الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فُرُوْعٌ
105 -
قَوْلُ الصَّحَابيِّ (مِنَ السُّنَّةِ) أوْ
…
نَحْوُ (أُمِرْنَا) حُكْمُهُ الرَّفْعُ، وَلَوْ
106 -
بَعدَ النَّبِيِّ قالَهُ بِأَعْصُرِ
…
عَلى الصَّحِيْحِ، وهْوَ قَوْلُ الأكْثَرِ
107 -
وَقَوْلُهُ (كُنَّا نَرَى) إنْ كانَ مَعْ
…
عَصْرِ النَّبِيِّ مِنْ قَبِيْلِ مَا رَفَعْ
108 -
وَقِيْلَ: لا، أوْ لا فَلا، كَذاكَ (1) لَهْ
…
و (لِلخَطِيْبِ) قُلْتُ: لكِنْ جَعَلَهْ
109 -
مَرفُوعاً (الحَاكِمُ) و (الرَّازِيُّ
…
إبنُ (2) الخَطِيْبِ)، وَهُوَ القَوِيُّ
(فُروعٌ): جَمْعُ فَرْعٍ. وَهُوَ مَا انْدَرَجَ تَحْتَ أَصْلٍ كُليٍّ، وَهِيَ سَبْعَةٌ:
أَحدُها: (قَوْلُ الصَّحَابيِّ) رضي الله عنه: (مِنَ السُّنَّةِ) كَذَا. كَقُوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه، كَمَا في
" سُنَنِ أبي داودَ ": ((مِنَ السُّنَّةِ وَضْعُ الْكَفِّ عَلَى الْكَفَّ في الصلاةِ تَحْتَ السُّرَّةِ)) (3).
(1) هكذا في جميع النسخ الخطية لشرح الألفية، وكذا في نسخة (أ) و (ج) من متن الألفية، وفي نسخة (ب) من متن الألفية:((كذلك))، ولا يستقيم الوزن معها.
(2)
تصير همزة (ابن) همزة قطع لا وصل ليستقيم الوزن.
(3)
سنن أبي داود (756)، ورواه أيضاً: عبد الله بن أحمد في زوائده على مسند أبيه 1/ 110، والدارقطني في سننه 1/ 286، والبيهقي في السنن الكبرى 2/ 31، كلهم من طريق عبد الرحمان بن إسحاق، عن زياد بن زيد، عن أبي جحيفة، عن علي.
قلنا: هذا إسناد ضعيف؛ عَبْد الرحمان بن إسحاق الكوفي، قَالَ أبو حاتم: منكر الحَدِيْث، وَقَالَ ابن معين: لَيْسَ بشيء (انظر: سُنَن أبي دَاوُد 1/ 201 عقيب 756)، والعلل ومعرفة الرّجال (رِوَايَة المروذي): 214 (405)، وديوان الضعفاء والمتروكين 2/ 91، والكاشف 1/ 620، والمغني 2/ 375، ونصب الراية 1/ 314، والتقريب (3799)، وشيخه زياد بن زيد، هُوَ: السّوائيّ الأعسم: مَجْهُوْل لا يعرف بحال. انظر: ديوان الضعفاء والمتروكين 1/ 308، والكاشف 1/ 410، وميزان الاعتدال 2/ 89، والتقريب (2078).
قال ابن الصّلاح: ((فالأصحّ أنه مسندٌ مرفوعٌ؛ لأن الظاهر أنّه لا يريد به إلا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يجب اتّباعه)). انظر معرفة أنواع علم الحديث: 143، وما صححه ابن الصّلاح هو الصّواب، فقد نقل الحاكم في المستدرك 1/ 358 الإجماع على ذلك، وقال:((وقد أجمعوا على أن قول الصّحابيّ (سنة): حديث مسند)). وقال البيهقيّ: ((لا خلاف بين أهل النقل أن الصّحابيّ رضي الله عنه إذا قال: أمرنا، أو نهينا، أو من السّنّة كذا، أنه يكون حديثاً مسنداً)). انظر: النكت 2/ 522 - 523، والنكت الوفية: 99/ أ.
(أَوْ نَحْوُ: أُمِرْنَا) - ببنائِه للمفعولِ - ك: أُمِرَ فُلَانٌ، وَكنَّا نُؤْمَرُ، ونُهِيْنَا، كَقَوْلِ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها، كَمَا فِي " الصَّحِيحينِ ":((أُمِرْنَا أنْ نُخرِجَ فِيْ الْعِيْدَيْنِ الْعَوَاتِقَ (1)، وَذَواتِ الخُدُورِ (2)، وأُمِرَ الْحُيَّضُ أنْ يَعْتَزِلْنَ مُصَلَّى المُسْلِمِيْنَ)) (3). و ((نُهِيْنَا عَنِ اتِّباعِ الْجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا)) (4). ورُخِّصَ، أَوْ أُبيحَ لَنَا، أَوْ أُوْجِبَ لَنَا، أَوْ حُرِّمَ عَلَيْنَا.
كُلٌّ مِنْهُمَا (5) مَعَ كَوْنِهِ مَوْقُوْفاً لفظاً، (حُكْمُهُ الرَّفْعُ، وَلَو بَعْدَ) موتِ (النَّبيِّ) صلى الله عليه وسلم، (قالَهُ)(6) الصَّحَابيُّ (بأَعْصُرِ عَلَى الصَّحِيْحِ، وَهوَ قَوْلُ الأكْثَرِ) مِنَ العُلَمَاءِ.
(1) العواتق: جمع عاتقة، وهي الجارية أوّل ما تدرك، أو التي لم تتزوج، أو التي بين الإدراك والتعنيس. انظر: النهاية في غريب الحديث 3/ 178 - 179، ولسان العرب 12/ 105 - 106، والقاموس المحيط 3/ 262 - 263 (عتق).
(2)
الخدر: ناحية في البيت يترك عليها ستر، فتكون فيه الجارية البكر، خُدِّرت فهي مخدرة، وجمع الخدر الخدور، قاله ابن الأثير. النهاية 2/ 13، وانظر: الصحاح 2/ 643 (خدر).
(3)
أخرجه الحميدي (361) و (362)، وأحمد 5/ 84، والدارمي (1617)، والبخاري 1/ 88 حديث (324) و 2/ 25 حديث (971) و2/ 26 حديث (974) و2/ 27 حديث (980) و 2/ 196 حديث (1652)، وأبو داود (1137) و (1138)، وابن ماجه (1307)، والترمذي (540)، والنسائي 1/ 193 - 194 و3/ 180، وابن خزيمة (1466) و (1467) من طرق، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية، ومنهم من رواه مطولاً.
وأخرجه أحمد 5/ 85، والبخاري 1/ 99 حديث (356) و 2/ 26 حديث (974) و2/ 28 حديث (981)، ومسلم 3/ 20 حديث (890)، وأبو داود (1136) و (1137)، وابن ماجه (1308)، والترمذي (539)، والنسائي 3/ 180، وابن خزيمة (1467) من طرق عن محمد بن سيرين، عن أم عطية، والروايات مطولة ومختصرة.
(4)
أخرجه البخاري 2/ 99 حديث (1278)، ومسلم 3/ 47 حديث (938)، وأبو داود (3167)، وابن ماجه (1577) من طريق حفصة بنت سيرين، عن أم عطية.
وأخرجه أحمد 6/ 408، ومسلم 3/ 47 (938) من طريق محمد بن سيرين، عن أم عطية.
قال الإمام العراقي: ((وكلاهما صحيح هو من نوع المرفوع والمسند عند أصحاب الحديث، وهو الصّحيح، وقول أكثر أهل العلم، قاله ابن الصّلاح قال: لأنّ مطلق ذلك ينصرف بظاهره إلى من إليه الأمر والنهي وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم)). انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 237، ومعرفة أنواع علم الحديث:143.
(5)
في (ق) و (ع): ((منها)).
(6)
في (ق): ((أي الصّحابيّ)).
سَوَاءٌ أقالَهُ في مَحَلِّ الاحتجاجِ، أَمْ لا، تأمَّرَ عَلَيْهِ غَيْرُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، أَمْ لَا؛ لأنَّهُ المتبادَرُ إلى الذِّهنِ عِنْدَ إطلاقِ هذِهِ الألفاظ، لأنَّ مَدْلُولَها مِنْهُ صلى الله عليه وسلم أصلٌ؛ لأنَّهُ الشَّارعُ، ومِنْ غَيْرِهِ تَبعٌ لَهُ، مَعَ أنَّ الظَّاهرَ أنَّ مقصودَ الصَّحَابيِّ بيانُ الشَّرعِ.
ومُقابلُ الصَّحِيح، وقولِ الأكثر: أنَّه لا يحكمُ لذلك بالرفعِ؛ لاحتمالِ أنَّه من غَيْرِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، كسنَّةِ البلدِ، وسنَّةِ الخلفاءِ الرَّاشدينَ، وأمرِهم ونهيِهم (1).
فَمَحَلُّ الخِلافِ - كَمَا قَالَ ابنُ دقيقِ العيدِ - إذَا كَانَ للاجتهادِ في المرويِّ مجالٌ، وإلا فحكْمُهُ الرفعُ قطعاً.
أما إذَا صَرَّحَ الصَّحَابيُّ بالآمرِ، كقوله:((أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم)) فَلَمْ أرَ فِيهِ خلافاً (2)، ولا يقدحُ فِيهِ مَا حُكِيَ عَنْ داودَ (3)، وغيرِهِ: أنَّه لَيْسَ بِحُجةٍ؛ لأنَّ عدمَ الحُجِّيةِ لَا ينافي الرَّفعَ، عَلَى أنَّ النّاظِمَ قَالَ: إنَّهُ ضَعِيْفٌ مردودٌ إلا أَنْ يُرادَ بِكونِهِ ((غَيْرَ حُجَّةٍ)) أي: في الوجوبِ (4).
(و) ثانيها: (قَوْلُهُ) أي: الصَّحَابيُّ: (كُنَّا نَرَى)، أَوْ نَفْعَلُ، أَوْ نَقُولُ كَذَا، أَوْ نَحْوُها، فِيهِ اقْوَالٌ:
أَصَحُّها: أنَّهُ (إنْ كَانَ) ذَلِكَ (مَعْ) ذِكْرِ (عَصْرِ النَّبيِّ) صلى الله عليه وسلم كَقُوْلِ جَابرٍ،
(1) قال الإمام العراقي: ((قال ابن الصباغ في " العدّة ": وحكي عن أبي بكر الصّيرفيّ، وأبي الحسن الكرخيّ وغيرهما أنهم قالوا: يحتمل أن يريد به سنة غير النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فلا يحمل على سنته)). انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 235 وهو قول كثير من العلماء: كأبي بكر الإسماعيلي من الشافعية، والرازي من الحنفية وابن حزم والغزالي وجماعة من الأصوليين، وأكثر مالكية بغداد، وحكاه إمام الحرمين عن المحققين، وذكر الزّركشيّ أنه قول إمام الحرمين، بل حكى ابن فورك وسليم الرازي وابن القطان والصيدلاني: أنه الجديد من مذهب الشّافعيّ وكذا نسبه المازري إلى أحد قولي الشّافعيّ. انظر: البرهان 1/ 649، والمنخول 278، والتبصرة في أصول الفقه 331، وإحكام الأحكام 2/ 87، والإبهاج 2/ 328 - 329، والبحر المحيط 4/ 375.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 237 - 238.
(3)
في (ق): ((الداوودي)).
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 238.
كَمَا في " الصَّحِيْحَيْنِ ": ((كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ الله صلى الله عليه وسلم)) (1)، فَهُوَ وإنْ كَانَ مَوْقُوْفاً لَفْظاً، (مِنْ قَبِيْلِ مَا رَفَعْ) أي: الصَّحَابيُّ؛ لأنَّ غَرضَهُ بَيَانُ الشَّرْعِ، وذلكَ يتوقَّفُ (2) عَلَى عِلْمِهِ (3) صلى الله عليه وسلم بِهِ، وإقْرارُهُ عَلَيْهِ.
(وَقِيلَ: لا) يَكُونُ مَرْفُوْعاً، بَلْ هُوَ مَوْقُوْفٌ مُطْلقاً، سَوَاءٌ أقُيِّدَ بالعَصْرِ النَّبويِّ، أَمْ لا؟ بخلافِ القولِ المُتَقَدِّمِ، فإنَّهُ إن قيِّدَ بِذَلِكَ فمرفوعٌ كَمَا مَرَّ، (أَوْ لَا) أي: وإن لَمْ يقيَّدْ بِهِ، (فَلا) يَكُونُ مرفوعاً (4).
(كَذاكَ لَهْ) أي: لابنِ الصَّلاحِ (5)، (وللخَطيبِ) المَزيد عَلَيْهِ (6).
وَقَوْلُه: ((أَوْ لَا))، إلى آخرِهِ، تصريحٌ بما أفهَمَهُ تقييدُهُ ((أَوْ لا)) بقولِهِ: إنْ كَانَ مَعَ عَصْرِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وإنَّما صرَّحَ بِهِ ليرتِّبَ (7) عَلَيْهِ القَوْلَ الثَّالِثَ المَذْكُوْرَ بقولِهِ:
(قُلْتُ: لكنْ جَعَلَهْ) أي: مَا لَمْ يُقيَّدْ بالعَصْر النَّبوي المَفْهُوْمِ مِنْهُ مَا قُيِّدَ بِهِ بالأَوْلَى (مَرْفُوْعاً) الحافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ (الحَاكِمُ، و)(8) الإمَامُ الفَخْر (الرَّازيُّ)(9) نِسْبةً - بزيادة الزاي - إلى ((الرَّيِّ)) مدينةٍ مِن بلادِ الدَّيْلَمِ (10)(إبنُ الخَطِيْبِ) بها، (وَهُوَ) بضمِ الهاء (القَوِيُّ) مِن حيثُ المعْنى، كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ في " مَجْموعِهِ "(11).
(1) صحيح البخاريّ 7/ 42 (5209)، وصحيح مسلم 4/ 160 (1440) من طريق عطاء بن أبي رباح، عن جابر. وأخرجه مسلم 4/ 160 عقب (1440) من طريق أبي الزبير، عن جابر. وأخرجه أحمد 3/ 309 و 368، والنّسائيّ في الكبرى (9092) من طريق عمرو بن دينار، عن جابر.
(2)
في (ق): ((متوقف)).
(3)
في (ق): ((عمله)).
(4)
انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 239 - 240، والتقييد والإيضاح 66، ونكت ابن حجر 2/ 515، ونكت الزّركشيّ 1/ 421.
(5)
معرفة أنواع علم الحديث: 139 - 140.
(6)
الكفاية: (595 هـ، 424 ت).
(7)
في (ق): ((ليترتب)).
(8)
معرفة علوم الحديث: 22.
(9)
المحصول 2/ 221، وانظر: إحكام الأحكام 2/ 89، وقال ابن الصباغ:((إنه الظاهر)). التقييد والإيضاح: 67، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 241.
(10)
انظر: معجم البلدان 3/ 116.
(11)
المجموع 1/ 60، وانظر النكت الوفية: 103/ ب.
فحصلَ في المسألةِ ثلاثةُ أقوالٍ (1):
1 -
الرفعُ مطلقاً.
2 -
الوقفُ مطلقاً (2).
3 -
التفصيلُ بَيْن مَا قُيِّد بالعصرِ النَّبويِّ، وما لَمْ يُقيَّدْ بِهِ.
وفيها أَيْضَاً:
رابعٌ، وَهُوَ: إنْ كَانَ الفعلُ مما لا يَخفى غالباً، فمرفوعٌ، وإلَاّ فموقوفٌ.
وخامسٌ، وَهُوَ: إنْ ذُكرَ في مَعْرضِ الاحتجاجِ فَمَرفوعٌ وإلَاّ فَمَوْقوفٌ.
وسادسٌ، وَهُوَ: إن كَانَ قائلُهُ مجتهداً، فموقوفٌ، وإلَاّ فمرفوعٌ.
وسابعٌ، وَهُوَ: إنْ قَالَ: ((كُنَّا نَرَى))، فموقوفٌ، أَو (3)((كُنَّا نَفْعَلُ))، أَوْ نحوَهُ فمرفوعٌ؛ لأنَّ ((نَرَى)) من الرأي، فيحتملُ أنْ يكونَ مستندُهُ استنباطاً، لا توقيفاً.
ثُمَّ مَحلُّ الخلافِ إذَا لَمْ يكنْ في القصَّةِ اطِّلاعُه صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ، وإلَاّ فَحُكْمُهُ الرفعُ قَطْعاً، كقولِ ابنِ عُمَرَ:((كُنَّا نَقُوْلُ، وَرَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَيٌّ: أَفْضَلُ هَذِهِ الأمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ (4). وَيَسْمَعُ ذَلِكَ رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم فَلَا يُنْكِرُهُ)) رواهُ الطبرانيُّ في " مُعْجَمِهِ الكبيرِ"(5). وبِالجُملةِ مَا قُيِّد مِن ذَلِكَ بالعَصْرِ النَّبويِّ، حُكْمُهُ الرَّفعُ، إما قَطْعاً، أَوْ عَلَى الأصحِّ.
(1) انظر: التقييد والإيضاح: 66، ونكت ابن حجر 2/ 515، ونكت الزّركشيّ 1/ 421.
(2)
سقطت من (ص).
(3)
في (ص): ((و)).
(4)
بعد هذا في (ع): ((وعلي))، ولم ترد شيء من النسخ ولا (م) ولا كتب التخريج.
(5)
المعجم الكبير (13132) وأخرجه بنحوه في المعجم الأوسط (334 مجمع البحرين)، وفي مسند الشاميين (1764)، وقال الهيثمي في المجمع 9/ 58:((رجاله وثقوا وفيهم خلاف))، وانظر ما كتبه الحافظ في الفتح 7/ 16 عقيب (3655). قال الإمام العراقي:((والحديث في الصّحيح لكن ليس فيه اطّلاع النّبيّ صلى الله عليه وسلم على ذلك بالتصريح)). شرح التبصرة والتذكرة 1/ 241.
قلنا: - كما أشار إليه العراقي - الحديث في صحيح البخاريّ 5/ 5 (3655) و 5/ 18 (3698)، وأخرجه أبو داود (4627) و (4628)، والترمذي (3707)، وأبو يعلى (5603)، والمزي في تهذيب الكمال 5/ 526.
110 -
لكنْ حَدِيْثُ (كانَ بَابُ المُصْطَفَى
…
يُقْرَعُ بالأَظْفَارِ) مِمَّا وُقِفَا
111 -
حُكْماً لَدَى (الحَاكِمِ) و (الخَطِيْبِ)
…
وَالرَّفْعُ عِنْدَ الشَّيخِ ذُوْ تَصْوِيْبِ
(لَكنْ حَدِيْثُ: كانَ بَابُ المُصْطَفَى) صلى الله عليه وسلم، (يُقْرَعُ) مِن أَصْحَابِهِ (بالأظْفَارِ)(1) -تأدُّباً مَعَهُ، وإجلالاً لَهُ-، (مِمّا وُقِفَا حُكْماً) أي: حُكْمُهُ الوَقْفُ، (لَدى) أي: عِنْدَ (الحَاكِمِ (2) والخَطيبِ (3))، مَعَ أنَّ فِيْهِ ذِكْرَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، خِلافَ مَا مَرَّ عَنْهُما فِيمَا يَشْمَلُهُ.
قَالَ الحَاكِمُ: لأنَّه مَوْقُوْفٌ عَلَى صَحَابِيٍّ، حَكى فِيهِ عَنْ أَقْرَانِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ فِعْلاً، وَلَمْ يُسْنِدْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ (4).
(والرَّفْعُ) فِيهِ (عِنْدَ الشَّيْخِ) ابنِ الصَّلاحِ (5)(ذُوْ تَصْوِيْبِ). قَالَ وَهُوَ أحرى بكَونِهِ مرفُوعاً مِمَّا مَرَّ؛ لِكَونِهِ أحرى باطِّلاعِهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: والحاكِمُ مُعْتَرِفٌ بِكَوْنِهِ مِن قَبيلِ المَرْفُوْعِ، وَقَدْ كُنَّا عَدَدْنا هَذَا فِيْمَا أَخْذَناهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ تأوَّلْنا لَهُ عَلَى أنَّه أَرادَ أنَّه لَيْسَ بمُسْنَدٍ لَفْظاً، بَلْ هُوَ كَسَائِرِ مَا مَرَّ، مَوْقُوْفٌ لَفْظاً، وإنَّما جَعَلْنَاهُ (6) مَرْفُوْعاً مِن حَيْثُ المَعْنَى (7).
112 -
وَعَدُّ مَا فَسَّرَهُ الصَّحَابيْ
…
رَفْعاً فَمَحْمُوْلٌ عَلَى الأسْبَابِ
(1) أخرجه الحاكم في معرفة علوم الحديث: 19 من طريق كيسان مولى هشام بن حسّان، عن محمد بن سيرين، عن المغيرة، به. وكيسان هذا: مجهول الحال، لم يوثّقه سوى ابن حبّان في ثقاته 7/ 358 على عادته في توثيق المجاهيل.
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (1080)، وفي التاريخ الكبير 1/ 228، وأبو نعيم في أخبار أصفهان 2/ 110 و 365 من طريق أبي بكر الأصفهاني، عن محمد بن مالك بن المنتصر، عن أنس بن مالك، قال: كان بابه يقرع بالأظافير. قلنا: وهو سندٌ ضعيف؛ لجهالة أبي بكر الأصفهاني، وابن المنتصر.
(2)
معرفة علوم الحديث 19.
(3)
الجامع لأخلاق الراوي 2/ 291 عقب (1890).
(4)
معرفة علوم الحديث: 19.
(5)
معرفة أنواع علم الحديث: 142.
(6)
في (ق): ((جعل)).
(7)
معرفة أنواع علم الحديث: 142، وانظر النكت الوفية: 105/ أ.
113 -
وَقَوْلُهُمْ (يَرْفَعُهُ)(1)(يَبْلُغُ بِهْ)
…
(روَايَةً)(يَنْمِيْهِ) رَفْعٌ فَانْتَبِهْ
(وَ) أمّا (عَدُّ) تَفْسِيْرِ (مَا فَسَّرهُ الصَّحَابِيْ) الذي شَاهَدَ الْوَحْيَ والتَنْزِيْلَ مِنْ آي القُرآنِ (رَفْعاً) أي: مَرْفُوْعاً، كَمَا صَنَع الْحَاكِمُ (2)، وَعَزَاهُ للشَّيخينِ، وَهُوَ ثَالِثُ الفُرُوْعِ (فمَحْمُولٌ عَلَى الأسْبَابِ) للنُزُوْلِ، ونحوِها، ممَّا لَا مَجالَ لِلرَأي فِيهِ.
كَقَوْلِ جَابرٍ: كَانَتْ الْيَهُوْدُ تَقُوْلُ: مَنْ أتَى امْرَأَتَه مِنْ دُبُرِهَا فِيْ قُبُلِهَا، جَاءَ الوَلَدُ أحْوَلَ، فَأنْزَلَ الله تَعَالَى {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ} الآيةَ (3).
وَكَتَفْسِيرِه أَمْراً مُغيَّباً مِن أمْرِ الدُّنيا، أَوْ الآخرةِ، كَتَعيينِ ثَوَابٍ، أَوْ عِقابٍ.
أما سَائِرُ تفاسيرِهِ التي تَنْشَأُ مِن مَعْرِفَةِ طُرُقِ البلاغَةِ، واللُّغةِ، أَوْ غيرِهما (4) ممَّا للرَّأي فِيهِ مَجَالٌ، فَمَعْدُوْدٌ مِنَ المَوْقُوْفَاتِ (5).
(و) رَابِعُها (6)(قَوْلُهُمْ) أي: الرُّواةُ، كالتَّابِعينَ فمَنْ دُونَهُم بَعْدَ ذكرِ الصَّحَابيِّ:(يَرْفَعُهُ) أي: الحَدِيثَ، أَوْ رفَعَهُ، أَوْ مَرْفُوْعاً، أَوْ (يَبْلُغُ بِهْ)، أَوْ (روايةً) أَوْ يَرْويهِ، أَوْ
(1) كذا في النسخ الخطية لشرح الألفية والنسخ الخطية لمتن الألفية، وفي النفائس بزيادة (أو) بعد (يرفعه) ولا يصحّ الوزن بها وإن كانت منوية في المعنى.
(2)
فقد قال في المستدرك: ((ليعلم طالب العلم أن تفسير الصّحابيّ الذي شهد الوحي والتزيل عند الشيخين حديث مسندٌ)). المستدرك 2/ 258، وبمعناه أيضاً 1/ 27 و 123 و 542، وكذا في معرفة علوم الحديث: 21 بمعناه أيضاً، وانظر كلام الحافظ ابن حجر في النكت 2/ 531 - 532، وفتح المغيث 1/ 143 - 144، وقارن بالعجاب 68 وما بعدها.
(3)
البقرة: (223).
وأخرجه الحميدي (1263)، وابن أبي شيبة (16656)، والدارمي (2220)، والبخاري 6/ 36 حديث (4528)، ومسلم 4/ 156 حديث (1435)، وأبو داود (2163)، وابن ماجه (1925)، والترمذي (2978)، والنّسائيّ في الكبرى (11038)(11039) وفي تفسيره (58) و (59)، وأبو يعلى (2024)، والطبري 2/ 396، والطحاوي 3/ 40، وفي شرح المشكل (6119)، وابن حبان (4169).
(4)
في (م): ((أو غيرها)).
(5)
معرفة أنواع علم الحديث: 145، ولابن حجر كلام مفيد في نكته 2/ 431، راجعه تجد فائدة.
(6)
في (م): ((رابعاً)).
(يَنْمِيهِ)(1) أي: يَرْفَعُهُ (2)، أَوْ يُسْنِدُهُ، أَوْ يُؤْثِرُهُ (3)، كَحديثِ البُخاريِّ، عَنْ سَعيدِ بنِ جُبيرٍ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ:((الشِّفَاءُ فِيْ ثَلَاثٍ: شَرْبَةِ عَسَلٍ، وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ، وَكَيَّةِ نَارٍ، وَأنْهَى أُمَّتِي عَنِ الْكَيِّ)) رَفَعَ الحَدِيثَ (4).
وكحدِيثِ مُسْلِمٍ، عَنْ أبي الزِّنادِ، عنِ الأعرجِ، عَن أبِي هُريرةَ، يَبْلُغُ بِهِ:((النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ)) (5).
وفي " الصَّحِيحينِ " بهذا السَّندِ: عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ روايةً: ((تُقَاتِلُوْنَ قَوْماً صِغَارَ الأعْيُنِ)) (6)، وَفيهِمَا (7): عَن سَعيدِ بنِ المسيِّبِ، عَن أبي هُرَيْرَةَ رِوَايَةً:((الفِطْرَةُ خَمْسٌ)) (8).
(1) قال السخاوي في فتح المغيث 1/ 142: ((بفتح أوله وسكون النون وكسر الميم، والاصطلاح في هذه اللفظة موافق للغة، قال أهلها: نميت الحديث إلى غيري نمياً إذا أسندته ورفعته)). وانظر: القاموس المحيط 4/ 397، وأوجز المسالك 3/ 170.
(2)
قال الحافظ ابن حجر في الفتح10/ 336 عقب (5889): ((وقد تقرر في علوم الحديث أن قول الرّاوي: رواية، أو يرويه، أو يبلغ به، ونحو ذلك محمول على الرفع)).
(3)
يقال: أثر الحديث: حدّث به ورواه، فهو أثر والحديث مأثور. انظر: متن اللغة 1/ 143.
(4)
صحيح البخاري 7/ 158 حديث (5680) و 7/ 159 حديث (5681)، وأخرجه أحمد 1/ 245، وابن ماجه (3491)، والطبراني في الكبير (12241)، والبيهقي 9/ 341، والمزي 3/ 100، كلهم من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
(5)
أخرجه مسلم 6/ 2 حديث (1818)، وأخرجه الحميدي (1044) و (1045) وأحمد 2/ 242 و 257 و418، والبخاري 4/ 217 حديث (3495)، كلهم من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة. قال النووي في الإرشاد 1/ 164: فكل هذا وشبهه كناية عن رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكمه عند أهل العلم حكم المرفوع صريحاً. وإذا قيل عن التابعي: يرفعه، فهو أيضاً مرفوع لكنه مرفوع مرسل
(6)
صحيح البخار ي 4/ 52 حديث (2928) و 4/ 238 حديث (3587)، ومسلم 8/ 184 (2912)، وأخرجه أيضاً: الحميدي (1101)، وابن أبي شيبة (37342)، وأحمد 2/ 530، وابن ماجه
(4097)
، والبيهقي 9/ 175، والبغوي (4242).
(7)
هكذا قال، وليس في صحيح مسلم1/ 152 - 153 (257) ما أشار إليه الشارح إنما فيه بلفظ:((قال))، وفيه6/ 2حديث (1818) في رواية أخرى للحديث المذكور آنفاً في المتن- ((الناس تبع لقريش)) -:((رواية)).
(8)
صحيح البخاريّ 7/ 206 (5889)، وأخرجه أحمد 2/ 239.
وكحديثِ مَالِكٍ في " الموَطَّإِ "(1)، عَنْ أبي حازمٍ، عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ،
قَالَ: ((كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُوْنَ أنْ يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى فِي الصَّلاةِ))، قَالَ أَبُو حازمٍ: لا أعلمُ إلَاّ أنَّهُ يَنمِيْ ذَلِكَ.
(رَفْعٌ) أي: مَرفوعٌ بلا خِلَاف (2).
وَقَدْ جَاء بعضُ ذَلِكَ بالتَّصريحِ، فَفي روايةٍ لحديثِ " الصَّحِيحينِ ":((الفِطْرَةُ خَمْسٌ يَبْلُغُ بِهِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم)) (3).
وفي أُخْرَى: ((قَالَ رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم)) (4).
وَفِي رِوَايَةٍ لحديثِ سَهْلٍ: ((يَنْمِي ذَلِكَ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم)) (5).
(فانْتَبِهْ) لهذهِ الألفاظِ، ونحوِها، مما اصطلحَ عَلَى الكنايةِ بها عَنْ الرَّفْعِ.
والحاملُ عَلَى العدولِ عَنْ التَّصريحِ بالرَّفْعِ، إما الشَّكُّ في الصِّيغةِ التي سَمِعَ
بها - أهيَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ، أَوْ نَبِيُّ اللهِ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، ك: سَمِعْتُ أَوْ حَدَّثَني، وَهُوَ ممَّنْ لا يَرى الإبدالَ - وإما التخفيفُ، والاخْتِصارُ، أَوْ غيرُ ذَلِكَ.
(1) الموطأ (437).
(2)
في (م): ((خوف)).
(3)
الحديث بهذا اللفظ جاء من رواية أبي داود (4198)، والبيهقي 1/ 149، والبغوي (3195). فعلى هذا فإن إطلاق الشارح غير صحيح.
(4)
صحيح البخاريّ 7/ 206 (5891) و 8/ 81 (6297)، وفي الأدب (1292)، وصحيح مسلم 1/ 152 (257)(49) و 1/ 153 (257)(50).
وأخرجه عبد الرزاق (20243)، والحميدي (936)، وابن أبي شيبة (2047) و (26460) وأحمد 2/ 229 و239 و283 و410 و489، وابن ماجه (292)، والترمذي (2756)، والنّسائيّ 1/ 13 و14 و8/ 181، وفي الكبرى (9)(10) و (11)، وأبو عوانة1/ 190، والطحاوي في شرح المعاني 4/ 229، وفي شرح المشكل (683)، وابن حبان (5488) و (5489) و (5490) و (5491)، والبيهقي 3/ 244و8/ 323.
وفي بعض الروايات: عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال، وفي بعضها: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.
(5)
صحيح البخاري 1/ 188 (740)، وأخرجه أيضاً: الإمام أحمد في مسنده 5/ 336، وأبو عوانة في مسنده 2/ 97، والطبراني في الكبير (5772)، والبيهقي في الكبرى 2/ 28، كلهم من طريق مالك. وقد أخرجه عن مالك بدون زيادة اللفظة: أبو مصعب الزهري (426)، وسويد بن سعيد (133)، وعبد الرحمن بن القاسم (409)، وعبد الرحمن بن مهدي: عند أحمد 5/ 336، وعمار بن مطرف: عند ابن عبد البر 21/ 96.
وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ من صَحَابِيٍّ بَعْدَ ذكرِهِ صَحَابِياً، كَانَ مَرْفُوْعاً أَيْضاً، وعِبارةُ النَّاظِمِ - كغيرِهِ - تَشْمَلُهُ، لكنِّي لَمْ أرَ لَهُ مثالاً.
وَقَدْ يقعُ ذَلِكَ مِنَ الصَّحابيِّ بَعْدَ ذِكْرِهِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، كأنْ يقولَ:((عَنْ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يَرْفَعُهُ))، فهذا في حُكْمِ قولِهِ: عَنْ اللهِ تَعَالَى.
وَمِثَالُهُ: حديثُ أبي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، يَرْفَعُهُ:((إنَّ الْمُؤْمِنَ عِنْدِيْ بِمَنْزِلَةِ كُلِّ خَيْرٍ، يَحْمَدُنِيْ وَأنَا أنْزِعُ نَفْسَهُ مِنْ بَيْنِ جَنْبَيْهِ)) (1) حَدِيثٌ حَسَنٌ رواهُ البزَّارُ في " مُسندِهِ "، وَهُوَ من الأحاديثِ الإلهيةِ، وَقَدْ أفردَها جمعٌ بالجمعِ، نبَّه عَلَى ذَلِكَ شَيْخُنا (2).
114 -
وَإنْ يَقُلْ (عَنْ تَابعٍ) فَمُرْسَلُ
…
قُلْتُ: (مِنَ السُّنَّةِ) عَنْهُ نَقَلُوْا
115 -
تَصْحِيْحَ وَقْفِهِ وَذُو احْتِمَالِ
…
نَحْوُ (أُمِرْنَا)(3) مِنْهُ (للغَزَالي)
(و) خامسُها: مَا ذَكَرَهُ بقولِهِ: (إنْ يقُلْ) لفظٌ من الألفاظِ المتقدِّمةِ آنفاً مِن راوٍ (عَنْ تابعٍ) أي: تابعيٌّ (فَمُرسلُ) مَرْفُوْعٌ بلا خلافٍ (4).
(قلتُ): وقولُ الراوِي: (مِنَ السُّنَّةِ) كَذَا حالةَ كونِه صادراً (عَنْهُ) أي: عَنِ التَّابِعيِّ، كقولِ عُبيدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتبةَ التَّابِعيِّ، كَمَا فِي " سُنَنِ البَيْهَقيِّ ":((السُّنَّةُ تَكْبِيْرُ الإِمَامِ، يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الأضْحَى حِيْنَ يَجْلِسُ عَلَى الْمِنْبَرِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، تِسْعَ تَكْبِيْرَاتٍ)) (5). (نَقَلُوا تصْحِيحَ وَقْفِهِ) عَلَى الصَّحَابيِّ من وجهينِ، حَكَاهُما النَّوَوِيُّ عَنِ الأصْحابِ، أهو مَوْقُوْفٌ مُتَّصِلٌ، أَوْ مَرْفُوْعٌ مُرسلٌ، وَصَحَّحَ هُوَ أَيْضاً: أوَّلَهما (6).
(1)(871 - كشف الأستار) وأخرجه أحمد 2/ 361، والبيهقي في شعب الإيمان (4494).
(2)
النكت لابن حجر 2/ 539، وانظر: الرسالة المستطرفة: 81.
(3)
التقدير: أمرنا بكذا من التابعي.
(4)
انظر شرح التبصرة والتذكرة 1/ 248.
(5)
السّنن الكبرى 3/ 299.
(6)
المجموع 1/ 47، وانظر شرح التبصرة والتذكرة 1/ 249.
وفرَّقَ النَّاظِمُ (1) بينَهُما، وبينَ مَا قبلَهُما (2) مِن صِيَغِ (3) هَذَا الفرعِ، بأنَّ
((يرفعُ الحديثَ)) تصريحٌ بالرفعِ (4)، وقريبٌ مِنْهُ بقيَّةُ الألفاظِ، بخلافِ ((من السُّنَّةِ))؛ لاحتمالِ إرادةِ سنَّةِ الخلفاءِ الراشدينِ، وسُنةِ البلدِ، وهذا الاحتمالُ، وإنْ قِيلَ بِهِ في الصَّحَابيِّ، فَهُوَ في التَّابِعيِّ أقْوى، كَمَا لا يَخْفَى.
نَعَمْ، ألْحَقَ الشَّافِعيُّ في " الأُمِّ " بالصَّحَابيِّ سعيدَ بنَ المسيِّبِ في قولِهِ:((من السُّنَّةِ))، فيحتملُ أنَّهُ مستثنىً مِنَ التَّابعينَ (5).
والظّاهِرُ: حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا اعْتَضدَ بِغيرِهِ، كنَظيرِه في مُرْسَلِهِ، كَمَا سَيأْتِي بيانُه في المُرْسَلِ.
أَمَّا إذَا قَالَ التَّابِعيُّ: ((كُنَّا نفعلُ كَذَا، أَوْ نحوَهُ)) فَلَيسَ بمرفوعٍ قَطْعاً، ولا بموقوفٍ إن لَمْ يُضِفْهُ إلى زمنِ الصَّحَابَةِ، بَلْ مَقْطُوْعٌ، فإنْ أضافَهُ احتملَ الوقْفَ (6) وَعَدمَهُ.
(وَذُو احْتِمالِ) للإرسالِ، والوقفِ (نحوُ أُمِرْنَا) بِكَذا، كأُمِرَ فُلَانٌ بِكَذا، إذَا أتى (مِنْهُ) أي: مِنَ التَّابِعيِّ، (لِلغَزاليْ) في " المُسْتَصْفَى " وَلَمْ يُصرِّحْ بِترجيحِ واحدٍ مِنْهُمَا، وَلكنْ يُؤخذُ مِن كلامٍ ذَكرَهُ عَقِبَ ذَلِكَ، ترجيحُ أنَّه مرسلٌ مَرْفُوْعٌ (7).
وَجزمَ ابنُ الصَّبَّاغِ في " العُدَّة " بأنَّهُ مُرسلٌ، وَحَكى فِي حُجَّيةِ مَا يأتِي بِهِ سَعيدُ بنُ المسيِّبِ مِن ذَلِكَ وجهينِ (8).
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 249.
(2)
في (ص) و (ق): ((قبلها)).
(3)
في (ق): ((صنيع)).
(4)
انظر: فائدة ذكرها البقاعي في النكت الوفية: 107/ أ - ب.
(5)
انظر: البحر المحيط 4/ 378.
(6)
في (ق): ((الوقوف)).
(7)
قال الإمام العراقي في شرح التبصرة والتذكرة 1/ 249 - 250: ((وإذا قال التابعيّ: أمرنا بكذا، ونحوه، فهل يكون موقوفاً، أو مرفوعاً مرسلاً؟ فيه احتمالان لأبي حامد الغزالي في المستصفى ولم يرجح واحداً من الاحتمالين. وجزم ابن الصباغ في " العدة " بأنه مرسل))، قلنا: انظر: المستصفى 1/ 131.
(8)
انظر شرح التبصرة والتذكرة 1/ 250، والبحر المحيط 4/ 379.
وَقَولُهُ: (نحوُ أُمِرْنَا) مبتدأٌ، خبرُهُ (ذُو احْتِمَالِ)، و (لِلغَزاليْ) متعلقٌ باحتمالِ، ولامُهُ للاختصاصِ، أَوْ بمعنى ((عِنْدَ))، كَمَا في قولِهِ تَعَالَى:{يَا لَيْتَنِيْ قَدَّمْتُ لِحَيَاتِيْ} (1) أي: عِنْدَهَا.
116 -
وَمَا أَتَى عَنْ صَاحِبٍ بحَيْثُ لا
…
يُقَالُ رَأياً حُكْمُهُ الرَّفْعُ عَلَى
117 -
مَا قَالَ في المَحْصُوْلِ نَحْوُ (مَنْ أتَى)
…
فَالحَاكِمُ الرَّفْعَ لِهَذَا أثْبَتَا
118 -
وَمَا رَوَاهُ عَنْ أبِي هُرَيْرَةِ
…
مُحَمَّدٌ وَعَنْهُ أهْلُ البَصْرَةِ (2)
119 -
كَرَّرَ (قَالَ) بَعْدُ، فَالخَطِيْبُ
…
رَوَى بِهِ الرَّفْعَ وَذَا عَجِيْبُ (3)
(و) سادِسُها (4): (مَا أَتَى عَنْ صَاحِبٍ) أي: صَحَابِيٍّ مَوْقُوْفاً عَلَيْهِ، (بحيثُ لا يُقال رأياً) أي: من قِبَلِ الرأي؛ بأنْ لا يكونَ للاجتهادِ فِيهِ مَجالٌ أي: ظاهر (5)، (حُكْمُهُ: الرفْعُ)، وإن احْتمَلَ أخذُ الصَّحابيِّ لَهُ عَنْ (6) أَهْلِ الكتابِ، تَحْسيناً لِلظنِّ بِهِ (7)(عَلَى مَا قَالَ) الإمامُ الفَخْرُ الرَّازِيُّ (فِي الْمَحْصُوْلِ)(8)، وغيرُهُ، كأبي عُمَرَ بنِ عَبْدِ البَرِّ، والحاكِمِ (9).
(نَحْوُ) قولِ ابنِ مَسْعودٍ: (((مَنْ أتَى) سَاحِراً، أَوْ عَرَّافاً، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم)) (10). (فَالحاكِمُ: الرَّفْعَ لِهَذَا) الحديثِ (أَثْبَتَا)(11).
(1) الفجر: 24.
(2)
في نسخة (ب) من متن الألفية: ((الكوفة))، وقد صححت على حاشية الصفحة.
(3)
انظر: النكت الوفية: 112 / أ - ب.
(4)
في (ص) و (ق): ((وسادسهما)).
(5)
في (ع) و (ق) و (م): ((ظاهراً))، والمثبت من (ص).
(6)
في (م): ((من)).
(7)
في (ق): ((بهم)). وانظر شرح التبصرة والتذكرة 1/ 250.
(8)
المحصول 2/ 221 (علواني 2/ق1 ص643) وارجع بلا بد إلى النكت الوفية: 107/ب.
(9)
انظر شرح التبصرة والتذكرة 1/ 251.
(10)
أخرجه موقوفاً: أبو يعلى الموصلي (5408)، والبزار في مسنده " كشف الأستار " 2/ 443، والطبراني في الكبير (10005)، والحاكم في معرفة علوم الحديث:22. وقال المنذري عن رواية البزار وأبي يعلى: ((إسناد جيد))، وقال عن رواية الطبراني في المعجم الكبير: ((رواته ثقات)). الترغيب والترهيب 4/ 36. وقال الهيثمي: ((رجال الكبير والبزار ثقات)). وقال عن رواية البزار: ((رجاله رجال الصحيح خلا هبيرة بن يريم، وهو ثقة)). مجمع الزوائد5/ 118. وانظر: المطالب العالية 3/ 104رقم (2524) و (2525) الطبعة المسندة.
(11)
معرفة علوم الحديث: 22.
وكقولِ أبي هُرَيْرَةَ: ((وَمَنْ (1) لَمْ يُجِبِ الدّعْوَةَ، فَقَدْ عَصَى اللهَ وَرَسُوْلَهُ)) (2).
(وَ) سابعُها (3): (مَا رَواهُ عَنْ أبِي هُرَيْرَةِ) - بكسر آخره للوزْنِ - (مُحَمَّدٌ) أي: ابنُ سِيرينَ، (و) رَواهُ (عَنْهُ) أي: عَنْ ابنِ سِيرينَ، (أَهْلُ البَصْرَةِ) - بِفَتحِ الباءِ أشهرُ من ضَمِّها وَكَسْرِها (4) - و (كرَّرَ) أي: ابنُ سِيرينَ (قَالَ بَعْدُ) أي: بَعْدَ أبِي هُرَيْرَةَ أي: قَالَ بَعْدَهُ: قَالَ: قَالَ.
مِثالُه: مَا رَواهُ الخطيبُ في " كفايتِهِ "(5) عَنْ مُوسى بنِ هارونَ الحَمَّالِ، عَنْ شَيْخِهِ، عَنْ حمَّادِ بنِ زيدٍ، عَنْ أيوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سيرينَ، عَنْ أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ: ((المَلَائِكَةُ تَصَلِّيْ عَلَى أحَدِكُمْ مَا دَامَ فِيْ مُصَلَاّهُ)) (6).
(1) في (ع): ((من)) بلا واو.
(2)
أخرجه مالك في الموطأ (1573)، والحميدي (1171)، وأحمد 2/ 240، والدارمي (2072)، والبخاري 7/ 32 (5177)، ومسلم 4/ 153 (1432)(107)(108)، وأبو داود (3742)، وأبو يعلى (6250)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (3016)، والبيهقي 7/ 261، والبغوي (2315). من طريق الزهري عن عبد الرحمان الأعرج، عن أبي هريرة.
وأخرجه عبد الرزاق (19662)، وأحمد 2/ 267، ومسلم 4/ 153 (1432)(109)، وابن حبان (5312)، والبيهقي 7/ 261 من طريق سعيد بن المسيب، والأعرج، عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد 2/ 405 و 494، وأبو يعلى (5891)، وابن حبان (5313) من طريق سعيد بن المسيب وحده عن أبي هريرة بنحوه.
وأخرجه الحميدي (1170)، ومسلم4/ 154 (1432)(110) من طريق ثابت الأعرج، عن أبي هُرَيْرَة بنحوه.
(3)
في (ق) و (ع): ((وسابعهما)).
(4)
انظر: معجم البلدان 1/ 430، والتاج 10/ 202.
(5)
في (م): ((كفاية)).
(6)
الكفاية: (589 ت، 418 هـ)
وأخرجه مسلم 2/ 129 عقب (649) من طريق أيوب، عن محمّد بن سيرين، عن أبي هريرة، ولفظه:((إن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مجلسه، تقول: اللهم اغفر له اللهم ارحمه، ما لم يحدث، وأحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه)).
وَقَدْ رَواهُ كذلك النَّسائيُّ مِن رِوايةِ ابنِ (1) عُلَيَّةَ، عَنْ أيوبَ (2)، وَمِن روايةِ النَّضْرِ بنِ شُمَيْلٍ، عَنْ ابنِ عَونٍ، كِلاهُما عَنْ ابنِ سِيرينَ (3).
(فالخطيبُ رَوى) عَنْ مُوسى (بِهِ) أي: فِيْمَا يَرْوِي كَذلك (الرَّفْعَ) فإنَّهُ قَالَ: إذَا قَالَ حَمَّادُ بنُ زيدٍ، والبَصْرِيونَ:((قَالَ: قَالَ))، فَهُوَ مَرْفُوْعٌ (4).
قَالَ الخطيبُ: قُلتُ للْبَرْقَانيِّ: أَحْسِبُ أنَّ مُوسى عَنَى بهذا القولِ أحاديثَ ابنِ سيرينَ خَاصَّةً، فَقَال: كَذَا يَجِبُ (5).
قَالَ الخطيبُ: ويُحقِّقُهُ قولُ مُحَمَّدِ بنِ سيرينَ: كُلُّ مَا حدَّثْتُ (6) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، فَهُوَ مَرْفُوْعٌ (7).
وَمِن ذَلِكَ: مَا رَواهُ البُخَارِيُّ، عَنْ سُليمانَ بنِ حَرْبٍ، عَنْ حمَّادٍ، عَنْ
أيوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ: ((أسْلَمُ، وغِفَارُ، وشيءٌ مِنْ مُزَيْنَةَ
…
الخ))، الحديثَ (8).
(وَذَا) أي: تَخْصيصُ الحُكمِ بالرَّفْعِ فيمَا يأتِي، عَنْ ابنِ سِيرينَ مِن رِوَايَةِ أَهْلِ البَصرةِ، بتكريرِ:((قَالَ))، كَمَا صنعَهُ موسى بنُ هارونَ، (عَجِيْبُ)؛ لأنَّ ابنَ سِيرينَ صَرَّحَ بالتَّعميمِ في كُلِّ مَا يَرويهِ، عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه كَمَا مَرَّ آنفاً. وَهَذَا آخِرُ زِيادةِ النَّاظِمِ هُنا.
(1) كلمة ((ابن)): سقطت من (ق).
(2)
لم نقف عليه في المطبوع من السّنن الكبرى وهو في تحفة الأشراف10/ 330حديث (14411). وهو في كتاب الملائكة من السّنن الكبرى، وهذا الكتاب ليس من المطبوع، ويضاف إليه كذلك كتاب الرقاق، والشروط، والمواعظ
(3)
ليس في المطبوع من الكبرى وهو في التحفة 10/ 343 حديث (14476).
(4)
الكفاية: (589 ت، 418 هـ).
(5)
المصدر السابق.
(6)
في (ص) و (ع): ((حدثت به)).
(7)
الكفاية: (589 ت، 418 هـ).
(8)
أخرجه البخاريّ 4/ 222 - 223 عقب (3516)، ومسلم 7/ 179 عقيب (2521)، عن زهير بن حرب ويعقوب الدورقي، كلاهما عن إسماعيل بن علية، وأخرجه أحمد 2/ 230 عن اسماعيل بن علية.
وأخرجه أيضاً 2/ 420 و 422 عن عبد الرزاق - (19877) - عن معمر عن أيوب، مصرحاً فيه بالرفع. وكذلك أخرجه أبو يعلى (6054) والبغوي (3855) من طريق محمّد بن سيرين، عن أبي هريرة.