الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَحَاصِلُهُ: أنَّ إقرارَهُ بوضعِهِ كافٍ فِي ردِّه، لكنَّه لَيْسَ بقاطِعٍ فِي كونِهِ موضوعاً؛ لجواز كذبهِ فِي إقرارهِ (1).
ففي الحقيقةِ لَيْسَ ذَلِكَ استشكالاً، بَلْ بيانٌ للمُرادِ والواقعِ؛ إِذْ لا يُشتَرطُ فِي الحكمِ القطعُ، بَلْ يَكْفِي غَلَبةُ الظنِّ، واللهُ أعلمُ.
الْمَقْلُوْبُ
(2)
اسمُ مفعولٍ من القَلْبِ، وَهُوَ تبديلُ شيءٍ بآخرَ عَلَى الوجهِ الآتي. وَهُوَ من أقْسَامِ الضَّعِيفِ، بَلْ الإغراب الآتي من أقسام الوضعِ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنا (3) كغيرِه.
242 -
وَقَسَّمُوا المَقْلُوْبَ قِسْمَيْنِ إلى:
…
مَا كَانَ مَشْهُوراً بِراوٍ أُبْدِلا
243 -
بِواحدٍ نَظِيْرُهُ، كَيْ يُرْغَبَا
…
فِيهِ، لِلاغْرَابِ (4) إذا مَا اسْتُغْرِبَا
244 -
وَمِنْهُ قَلْبُ (5) سَنَدٍ لِمَتْنِ
…
نَحْوُ: امْتِحَانِهِمْ إمَامَ الفَنِّ
245 -
في مِئَةٍ لَمَّا أتَى بَغْدَادَا
…
فَرَدَّهَا، وَجَوَّدَ الإسْنَادَا
246 -
وَقَلْبُ مَا لَمْ يَقْصِدِ الرُّوَاةُ
…
نَحْوُ: (إذَا أُقِيْمَتِ الصَّلَاةُ
…
)
(1) انظر: الاقتراح: 234.
(2)
المقلوب لغة: هو من قلبه إذا حوّله من حالٍ إلى حالٍ. ويقال أيضاً قلب فلانٌ الشيء إذا صرفه عن وجهه. انظر: لسان العرب 1/ 479، والنكت الوفية: 190/ب، وتاج العروس 4/ 68.
وانظر في المقلوب:
معرفة أنواع علم الحديث: 244، والإرشاد 1/ 266 - 272، والتقريب: 86 - 87، والاقتراح: 236، والمنهل الروي: 53، والخلاصة: 76 والموقظة: 60، واختصار علوم الحديث: 87، ونكت الزّركشيّ 2/ 299 - 324، والشذا الفياح 1/ 230 - 234، وشرح التبصرة والتذكرة1/ 434، ونزهة النظر: 125، ونكت ابن حجر 2/ 864 - 889، والمختصر: 136، وفتح المغيث 1/ 253، وألفية السيوطي: 69 - 72، وشرح السيوطي على ألفية العراقي: 225، وتوضيح الأفكار 2/ 98، وظفر الأماني: 405، وقواعد التحديث:130.
(3)
النكت لابن حجر 2/ 864 وعبارته: ((لقصد الإغراب على سبيل الكذب)).
(4)
بدرج الهمزة؛ للوزن، كما نبه عليه الشارح.
(5)
قبل هذا في فتح المغيث: ((العمد)) وليس بشيء.
247 -
حَدَّثَهُ - في مَجْلِسِ البُنَاني -
…
حَجَّاجٌ، اعْنِي: ابْنَ أبي عُثمَانِ
248 -
فَظَنَّهُ - عَنْ ثَابِتٍ - جَرِيْرُ،
…
بَيَّنَهُ حَمَّادٌ الضَّرِيْرُ
(وَقَسَّمُوا) أي: المُحَدِّثُوْنَ (المَقْلُوبَ) سَنداً (قِسْمَينِ): عَمْداً وَسَهْواً، والعمدُ (إلى) قِسْمَيْن:
أحدُهما: (مَا) أي: حَدِيثٌ (كَانَ مَشْهُوراً براوٍ) كسالمٍ (1)(أُبْدِلا بِواحدٍ) مِنَ الرواةِ (نَظِيْرُهُ) فِي الطَّبقةِ، كنافعٍ (2) (كَيْ يُرْغَبَا) - بألِفِ الإطلاقِ - (فِيهِ) أي: فِي روايتِهِ عَنْهُ، ويروجُ حالُهُ (للاغرابِ) -بدرجِ الهمزةِ - (إذَا مَا) زائدةٌ
(استَغْرِبا) - بألفِ الإطلاقِ - مَنْ وقفَ عَلَيْهِ، لكونِ المشهورِ خِلافَهُ (3).
وَمِمَّنْ كَانَ يَفْعَلُهُ بِهذَا القصدِ كَذِباً حمَّادُ بنُ عَمْرٍو النَّصِيْبِيُّ (4)، حَيْثُ رَوَى الحَدِيْثَ المعروفَ بسُهَيْلِ بن أَبِي صَالحٍ، عَنْ أبيهِ (5)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعاً: ((إذَا لَقِيْتُمُ الْمُشْرِكِيْنَ فِيْ طَرِيْقٍ فَلَا تُبْدُوْهُمْ بِالسَّلَامِ
…
)) الحَدِيْثَ (6)، عَنِ الأعمشِ، عَنْ أَبِي صالحٍ؛ ليُغربَ بِهِ، وَهُوَ لا يُعرفُ عَنِ الأعمشِ، كَمَا صرَّحَ بِهِ أَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ (7).
(1) انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 434.
(2)
المصدر السابق.
(3)
قال ابن دقيق العيد في الاقتراح: 236: ((وقد يطلق على راويه يسرق الحديث)).
(4)
قال عنه أبو حاتم: منكر الحديث ضعيف جداً، وقال البخاريّ: منكر الحديث، وقال ابن حبان: كان يضع الحديث وضعاً. انظر: الجرح والتعديل 3/ 144، والمجروحين 1/ 252، والكامل 3/ 10.
(5)
عبارة: ((عن أبيه)) لم ترد في (ع).
(6)
قال الحافظ العراقي في شرح التبصرة والتذكرة: ((فهذا حديثٌ مقلوبٌ قلبه حماد بن عمرٍو - أحد المتروكين - فجعله عن الأعمش، وإنما هو معروفٌ بسهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة. هكذا رواه مسلم في صحيحه)).
صحيح مسلم 7/ 5 (2167)، وكذلك أخرجه: أبو داود الطيالسي (2424)، وعبد الرزاق (19457)، وأحمد 2/ 263 و266 و346 و444 و459 و525، والبخاري في الأدب المفرد (1103) و (1111)، وأبو داود (5205)، والترمذي (1602) و (2700)، والطحاوي 4/ 341، وأبو نعيم في الحلية 7/ 141. جميعهم من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه عن أبي هريرة.
(7)
الضعفاء الكبير 1/ 308.
وللخوفِ مِن ذَلِكَ كَرِهَ (1) أَهْلُ الحَدِيْثِ تتبُّعَ الغرائبِ، كَمَا سيأتي فِي بابِهِ (2).
(وَمِنْهُ) وَهُوَ ثاني قِسمَيِ العمدِ: (قلبُ سندٍ) تامٍ (لمتْنِ) فَيُجْعَلُ لِمَتْنٍ آخرَ مرويٍّ بسندٍ آخرَ، ويُجعلُ هَذَا المَتْن لإسنادٍ (3) آخرَ، بقَصْدِ امتحانِ حِفْظِ المحدِّثِ (4)، واختبارِهِ هل اختلطَ أَوْ لَا؟ وهَلْ يَقبلُ التلقينَ (5) أَوْ لَا؟
(نَحْوُ: امْتِحَانِهِمْ) أي: المُحَدِّثِيْنَ ببغدادَ (إمَامَ الفنِّ) البُخَارِيَّ (فِي مِئةٍ) مِنَ الأحاديثِ، (لَمَّا أَتَى) إِلَيْهِم (بَغْدَادَا) -بألف الإطلاق، وبإهمالِ الدالِ الأخيرةِ عَلَى إحدى اللغاتِ (6) -.
حَيْثُ اجتمعوا عَلَى تقليبِ مُتُونها، وأسانيدِها، فصيَّروا مَتْنَ سندٍ لسندِ متنٍ آخرَ، وسندَ هَذَا المَتْنِ لمتنٍ آخرَ، وعَيَّنُوا عَشَرَةَ رجالٍ، ودفعوا مِنْها لكُلٍّ مِنْهُمْ عَشَرَةَ أحاديثَ، وتواعدوا عَلَى الحضورِ لمجلس البُخَارِيِّ، ليُلقِي عَلَيْهِ كُلٌّ مِنْهُمْ عَشَرَتَهُ بحَضْرتِهِم (7).
فَلمَّا حَضَروا واطمأنَّ المجلِسُ بأهلِهِ البَغْداديِّينَ، وَغيرِهِم مِنَ الغُرَباءِ، مِن أَهْلِ خُرَاسَانَ وغيرِهم، تقدَّمَ إِليهِ واحدٌ مِنَ العَشَرةِ، وسألَهُ عَنْ أحاديثِهِ واحداً واحداً، والبخاريُّ يَقُولُ لَهُ فِي كُلٍّ مِنْها: لا أَعْرِفُهُ.
ثُمَّ الثَّانِي كَذلِكَ، وهكذا إلى أَنْ استوفى العَشَرةُ المئةَ، وَهُوَ لا يزيدُ فِي كلٍ مِنْها عَلَى قولِهِ: لا أعرِفُهُ.
(1) في (ق): ((ذكره)).
(2)
انظر: فتح المغيث 1/ 299.
(3)
في (ق): ((لسند)).
(4)
في (ق): ((الحديث)).
(5)
التلقين -كما عرّفه الحافظ العراقي-: هو أن يلقّن الشيء فيحدث به من غير أن يعلم أنه من حديثه. شرح التبصرة والتذكرة 2/ 59.
وانظر عن التلقين وأسبابه وحكمه: النفح الشذي 1/ 323، وسير أعلام النبلاء 10/ 210، والنكت الوفية: 232/ ب، وفتح المغيث 1/ 385، وتدريب الراوي 1/ 339، وتوضيح الأفكار 2/ 257، وتوجيه النظر 2/ 573، وأثر علل الحديث:120.
(6)
انظر: الصحاح 2/ 561 (بغدد)، وتاريخ بغداد 1/ 58، ولسان العرب 3/ 478.
(7)
سقطت من (ق).
فكانَ الفُهَماءُ (1) ممَّن حَضرَ يلتفتُ بعضُهم إلى بعضٍ، ويقولونَ: فَهِمَ الرجلُ، ومَنْ كَانَ مِنْهُمْ غَيْرَ ذَلِكَ، يَقضي عَلَيْهِ (2) بالعَجْزِ والتَّقصيرِ وَقِلَّةِ الفَهْمِ.
فَلمَّا عَلِمَ أنَّهم فَرَغُوا، التفتَ إلى السَّائِلِ الأَوَّلِ، وَقَالَ لَهُ: سألتَ عَنْ حَدِيثِ كَذَا، وصَوابُه كَذَا، إلى آخرِ أحاديثِهِ، وكَذا البقيةُ عَلَى الولاءِ (فَرَدَّهَا) أي: المئةَ إلى أصلِها (3)(وجوَّدَ الإسنادَا)، وَلَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ موضعٌ مِمَّا (4) قلبوُهُ وركَّبُوهُ، فأقرَّ لَهُ الناسُ بالحِفْظِ، وأذعنوا لَهُ بِالفضلِ (5).
وأغربُ مِن حِفظِه لَها، وتيقُّظِه لِتمييزِ صَوابِها مِن خَطَئِها؛ حِفْظُهُ لتواليها، كَمَا أُلقيتْ عَلَيْهِ من مَرَّةِ واحدةٍ.
وَقَدْ يُقصَدُ بقلبِ السَّندِ كُلِّه أَيْضاً: الإغرابُ: إِذْ لا يَنْحَصِرُ فِي راوٍ واحدٍ، كَمَا أنَّه قَدْ يُقصَدُ بقلبِ راوٍ واحدٍ أَيْضاً: الامتحانُ، وَهُوَ مُحرَّمٌ إلَاّ بِقَصْدِ الاختبارِ.
فَقَالَ النَّاظِمُ: ((فِي جَوازِه نَظَرٌ، إلاّ أنَّه إذَا فَعَلَهُ أَهْلُ الحَدِيْثِ، لا يَسْتَقِرُّ حديثاً)) (6).
قَالَ شَيْخُنا: ((وَشَرْطُ الجوازِ أَنْ لا يَسْتمرَّ عَلَيْهِ، بَلْ ينتهي بانتهاءِ (7) الحاجةِ)) (8).
(و) قِسْمُ السَّهْوِ: (قلبُ مَا لَمْ يَقْصِدِ الرُّواةُ) قَلْبَهُ، بَلْ وَقَعَ مِنْهُمْ سَهْواً، وَوَهَماً (نَحْوُ) حَدِيثِ:(((إذَا أُقِيْمَتِ الصَّلَاةُ)، فَلَا تَقُوْمُوْا حَتَّى تَرَوْنِيْ)).
فَقَدْ (حَدَّثَهُ) أي: الحَدِيْثَ (فِي مَجْلسِ) ثابتِ بنِ أسلمَ (البُنَاني) - بضمِّ أَوَّلِهِ - نِسْبةً إلى (بُنانةَ) مَحَلَّةٍ بالبصرةِ (9)(حَجَّاجٌ اعني) - بدرجِ الهمزةِ - (ابنَ أَبِي عُثمانِ)
(1) في (ق): ((الفقهاء)).
(2)
سقطت من (ع).
(3)
في (ع): ((أصولها)).
(4)
لم ترد في (ص).
(5)
تاريخ بغداد 2/ 20، وانظر: البداية والنهاية 1/ 25، وهدي الساري: 486، ووفيات الأعيان 4/ 189، وسير أعلام النبلاء 12/ 408، وشرح التبصرة 1/ 437 - 438.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 436.
(7)
في (ق): ((بإنهاء)).
(8)
نزهة النظر: 127.
(9)
معجم البلدان 1/ 497.
- بصرفهِ للوزنِ - الصَّوَّافَّ (1)، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَتَادةَ، عَنْ أبيهِ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم (2).
(فَظَنَّهُ) أي: الحَدِيْثَ (عَنْ ثَابِتٍ) أَبُو النَّضْرِ، (جَرِيْرُ) بنُ حازمٍ، فَرواهُ عَنْ ثابتٍ، عَنْ أنسٍ، كَمَا (بَيَّنَهُ حَمَّادٌ)، هُوَ ابنُ زيدٍ (الضَّرِيرُ)، وَقَالَ: وَهِمَ أَبُو النَّضْرِ فِيْمَا قالَهُ (3).
وَأمّا المقْلوبُ مَتْناً، وَهُوَ قليلٌ: فَهُوَ أنْ يُعطي أَحَدَ الشَّيئينِ مَا اشتهرَ للآخر، كحديثِ:((حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِيْنُهُ)) (4).
فإنَّه جاء مقلوباً (5) بلفظ: ((حَتَّى لَا تَعْلَمَ يَمِيْنُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ)) (6).
(1) في (ق): ((الصراف)).
(2)
أخرجه عبد الرزاق (1932) والحميدي (427)، وابن أبي شيبة (4093)، وأحمد 5/ 296 و 303 و 304 و 305 و 307 و 308 و 309 و 310، وعبد بن حميد (189)، والدارمي (1264) و (1265)، والبخاري 1/ 164 (637)، (638) و 2/ 9 (909)، ومسلم 2/ 101 (604)، وأبو داود (539) و (540)، والترمذي (592)، والنسائي 2/ 31 و 81، وابن خزيمة (1644)، وابن حبان (2222)، والبيهقي 2/ 20، والبغوي (440) كلهم من طريق يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
(3)
قال الإمام أحمد في علله 2/ 172 (132): ((حدّثنا إسحاق بن عيسى الطباع، قال: حدثت حماد بن زيد بحديث جرير، عن ثابت، عن أنس فذكره. فأنكره، وقال: إنما سمعه من الحجّاج الصوّاف، عن يحيى، عن عبد الله بن أبي قتادة في مجلس ثابت، فظن أنه سمعه - يعني - من ثابت)). وانظر: المراسيل لأبي داود (94) وجامع التّرمذي (517)، وعلله الكبير: 89، وضعفاء العقيلي 1/ 198، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 440 - 441.
(4)
أخرجه مالك (2742)، والبخاري1/ 168 (660) و2/ 138 (1423) و 8/ 125 (6479)، والترمذي (2391)، والطحاوي في شرح المشكل (5846) و (5847). من طريق يحيى بن سعيد.
(5)
سقطت من (ق).
(6)
أخرجه مسلم 3/ 93 (1031)(91)، وابن خزيمة (358)، والبيهقي 4/ 190 و 8/ 162. انظر: شرح صحيح مسلم للنووي 3/ 71، وفتح الباري 2/ 146، والنكت لابن حجر 2/ 882 - 883.