الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُسْتَخْرَجَاتُ
33 -
وَاسْتَخْرَجُوا عَلى الصَّحِيْحِ (كَأَبي
…
عَوَانَةٍ) وَنَحْوِهِ، وَاجْتَنِبِ
34 -
عَزْوَكَ ألفَاظَ المُتُونِ لَهُمَا
…
إذْ خَالَفتْ لَفْظاً وَمَعْنىً رُبَّمَا
35 -
وَمَا تَزِيْدُ (1) فاحْكُمَنْ بِصِحَّتِهْ
…
فَهْوَ مَعَ العُلُوِّ مِنْ فَائِدَتِهْ
36 -
وَالأَصْلَ يَعْني البَيْهَقيْ وَمَنْ عَزَا
…
وَلَيْتَ إذْ زَادَ الحُمَيدِيْ مَيَّزَا
المستخرجاتُ جمعُ مُسْتَخْرَجٍ، وَهُوَ مُشْتقٌّ مِنَ الاستخراجِ، وَهُوَ: أَنْ يأتيَ (2) حافظٌ إلى " صَحِيْحِ البُخَارِيِّ " - مثلاً - فيوردُ أحاديثَهُ بأسانيدَ لنفسِهِ من غيرِ طَريقِ البُخَارِيِّ إلى أَنْ يلتقي مَعَهُ في شيخِهِ، أَوْ في مَنْ فَوقَهُ (3).
قَالَ شيخُنا: ((وَشَرْطُهُ: أن لا يصِلَ إلى شيخٍ أبعدَ مَعَ وجودِ سَندٍ يُوصِلُهُ إلى الأقربِ إلا لغرضٍ من عُلُوٍّ (4) أَوْ زيادةِ حكمٍ، أَوْ نحوِهِ، وإلَاّ فَلا يُسَمَّى مُسْتَخْرَجاً)) (5).
(واسْتَخْرَجُوا) أي: جمعٌ من الحُفَّاظِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لكُلٍّ من البُخَارِيِّ، ومسلمٍ بقرينةِ ما يأتي، وإنْ لَمْ يختصَّ الاستخراجُ بهما، بَلْ ولا بالصحيحِ.
والمخرِّجُونَ علِيهما أَوْ عَلَى أحدِهما كثيرٌ (كأبِي عَوَانَةٍ) - بالصرف
للوزن - يعقوبَ بنِ إسحاقَ الإسْفَرَايِيْنيِّ (6)، استخرجَ عَلَى " صَحِيْحِ مُسْلِمٍ "(7).
(1) في (أ) و (ب) و (ج): ((يزيد)).
(2)
في (ع): ((يأتي إمام)).
(3)
انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 136، والتدريب 1/ 112، ونكت الزَّرْكَشِيّ1/ 229.
(4)
في (م): ((علو سنداً)).
(5)
في (ع) و (ق): ((استخراجاً)). وانظر: تدريب الراوي 1/ 112.
(6)
هو الحافظ أبو عوانة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الإسفراييني، رحل في طلب العلم، وطوّف بالدنيا وعني بهذا الشأن، توفي سنة (316 هـ). وفيات الأعيان 6/ 393، وتذكرة الحفاظ 3/ 779، وطبقات الشافعية الكبرى 3/ 487.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 136 - 137.
(ونحوِهِ) هَذَا عُلِمَ (1) مِنَ الكَافِ - أي: ونحوِ أبي عَوَانَةَ كأبي بكرٍ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيمَ بنِ إسماعيلَ (2)، استخرج عَلَى " صَحِيْحِ البُخَارِيِّ ".
وكأبي بكرٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ البَرْقَانيِّ (3)، وأبي نُعَيمٍ الأصفهانيِّ (4)، استخرجَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى " الصَّحِيْحَيْنِ ".
والمخرِّجُونَ عَلَيْهِمَا لَمْ يَلتزموا لفظَهما، بَلْ رَوَوْهُما بالألفاظِ التي وَقَعتْ لَهُم عَنْ شيوخِهم (5).
(و) لهذا قَالَ: كَغيرِهِ للناقلِ مِنَ المُستخرَجاتِ عَلَيْهِمَا: (اجْتَنِبِ) وجوباً (عَزْوَكَ) أي: نِسْبَتَك (ألفاظَ المُتُونِ) أي: الأحاديثَ التي تنقلُها منها. (لَهُمَا) حيثُ توردُها للحُجَّةِ، كما في المُصنَّف عَلَى أبواب الأحكامِ لا عَلَى غيرها (6) كالمعاجمِ والمشيخاتِ نَقَلَهُ شيخُنا عَنْ ابنِ دقيقِ العيدِ وأَقَرَّهُ (7) فَلا تقلْ: أَخْرجَهُ الشيخانِ بهذا اللّفظِ إلَاّ بَعْدَ مُقابلَتِهِ، أَوْ تصريحِ المخرِّج بِهِ (8).
(إذْ) قَدْ (خَالَفَتْ) أي: المستخرجاتُ " الصحيحينِ " لفظاً كثيراً لتقيُّدِ مخرِّجيهما بألفاظِ رواتِهم، كَما مَرَّ، (وَمَعْنًى) غيرَ منافٍ قليلاً (ربَّما).
(1) في نسخة (ق) تعليقة للعلامة الآلوسي قال فيها: ((أقول يمكن أن يقال هو معطوف على الصحيح لا على أبي عوانة فلا إشكال بل هو أولى ليفيد أنه كما يجوز الاستخراج على الصحيح يجوز على غيره)).
(2)
هو الإمام الحافظ الثبت أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل الإسماعيلي الجرجاني توفي سنة
(371 هـ). تاريخ جرجان: 108، وتذكرة الحفاظ 3/ 947.
(3)
هو الإمام أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب أبو بكر الخوارزمي، المعروف بالبرقاني الشافعي توفي سنة (425 هـ). تاريخ بغداد 4/ 373، والأنساب 1/ 337، وتذكرة الحفاظ 3/ 1074.
(4)
في (ص) و (م): ((الأصبهاني))، وكلاهما صحيح. وهو الحافظ الكبير محدث عصره أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني الصوفي ولد سنة (336 هـ) سمع ولقي العديد من المشايخ، وتفرد في الدنيا بإجازات توفي سنة (430 هـ). المنتظم 8/ 100، وتذكرة الحفاظ 3/ 1092، وشذرات الذهب 3/ 245.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 137.
(6)
في النسخ: ((غيرها))، وفي (م):((غيرهما)).
(7)
النكت لابن حجر 1/ 311.
(8)
انظر: المقنع 1/ 71، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 137، والتدريب 1/ 112 - 113.
فـ ((رُبَّما)) داخلةٌ عَلَى (خَالَفَتْ) أي: رُبَّمَا خالفتهما لفظاً ومَعْنًى، وَهِيَ تستعملُ تارةً للتكثيرِ، وتارةً للتقليلِ بناءً عَلَى الأصحِّ أنَّها لا تَخْتَصُّ بأحدِهِما، وَقَدْ استُعملَتْ هنا فِيْهِمَا معاً كَمَا تَقرَّرَ (1)، فَهُوَ من استعمالِ المشْتَركِ في مَعنَيَيْهِ، وإنْ كَانَ الشارحُ جَعلَها مستعلمةً في الثَّاني فَقَطْ (2).
والمُتونُ: جمعُ ((مَتْنٍ)) مِنَ المُمَاتَنَةِ، وَهِيَ: المبَاعدةُ في الغايةِ (3)؛ لأنَّ المتنَ غايةُ السَّندِ.
أو مِنَ المتْنِ، وَهُوَ: ما صلُبَ وارتفعَ مِنَ الأرضِ (4)؛ لأنَّ راوِي الحَدِيثِ يقوِّيهِ بالسَّندِ، وَيَرفعُه بِهِ (5) إلى قائِلِه.
(وَمَا تَزِيْدُ) - بالمثناةِ فوقُ أَوْ تحتُ - أي: المستَخْرَجاتُ، أَوْ المستَخْرجُ من تتمَّةِ كلامٍ، أَوْ زيادةِ شرحٍ لحديثٍ، أَوْ نحوِ ذَلِكَ، وَوُجِدَتْ شروطُ الصِّحَّةِ في رُواةِ المخرِّجِ (فاحْكُمَنْ بِصِحَّتِهْ)(6)، ثُمَّ أشارَ إلى فوائدِ الاستخراجِ، فقال:
(فَهُوَ) أي: ما يُزادُ (مَعَ العُلُوِّ) أي: علوِّ الإسْنادِ الذي هُوَ جلُّ قصدِ المخرِّجينَ (من فائدتِهْ) وزادَ لفظةَ ((مِنْ)) ليفيدَ أنَّ لَهُ فوائدَ أُخرَ، منها: القوَّةُ بكَثْرَةِ الطُّرُقِ للتَّرْجِيحِ عِنْدَ المعارضةِ (7)، ومنها:
1 -
تسميةُ المُبْهَمِ والمُهْمَلِ (8).
(1) انظر عن (ربّ): اللسان 1/ 199، ومغني اللبيب:179.
(2)
انظر: الفصول 1/ 76، والبحر المحيط 2/ 127.
(3)
الصحاح 6/ 2200، واللسان 13/ 398 - 399.
(4)
الصحاح 6/ 2200، واللسان 13/ 398 - 399.
(5)
((به)): سقطت من (ع).
(6)
انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 137 - 138 والتعليق عليه.
(7)
انظر: الإرشاد 1/ 126، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 138 - 139، والمقنع 1/ 71 - 72.
(8)
المبهم: هو من أبهم ذكره في الحديث من الرجال والنساء، أو: من ذكر بوصف غير دال على ذات معينة. ويقع في المتن والإسناد، مثل جاء رجل، أو عن ابن عم لي، وهكذا.
أما المهمل: هو أن يذكر الراوي اسمه من غير نسبة تميزه، وأكثر ما يقع في الإسناد، كأن يكون للراوي أكثر من شيخ يسمى (محمداً)، فيروي قائلاً: حدثنا محمد. انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 557، والشذا الفياح 2/ 703، وتدريب الراوي 2/ 342، وشرح شرح النخبة:71.
2 -
والتصريحُ بالمدَلِّس.
3 -
واتِّصَالُ المُرْسَل.
4 -
ووصلُ المعلَّق (1).
ومثالُ العلوِّ: أنَّ أبا نُعيمٍ الأصبهانيَّ (2) - مثلاً - لَوْ رَوى حديثاً عَنْ عبدِ الرَّزاق من طريقِ البخاريِّ - مثلاً - لَمْ يصلْ إِليهِ إلَاّ بأربعةٍ، اثنانِ بينَهُ وبين البخاريِّ، والبخاريُّ (3) وشيخُهُ.
وإذا رواهُ عَنِ الطَبرانيِّ، عَنْ إسحاقَ بنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيِّ -بفتحِ الموحَّدةِ- عَنْهُ، وصلَ إِليهِ باثنينِ فَقَطْ.
وأشارَ إلى جَوابِ سؤالٍ بقولِهِ: (وَالأَصْلَ) - بالنصبِ - بقوله: (يَعْني) الإمامُ أبو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَينِ (البَيْهَقِيْ) - بالإسكان للوزن، أَوْ لنيةِ الوقفِ - نِسْبةً
لـ ((بَيْهَقَ)) قرىً مجتمعةٍ بنواحي نَيْسَابورَ - في " السُّننِ الكُبرى "، و " المعرفَةِ "، وغيرِهما (وَمَنْ عَزَا) أي: نَسَبَ للشيخينِ، أَوْ أحدِهما، كالإمامِ أبي مُحَمَّدٍ الحُسَينِ بنِ مسعودٍ البَغَوِيِّ، في " شَرْحِ السُّنَّةِ ".
كأنَّه قِيلَ: فالبَيْهَقِيُّ، والبَغَوِيُّ، وغيرُهما يَرْوونَ الحديثَ بأسانِيدِهم، ثُمَّ يعزونَهُ للشيخينِ أَوْ أحدِهما، مَعَ اختلافِ اللفظِ، أَوْ المعنى (4).
فأجابَ: بأنَّهم إنَّما عَنَوْا بعَزْوِهم أَصْلَ (5) الحديثِ، لا عزوَ ألفاظِهِ (6).
(1) ولمعرفة المزيد من فوائد المستخرجات انظر: النكت على كتاب ابن الصلاح 1/ 321 - 323، والبحر الذي زخر (3/ 898 - 903) ومقدمة تحفة الأحوذي 1/ 69، وتدريب الراوي 1/ 115 - 116، والتقييد والإيضاح 31 - 32، وتوضيح الأفكار 1/ 72 - 73.
(2)
في (ق): ((الأصفهاني))، وكلاهما جائز كما تقدم.
(3)
((البخاري)) لم ترد في (ص).
(4)
البيهقي والبغوي يكثران من العزو إلى البخاري ومسلم، أو أحدهما، وكثيراً من الأحيان يخالف لفظهما لفظ الصحيحين، أو يكون الاختلاف في الألفاظ تطويلاً واختصاراً، وهما إنّما يريدان: أنّ أصل الحديث في الصحيحين لا لفظه؛ لأنّ البيهقي والبغوي إنّما يذكران ألفاظهما عن شيوخهما. ولقد أخطأ الشيخ الهيتي بهجت أبو الطيب خطأً كبيراً بتخريجه أحاديث السنن الصغرى من الكبرى، وخالف في ذلك منهج المحدّثين، وأتى بشيء جديد لم يسبق إليه.
(5)
المثبت من أصولنا، وفي (م):((أهل)) خطأ.
(6)
انظر: النكت الوفية (36 / أ)، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 139.
(وَلَيْتَ إذْ زَادَ) الحافظُ أبو عبدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أبي نَصْرٍ (الحُمَيديْ)(1)
- بالإسكانِ للوزنِ، أَوْ لِنيةِ الوقْفِ، وبالتَّصْغِيرِ - نسبةً لجدِّهِ الأعلى: حُمَيْدٍ الأندلسيِّ في كتابهِ " الجمعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ " ألفاظاً (2)(مَيَّزا) أي: ليتَهُ ميَّزَها عَنْ ألفاظِ
" الصَّحِيحِ " في جَمِيْعِ كِتابهِ، وإلا فَقَدْ مَيَّزَ في الأكثر مِنْه، بَلْ قِيلَ: في جَميعِهِ (3).
فيقول بَعْدَ إيرادِهِ الحديثَ: اقْتَصَرَ مِنْهُ البُخَارِيُّ - مَثلاً - عَلَى كَذَا، أَوْ زادَ فِيهِ فُلَانٌ كَذَا، أَوْ نحوُ ذَلِكَ.
وَقَدْ لا يُمَيِّزُ فينقلُ مَنْ لا يُمَيِّزُ (4) بعضَ ما يجِدُهُ فِيهِ عَنِ " الصَّحِيْحَيْنِ "، أَوْ أحدِهما، وَهُوَ مخطئٌ، لكونِه زيادةً ليْسَتْ في واحدٍ منهما.
أما الجمعُ بينهما لعبدِ الحقِّ (5) ومختصراتُهما، فلَكَ أن تعزوَ منها لَهما، ولو باللفظِ؛ لأنَّهم أتوا فِيها بألفاظِهِما، ذَكَرَهُ النَّاظِمُ (6).
ومن نَظْمِ الحُمَيدِيِّ (7):
لِقَاءُ النَّاسِ لَيْسَ يُفِيْدُ شَيْئاً
…
سِوَى الهَذَيَانِ مِنْ: قِيْلٍ وَقَالِ
فَأَقْلِلْ مِنْ لِقَاءِ النَّاسِ إلَاّ
…
لأَخْذِ العِلْمِ، أَوْ إصْلَاحِ حَالِ
(1) هو محمّد بن فَتُّوح بن عبد الله بن حميد الأزدي الحميدي، توفّي سنة (488 هـ). انظر: معجم الأدباء 18/ 282، ووفيات الأعيان 4/ 282، والعبر 3/ 323.
(2)
((ألفاظاً)): سقطت من (ص).
(3)
الحقّ أنّ الحميدي ميّز جميع الزيادات وعزاها لمخرجيها، فقال في مقدّمة جمعه:((ورّبما أضفنا إلى ذلك نبذاً مما نبهنا له من كتب أبي الحسن الدارقطني، وأبي بكر الإسماعيلي، وأبي بكر الخوارزمي، وأبي مسعود الدمشقي، وغيرهم من الحفاظ الذين عنوا بالصحيح، مما يتعلق بالكتابين من تنبيه على غرض أو تتميم لمحذوف أو زيادة من شرح أو بيان لاسم ونسب أو كلام على إسناد أو تتبع لوهم))، وجلّى الحافظ ابن حجر هذه المسألة بأمثلتها تجلية شافية، فانظر: النكت على كتاب ابن الصلاح 1/ 300 - 310، والنكت الوفية: 36 / ب.
(4)
المثبت من أصولنا، وقد سقط من (م).
(5)
هو الإمام الحافظ عبد الحق بن عبد الرحمان بن عبد الله أبو محمد الأزدي الإشبيلي توفي سنة (581 هـ). العبر 3/ 82، وشذرات الذهب 4/ 271.
(6)
انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 141.
(7)
البيتان من الوافر، وهما في معجم الأدباء 18/ 286، ووفيات الأعيان 4/ 283.