ مِنِّي أَبُو مُحَمَّدٍ القاسمُ بنُ الأصبغِ، ومُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الأعلى، كَمَا سَمِعَاهُ مِنِّي، وأذنْتُ لَهُ في ذَلِكَ، ولِمَنْ أَحَبَّ مِنْ أصحابِهِ، فإنْ أحبَّ أنْ تَكُونَ الإِجَازَةُ لأحدٍ بَعْدَ هَذَا، فأنا أجزْتُ لَهُ ذَلِكَ بكتابِي هَذَا.
وَلما فَرَغَ منْ تعليقِ (8) الإِجَازَةِ بمشيئَتِها، أخذَ في تَعْلِيقِها بمشيئةِ الرِّوَايَةِ، فَقَالَ:
(وإنْ يقُلْ) أي: الشَّيْخُ: (مَنْ شَاءَ) أَنْ (9)(يَرْوِي) عَنِّي، أجزْتُ لَهُ أنْ يَرْوِيَ عَنِّي، (قَرُبَا) جَوازهُ.
(1) هكذا ضبطه السمعاني في الأنساب4/ 210، والسخاوي في فتح المغيث 2/ 81، وضبطه الفيروزآبادي: بضمها ثمّ قال: ((وفتحه من لحن المحدّثين)). انظر: القاموس المحيط مع شرحه تاج العروس 16/ 281، وراجع ترجمة ((ابن عمروس)) في سير أعلام النبلاء 18/ 73.
(2)
في (م): ((وقال)).
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 2/ 139.
(4)
معرفة أنواع علم الحديث: 138.
(5)
الإجازة للمعدوم والمجهول: 80، والكفاية (466 ت، 325 هـ).
(6)
معرفة أنواع علم الحديث: 317.
(7)
انظر: الإجازة للمعدوم والمجهول: 83، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 141.
(8)
في (م): ((تعيين)).
(9)
في (ع) و (م): ((أنه)).
وَعِبارةُ ابنِ الصَّلاحِ: هُوَ أولى بالجوازِ (1).
أي: مِمّا قبلَهُ عِنْدَ مجيزِهِ، من حَيْثُ إنَّ مُقْتَضَى كُلِّ إجازةٍ تَفْويضُ الرِّوَايَةِ بِهَا، إلى مشيئةِ المجازِ لَهُ، فَكانَ هَذَا مَعَ كونِهِ بِصيغةِ التَّعليقِ تصريحاً بما يقتضيهِ الإطلاقُ، وحكايةً لِلحَالِ لَا تعليقاً في الحقيقةِ.
وأيَّدَهُ بِتَجْويزِ البَيْعِ، بقولِهِ: بِعتُكَ هَذَا بِكَذا إنْ شِئْتَ مَعَ القَبُولِ (2).
وردَّهُ النَّاظِمُ بأنَّ الْمُبتاعَ معيَّنٌ، والمجازُ لَهُ هنا (3) مُبْهَمٌ (4).
قَالَ: نَعَمْ، وِزَانُهُ (5) هُنا أَنْ يَقُولَ: أَجَزْتُ لَكَ أَنْ تروِيَ عَنِّي إنْ شئتَ الرِّوَايَةَ عَنِّي (6).
قَالَ ابنُ الصَّلاحِ (7): (ونحوَهُ) - بالنَّصْبِ بـ: ((كَتَبا)) - أي: ونحوَ مَا مَرَّ مِنَ التَّعْليقِ لَفْظاً بمشيئةِ الرِّوَايَةِ، الحافظُ أَبُو الفَتحِ مُحَمَّدُ بنُ الْحُسَيْنِ (الأزْديْ) حالَ كونِهِ (مُجِيزاً كَتَبَا) بِخطِّهِ، فَقَالَ: أَجَزْتُ رِوَايَةَ ذَلِكَ لجميعِ مَنْ أحَبَّ أَنْ يرويَهُ عَنِّي.
هَذَا كُلُّهُ في تَعْلِيقِ الإِجَازَةِ، والرِّوَايَةِ مَعَ إبهامِ الْمُجازِ لَهُ.
(أمَّا) مَعَ تعيينِه نَحْوَ (أَجَزْتُ لِفُلانٍ إنْ يُرِدْ). أَوْ يحبَّ، أَوْ يشاءَ، الإِجَازَةَ أَوْ الرِّوَايَةَ عَنِّي. (فَالأظْهَرُ الأَقْوى الْجَوازُ)، لانتِفاءِ الْجَهالةِ (8)، وحقيقةِ التعليقِ، (فاعتمِدْ) هُ.
(1) معرفة أنواع علم الحديث: 317، وانظر: التقييد: 185.
(2)
معرفة أنواع علم الحَدِيْث: 318، وانظر: نكت الزّركشيّ 3/ 522، والتقييد والإيضاح: 185، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 141، وقارن بـ: فتح العزيز 8/ 105، والمجموع 9/ 170، ومغني المحتاج 2/ 234.
(3)
في (م): ((هاهنا)).
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 2/ 141.
(5)
وزانًه: أي نظيره. انظر: لسان العرب 13/ 448 (وزن).
(6)
انظر: شرح التبصرة والتذكرة 2/ 141.
(7)
معرفة أنواع علم الحديث: 318.
(8)
معرفة أنواع علم الحديث: 318، وشرح التبصرة 2/ 142، وقال الزّركشيّ في نكته 3/ 522:((هذا نظير مسألة البيع كما سبق، وبها يعتضد وجه الصّحّة هنا، وحكى ابن الأثير في مقدمة جامع الأصول في هذه الحالة خلافاً، قال: فمنع منها قوم؛ لأنها تحتمل فيعتبر فيه تعيين المجمل - قال - وهذا هو الأخذ بالاحتياط، والأولى بنجابة المحدث وحفظه))، وانظر: جامع الأصول 1/ 83.
470 -
وَالسَّادِسُ: الإِذْنُ لِمَعْدُوْمٍ تَبَعْ
…
كَقَوْلِهِ: أَجَزْتُ لِفُلَانِ (1) مَعْ
471 -
أَوْلَادِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهْ
…
حَيْثُ أَتَوْا أَوْ خَصَّصَ الْمَعْدُوْمَ بِهْ
472 -
وَهُوَ (2) أَوْهَى، وَأَجَازَ الأَوَّلَا
…
(ابْنُ أبي دَاوُدَ) وَهْوَ مُثِّلَا
473 -
بِالْوَقْفِ، لَكِنَّ (أَبَا الطَّيِّبِ) رَدْ
…
كِلَيْهِمَا وَهْوَ الصَّحِيْحُ الْمُعْتَمَدْ
474 -
كَذَا أبو نَصْرٍ. وَجَازَ مُطْلَقَا
…
عِنْدَ الْخَطِيْبِ وَبِهِ قَدْ سُبِقَا
475 -
مِنِ (3) ابْنِ عَمْرُوْسٍ مَعَ الْفَرَّاءِ
…
وَقَدْ رَأَى الْحُكْمَ عَلى اسْتِوَاءِ
476 -
فِي الْوَقْفِ في صِحَّتِهِ (4) مَنْ تَبِعَا
…
أَبَا حَنِيْفَةٍ (5) وَمَالِكاً مَعَا
(والسَّادِسُ) مِن أَنْواعِ الإِجَازَةِ:
(الإذْنُ) أي: الإِجَازَةُ (لِمَعْدومٍ تَبَعْ) -بالوقفِ بلغةِ ربيعةَ- أي: إما تَبعاً لموجودٍ،
(كَقولِهِ: أجزْتُ) مَرْويَّاتِي (لفُلانِ) - بغيرِ تنوينٍ - والبيتُ دخلَهُ الشكلُ، وَهُوَ لا يَدْخُلُ الرجزَ (مَعْ أوْلَادِهِ، وَنَسْلِهِ، وعَقِبِهْ، حَيْثُ أَتَوْا)، وَلَوْ بَعْدَ حياةِ الْمُجيزِ.
أَوْ أَجَزْتُ لَكَ، ولِمَنْ يُولدُ لَكَ (6).
(أَوْ) غَيْرَ تَبَعٍ، بأنْ (خَصَّصَ) المجيزُ (الْمَعْدُومَ بِهْ) أي: بالإذنِ، وَلَمْ يَعْطِفْهُ عَلَى موجودٍ، كقولِهِ: أجزْتُ لِمَنْ يُولدُ لفلانٍ.
(وَهُوَ) أي: القِسْمُ الثَّانِي (أَوْهَى) أي: أضعفُ مِنَ الأَوَّلِ، والأَوَّلُ أقربُ إلى الْجَوازِ (7).
(1) بلا تنوين؛ لضرورة الوزن، وقد دخل هذا الشطر الشكل وهو حذف الساكن السابع في ((مستفعلن)) فتصبح ((مستفعل)) بضم اللام. وهو لا يدخل بحر الرجز الذي كتبت عليه القصيدة، وسيشير الشارح إلى ذلك.
(2)
بضم الهاء؛ لضرورة الوزن.
(3)
بكسر النون لالتقاء الساكنين.
(4)
كذا في النسخ كلها وفي النفائس: ((
…
أي في صحة
…
)) والوزن صحيح به أيضاً.
(5)
في نسخة (ج) بعدم الصرف، وكلاهما جائز، غير أن الأولى صرفه؛ لكراهة زحاف الخبل عِنْدَ العروضيين.
(6)
انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 318، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 143.
(7)
معرفة أنواع علم الحديث: 318.
(وَ) لِذا (أَجَازَ الأَوَّلا) خَاصَّةً، الحافِظُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ (بنُ أَبِي داودَ) السِّجِسْتَانيُّ، بَلْ فَعَلَهُ، فَقَالَ لِمَنْ سَأَلَهُ الإِجَازَةَ: أَجَزْتُ لَكَ، وَلأولادِكَ، وَلِحَبَلِ الْحَبَلَةِ، يعني: الذين لَمْ يُولَدُوا (1) بَعْدُ (2).
(وَهُوَ مُثِّلا) أي: شُبِّهَ (بالوَقْفِ)، والوصيةِ عَلَى الْمَعْدومِ، حَيْثُ يصِحَّانِ فِيهِ، إذَا عَطَفَ عَلَى مَوْجودٍ، ك: وقفْتُ، أَوْ أوصَيْتُ (3) فلاناً عَلَى أولادِي الموجودينَ، ومَنْ يحدِثُهُ الله لي مِنَ الأولادِ (4).
(لَكِنَّ) القاضِي (أبا الطيِّبِ رَدْ كِلَيْهِمَا)(5) أي: القِسْمينِ، (وَهْوَ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدْ)؛ لأنَّ الإِجَازَةَ في حُكْمِ الإخبارِ جُملةً بالمجازِ؛ فَكَمَا لا يَصحُّ الإخبارُ للمعدومِ، لا تَصِحُّ الإِجَازَةُ لَهُ.
وفَارَقَتِ الوَقْفَ، بأنَّ المقصودَ (6) فِيْهَا اتِّصالُ السَّنَدِ، ولا اتِّصالَ بَيْنَ الموجودِ، والمعدومِ.
و (كَذَا) رَدَّهُما (أَبُو نَصْرٍ) ابنُ الصَّبَّاغِ (7).
(و) لَكِنْ (جَازَ) الإذْنُ لِلمَعْدُومِ (مُطْلَقا) عَنِ التَّقييدِ بأوَّلِهما (عِنْدَ) الحافِظِ أَبِي بَكْرٍ (الخطيبِ) قياساً عَلَى صِحَّةِ الإِجَازَةِ لِلْمَوجودِ، مَعَ عَدَمِ اللِّقاءِ، وبُعْدِ الدارِ (8).
(وَبِهِ) أي: بالجوازِ مطلقاً (قَدْ سُبِقا) أي: الْخَطيبُ (مِن ابنِ عَمْرُوْسٍ، مَعَ) أَبِي يَعْلَى ابنِ (الفَرَّاءِ)، وَغيرِهِ (9).
(1) في (م): ((يولد)).
(2)
الكفاية: (465 ت، 325 هـ)، والإجازة للمعدوم والمجهول: 76 ومن طريقه أورده القاضي عياض في الإلماع: 105، قال البلقيني في محاسن الاصطلاح: 271: ((يحتمل أن يكون ذلك على سبيل المبالغة وتأكيد الإجازة، لا أن المراد به حقيقة اللفظ)).
(3)
في (م): ((وصّيت)).
(4)
انظر: الأم للشافعي 4/ 129 - 130، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 143، وفتح المغيث 2/ 84، وقارن بـ: نكت الزّركشيّ 3/ 523، ومحاسن الاصطلاح:271.
(5)
الإجازة للمعدوم والمجهول: 80.
(6)
في (ص): ((المقصد)).
(7)
معرفة أنواع علم الحديث: 319.
(8)
الكفاية: (466 ت، 325 هـ)، والإجازة للمعدوم والمجهول:81.
(9)
الإجازة للمعدوم والمجهول: 81، والإلماع: 102، والبحر المحيط 4/ 401.
(وَقَدْ رَأى الْحُكْمَ عَلَى استواءِ (1) في الوَقْفِ) أي: (في صِحَّتِهِ) أي: رأى صِحَّتِهِ في القِسْمَينِ مُعظمُ (مَنْ تَبِعَا أبَا حَنِيْفَةٍ) - بصرفهِ للوزنِ (2) - (وَمَالِكاً مَعَا)(3) أي: فيلزمُهم القَوْلُ بِهَا في الإجازةِ فِيْهَا (4). وَقَدْ قَدّمْتُ الفَرْقَ بَيْنَهُمَا.
477 -
وَالسَّاِبعُ: الإِذْنُ لِغَيْرِ أَهْلِ
…
لِلأَخْذِ عَنْهُ كَافِرٍ أو طِفْلِ
478 -
غَيْرِ مُمَيِزٍ وَذَا الأَخِيْرُ
…
رَأَى (أَبُو الطَّيِّبِ) وَالْجُمْهُوْرُ
479 -
وَلَمْ أَجِدْ فِي كَافِرٍ نَقْلاً، بَلَى (5)
…
بِحَضْرَةِ (الْمِزِّيِّ) تَتْرَا فُعِلا
480 -
وَلَمْ أَجِدْ فِي الْحَمْلِ أَيْضاً نَقْلَا
…
وَهْوَ مِنَ الْمَعْدُوْمِ أولَى (6) فِعْلَا
481 -
وَ (لِلْخَطِيْبِ) لَمْ أَجِدْ مَنْ فَعَلَهْ
…
قُلْتُ: رَأَيْتُ بَعْضَهُمْ قَدْ سَأَلَهْ
482 -
مَعْ أبويْهِ فَأَجَازَ، وَلَعَلْ
…
مَا اصَّفَّحَ الأَسماءَ فِيْهَا إِذْ فَعَلْ
483 -
وَيَنْبَغِي الْبِنَا عَلى مَا ذَكَرُوْا
…
هَلْ يُعْلَمُ الْحَمْلُ؟ وَهَذَا أَظْهَرُ (7)
(والسابعُ) مِن أنواعِ الإِجَازَةِ: (الإذْنُ) أي: الإجازةُ من الشَّيْخِ (لغيرِ أَهْلِ) وقتِها، (لِلأخْذِ عَنْهُ)، وللأدَاءِ (كَافِرٍ)، أَوْ فَاسِقٍ، أَوْ مُبتدعٍ، أَوْ مَجْنونٍ، أَوْ حَمْلٍ، (أَوْ طفلِ غيرِ مُميِّزٍ)(8). و ((كَافِرٍ)) مَعَ مَا بَعْدَهُ بدلٌ مِن ((غيرِ أهلِ)).
(وَذَا الأَخِيْرُ) أي: الإذْنُ للطِّفْلِ - وَهُوَ مَا اقْتَصَرَ عَلَى التَّصْريحِ بِهِ ابنُ الصَّلاحِ (9) مَعَ أنَّه لَمْ يُفْرِدْهُ بِنَوْعٍ، بَلْ ذَكَرَهُ آخرَ النَّوعِ قَبْلَهُ - (رَأَى) أي: رآهُ صَحِيْحاً الْقَاضِي
(1) في (م): ((استوائه)).
(2)
أشرنا سابقاً أن الوجهين - بالصرف وعدمه - جائز.
(3)
انظر: شرح التبصرة والتذكرة 2/ 144.
(4)
الإجازة للمعدوم والمجهول: 81.
(5)
في (ب): ((بلا)) وهو خطأ.
(6)
في (ب): ((أولا)) وهو خطأ.
(7)
قال البقاعي: أي: أنّه يعلم أي: يعامل معاملة المعلوم. النكت الوفية: 258/ب.
(8)
بعد هذا في (م): ((تمييزاً يصح معه السّماع))، وانظر: فتح المغيث 2/ 86.
(9)
معرفة أنواع علم الحديث: 320.
(أَبُو الطَّيِّبِ)، وفَرَّقَ بينَهُ وبينَ السَّمَاعِ، بِأنَّ الإجازةَ أوسعُ؛ فإنَّها تَصِحُّ للغالبِ بخلافِ السَّمَاعِ (1).
(و) كَذَا رآهُ (الْجُمْهُورُ).
واحتجَّ لَهُ الْخَطيبُ (2) بأنَّ الإجازةَ إنَّما هِيَ إباحةُ المُجيزِ الرِّوَايَةَ للمُجازِ لَهُ، والإباحةُ تَصِحُّ لِلْعَاقِلِ وَغَيْرِهِ (3).
قَالَ ابنُ الصَّلاحِ: وَكَأنَّهمْ رأوا الطِّفْلَ أهلاً لِتَحَمُّلِ هَذَا النَّوعِ الخَاصِّ، ليؤدِّيَ بِهِ بَعْدَ أهليتِهِ، حرصاً عَلَى بقاءِ الإسنادِ الّذي اخْتَصَّتْ بِهِ هذِهِ الأمةُ، وتقريبِهِ مِن رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (4).
وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ الإِجَازَةُ لَهُ لِعَدمِ تمييزِهِ. وبه قَالَ الشَّافِعيُّ، والإجازةُ لِلْمَجنونِ صَحِيْحةٌ، كَمَا شَمِلَهُ كلامُ الخطيبِ السَّابقِ.
قَالَ النَّاظِمُ (5): (وَلَمْ أَجِدْ فِي كَافرٍ) أي: في الإِجَازَةِ لَهُ (نَقْلاً) مَعَ تَصرِيحِهم بِصِحَّةِ سَمَاعِهِ، كَمَا مَرَّ.
(بَلَى) أي: نَعَمْ (بِحضْرَةِ) الحافظِ أبي الحجَّاجِ يوسفَ بنِ عَبْدِ الرحمانِ (الْمِزِّيِّ) - بكسرِ الميمِ - نسبةً للمِزَّةِ قريةٍ بدمشقَ (6)، (تَتْرَا) (7) أي: متتابعاً، (فُعِلا)(8).
حَيْثُ أجازَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المؤمن، لِمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ السَّيِّدِ بنِ الدَّيَّانِ، حالةَ يهوديَّتِهِ في جُمْلَةِ السَّامِعينَ جَمِيْعَ مرويَّاتِهِ، وكتبَ اسمَهُ في الطبقةِ، وأقرَّهُ المِزِّيُّ (9).
وإذا جازَ ذَلِكَ في الكَافرِ، فَفِي الفاسِقِ والْمُبْتَدعِ أوْلَى، فإذَا زَالَ مَانِعُ الأَداءِ، صَحَّ الأداءُ، كالسَّمَاعِ.
(1) الكفاية: (466 ت، 325 هـ)، والإجازة للمعدوم والمجهول: 80، وانظر: النكت الوفية: 258/ب.
(2)
الكفاية: (466 ت، 325 هـ)، والإجازة للمعدوم والمجهول: 80، وانظر: النكت الوفية: 258/ب.
(3)
الكفاية: (466 ت، 325 هـ).
(4)
معرفة أنواع علم الحديث: 320.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 2/ 146.
(6)
معجم البلدان 5/ 122.
(7)
في (م): ((تترى)).
(8)
شرح التبصرة والتذكرة 2/ 146.
(9)
انظر: شرح التبصرة والتذكرة 2/ 146، وفتح المغيث 2/ 87.
(وَلَمْ أَجِدْ فِي) إجازةِ (الْحَمْلِ أَيْضاً نَقْلا، وَهْوَ) أي: جوازُ الإِجَازَةِ لَهُ، وإنْ لَمْ تُنْفَخْ (1) فِيهِ الروحُ، أَوْ لَمْ يُعطَفْ عَلَى موجودٍ (مِن) جوازِ الإِجَازَةِ (المعدومِ أوْلَى فِعْلا) أي: مِن جهةِ الفِعْلِ قياساً عَلَى صِحَّةِ الوَصيةِ لَهُ.
(وَلِلْخَطيبِ) مِمَّا يُؤيِّدُ عَدَمَ النَّقْلِ في الحَمْلِ، (لَمْ أَجِدْ مَنْ فَعَلَهْ) أي: أجازَ لَهُ، مَعَ أنَّهُ ممَّنْ يَرى صِحَّةَ الإِجَازَةِ لِلْمَعْدومِ، كَمَا مَرَّ.
(قُلْتُ): قَدْ (رَأَيْتُ بَعْضَهُم)، وَهُوَ شَيْخُه الحافِظُ أَبُو سَعيدٍ العلائيُّ (2)، (قَدْ سَألَهْ) أي: للإذْنِ لِلْحَمْلِ (مَعْ) - بالسكونِ - (أَبَويْهِ، فَأَجازَ)؛ لِكَوْنِهِ يَرَاها (3) مُطْلَقاً، أَوْ يغتفِرُها تَبَعاً.
(و) لَكِنْ قَدْ يُقالُ: (لَعَلْ) أي: لَعَلَّهُ (مَا اصَّفَّحَ) أي: تَصَفَّحَ، بمعنى: نَظَرَ (4)(الأسْماءَ) التي (فِيْهَا) أي: في الاستجازةِ، حَتَّى يَعْلَمَ هَل فِيْهَا حَمْلٌ أَوْ لا؟
(إِذْ فَعَلْ) أي: حِيْنَ أجازَ بناءً عَلَى مَا مَرَّ مِن صِحَّةِ الإِجَازَةِ بدونِ تَصَفُّحٍ إلاّ أنَّ الغَالِبَ أنَّ المحدِّثينَ لا يُجيزونَ إلَاّ بَعْدَ نَظرِ أسْماءِ المسؤولِ لَهُمْ، كَمَا هُوَ المشاهدُ (5).
(وَيَنْبَغِي الْبِنَا) بِالقَصْر للوزنِ أي: بناءُ صِحَّةِ الإِجَازَةِ للحَمْلِ، (عَلَى مَا ذَكرُوا) أي: الفُقَهَاءُ (هَلْ يُعْلَمُ الحمْلُ)؟ أي: يُعاملُ مُعاملةَ الْمَعْلومِ أَوْ لَا؟
فإنْ قُلْنَا: نَعم (6)، صَحَّتِ الإِجَازَةُ، وإنْ قُلْنَا: لَا، فَكَالْوصيةِ لِلْمَعْدومِ.
(وَهَذا) أي: مَا ذُكِرَ مِنَ البناءِ، وكونِ الحَمْلِ يُعْلَمُ:(أَظْهَرُ).
وَعَلَيْهِ فالإِجَازَةُ لِمَنْ ذُكِر هنا، كالسَّمَاعِ لا يشترطُ فِيْهَا الأهليَّةُ عِنْدَ التحمُّلِ بِهَا.
484 -
وَالثَّامِنُ: الإِذْنُ بِمَا سَيَحْمِلُهْ
…
الشَّيْخُ، وَالصَّحِيْحُ أَنَّا نُبْطِلُهْ
(1) في (م): ((ينفخ)).
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 2/ 148.
(3)
في (م): ((رآها)).
(4)
انظر: النكت الوفية 259/ أ.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 2/ 148.
(6)
في (ص) و (ق): ((يعلم)).
485 -
وبَعْضُ عَصْرِيِّ (1) عِيَاضٍ بَذَلَهْ
…
وَ (ابْنُ مُغِيْثٍ) لَمْ يُجِبْ مَنْ سَأَلَهْ
486 -
وَإِنْ يَقُلْ: أَجَزْتُهُ مَا صَحَّ لَهْ
…
أو سَيَصِحُّ، فَصَحِيْحٌ عَمِلَهْ
487 -
(الدَّارَقُطْنِيْ) وَسِواهُ أوحَذَفْ
…
يَصِحُّ جَازَ الكُلُّ حَيْثُمَا عَرَفْ
(والثامنُ) مِن أْنواعِ الإِجَازَةِ:
(الإذْنُ) أي: الإِجَازَةُ (بما سَيَحْمِلُهْ الشَّيْخُ) المجيزُ يرويهِ المجازُ لَهُ بَعْدَ أنْ يتحمَّلَهُ المجيزُ.
(وَالصَّحِيحُ) مَا صوَّبَهُ (2) الْقَاضِي عِيَاضٌ (3)، والنَّوَوِيُّ (4)(أَنَّا نُبْطِلُهْ)، كَمَا نُبطِلُ توكيلَ مَن وُكِّلَ ببيعِ مَا سيملِكُهُ؛ ولأنَّ الإِجَازَةَ في حُكْمِ الإخبارِ بالمجازِ جملةً، كَمَا مَرَّ، فَلا نجيزُ (5) بما لا خبرَ عِنْدَهُ مِنْهُ.
وَلَمْ يُفَرِّقوا بَيْن عَطْفِهِ عَلَى مَا تحمَّلَهُ، ك: أَجَزْتُ لَكَ مَا رَوَيتُهُ، وَمَا سأرويهِ، وَعَدمِ عَطْفِهِ (6) عَلَيْهِ.
(وبعضُ عَصْرِيِّ) الْقَاضِي (عِيَاضٍ)، كَمَا حَكاهُ هُوَ عَنْهُمْ (7)، قَدْ (بَذَلَهْ) - بالمعجمةِ - أي: أعْطى مَنْ سَألَهُ الإذنَ كَذلِكَ مَا سَأَلَهُ، ووجَّهَ بأنَّ شَرْطَ الرِّوَايَةِ أكثرُ مَا يُعتبرُ عِنْدَ الأداءِ لَا عِنْدَ التَّحمُّلِ، فإذا ثَبَتَ عِنْدَ الأداءِ أنَّهُ تحمَّلَ بَعْدِ الإذنِ صَحَّ الأداءُ.
(و) لَكِنِ الْقَاضِي أَبُو الوليدِ يونُسُ (ابنُ مُغيْثٍ) الْقُرْطُبِيُّ، (لَمْ يُجِبْ مَنْ سَأَلهْ) كَذلِكَ، بَلْ امتنعَ من إجابتِهِ، فَلَا تَصِحُّ الإجازةُ بِهِ (8).
(1) في نسخة (ب) من متن الألفية: ((عصرتي)).
(2)
في (ق): ((صرح به)).
(3)
الإلماع: 106.
(4)
الإرشاد 1/ 386. وقال: ((وهذا الذي صححه عياض، هو الصّواب)).
(5)
في (ع): ((يجيز)).
(6)
في (م): ((عطف)).
(7)
الإلماع: 106.
(8)
المصدر السابق.
وَعَلَيْهِ يَتَعَيَّنُ - كَمَا قَالَ ابنُ الصَّلاحِ (1)، كغيرِهِ - عَلَى مَنْ يريدُ أَنْ يَرْوِي عَنْ شَيخٍ بالإجازةِ، أَنْ يَعْلَمَ أنَّ مَا يرويه عَنْهُ، مما تحمَّلَهُ شيخُهُ قَبْلَ إجازتِهِ لَهُ، ومثلُهُ مَا يتجدَّدُ للمجيزِ بعدَهُ من نَظْمٍ وَتَأليفٍ.
(و) أما (إنْ يَقُلْ) أي: الشَّيْخُ: (أَجَزتُهُ مَا صَحَّ لَهْ) أي عندَهُ حالَ الإِجَازَةِ، (أَوْ سَيَصِحُّ) عندَهُ مِن مَسْمُوعاتِي، (فَصَحِيْحٌ)، وإن كَانَ المجيزُ لا يعرفُ أنَّهُ يرويه وقتَ الإِجَازَةِ.
وَقَدْ (عَمِلَهْ الدَّارَقُطْنِيْ)(2) -بالإسكانِ لِما مَرَّ-، (وَسِوَاهُ) مِنَ الْحُفَّاظِ.
وَلَهُ أنْ يرويَ مَا صَحَّ عَنْهُ عِنْدَهُ وَقْتَ الإِجَازَةِ، أَوْ بَعْدَها، أنَّهُ تحمَّلَهُ قَبْلَهَا (3).
فَالشَّيخُ إنْ جَمَعَ بَيْنَ ((صَحَّ)) و ((يَصِحُّ))، كَمَا تقرَّرَ، (أَوْ حَذَفْ يصحُّ، جازَ الكلُّ) أي: كُلٌّ مِنَ النوعينِ (حَيْثُمَا) زائدةٌ، (عَرَفْ) أي: الرَّاوِي حالَ الإِجَازَةِ أَوْ بعدَها، أنَّه مِمَّا تحمَّلَهُ الشَّيْخُ قبلَها. والمرادُ بِمَا صَحَّ: مَا صَحَّ حالَ الإِجَازَةِ، أَوْ بَعْدَها.
وَفَارقَتْ هذِهِ بِنوْعَيها مَا قَبلَها، بأنَّ الشَّيْخَ ثَمَّ لَمْ يَروِ بَعْدُ، وَهُنَا رَوَى، لكنَّهُ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ عَالِمٍ بما رَواهُ، فَيَجْعلُ الأمرَ فِيهِ عَلَى ثُبوتِهِ عِنْدَ المجاز لَهُ.
488 -
وَالتَّاسِعُ: الإِذْنُ بِمَا أُجِيْزَا
…
لِشَيْخِهِ، فَقِيْلَ: لَنْ يَجُوْزَا
489 -
وَرُدَّ، وَالصَّحِيْحُ: الاعْتِمَادُ
…
عَلَيْهِ قَدْ جَوَّزَهُ النُّقَّاْدُ
490 -
أبو نُعَيْمٍ، وَكَذَا ابْنُ عُقْدَهْ
…
وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَنَصْرٌ بَعْدَهْ
491 -
وَالَى ثَلَاثَاً بإِجَازَةٍ وَقَدْ
…
رَأَيْتُ مَنْ وَالَى بِخَمْسٍ يُعْتَمَدْ
492 -
وَيَنْبَغِي تَأَمُّلُ الإِجازَهْ
…
فحيثُ شَيْخُ شَيْخِهِ أَجَاْزَهْ
493 -
بَلِفْظِ مَا صَحَّ لَدَيْهِ لَمْ يُخَطْ (4)
…
مَا صَحَّ عِنْدَ شَيْخِهِ مِنْهُ فَقَطْ
(1) معرفة أنواع علم الحديث: 321.
(2)
معرفة أنواع علم الحديث: 322، والإرشاد1/ 387، التقريب: 113، وشرح التبصرة والتذكرة2/ 154.
(3)
انظر: فتح المغيث 2/ 90.
(4)
قال البقاعي: ((يخط: مضارع خطاه تخطيةً، أي: لم يتعدّ ولم يتجاوز ما صحّ عند شيخه
…
)). النكت الوفية: 259/ب، وانظر: شرح السيوطي للألفية 258.
(والتاسعُ) مِن أنواعِ الإِجَازَةِ: (الإذْنُ) أي: الإِجَازَةُ (بِمَا أُجِيزَا (1) لِشَيْخِهِ) المجيزِ، كَقولهِ: أجزتُ لَكَ مُجَازاتي، أَوْ رِوَايَةَ مَا أُجيزَ لِي (2).
واختُلِفَ فِيهِ (فقيلَ: لَنْ يَجُوزَا) ذَلِكَ، وإن عطفَ عَلَى الإذنِ بمسموعٍ، (وَ) لكِنَّهُ (رُدَّ) حَتَّى قَالَ ابنُ الصَّلاحِ: إنَّهُ قَوْلُ مَنْ لا يُعتدُّ بِهِ مِنَ الْمُتَأخِّرينَ (3).
وَقِيلَ: إنْ عطفَ عَلَى ما ذكرَ جازَ، وإلاّ فَلَا.
(وَالصَّحِيحُ) الذِي عَلَيْهِ العَمَلُ (الاعْتِمَادُ عَلَيْهِ) أي: عَلَى الإذْنِ بِمَا أُجيزَ مطلقاً، ولَا يُشْبَهُ منْعُ الوكيلِ التوكيلَ بغيرِ إذنِ الْمُوَكِّلِ؛ لأنَّ الحقَّ ثَمَّ لموكلِهِ، فإنَّهُ ينفّذُ عَزْلُه لَهُ بخلافِهِ هنا، إِذْ الإِجَازَةُ مُخْتَصَّةٌ بالمجازِ لَهُ، فإنَّهُ لَوْ رَجَعَ المجيزُ عَنْهَا لَمْ ينفَّذْ (4).
وَ (قَدْ جَوَّزَهُ النُّقَّادُ)، مِنْهُمْ: الحافِظُ (أَبُو نُعَيْمٍ) الأصْبَهانيُّ، فَقَالَ: الإِجَازَةُ عَلَى الإِجَازَةِ قويةٌ جائزةٌ (5).
(وكذا) جوَّزَهُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ (ابنُ عُقْدَهْ) - بضمِّ العينِ - الكوفيُّ،
(والدَّارَقُطْنِيُّ)، وغيرُهما (6).
(ونَصْرٌ)، وَهُوَ الفقيهُ الزاهدُ ابنُ إِبْرَاهِيمَ المَقْدِسِيُّ (بَعْدَهْ) أي: بَعْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ، (وَالَى) أي: تَابعَ (ثَلاثاً) مِنَ الأجائزِ (7)(بإجازةٍ)(8).
(1) في (م): ((أجيز)).
(2)
انظر: فتح المغيث 2/ 90.
(3)
معرفة أنواع علم الحديث: 322، وانظر: نكت الزّركشيّ 3/ 525، ومحاسن الاصطلاح: 274، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 152.
(4)
معرفة أنواع علم الحديث: 322.
(5)
حكاه ابن الصّلاح في معرفة أنواع علم الحديث: 322 وجادةً عن أبي عمرو السفاقسي، قال: سمعت أبا نعيم الحافظ الأصبهاني يقول: فذكره
…
.
(6)
الكفاية: (500 ت، 349 - 350 هـ)، معرفة أنواع علم الحديث: 322، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 153. وقال الحافظ العراقي:((وفعله الحاكم في تاريخه)).
(7)
جمع إجازة.
(8)
حكاه عنه ابن الصّلاح في معرفة أنواع علم الحديث: 323. قال البلقيني في المحاسن: 275: ((القرينة الحالية من إرادة إبقاء السلسلة، قاضية بأن كلّ مجيز بمقتضى ذلك، أذن لما أجازه أن يجيز، وذلك في الإذن في الوكالة جائز)).
فَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ طَاهرٍ: سَمِعْتُهُ ببيتِ الْمَقْدِسِ يَرْوِي بالإجازةِ، عَنِ الإِجَازَةِ، ورُبَّما تَابَعَ بَيْن ثلاثٍ مِنْها (1).
قَالَ النَّاظِمُ: (وَقَدْ رَأيتُ مَنْ وَالَى) بأكثرَ مِن ثَلاثٍ، فَمِنْهُم مَنْ وَالَى بأربعٍ، وَمِنْهُمْ مَن وَالى (بِخَمْسٍ) مِمَّنْ (يُعتَمَدْ) عَلَيْهِ مِنَ الأئِمَّةِ، كالحافِظِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الكريمِ الحلبيِّ، فإنَّهُ رَوَى في " تاريخِ مِصْرَ " لَهُ عَن عَبْدِ الغنيِّ بنِ سعيدٍ الأزديِّ بخمسِ أجائزَ متواليةٍ (2). ورَوَى شيخُنا في " أماليه " بستٍّ (3).
(وَينْبَغِي) وجوباً لِمَنْ يريدُ بِذَلِكَ (تأمُّلُ) كيفيةِ (الإِجَازَهْ) أي: إجازةِ شَيْخِ شيخِهِ لشيخِهِ، وَكَذا إجازةُ مَنْ فَوْقَهُ لِمَنْ يليهِ.
ومُقْتَضَاهَا: حَتَّى لَا يروِيَ بِهَا مَا لَمْ يَنْدَرجْ تحتَها؛ فربَّما قيَّدَ بعضُ المجيزينَ بِمَا سَمِعَهُ، أَوْ بِمَا حَدَّثَ بِهِ مِنْ مَسْموعَاتِهِ، أَوْ بِمَا صَحَّ عِنْدَ الْمُجازِ لَهُ، أَوْ نحوِها، فَلَا يتعدَّاهُ.
(فحيثُ شَيْخُ شَيْخِهِ أجازَهْ) أي: أجازَ شيخَهُ (بلفظِ) أجزتُه (مَا صَحَّ لَدَيهِ) أي: عِنْدَ شَيْخِهِ الْمُجَازِ لَهُ فَقَطْ، (لَمْ يُخَطْ) - بالبناءِ للمفعول من خطا يَخْطُو (4)، إذَا مشى - أي: لَمْ يَتَعَدَّ الرَّاوِي (مَا صَحَّ عِنْدَ شيخِهِ مِنْهُ) أي: من مرويِّ الْمُجيزِ لَهُ (فَقَطْ).
حَتَّى لَوْ صَحَّ شيءٌ مِن مَرويِّهِ عِنْدَ الرَّاوِي، لَمْ يَطّلعْ عَلَيْهِ شيخُهُ المجازُ لَهُ، أَوْ اطَّلعَ عَلَيْهِ، لكنَّهُ لَمْ يصحَّ عندَهُ، لا يسوغُ (5) لَهُ روايةٌ بالإجازةِ.
وَقَالَ بَعْضُهم: يَنْبَغِي أن تُسَوَّغَ لَهُ؛ لأنَّ صِحَّةَ ذَلِكَ قَدْ وجدَتْ، فَلا فَرْقَ بَيْنَ صحَّتِهِ عِنْدَ شَيْخِهِ، وغيرِهِ.
(1) شرح التبصرة والتذكرة 2/ 154.
(2)
المصدر السابق.
(3)
تدريب الرّاوي 2/ 41. وهكذا كلما تأخر الزمن ازداد عدد الإجازات لضعف الحفظ وتقاصر الهمم، وانظر: ما كتبه العلامة أحمد شاكر رحمه الله في الباعث الحثيث: 121 - 122، وانظر: فتح المغيث 2/ 92 - 93.
(4)
في (ع) و (ص): ((من خطا خطواً إذا مشى)).
(5)
في (ق) و (ع): ((تسوغ)).