المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌متى يصح تحمل الحديث أو يستحب - فتح الباقي بشرح ألفية العراقي - جـ ١

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌القِسْم الأول: [الدراسة]

- ‌الباب الأول: العراقي، ونظمه "التبصرة والتذكرة

- ‌الفصل الأول: سيرته الذاتية

- ‌المبحث الأول: اسمه، ونسبه، وكنيته، وولادته:

- ‌المبحث الثاني: أسرته:

- ‌المبحث الثالث: نشأته

- ‌المبحث الرابع: مكانته العلمية وأقوال العلماء فيه

- ‌المبحث الخامس: شيوخه

- ‌المبحث السادس: تلامذته

- ‌المبحث السابع: آثاره العلمية

- ‌المطلب الأول: مؤلفاته فيما عدا الحديث وعلومه

- ‌المطلب الثاني: مؤلفاته في الحديث وعلومه

- ‌المبحث الثامن: وفاته

- ‌الفصل الثَّانِي: " التبصرة والتذكرة

- ‌المبحث الأول: اسمها

- ‌المبحث الثَّانِي: أصلها

- ‌المبحث الرابع: اهتمام العُلَمَاء بِهَا

- ‌الباب الثَّانِي: الأنصاري، وكتابه " فتح الباقي

- ‌الفصل الأول: القَاضِي زكريا الأنصاري

- ‌المبحث الأول: سيرته الذاتية

- ‌المبحث الثاني: سيرته العلمية

- ‌الفصل الثانِي: كتاب " فتح الباقي

- ‌المبحث الأول: منهجه

- ‌المبحث الثانِي: مُميزات الشرح

- ‌الباب الثَّالِث: التحقيق

- ‌الفصل الأول: التعريف بالكتاب

- ‌المبحث الأول: اسم الكتاب

- ‌المبحث الثانِي: توثيق نسبة الكِتَاب إِلَى مؤلفه

- ‌المبحث الثَّالِث: تاريخ إكماله

- ‌الفصل الثانِي: وصف النسخ المعتمدة في التحقيق

- ‌المبحث الأول: النسخ الخطية للشرح

- ‌المبحث الثَّانِي: النسخ الْمطبوعة

- ‌المبحث الثَّالِث: النسخ الخطية لـ" التبصرة والتذكرة

- ‌الفصل الثَّالِث: منهج التحقيق

- ‌صور مخطوطات

- ‌أَقْسَامُ الْحَدِيْثِ

- ‌أَصَحُّ كُتُبِ الْحَدِيْثِ

- ‌الصَّحِيْحُ الزَّائِدُ عَلَى الصَّحِيْحَيْنِ

- ‌الْمُسْتَخْرَجَاتُ

- ‌مَرَاتِبُ الصَّحِيْحِ

- ‌حُكْمُ الصَّحِيْحَيْنِ والتَّعْلِيْق

- ‌نَقْلُ الْحَدِيْثِ مِنَ الكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ

- ‌ الْحَسَنُ

- ‌ الضَّعِيْفُ

- ‌الْمَرْفُوْعُ

- ‌الْمُسْنَدُ

- ‌الْمُتَّصِلُ وَالْمَوْصُوْلُ

- ‌(الموقوفُ

- ‌الْمَقْطُوْعُ

- ‌فُرُوْعٌ

- ‌الْمُرْسَلُ

- ‌الْمُنْقَطِعُ وَالْمُعْضَلُ

- ‌الْعَنْعَنَةُ

- ‌تَعَارُضُ الْوَصْلِ وَالإِرْسَالِ، أَو الرَّفْعِ وَالوَقْفِ

- ‌التَّدْلِيْسُ

- ‌الشَّاذُّ

- ‌الْمُنْكَرُ

- ‌ الاعتبار والمتابعات والشواهد:

- ‌زِيَادَاتُ الثِّقَاتِ

- ‌الأَفْرَادُ

- ‌المُعَلَّلُ

- ‌الْمُضْطَرِبُ

- ‌الْمُدْرَجُ

- ‌الْمَوْضُوْعُ

- ‌الْمَقْلُوْبُ

- ‌تَنْبِيْهَاتٌ

- ‌مَعْرِفَةُ مَنْ تُقْبَلُ رُوَايَتُهُ وَمَنْ تُرَدُّ

- ‌مَرَاتِبُ التَّعْدِيْلِ

- ‌مَرَاتِبُ التَّجْرِيْحِ

- ‌مَتَى يَصحُّ تَحَمُّلُ الْحَدِيْثِ أوْ يُسْتَحَبُّ

- ‌أَقْسَامُ التَّحَمُّلِ

- ‌الثَّاْنِي: القِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ

- ‌تَفْرِيْعَاتٌ

- ‌الثَّالِثُ: الإجَاْزَةُ

الفصل: ‌متى يصح تحمل الحديث أو يستحب

وفلانٌ مَجْهُوْلٌ، أَوْ فِيهِ جَهالةٌ، أَوْ لا أدري مَا هُوَ، أَوْ (لِلضَّعْفِ مَا هُوْ) أي: هُوَ قريبٌ مِنْهُ عَلَى مَا مَرَّ، أَوْ (1)(فِيهِ خُلْفٌ)، أَوْ (طَعَنُوا فِيهِ)، أَوْ مَطْعونٌ فِيهِ.

(كذا (2) سَيِّئُ حِفْظٍ)، أَوْ (ليِّنُ)، أَوْ ليِّنُ الحديثِ، أَوْ فِيهِ لِيْنٌ، أَوْ (تَكَلَّموا فِيهِ).

والحكمُ في أهلِ المراتبِ الأربع الأُوَلِ: أنَّه لا يُحتجُّ بأحدٍ مِنْهُمْ، ولا يُستَشْهَدُ بِهِ، ولا يُعتَبَرُ بِهِ.

(وكلُّ مَنْ ذُكِرْ مِنْ بَعْدُ) قوله: لا يساوي (شيئاً)، وَهُوَ مَا عدا الأربعِ

(بحديثِهِ اعتُبِر) لإشعارِ صيغتِهِ بصلاحيةِ المتصفِ بمضمونِها لِذلِكَ.

ومَا زادَهُ من ألفاظِ الجرحِ التي أشارَ إليها فِيْمَا مَرَّ بقولِهِ: ((وزدْتُ مَا في كَلامِ أهلِهِ وَجَدْتُ)) (3)، وَهُوَ:

يَضَعُ، ووضَّاعٌ، والثلاثةُ بعدَهُ، وهَالكٌ، وفِيهِ نَظرٌ، والتِّسعةُ بعدَهُ ولا يُساوي شيئاً، ومنكرُ الحَدِيْث، وواهٍ، وضَعَّفُوهُ، وفيه مَقالٌ، وضُعِّفَ، وتُنكِرُ وتَعْرِفُ (4)، وَلَيْسَ بالمتينِ، وَلَيْسَ بحُجَّةٍ إلى آخرِهِ مَا عَدا قوله: ليِّنٌ (5).

‌مَتَى يَصحُّ تَحَمُّلُ الْحَدِيْثِ أوْ يُسْتَحَبُّ

؟

(متى يَصِحُّ تحمُّل الحَدِيْثِ، أَوْ) أي ومتى (يُستحبُّ).

350 -

وَقَبِلُوا مِنْ مُسْلِمٍ تَحَمُّلَا

فِي كُفْرِهِ كَذَا صَبِيٌّ حُمِّلَا

351 -

ثُمَّ رَوَى بَعْدَ الْبُلُوْغِ وَمَنَعْ

قَوْمٌ هُنَا وَرُدَّ (كَالسِّبْطَيْنِ) مَعْ

352 -

إِحْضَارِ أَهْلِ الْعِلْمِ لِلصِّبْيَانِ ثُمّْ

قَبُوْلُهُمْ مَا حَدَّثُوا بَعْدَ الْحُلُمْ

(1)((أو)): سقطت من (ق).

(2)

في (م): ((وكذا))

(3)

البيت رقم (327).

(4)

المشهور في هذه الجملة: ((تعرف وتنكر)) بتاء الخطاب، وتقال أيضاً:((يعرف وينكر)) بياء الغيبة مبنياً للمجهول. ومعنى هذه الجملة على وجهيها: أنه يأتي مرة بالأحاديث المعروفة، ومرة بالأحاديث المنكرة، فأحاديثه تحتاج إلى سبر وعرض على أحاديث الثّقات المعروفين. انظر: التعليق على الرفع والتكميل: 143.

(5)

شرح التبصرة والتذكرة 2/ 79.

ص: 352

(وقَبِلُوا) - أي: المُحَدِّثُوْنَ - الرِّوَايَةَ (من مُسْلِمٍ) مُسْتَكْمِلٍ الشروطَ (تَحَمُّلا)، الحديثَ (1)(في) حالِ (كُفْرِهِ)، وأدائِهِ بَعْدَ إسْلامِهِ؛ لأنَّ جُبَيْرَ بنَ مُطْعِمٍ رضي الله عنه قَدِمَ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في فِدَاءِ أُسَارَى بدرٍ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، فَسَمِعَهُ حينئذٍ يَقْرَأُ في المغربِ بِالطُّورِ (2)، قَالَ: وذلك أوَّلُ مَا وَقَرَ الإيمانُ في قَلْبِي (3).

ثُمَّ أدَّى ذَلِكَ بَعْدَ إسلامِهِ، وحُمِلَ عَنْهُ.

و (كَذَا) يقبلُ عِنْدَهُم (صَبيٌّ حُمِّلا) الحديثَ (ثُمَّ رَوَى بَعْدَ البلوغِ) مَا تَحَمَّلَهُ في حالِ صِباهُ، (وَمَنَعْ قومٌ) القَبُولَ (4) (هُنَا) أي: في مَسْأَلَةِ الصبيِّ؛ لأنَّ الصَّبيَّ مَظِنَّةُ عَدمِ الضَّبْطِ.

(ورُدَّ) عَلَيْهِمْ، بإجماعِ الأئمَّةِ عَلَى قَبولِ حَدِيثِ جَمَاعَةٍ مِن صِغارِ الصَّحابةِ، تحمَّلُوهُ (5) في صِغَرِهِم، (كالسِّبطينِ) الحسنِ والحُسَينِ ابني بنتِهِ صلى الله عليه وسلم فاطمةَ، وكعبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، والنعمانِ بنِ بَشِيْرٍ، وعبدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ (6).

(1) قال ابن دقيق العيد في الاقتراح: 238: ((تحمل الحديث لا يشترط فيه أهلية الرّواية)).

(2)

أخرجه مالك (207)، والشافعي في مسنده 1/ 79و (142) بتحقيقنا، والطيالسي (946)، وعبد الرزاق (2692)، والحميدي (556)، وأحمد 4/ 80 و 83 و 84 و 85، والدارمي (1299)، والبخاري 1/ 194 (764) و 4/ 84 (3050) و 6/ 175 (4854)، وفي خلق أفعال العباد (47)، ومسلم 2/ 41 (463)، وأبو داود (811)، وابن ماجه (832)، والنسائي 2/ 169، وأبو يعلى (7393)، وابن خزيمة (514) و (1589)، وأبو عوانة 2/ 153 و 154، والطحاوي 1/ 211، وابن حبان (1829) و (1830)، والطبراني (1491) و (1496). كلهم من طريق محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه به.

(3)

صحيح البخاريّ 5/ 110 (4023)، وانظر: شرح التبصرة والتذكرة 2/ 80 - 81.

(4)

وهو وجه لبعض الشافعية. انظر: الإبهاج 2/ 313، والبحر المحيط 4/ 302، ومحاسن الاصطلاح: 241، وفتح المغيث 2/ 7 - 8.

(5)

وقد بوّب الخطيب البغدادي في الكفاية: (103 - 119 ت، 54 - 66 هـ): ((باب: ما جاء في صحة سماع الصغير)) أورد فيه جملة من الآثار التي حفظها صغار الصحابة، ومن بعدهم، وحدثوا بها بعد ذلك، وقبلت منهم.

(6)

شرح التبصرة والتذكرة 2/ 81.

ص: 353

(مَعْ إحْضَارِ أَهْلِ العِلْمِ) مِنَ الْمُحَدِّثِيْنَ وغيرِهم (للصِّبْيَانِ) مجالسَ التحديثِ، (ثُمّْ قَبُولُهُمْ) مِنْهُمْ (مَا حدَّثوا) بهِ مِن ذَلِكَ (بَعْدَ الحُلُمْ) أي: البلوغِ.

كَمَا وقعَ للقاضيِ أَبِي عُمَرَ (1) الهاشميِّ، فإنَّه سَمِعَ " السننَ " لأبي دَاوُد من اللُّؤْلُويِّ، ولِهُ خمسُ سنينَ، وَاعْتَدَّ (2) الناسُ بسماعِهِ، وحمَلوهُ (3) عَنْهُ (4).

وَقَالَ يعقوبُ الدَّوْرَقِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عاصمٍ، قَالَ: ذَهَبْتُ بابني إلى ابنِ جُرَيْجٍ، وسنُّهُ أقلُّ من ثلاثِ سنينَ، فحدَّثَهُ (5).

وهذا بالنَّظَرِ إلى صِحَّةِ السَّماعِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كونِ السَّامِعِ طَلبَ الحَدِيْثَ بنفسِهِ، أَمْ بغيرِهِ.

353 -

وَطَلَبُ الْحَدِيْثِ فِي الْعِشْرِيْنِ

عِنْدَ (الزُّبَيْرِيِّ) أَحَبُّ حِيْنِ

354 -

وَهْوَ الَّذِي عَلَيْهِ (أَهْلُ الْكُوْفَهْ)

وَالْعَشْرِ فِي (الْبَصْرَةِ) كَالْمَألُوْفَهْ

355 -

وَفِي الثَّلَاثِيْنَ (لأَهْلِ الشَّأْمِ)

وَيَنْبَغِي تَقْيِيْدُهُ بِالْفَهْمِ

356 -

فَكَتْبُهُ بالضَّبْطِ، والسَّمَاعُ

حَيْثُ يَصِحُّ، وَبِهِ نِزَاعُ

357 -

فَالْخَمْسُ (6) لِلْجُمْهُورِ ثُمَّ الحُجَّهْ

قِصَّةُ (مَحْمُوْدٍ) وَعَقْلُ الْمَجَّهْ

358 -

وَهْوَ ابْنُ خَمْسَةٍ، وَقِيْلَ أَرْبَعَهْ

وَلَيْسَ فِيْهِ سُنَّةٌ مُتَّبَعَهْ

359 -

بَلِ الصَّوَابُ فَهْمُهُ الْخِطَابَا

مُمَيِّزاً وَرَدُّهُ الْجَوَابَا

(1) هو القاسم بن جعفر بن عبد الواحد بن العبّاس الهاشمي توفّي سنة (414 هـ). انظر: المنتظم 8/ 14، وتاريخ بغداد 12/ 451، وسير أعلام النبلاء 17/ 225.

(2)

في (م): ((واعتمد)).

(3)

في نسخة (ق) و (ع): ((وتحملوه)).

(4)

انظر: الكفاية: (116 ت، 64 هـ)، وفتح المغيث 2/ 11.

(5)

الكفاية: (116 ت، 64 هـ)، وفيه:((يحدث بهذا الحديث والقرآن)). قال السخاوي: ((وكفى ببعض هذا متمسكاً في الرد فضلاً عن مجموعة، بل قيل: إن مجرد إحضار العلماء للصبيان يستلزم اعتدادهم بروايتهم بعد البلوغ، لكنّه متعقب بأنه يمكن أن يكون الحضور لأجل التمرين والبركة، ثمّ عن ما تقدم من سماع الصبي هو بالنظر للصحة سواء بنفسه أو بغيره)). فتح المغيث 2/ 11.

(6)

في نسخة ب من متن الألفية: ((والخمس)).

ص: 354

(و) أما (طلبُ الحَدِيْثِ) بنفسِهِ، وكتابتُهُ، فَهُوَ (في العِشْرينِ) -بكسرِ النون- مِنَ السنينِ (عِنْدَ) الإمامِ أبي عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِ بنِ أَحْمَدَ (الزُّبَيْرِيِّ) -بضمِّ الزاي (1) - (أحبُّ حِينِ) مِمّا قبلَهُ، فهي وَقْتُ استحبابِ طَلَبِ الحديثِ، وكتابتِهِ؛ لأنَّها مُجْتَمَعُ العقلِ (2).

(وَهْوَ) أي: استحبابُ طلبِهِ فِيْهَا (الّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الكوفَهْ)، فَقَدْ كانوا لا يُخرجُونَ أولادَهم في طلبِهِ إلا عِنْدَ استكمالِ عِشْرينَ سنةً (3).

(وَ) طلبُهُ في (العَشْرِ) مِنَ السِّنينِ (فِي) أَهْلِ (البصْرةِ، ك) الطريقةِ

(المأْلُوفَهْ) لَهُمْ حَيْثُ قيَّدوا بها (4)، ويجوزُ رفعُ ((العشرِ)) بالابتداءِ، وخبرُهُ:((كالمألوفَهْ)).

(و) طلبُهُ (في الثلاثينَ) مِنَ السنينِ طريقةٌ مألوفةٌ (5)(لأهلِ الشأْمِ).

(و) الحقُّ عدمُ تقييدِهِ (6) بسِنٍّ مخصوصٍ (7)، بَلْ (يَنْبَغِي تقييدُهُ بالفَهْمِ)، لحصولِ الغرضِ بِهِ.

(فَكَتْبُهُ) أي: ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ (8) كَتْبَ الحَدِيْثِ (بالضَّبْطِ) أي: بالتأهُّلِ لَهُ.

فَفِي الوقْتِ الْمُسْتَحَبِّ لابتداءِ الطَّلَبِ، أربعةُ أقوالٍ.

(وَ) يَنْبَغِي أَنْ يُقيّدَ (السَّمَاعُ) أي: سَمَاعُ الصَّبيِّ لِلحديثِ (حَيْثُ) أي: بحيثُ، بمعنى حِينَ (يَصِحُّ) سَمَاعُهُ فِيهِ، وذلكَ يختلفُ بِاختلافِ الأَشْخاصِ، ولا ينْحَصِرُ في زمنٍ مَخْصوصٍ، كَمَا قالَهُ ابنُ الصَّلاحِ.

(1) بضم الزاي وفتح الباء وسكون الياء المنقوطة من تحتها بنقطتين في آخرها الراء، وهذه النسبة معروفة إلى الزّبير بن العوام ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. الأنساب 3/ 151.

(2)

المحدّث الفاصل: 187 - 188، والإلماع: 65، والكفاية:(104 ت، 55 هـ)، ومعرفة أنواع علم الحديث:289.

(3)

قاله موسى بن إسحاق. المحدّث الفاصل: 186، والكفاية:(104 ت، 54 - 55 هـ).

(4)

قاله موسى بن هارون الحمال. انظر: المحدث الفاصل: 187. والكفاية (104 ت، 55 هـ)، والإلماع: 65، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 83.

(5)

كذلك وقال القاضي عياض في الإلماع: 66: ((سمعت بعض شيوخ العلم يقول: الرّواية من العشرين والدراية من الأربعين)).

(6)

في (ع): ((تخصيص)).

(7)

انظر: فتح المغيث 2/ 12.

(8)

في (م): ((تقيد)).

ص: 355

قَالَ: ((وينبغي بَعْدَ أنْ صارَ الملحوظُ إبقاءَ سِلْسِلةِ الإسنادِ، أن يُبَكَّرَ بإسماعِ الصغيرِ في أوَّلِ زمانٍ يصحُّ فِيهِ سَمَاعُهُ)) (1).

(وبِهِ) أي: وَفِي وَقْتِ صِحَّةِ سَماعِهِ (نِزاعُ) بَيْنَ العُلَمَاءِ، جملتُهُ فِيْمَا ذكرَهُ أربعةُ أقوالٍ أَيْضاً.

(فالخَمْسُ) مِنَ السِّنينِ التقييدُ بها (للجمهورِ).

قَالَ ابنُ الصَّلاحِ: وَعَلَيْهِ استقرَّ عَمَلُ أَهْلِ الحَدِيْثِ المتأخِّرينَ، فَيَكْتُبونَ لابنِ خمسٍ فأكثرَ:((سَمِعَ))، ولمنْ لَمْ (2) يبلغْهَا ((حَضَرَ))، أَوْ ((أُحْضِرَ)) (3).

(ثُمَّ الْحُجَّهْ) لَهُمْ في التقييدِ بها (قِصَّةُ مَحْمُودٍ)، هُوَ ابنُ الربيعِ، (و) هِيَ:

(عَقْلُ الْمجَّهْ) أي: عَقْلُهُ لها، وَهِيَ إرسالُ الماءِ من الفَمِ (4)، (وَهْوَ) أي: ومحمودٌ

(ابنُ خَمْسَةٍ) مِنَ الأعوامِ.

فَقَالَ - كَمَا في البُخَارِيِّ (5)، وغيرِهِ (6) -:((عَقَلْتُ مِنَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِيْ عَنْ دَلْوٍ وَأنَا ابْنُ خَمْسِ سِنِيْنَ)). وَفَعَلَ ذَلِكَ مَعَهُ مُدَاعَبةً، أَوْ تبريكاً (7).

(وَقِيلَ): يعني، وَقَالَ ابنُ عَبْدِ البرِّ: إنَّ محموداً عَقَلَ ذَلِكَ، وَهُوَ ابنُ (أربعَهْ) مِنَ الأعوامِ (8).

(1) معرفة أنواع علم الحديث: 290.

(2)

سقطت من (ص).

(3)

معرفة أنواع علم الحديث: 292.

(4)

انظر: فتح الباري 1/ 172.

(5)

صحيح البخاري 1/ 29 (77) و2/ 74 (1185) و8/ 95 (6354) و8/ 111 (6422).

(6)

مسلم 2/ 127 (657)(265)، وابن ماجه (660) و (754)، والنّسائيّ في الكبرى (5865) و (10947)، وفي عمل اليوم والليلة (1108)، وابن خزيمة (1709).

(7)

قال السخاوي في فتح المغيث 2/ 13: ((على وجه المداعبة، أو التبريك عليه، كما كان صلى الله عليه وسلم يفعل مع أولاد أصحابه رضي الله عنهم)).

(8)

الاستيعاب 3/ 422، وقال ابن حجر في الفتح 1/ 173 عقب (77): ((لم أقف على هذا صريحاً في شيء من الروايات بعد التتبع التام، إلا إذا كان ذلك مأخوذاً من قول صاحب " الاستيعاب ": أنه عقل المجة وهو ابن أربع سنين أو خمس

)).

ص: 356

(وَلَيسَ فِيهِ) أي: في تعيينِ وقتِ صِحَّةِ سَمَاعِهِ (سُنَّةٌ مُتَّبعَهْ)؛ إِذْ لَا يلزمُ مِن تمييزِ مَحْمُودٍ، أَنْ يميِّزَ غيرُهُ تمييزَهُ، بَلْ قَدْ يَنقُصُ عَنْهُ، وَقَدْ يزيدُ.

ولا يلزمُ أنْ لا يَعْقِلُ ذَلِكَ، وسنُّهُ أقلُّ مِن ذَلِكَ، كَمَا أنَّهُ لا يلزمُ مِنْ عَقْلِ المجَّةِ أَنْ (1) يَعْقِلَ غيرَها ممَّا سَمِعَهُ (2).

(بَلِ الصَّوابُ) الْمُعْتَبرُ في صِحَّةِ سَمَاعِهِ (فَهْمُهُ الْخِطَابا) حَالةَ (3) كونِهِ (مميِّزاً، وردُّه الْجَوابا) وإنْ كَانَ ابنَ أقلَّ مِنْ أرْبَعٍ (4).

فإنْ لَمْ يكنْ كَذلِكَ، لَمْ يَصِحَّ سَمَاعُهُ، وإن زادَ عَلَى الخَمْسِ.

360 -

وَقِيْلَ: (لابْنِ حَنْبَلٍ) فَرَجُلُ

قَالَ: لِخَمْسَ عَشْرَةَ التَّحَمُّلُ

361 -

يَجُوْزُ لَا فِي دُوْنِهَا، فَغَلَّطَهْ

قال: إذا عَقَلَهُ وَضَبَطَهْ

362 -

وَقِيْلَ: مَنْ بَيْنَ الْحِمَارِ وَالْبَقَرْ

فَرَّقَ سَامِعٌ، وَمَنْ لَا فَحَضَرْ

363 -

قال: بِهِ الَحْمَّالُ، وابْنُ الْمُقْرِيْ

سَمَّعَ لاِبْنِ أَرْبَعٍ ذِي ذُكْرِ

(و) مِمّا يَدلُّ عَلَى اعتبارِ الفَهْمِ، والتَّمييزِ دُوْنَ التَّقييدِ بسِنٍّ، أنَّهُ (قِيلَ لابن حَنْبَلٍ: فَرَجُلُ) أي: أنَّ رجلاً، وَهُوَ ابنُ مَعِيْنٍ (5) (قَالَ: لِخَمسَ عَشْرةَ) سنةً

(التَّحمُّلُ يَجُوزُ، لا في دُوْنِها) مُحْتَجّاً بأنَّهُ صلى الله عليه وسلم ردَّ البراءَ، وابنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - يومَ بدرٍ لصغرِهِمَا عَنْ هَذَا السنِّ.

(فَغَلَّطَهْ) ابنُ حَنْبَلٍ، و (قَالَ): بئسَ القَوْلُ، بَلْ (إذَا عَقَلهُ) أي: الحَدِيْثَ،

(وَضَبَطَهْ) صَحَّ تحمُّلُه وسَماعُهُ، وَلَوْ كَانَ صَبيّاً (6).

(1) في (ق): ((أن لا)).

(2)

انظر: النكت الوفية: 243/ أ.

(3)

في (ص) و (ق): ((حال)).

(4)

في (م): ((أربع سنين)).

(5)

انظر: فتح المغيث 2/ 16، وقال البقاعي في نكته الوفية243/أ:((هو يحيى بن معين، وقيل: يحيى بن سعيد)).

(6)

الكفاية: (113 ت، 61 هـ).

ص: 357

قَالَ (1): وإنَّما التّقْييدُ بِذَلِكَ في القِتالِ، وإلاّ، فَكيفَ يعملُ بوكيعٍ، وابنِ عُيَيْنَةَ، وغيرِهما، ممَّنْ سَمِعَ قَبْلَ هَذَا السنِّ (2).

(وَقِيلَ: مَنْ بينَ الحِمَارِ والبَقَرْ فرَّقَ)، فَهُوَ (سَامِعٌ، ومَنْ لَا) يُفَرِّقُ بينَهُما

(ف) يُقال لَهُ: (حَضَرْ)، ولا يُقالُ لَهُ: سَمِعَ.

(قَالَ بِهِ) مُوسى بنُ هارونَ (الحمَّالُ) بالمهملةِ - جواباً لمَنْ سألَهُ: متى يُسَمِّعُ للصبيِّ؟ فَقَالَ: إذَا فرَّقَ بَيْن البقرةِ، والحمارِ. وَفِي روايةٍ: بَيْن البقرةِ والدَّابةِ (3).

(وَ) الحافظُ أَبُو بكرِ (ابنُ المُقْرِيْ) لاعتبارِهِ الفَهْمَ والتَّمييزَ، (سَمَّعَ) أي: قَالَ بصحَّةِ السَّمَاعِ (لابنِ أرْبَعٍ) مِنَ السنينِ، (ذي ذُكِرْ) - بضمِّ المُعْجَمَةِ - أي: صَاحبُ حِفْظٍ، وَفَهْمٍ.

فَقَدْ قَالَ الخطيبُ: سَمِعْتُ القاضيَ أبا مُحَمَّدٍ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرحمانِ الأصبهانيَّ، يَقُول: حَفِظْتُ القُرْآنَ وَلَيْسَ لي خمسُ سنينَ، وأُحْضِرْتُ عِنْدَ أبي بَكْرِ ابنِ المقرئ، لأسمعَ مِنْهُ، ولي أربعُ سنينَ، فأرادوا أَنْ يُسَمِّعُوا لي فِيْمَا حَضَرْتُ قراءتَهُ، فَقَالَ بَعْضُهم: إنَّه يصغرُ مِنَ (4) السَّمَاعِ.

فَقَالَ ابنُ المقرئ: اقرأْ سورَة ((الكافرونَ))، فقرأتُها، فَقَالَ: اقرأْ سورةَ

((التكوير))، فقرأتُها، فَقَالَ غيرُه: اقرأ سورةَ ((والمرسلاتِ)) فقرأتُها، وَلَمْ أغلَطْ فِيْهَا، فَقَالَ (5) ابنُ المقرئِ: سَمِّعُوا لَهُ، والعُهْدَةُ عَلَيَّ (6)(7).

(1) يعني: الإمام أحمد بن حنبل.

(2)

انظر: الكفاية: (114 ت، 62 هـ).

(3)

انظر: الروايتين في الكفاية: (117 - 118 ت، 65 هـ).

(4)

في (ق): ((عن)).

(5)

سقطت من (ص).

(6)

تاريخ بغداد 10/ 144، وهي كذلك في الكفاية:(117 ت، 64 - 65هـ)، وذكر صاحب النكت الوفية قولين آخرين: 243/ أ.

(7)

بعد هذا في (ق) و (ع): ((جعله الله تعالى ممن نوّر قلوبهم بنور صفائه النفيس)).

ص: 358