المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الْمُرْسَلُ (1) 120 - مَرْفُوعُ تَابعٍ عَلى المَشهُوْرِ … مُرْسَلٌ او - فتح الباقي بشرح ألفية العراقي - جـ ١

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌القِسْم الأول: [الدراسة]

- ‌الباب الأول: العراقي، ونظمه "التبصرة والتذكرة

- ‌الفصل الأول: سيرته الذاتية

- ‌المبحث الأول: اسمه، ونسبه، وكنيته، وولادته:

- ‌المبحث الثاني: أسرته:

- ‌المبحث الثالث: نشأته

- ‌المبحث الرابع: مكانته العلمية وأقوال العلماء فيه

- ‌المبحث الخامس: شيوخه

- ‌المبحث السادس: تلامذته

- ‌المبحث السابع: آثاره العلمية

- ‌المطلب الأول: مؤلفاته فيما عدا الحديث وعلومه

- ‌المطلب الثاني: مؤلفاته في الحديث وعلومه

- ‌المبحث الثامن: وفاته

- ‌الفصل الثَّانِي: " التبصرة والتذكرة

- ‌المبحث الأول: اسمها

- ‌المبحث الثَّانِي: أصلها

- ‌المبحث الرابع: اهتمام العُلَمَاء بِهَا

- ‌الباب الثَّانِي: الأنصاري، وكتابه " فتح الباقي

- ‌الفصل الأول: القَاضِي زكريا الأنصاري

- ‌المبحث الأول: سيرته الذاتية

- ‌المبحث الثاني: سيرته العلمية

- ‌الفصل الثانِي: كتاب " فتح الباقي

- ‌المبحث الأول: منهجه

- ‌المبحث الثانِي: مُميزات الشرح

- ‌الباب الثَّالِث: التحقيق

- ‌الفصل الأول: التعريف بالكتاب

- ‌المبحث الأول: اسم الكتاب

- ‌المبحث الثانِي: توثيق نسبة الكِتَاب إِلَى مؤلفه

- ‌المبحث الثَّالِث: تاريخ إكماله

- ‌الفصل الثانِي: وصف النسخ المعتمدة في التحقيق

- ‌المبحث الأول: النسخ الخطية للشرح

- ‌المبحث الثَّانِي: النسخ الْمطبوعة

- ‌المبحث الثَّالِث: النسخ الخطية لـ" التبصرة والتذكرة

- ‌الفصل الثَّالِث: منهج التحقيق

- ‌صور مخطوطات

- ‌أَقْسَامُ الْحَدِيْثِ

- ‌أَصَحُّ كُتُبِ الْحَدِيْثِ

- ‌الصَّحِيْحُ الزَّائِدُ عَلَى الصَّحِيْحَيْنِ

- ‌الْمُسْتَخْرَجَاتُ

- ‌مَرَاتِبُ الصَّحِيْحِ

- ‌حُكْمُ الصَّحِيْحَيْنِ والتَّعْلِيْق

- ‌نَقْلُ الْحَدِيْثِ مِنَ الكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ

- ‌ الْحَسَنُ

- ‌ الضَّعِيْفُ

- ‌الْمَرْفُوْعُ

- ‌الْمُسْنَدُ

- ‌الْمُتَّصِلُ وَالْمَوْصُوْلُ

- ‌(الموقوفُ

- ‌الْمَقْطُوْعُ

- ‌فُرُوْعٌ

- ‌الْمُرْسَلُ

- ‌الْمُنْقَطِعُ وَالْمُعْضَلُ

- ‌الْعَنْعَنَةُ

- ‌تَعَارُضُ الْوَصْلِ وَالإِرْسَالِ، أَو الرَّفْعِ وَالوَقْفِ

- ‌التَّدْلِيْسُ

- ‌الشَّاذُّ

- ‌الْمُنْكَرُ

- ‌ الاعتبار والمتابعات والشواهد:

- ‌زِيَادَاتُ الثِّقَاتِ

- ‌الأَفْرَادُ

- ‌المُعَلَّلُ

- ‌الْمُضْطَرِبُ

- ‌الْمُدْرَجُ

- ‌الْمَوْضُوْعُ

- ‌الْمَقْلُوْبُ

- ‌تَنْبِيْهَاتٌ

- ‌مَعْرِفَةُ مَنْ تُقْبَلُ رُوَايَتُهُ وَمَنْ تُرَدُّ

- ‌مَرَاتِبُ التَّعْدِيْلِ

- ‌مَرَاتِبُ التَّجْرِيْحِ

- ‌مَتَى يَصحُّ تَحَمُّلُ الْحَدِيْثِ أوْ يُسْتَحَبُّ

- ‌أَقْسَامُ التَّحَمُّلِ

- ‌الثَّاْنِي: القِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ

- ‌تَفْرِيْعَاتٌ

- ‌الثَّالِثُ: الإجَاْزَةُ

الفصل: ‌ ‌الْمُرْسَلُ (1) 120 - مَرْفُوعُ تَابعٍ عَلى المَشهُوْرِ … مُرْسَلٌ او

‌الْمُرْسَلُ

(1)

120 -

مَرْفُوعُ تَابعٍ عَلى المَشهُوْرِ

مُرْسَلٌ او قَيِّدْهُ بِالكَبِيْرِ

121 -

أوْ سَقْطُ رَاوٍ مِنْهُ ذُوْ أقْوَالِ

وَالأوَّلُ الأكْثَرُ في استِعْمَالِ

ويُجمَعُ عَلَى: مَرَاسِيلَ، ومَراسِلَ، مأخوذٌ مِنَ الإرسالِ، وَهُوَ: الإطلاقُ (2). كقوله تَعَالَى: {إنَّا أرْسَلْنَا الشَّياطيْنَ عَلَى الْكَافِرِيْنَ} (3).

فكأنَّ المُرْسِلَ أطلقَ الإسنادَ (4)، وَلَمْ يقيِّدْهُ بجميعِ الرُّواةِ (5).

(مَرْفُوْعُ تابعٍ) أي: مَا رفعَهُ تابعيٌّ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم صَريحاً، أَوْ كنايةً، (عَلَى المشْهُوْرِ) عِنْدَ أئمةِ الحَدِيث (6)(مُرْسَلٌ).

وَقَيَّدَهُ شَيْخُنا (7): بِمَا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ ليَخْرُجَ من لَقيَهُ كافراً فسمِعَ مِنْهُ، ثُمَّ أسلمَ بَعْدَ مَوتِهِ صلى الله عليه وسلم، وحدَّثَ بما سَمِعَ مِنْهُ، كالتَّنُوخِيِّ رسولِ هِرَقْلَ- ورُويَ: قَيْصَرَ -

(1) انظر في المرسل:

معرفة علوم الحديث: 25، والكفاية:(58 ت، 21 هـ)، والتمهيد 1/ 19، وجامع الأصول 1/ 115، ومعرفة أنواع علم الحديث: 147، وإرشاد طلاب الحقائق 1/ 167 - 179، والمجموع شرح المهذب 1/ 60، والتقريب: 54 - 57، والاقتراح: 192، والمنهل الروي: 42، والخلاصة: 65، والموقظة: 38، وجامع التحصيل: 23وما بعدها، واختصار علوم الحديث: 47، والبحر المحيط4/ 403، ونكت الزّركشيّ 1/ 439 - 517، والشذا الفياح 1/ 147 - 156، والمقنع 1/ 129، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 256، ونزهة النظر: 109، ونكت ابن حجر 2/ 504 - 571، والمختصر: 128، وفتح المغيث 1/ 128، وألفية السيوطي: 25 - 29، وشرح السيوطي على ألفية العراقي: 159، وتوضيح الأفكار 1/ 283، وظفر الأماني: 343، وقواعد التحديث: 133، وتوجيه النظر 1/ 399 - 400.

(2)

جامع التحصيل: 14، والنكت لابن حجر 2/ 542.

(3)

مريم: 83.

(4)

النكت لابن حجر 2/ 542.

(5)

في (ص) و (ق): ((بجميع رواته)).

(6)

في (م): ((المحدّثين)).

(7)

انظر: النكت 2/ 544.

ص: 194

فإنَّهُ مَعَ كونِهِ تابعيّاً، محكومٌ لِما سمعَهُ بالاتِّصالِ، لا بالإرسالِ (1).

وخرجَ بالتابعيِّ، مرسلُ الصَّحَابيِّ، وَسَيأْتِي آخِرَ البابِ، ولَا فَرْقَ في التَّابِعيِّ بَيْنَ الكبيرِ والصَّغِيرِ.

(اوْ) بالدَّرجِ (قَيِّدْهُ) أي: أَوْ المُرْسَلُ مَرْفُوْعُ تابعيٍّ مقيَّدٌ (بالكبيرِ)، فَمَرْفُوعُ الصَّغيرِ لا يُسَمَّى مُرْسَلاً، بَلْ مُنْقَطِعاً (2).

وظاهرٌ أنَّ ذِكرَ الكبيرِ هُنا، وفَيمَا يأتي جَرى عَلَى الغَالبِ، والمرادُ مَن كانَ جُلُّ روايتِه عَنِ الصَّحابةِ، وفِي كَلامِهم مَا يُشيرُ إِليهِ.

(أَوْ سَقْطُ رَاوٍ مِنْهُ) أي: أَوْ المرسلُ: مَا سَقَطَ مِن سَندِهِ راوٍ واحدٌ (3)، أَوْ أكثرُ، سواءٌ أكانَ (4) مِن أوَّلِهِ، أَمْ آخِرِه، أَمْ بينَهُما؛ فَيَشْمَلُ المنقطعَ، والمعضَلَ (5)، والمعلَّقَ.

وَهذا مَا حَكَاهُ ابنُ الصَّلاحِ (6) عَنِ الفُقهاءِ والأُصوليِّيْنَ (7)، والخَطِيْبِ (8).

وكذا قَالَ النَّوَوِيُّ: المرسلُ عِنْدَ الفُقهاءِ، والأصوليِّينَ، والخطيبِ، وجماعةٍ مِنَ المُحدِّثينَ: مَا انقطعَ إسْنادُهُ عَلَى أيِّ وجهٍ كَانَ، وَخَالفَنا أكثرُ المحدِّثينَ، فَقَالوا: هُوَ روايةُ التَّابعيِّ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم (9).

(1) انظر: تدريب الراوي 1/ 196.

(2)

قال العراقي في شرح التبصرة والتذكرة 1/ 258: ((هكذا حكاه ابن عبد البرّ عن قوم من أهل الحديث؛ لأنّ أكثر رواياتهم عَنْ التابعين، وَلَمْ يلقوا من الصّحابة إلا الواحد والاثنين)). التمهيد 1/ 21. وَقَالَ الحافظ ابن حجر في نكته عَلَى ابن الصّلاح2/ 543: ((وَلَمْ أر تقييده بالكبير صريحاً عَنْ أحد، لَكِنْ نقله ابن عَبْد البر عَنْ قوم)). قَالَ ابن الملقن في المقنع1/ 129: ((والمشهور التسوية بَيْن التابعين أجمعين في ذَلِكَ)). وانظر: فتح المغيث 1/ 130.

(3)

في (ق): ((ما سقط راو من سنده واحد)).

(4)

في (ص) و (ق): ((كان)).

(5)

((المعضل)): سقطت من (ع).

(6)

معرفة أنواع علم الحديث: 149.

(7)

انظر: المستصفى 1/ 169، وإحكام الأحكام 2/ 112، وكشف الأسرار 3/ 722.

(8)

الكفاية: (58 ت، 21 هـ).

(9)

المجموع 1/ 60.

ص: 195

فالمرسلُ (ذو أقوالِ) ثلاثةٍ، الثَّاني: أضيقُها، والثالثُ: أوسعُها، (والأوَّلُ الأكثرُ في استعمالِ) أهلِ الحَدِيثِ. وَمَا رَواهُ تابِعُ التَّابِعيِّ يُسمُّونَهُ مُعضَلاً.

قَالَ النّاظمُ (1): وَسَيَجيئُ في التَّدليسِ، عَنِ ابنِ القَطَّانِ (2)، أنَّ الإرْسَالَ: روايتُه عَمّن لَمْ يسمَعْ مِنْهُ. فَعليهِ: مَنْ روى عَمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ مَا لَمْ يَسمعْ مِنْهُ، بَلْ بينَهُ وبينَهُ فِيهِ واسِطةٌ، لَيْسَ بإرسالٍ، بَلْ تدليسٌ، وَعَلَيْهِ فيكونُ هَذَا قولاً رابعاً. انتهى.

والأوجهُ أنْ يجعَلَ مقيَّداً للثالثِ، بِأَنْ يُقالَ: مَا سَقطَ مِنْهُ راوٍ (3) فأكثرُ وخلا عَنِ التدليسِ.

نَعَمْ، قِيلَ المُرسلُ هُوَ المنقطعُ، وَهُوَ: مَا سقطَ مِنْهُ راوٍ واحدٌ، فَعَليهِ، يَكُونُ هَذَا قولاً رابعاً (4).

122 -

وَاحتَجَّ (مَاِلِكٌ) كَذا (النُّعْمَانُ)

وَتَابِعُوْهُمَا بِهِ وَدَانُوْا

123 -

وَرَدَّهُ جَمَاهِرُ النُّقَّادِ؛

لِلجَهْلِ بِالسَّاقِطِ في الإسْنَادِ

124 -

وَصَاحِبُ "التَّمهيدِ" عَنهُمْ نَقَلَهْ

وَ (مُسْلِمٌ) صَدْرَ الكِتَابِ أصَّلَهْ

(واحتجَّ) الإمامُ (مَالِكٌ) -هُوَ ابنُ أنسٍ- في المشهورِ عَنْهُ، و (كَذَا) أَبُو حنيفةَ (النعمانُ) ابنُ ثابتٍ، (وتابِعُوهُما) من الفقهاءِ، والأصوليينَ، والمحدّثينَ (5) (بِهِ) أي: بالمرسلِ، واحتجَّ بِهِ أَيْضاً: أَحْمَدُ في أشهرِ الرِّوايتينِ (6) عَنْهُ، (ودانوا) بِهِ أي: جَعَلُوهُ

(1) شرح التبصرة والتذكرة1/ 260. قال البقاعي: 116/أ: ((ليس كذلك، بل التحقيق: أنه مقيّد للقول الثّالث؛ كأنه لما قالوا مَا سقط من إسناده راوٍ فأكثر، قَالَ: بشرط أن لا يَكُون تدليساً، فيحمل ذَلِكَ الإطلاق عَلَى كلامه. وإنما القَوْل الرابع الذي لابدّ مِنْهُ: قَوْل من يسوي بَيْن المُرْسَل والمنقطع

إلى آخر الكلام)).

(2)

انظر: بيان الوهم والإيهام 5/ 105 عقب (2357).

(3)

في (ق): ((راوٍ واحد)).

(4)

في (م): ((فعليه هذا يكون رابعاً))، وقد سقطت هذه الجملة (ق)، وفي (ص):((فعليه يكون هَذَا رابعاً))، والمثبت من (ع).

(5)

انظر: الكفاية (547 ت، 384 هـ)، والتمهيد 1/ 3 - 6.

(6)

وإليه ذهب جمهور المعتزلة وهو اختيار الآمدي، وفصّل عيسى بن أبان -من أئمة الحنفية- فقبل مراسيل القرون الثلاثة الخيرة ومرسل من هو من أئمة النقل مطلقاً، وهذا ما صححه النسفي. وبالغ قوم فعدّوا=

ص: 196

ديناً يدينونَ بِهِ (1) في الأَحْكامِ، وغَيرِهَا.

(وَرَدَّهُ) أي: الاحتجاجَ بِهِ (جماهِرُ)، بحذفِ الياءِ تخفيفاً، جمعُ جُمْهُورٍ أي: مُعْظَمُ (النُّقَّادِ) مِنَ المُحدِّثينَ؛ كالشافعيِّ (2)، وَحَكَمُوا بَضعفِهِ (لِلجَهْلِ بالسَّاقِطِ في الإسْنَادِ)(3).

فإنَّه يَحْتمِلُ أنْ يَكُونَ تَابعيّاً، ثُمَّ يَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ التَّابِعيُّ ضَعِيْفاً (4) وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ ثِقَةً، يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رُوِى عَنْ تابعيٍّ أَيْضاً، فَيَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ ضَعِيْفاً، وَهكذا إلى الصَّحَابيِّ، وإنِ اتَّفقَ أنَّ الذي أرْسلَهُ كَانَ لا يَرْوِي إلاّ عَنْ ثِقَةٍ؛ إِذْ التَّوثيقُ فِي المُبْهَمِ غَيْرُ كافٍ، كَمَا سيأتي.

(وَصَاحِبُ الَّتمْهيدِ) وَهُوَ ابنُ عبدِ البَرِّ (عَنْهُمْ) أي: عَنِ المُحدِّثينَ (نَقَلَهْ) أي: ضَعْفَ المُرْسَلِ (5).

(وَمُسْلِمٌ صَدْرَ الكتابِ) الذي صَنَّفَهُ فِي الصَّحِيحِ، (أَصَّلَهْ) أي: جَعَلَ رَدَّ الاحتجاجِ بِهِ أصْلاً، حَيْثُ قَالَ عَلَى وَجْهِ الإيرادِ عَلَى لِسانِ خَصْمِهِ الذي رَدَّ هُوَ عَلَيْهِ اشتراطِ ثُبوتِ اللِّقاءِ:((والمرسلُ في أصْلِ قَوْلِنا، وقولِ أَهْلِ العِلْمِ بالأخبارِ، لَيْسَ بحُجَّةٍ)) (6)،

= المرسل أقوى من المسند؛ لأن من أرسل فَقَدْ تكفل، ومن أسند فَقَدْ أحال، واحتجوا: بحسن الظن بالمرسل وأنه لا يرسل إلا عَنْ ثِقَة، فإنه إن كَانَ عدلاً لَمْ يجز لَهُ إسقاط الواسطة وَهُوَ يعلم أنه غَيْر عدلٍ؛ لأن هذا قادح في عدالة المرسل.

انظر: التبصرة في أصول الفقه: 326، والمحصول 2/ 224، وشرح تنقيح الفصول: 379، وإحكام الأحكام 2/ 112، والمجموع 1/ 60، وكشف الأسرار للنسفي 2/ 42، والإبهاج 2/ 112، والبحر المحيط 4/ 409. وانظر: رد الخطيب البغدادي على أصحاب القول الثّاني في الكفاية: (551 ت، 387 هـ).

(1)

انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 261.

(2)

انظر: الرسالة: 464.

(3)

قال الحافظ العراقي في شرح التبصرة والتذكرة 1/ 263: ((هو تعليلٌ لردّ المرسل، وذلك أنه تقدم أنّ من شرط الحديث الصّحيح ثقة رجاله. والمرسل سقط منه رجل لا نعلم حاله فعدم معرفة عدالة بعض رواته، وإن اتفق أنّ الذي أرسله كان لا يروي إلا عن ثقة، فالتوثيق في الرجل المبهم غير كافٍ)).

(4)

نزهة النظر: 110.

(5)

التمهيد 1/ 5 - 6. ونقل الزّركشيّ 1/ 498 عن ابن خلفون أنه قال في المنتقى: ((ولا اختلاف أعلمه بينهم أنه لا يجوز العمل بالمرسل إذا كان مرسله غير متجوز يرسل عن غير الثقات)).

(6)

الجامع الصحيح 1/ 24. وقد اعترض بعضهم على ابن الصّلاح بأن مسلماً حكى هذا القول على لسان خصمه، وليس هو قولاً له؟ =

=قال الزّركشيّ 1/ 497: (إنه وإن حكاه عن لسان خصمه لكن لمّا لم يعترض عليه بشيء فكأنه ارتضاه؛ فلهذا ساغ لابن الصّلاح عزوه إليه، ويؤيده قول التّرمذي: ((الحديث إذا كان مرسلاً فإنه لا يصح عند أكثر أهل الحديث))).

ص: 197

وأَقرَّهُ حِيْنَ رَدَّ كلامَهُ (1).

وَمَا احْتُجَّ بِهِ للقولِ الأوَّلِ مِن أنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَثْنى عَلَى عَصْرِ التَّابِعين (2)، وَشَهِدَ لَهُ بالخيريَّةِ، ثُمَّ لِلْقَرْنَيْنِ بَعْدَ قَرْنِ الصَّحَابَةِ، ومِنْ أنَّ تَعالِيقَ البُخَارِيِّ المجزومةَ (3)، مَحْكُومٌ بَصِحَّتِهَا.

رُدَّ: بأنَّ الحَدِيثَ محمولٌ عَلَى الغالبِ، وإلاّ فَقَدْ وُجِدَ فِي القَرْنَيْنِ مَنْ هُوَ مُتَّصفٌ بالصِّفاتِ المذْمُومةِ. وَتَعاليقُ البُخَارِيِّ قَدْ عُلِمَتْ صِحَّتُهَا (4)، مِن شَرْطِهِ فِي الرِّجالِ، وَتَقْييدِهِ بالصَّحةِ، بخِلافِ التَّابِعينَ.

125 -

لَكِنْ إذا صَحَّ لَنَا مَخْرَجُهُ

بمُسْنَدٍ أو مُرْسَلٍ يُخْرِجُهُ

126 -

مَنْ لَيْسَ يَرْوِي عَنْ رِجَالِ الأوَّلِ

نَقْبَلْهُ، قُلْتُ: الشَّيْخُ لَمْ يُفَصِّلِ

127 -

و (الشَّافِعِيُّ) بِالكِبَارِ قَيَّدَا

وَمَنْ رَوَى عَنِ الثِّقاتِ أبَدَا

128 -

وَمَنْ إذا شَارَكَ أهْلَ الحِفْظِ

وَافَقَهُمْ إلاّ بِنَقْصِ لَفْظِ (5)

(1) انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 262 - 263.

(2)

في (ق): ((عصر الصّحابة والتابعين)).

(3)

في (ق): ((مجزومة)).

(4)

جملة ما في صحيح البخاريّ من التعاليق واحد وأربعون وثلاث مئة وألف حديث، وغالبها مكرر مخرّج في الكتاب أصوله أو متونه، وليس في الكتاب من المتون التي لم تخرج ولو من طريق أخرى إلا مئة وستون حديثاً. وقد جمع الحافظ ابن حجر هذه التعاليق ووصلها في كتاب مستقل سماه " تغليق التعليق "، وهو مطبوع متداول.

(5)

قال البقاعي: 117/ ب: ((حكي عن شيخنا البرهان الحلبي أنه قال: بقي على شيخنا - يعني: العراقي - في كلام الشافعي الذي ساقه في جواز العمل بالمرسل شرطان آخران وقد نظمتها فقلت:

أو كان قول واحد من صحب

خير الأنام عجم وعرب

أو كان فتوى جل أهل العلم

وشيخنا أهمله في النظم

أي: أهمل المذكور وهو الشرطان المذكوران)).

ص: 198

(لكِنْ إذَا صَحَّ لَنَا) أي: أيُّها المُحدِّثُونَ خُصوصاً: الشافعيَّةُ تَبَعاً لإمامِهِم (مَخْرَجُهُ) أي: اتِّصالُ المرسلِ (بمسنَدٍ) يَجِيءُ مِن وَجْهٍ آخرَ، صَحِيْحٍ، أَوْ حَسَنٍ، أَوْ ضَعِيْفٍ يَعْتضِدُ بِهِ، (أَوْ مُرْسَلٍ) آخرَ (يُخْرِجُهُ) أي: يُرْسِلُهُ (مَنْ لَيْسَ يَرْوِي عَنْ رِجَالِ) أي: شيوخِ راوِي المُرْسَلِ (الأَوَّلِ)، حَتَّى يظنَّ عَدمُ اتحادِهِما، (نَقْبَلْهُ) بجزْمِهِ جَواباً لِـ ((إذَا)) عَلَى مَذْهَبِ الكُوفيينَ، والأخفشِ (1)، وَعَلى مَذْهَبِ غيرِهِم للوزن، كقولِ شاعرٍ (2):

وإِذا (3) تُصِبْكَ مُصِيبةٌ فاصْبِرْ لَهَا

وإذا تُصِبْكَ خَصَاصَةٌ (4) فَتَجَمَّلِ (5)(6)

وكذا نَقْبَلُهُ إذَا اعْتَضَدَ بموافقةِ قَوْلِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ، أَوْ بِفَتْوى عَوامِّ أَهْلِ

العِلْمِ (7)، وقوَّة هذِهِ الأربعةِ مُترتِّبةٌ بترتيبها المذكورِ.

(قَلْتُ: الشَّيْخُ) ابنُ الصَّلاحِ (لَمْ يُفَصِّلِ) في المُرْسَلِ المعتضدِ بَيْن كبارِ التَّابعينَ، وصِغارِهم (8)، وَكَأنَّه بَنَاهُ عَلَى المشْهورِ في تَعْريفِهِ، كَمَا مَرَّ.

(1) انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 264.

(2)

في (ص) و (ق): ((الشاعر)). وفي (ع): ((الشاعرة)).

(3)

في (م): ((وإذ))، وما أثبتناه من بقية النسخ، وهو الموافق لرواية البيت.

(4)

الخصاصة: هي الفقر، وكذا الخصاص. البقاعي: 117/ أ.

(5)

من (ق) و (م)، وفي (ص) و (ع):((فتحمل))، وكلاهما صحيح؛ لأن البيت ورد بالروايتين، وقوله:((فتجمل)) أي: فأظهر الجميل ولا تشك حالك إلى غير الذي خلقك. البقاعي: 117/ أ.

(6)

هذا البيت عزاه محقق مغني اللبيب: 128 لعبد القيس بن خفاف، وقيل لحارثة بن بدر، وهو من البحر الكامل؛ ولكن صدره: استغن ما أغناك ربك بالغنى

وفي (ع) حاشية نصها: ((وقوله: وإذا تصبك

الخ عجز بيت صدره: استغن ما أغناك ربك بالغنى، فعلى أنه قصد الاستشهاد بكل من الشطرين من غير قصد أنهما بيت واحد، وإن أوهمته عبارته)).

(7)

في (ع): ((البلد)).

(8)

معرفة أنواع علم الحديث: 152. وقد اعترض بعضهم أن المرسل - وهو ضعيف - كيف يتقوى بمرسل آخر، وهو ضعيف أيضاً، وقد أجاب الحافظ ابن حجر في نكته على ابن الصّلاح 2/ 566 على هذا الاعتراض فقال: ((إن المجموع حجة لا مجرد المرسل وحده، ولا النظم وحده، فإن حالة الاجتماع تثير ظناً غالباً وهذا شأن لكل ضعيفين اجتمعا)).

ص: 199

(وَ) الإمامُ (الشَّافعيُّ) -الذي أخذَ ابنُ الصَّلاحِ من كَلامِهِ ذَلِكَ- (بِالكِبَارِ) مِنْهُمْ، (قَيَّدَا) المُعْتَضِدَ. (وَمَنْ) أي: وقيَّدَهُ أَيْضاً بمَنْ (رَوَى) مِنْهُمْ (عَنِ الثِّقاتِ أَبَدا)، بحيثُ إذَا سمَّى مَنْ روى عَنْهُ، لَمْ يُسَمِّ مَجْهُوْلاً، ولا مَرْغُوْباً عَنِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ (1).

وَلَا يَكْفِي قَولُهُ: ((لَمْ آخُذ إلاّ عَنِ الثِّقاتِ))، كَمَا تقدَّمتِ الإشَارةُ إِليهِ. وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مُرْسَلِ سَعيدِ بنِ المسيِّبِ، ومُرْسَلِ غَيْرِهِ.

قَالَ النَّوَوِيُّ فِي "مَجْمُوْعِهِ"(2): وَمَا اشتهرَ عِنْدَ فُقَهَاءِ أَصْحَابِنا من أنَّ مُرْسَلَ سعيدٍ حُجَّةٌ عِنْدَ الشَّافِعيِّ، لَيْسَ كَذلِكَ، بَلْ مُرْسَلُهُ كَمُرْسَلِ غَيْرِهِ، والشَّافِعيُّ إنَّما احْتَجَّ بمراسِيلِهِ التي اعْتَضدَتْ بِغيْرِها، كَمَا قَالَهُ البَيْهَقِيُّ (3) والخطيبُ البغداديُّ (4) وغيرُهُما. ثُمَّ قَالَ: وأَمّا قَوْلُ القَفَّالِ: قَالَ الشَّافِعيُّ: ((مُرْسَلُ سَعيدٍ عِنْدَنا حُجَّةٌ)) فَمَحْمُولٌ عَلَى التَّفْصِيلِ (5)

(1) الرسالة: 463، وانظر شرح التبصرة والتذكرة 1/ 267.

(2)

المجموع 1/ 61.

(3)

عزا الحافظ العراقي في شرح التبصرة والتذكرة 1/ 265 قول البيهقيّ هذا في المدخل. ولم نجده فيه، ولعله مما سقط منه.

(4)

الكفاية: (572 ت، 405 هـ).

(5)

قال الإمام النوويّ: ((اشتهر عند فقهاء أصحابنا أنّ مرسل سعيد بن المسيّب حجّة عند الشافعيّ، حتى أنّ كثيراً منهم لا يعرفون غير ذلك، وليس الأمر على ذلك، وإنّما قال الشافعي رحمه الله في مختصر المزني: وإرسال سعيد بن المسيب عندنا حسنٌ، فذكر صاحب المهذب وغيره من أصحابنا في أصول الفقه في معنى كلامه وجهين لأصحابه.

منهم من قال: مراسيله حجة لأنّها فتشت فوجدت مسانيد.

ومنهم من قال: ليست بحجة عنده بل هي كغيرها على ما نذكره، وإنّما رجّح الشافعي به والترجيح بالمرسل صحيح. وحكى الخطيب أبو بكر هذين الوجهين لأصحاب الشافعي، ثم قال: الصحيح من القولين عندنا الثاني؛ لأنّ في مراسيل سعيد مَا لَمْ يوجد مسنداً بحال من وجهٍ يصحّ، وقد جعل الشّافعيّ لمراسيل كبار التابعين مزية على غيرهم كما استحسن مرسل سعيد.

وروى البيهقي في مناقبه بإسناده عن الشافعي كلاماً طويلاً، حاصله: أنّه يقبل مرسل التابعي إذا أسنده حافظ غيره أو أرسله من أخذ عن غير رجال الأول أو كان يوافق قول بعض الصحابة، أو أفتى عوام أهل العلم بمعناه. =

ص: 200

الذِي قدَّمناهُ عَنِ البَيْهَقِيِّ، والخطيبِ والمحقِّقينَ (1).

قَالَ البَيْهَقِيُّ: وَزِيَادةُ سَعيدٍ فِي هَذَا البابِ عَلَى غَيرِهِ فِيهِ (2) أنَّه أصحُّ التَّابِعينَ إرْسَالاً فِيْمَا زَعَمَ الحُفَّاظُ (3).

(وَمَنْ) أي: ومَنْ (4)، قَيَّدهُ أَيْضاً بمَنْ (إذَا شَارَكَ) مِنْهُمْ (أَهْلَ الحِفْظِ) فِي أحادِيثِهِم، (وَافَقَهُمْ) فَيْهَا، وَلَمْ يُخَالِفْهُم (إلَاّ بِنَقْصِ لَفْظِ) مِن ألْفَاظِهمْ، بحيثُ لَا يَخْتَلُّ بِهِ المعْنى؛ فَإنّهُ لَا يَضُرُّ فِي قَبولِ مُرسَلِهِ، وَهَذا آخِرُ زيَادَةِ الناظِم (5).

ثُمَّ المُرْسَلُ لَا يَنْحَصِرُ اعْتِضَادُهُ فِيْمَا ذكرَ، بَلْ يعتضِدُ بغيرِهِ، كقياسٍ، وفعلِ صَحَابِيٍّ، وَعَملِ أَهْلِ العَصْرِ.

وكُلُّ مَا اعتضدَ بِهِ المُرْسَلُ، فَهُوَ دالٌّ عَلَى صِحَّةِ مخرجِهِ، فيحتجُّ بِهِ، وَلَا يحتجُّ بما لَمْ يعتضِدْ.

= ثم قال البيهقي: فالشافعي يقبل مراسيل كبار التابعين إذا انضم إليها ما يؤكدها، فإن لم ينضم إليها ما يؤكدها لم يقبلها، سواء كان مرسل ابن المسيب أو غيره. قال: وقد ذكرنا مراسيل لابن المسيب لم يقل بها الشافعي حين لم ينضم إليها ما يؤكدها، ومراسيل لغيره قال بها حين انضم إليها ما يؤكدها.

قال: وزيادة ابن المسيب على غيره في هذا أنّه أصحّ التابعين إرسالاً فيما زعم الحفّاظ فهذا كلام الخطيب والبيهقي وإليهما المنتهى في التحقيق ومحلهما من العلم. بنصوص الشافعي ومذهبه وطريقته معروف. وأما قول الإمام أبي بكر القفال المروزي في أول شرح التلخيص: قال الشافعي في الرهن الصغير: مرسل ابن المسيب عندنا حجة. فهو محمول على ما ذكره البيهقي والخطيب)). انتهى كلام الإمام النووي.

ولكن! اعترض عليه العلائي في " جامع التحصيل " على قوله بالتسوية بين مراسيل سعيد ابن المسيب ومراسيل غيره، وتكلّم بكلام نفيس، لا يسع المقال لنقله هنا، فراجعه تجد فائدة -إن شاء الله تعالى-. انظر: مختصر المزني: 78، ومناقب الشافعي 2/ 31، والكفاية:(571 - 572 ت، 404 - 405 هـ)، وإرشاد طلاب الحقائق 1/ 175 - 178، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 221، وجامع التحصيل:46.

(1)

المجموع 1/ 62.

(2)

((فيه)): سقطت من (ق).

(3)

السّنن الكبرى 6/ 42 و 10/ 260.

(4)

كلمة ((من)): لم ترد في (ص).

(5)

في (ق): ((النظم)).

ص: 201

نَعَم: قَالَ التاجُ السُّبْكِيُّ: إنْ دَلَّ عَلَى مَحْظُوْرٍ، وَلَمْ يُوجدْ غيرُهُ؛ فالأظهرُ: وُجوبُ الانكفافِ (1).

يَعْني: احْتِياطاً، وَفِي كَلامِ الإمامِ مَا يُؤيِّدُهُ.

129 -

فَإنْ يُقَلْ: فَالمُسْنَدُ المُعْتَمَدُ

فَقُلْ: دَلِيْلانِ بِهِ يَعْتَضِدُ

130 -

وَرَسَمُوا مُنْقَطِعاً (عَنْ رَجُلِ)

وَفي الأصُوْلِ نَعْتُهُ: بِالمُرْسَلِ

131 -

أمَّا الَّذِي أرْسَلَهُ الصَّحَابِيْ

فَحُكمُهُ الوَصْلُ عَلى الصَّوَابِ

(فَإنْ يُقَلْ): إذَا اعْتَضَدَ المُرْسَلُ بمسْنَدٍ، (فَالمُسندُ) هُوَ (المُعْتَمَدُ) عَلَيْهِ فِي الاحْتِجَاجِ بِهِ، فَلَا حَاجَةَ للمُرسَلِ.

(فَقُلْ) أخذاً مِن كَلامِ ابنِ الصَّلاحِ: هُمَا (دَليْلَانِ) إِذِ المُسْنَدُ إنْ كَانَ يُحْتَجُّ بِهِ مُنْفرداً دَليلٌ بِرِأسِهِ، والمُرْسَلُ (بِهِ) أي: بِالمُسنَدِ (2)(يَعْتَضِدُ)، ويصيرُ دَليلاً آخرَ؛ فَيُرَجَّحُ بهما عِنْدَ مُعارضَةِ حديثٍ واحدٍ (3).

عَلَى أنَّ الإمَامَ الرَّازِيَّ، خَصَّ الكلامَ بِمُسْنَدٍ لا يُحْتَجُّ بِهِ مُنْفَرِداً، كَمَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا عَنْهُ (4). وَعَلَيْهِ يَكُونُ اعتضَادُهُ بِهِ، كاعتضادِهِ بمُرسَلٍ آخرَ؛ فَيَكونُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُعْتَضِداً بالآخَرِ، وحُجَّةً بِهِ.

(ورَسَمُوا) أي: سَمّى جَمَاعَةٌ مِنَ المُحدِّثينَ (5)(مُنْقَطِعاً)، قولَهُم (6):(عَنْ رَجُلِ)،

(1) جمع الجوامع مع شرح المحلي 2/ 171.

(2)

انظر: المدخل إلى السّنن: 93، والاعتبار: 9 - 10، المجموع 1/ 62، وجامع التحصيل: 41، والتقييد والإيضاح:86.

(3)

انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 270.

(4)

النكت لابن حجر 2/ 567.

(5)

فقد قال الحاكم في معرفة علوم الحديث: 28: ((لا يسمّى مرسلاً، بل منقطعاً)). وتابعه على ذلك تلميذه البيهقيّ في السّنن الكبرى 4/ 54 و 7/ 134.

وكلام ابن القطان في كتاب " بيان الوهم والإيهام " 5/ 208 عقب (2421) يفهم منه أنه منقطع. وانظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 270.

(6)

في (ع) حاشية نصها: ((قوله: ((منقطعاً)) مفعول ثانٍ لـ: رسموا، قوله:((قولهم)) مفعول أول لـ: رسموا)).

ص: 202

أَوْ شَيْخٍ، أَوْ نَحْوِهِ، مما هُوَ مُبْهَمٌ: فَلَمْ يُسمُّوهُ بالمُرْسَلِ، (وَفِي) كُتُبِ (الأُصُولِ)، كَالبُرهانِ لإمامِ الحَرمينِ (1)، (نَعْتُهُ:) أي: تَسْمِيَتُهُ (بالمُرْسَلِ).

قَالَ النَّاظِمُ: وَكُلٌّ مِنْ هذينِ القَوْلينِ خِلافُ مَا عَلَيْهِ الأكْثرُ، فإنَّ الأكثرَ عَلَى أنَّ هَذَا مُتَّصِلٌ، في إسنَادِهِ مَجْهُوْلٌ (2).

أي: مُبْهَمٌ، لَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِما إذَا لَمْ يُسَمِّ المُبْهَم في رِوَايَةٍ أُخْرَى، وإلاّ فَلا يَكُونُ مَجْهُوْلاً، وَبِما إذَا صَرَّحَ مَنْ أبهَمَهُ بالتَّحدِيثِ، ونحوِهِ، وإلاّ فَلا يَكُونُ حديثُهُ مُتَّصِلاً؛ لاحتمالِ أنْ يَكُونَ مُدَلِّساً.

هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الرَّاوي عَنْهُ غَيْرَ تَابِعِيٍّ، أَوْ تابعيّاً، وَلَمْ يَصِفْهُ بالصُّحبَةِ، وإلَاّ فَالحَدِيثُ صَحِيْحٌ؛ لأنَّ الصَّحَابَةَ كلُّهم عُدولٌ (3).

وَوَقَعَ فِي كَلامِ البَيْهَقِيِّ تَسْمِيَتُهُ أَيْضاً: مُرْسَلاً، وَمُرادُهُ (4) مجرَّدُ التَّسْمِيةِ، وإلاّ فَهُوَ حُجَّةٌ، كَمَا صرَّحَ بِهِ فِي مَوْضعٍ؛ كَالبُخاريِّ (5).

لكنْ قَيَّدَهُ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ مِنَ الشَّافِعيَّةِ، بِأنْ يُصَرِّحَ التَّابِعيُّ بالتَّحدِيثِ، ونحوِهِ، فإنْ عَنْعَنَ فَمُرْسَلٌ، لاحتمالِ أنَّهُ رَوى عَنْ (6) تابعيٍّ.

قَالَ النَّاظِمُ: وَهُوَ حَسَنٌ مُتَّجِهٌ، وَكَلامُ مَنْ أطلقَ مَحْمُوْلٌ عَلَيْهِ (7).

وَتَوقَّفَ فِيهِ شَيْخُنَا (8)؛ لأنَّ التَّابِعيَّ إذَا كَانَ سَالِماً مِنَ التَّدليْسِ، حُمِلَتْ عَنْعَنَتُه عَلَى السَّمَاعِ.

(1) البرهان 1/ 407 (573)، وعبارته:((ومن الصور أن يقول الراوي: أخبرني رجل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عن فلان الراوي من غير أن يسميه)).

(2)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 271، والتقييد: 73 - 74. وحكاه الرشيد العطّار عن الأكثرين، واختاره العلائي. انظر: غرر الفوائد المجموعة: 130، جامع التحصيل:96.

(3)

انظر: محاسن الاصطلاح: 142 - 143، وفتح المغيث 1/ 169.

(4)

في (ص): ((ومرّ أن)).

(5)

انظر: فتح المغيث 1/ 169.

(6)

في (م): ((من)).

(7)

التقييد والإيضاح: 74.

(8)

نزهة النظر: 111.

ص: 203