الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُنْكَرُ
(1)
167 -
وَالْمُنكَرُ: الفَرْدُ كَذَا البَرْدِيجِيْ (2)
…
أَطْلَقَ، وَالصَّوَابُ فِي التَّخْرِيْجِ
168 -
إِجْرَاءُ تَفْصِيْلٍ لَدَى الشُّذُوْذِ مَرْ
…
فَهْوَ بِمَعْناهُ (3) كَذَا الشَّيْخُ ذَكَرْ
169 -
نَحْوَ ((كُلُوا البَلَحَ بالتَّمْرِ)) الخَبَرْ
…
وَمَالِكٍ (4) سَمَّى ابْنَ عُثْمَانَ: عُمَرْ
(1)((قد نوزع في إفراده بنوعٍ، وكلامهم يقتضي أنه: الحديث الذي انفرد به الراوي مخالفاً لِمَا رواهُ مَنْ هو أولى منه بالحفظ والإتقان، أو انفرد به من غير مخالفة لِمَا رواه أحد، لكن هذا التفرد نازل عن درجة الحافظ الضابط. يعرف من ذلك أن المنكر من أقسام الشاذّ فلم يحتج لإفراده)). نكت الزركشي 2/ 155.
وللدكتور حمزة المليباري في كتابه " نظرات جديدة في علوم الحديث ": 31، رأي آخر في المنكر، فقال:((وكذلك مصطلح ((المنكر))، فإنه عند المتأخرين ما رواه الضعيف مخالفاً للثقات، غير أن المتقدمين لم يتقيّدوا بذلك، وإنما عندهم كل حديث لم يعرف عن مصدره: ثقة كان راويه أم ضعيفاً، خالف غيره أم تفرد. وهناك في كتب العلل والضعفاء أمثلة كثيرة توضح ذلك، وقد ذكرت بعضها في كتابي " الحديث المعلول: قواعد وضوابط ": 66 - 77. فالمنكر في لغة المتقدمين أعمّ منه عند المتأخرين، وهو أقرب إلى معناه اللغوي، فإن المنكر لغة: نَكِرَ الأمرَ نكيراً وأنكره إنكاراً ونُكْراً، معناه: جهله. وجاء إطلاقه على هذا المعنى في مواضع من القرآن الكريم، كقوله تعالى:((وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ)) (يوسف: 58)، وقوله تعالى:((يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا)) (النحل: 83). وعلى هذا فإن المتأخرين خالفوا المتقدمين في مصطلح ((المنكر)) بتضييق ما وسعوا فيه)).
وانظر في المنكر:
الإرشاد 1/ 219، والتقريب: 69، والاقتراح: 198، والمنهل الروي: 51، والخلاصة: 70، والموقظة: 42، واختصار علوم الحديث: 58، والمقنع 1/ 179، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 329، ونزهة النظر: 98، والمختصر: 125، وفتح المغيث 1/ 190، وألفية السيوطي: 39، وشرح السيوطي على ألفية العراقي: 179، وفتح الباقي 1/ 197، وتوضيح الأفكار 2/ 3، وظفر الأماني: 356، وقواعد التحديث: 131، والحديث المعلول قواعد وضوابط: 66 - 77.
(2)
قال البقاعي في النكت الوفية: 149/أ: ((ما أطلقه البرديجي موجود في كلام أحمد؛ فإنه يصف بعض ما تفرد به بعض الثقات بالمنكر، ويحكم على بعض رجال الصحيحين أن لهم مناكير، لكن يعلم من استقراء كلامه أنه لابد مع التفرد من أن ينقدح في النفس أن له علة ولا يقوم عليها دليل)).
(3)
قارن بالنكت الوفية (149/ب)
(4)
قال البقاعي في النكت الوفية: 149/ب ((قوله: ومالك عطف على كلوا البلح أي: نحو كلوا، ونحو مالك في تسمية ابن عثمان عمر، وهو على حذف مضاف أي ونحو تسمية مالك فكأنه قيل ما سمى قال: سمى ابن عثمان، أو يكون التقدير ونحو مالك في أن سمى، فالحاصل أن مراده نحو هذا الحديث، ونحو هذا السند)).
170 -
قُلْتُ: فَمَاذَا؟ بَلْ حَدِيْثُ ((نَزْعِهْ
…
خَاتَمَهُ عِنْدَ الخَلَا وَوَضْعِهْ))
(وَالمُنْكَرُ) الحَدِيْثُ (الفَرْدُ)، وَهُوَ: الذي لا يُعرفُ متنُهُ مِن غيرِ جِهةِ راويهِ، (كَذَا) الحافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ هارونَ (البَرْدِيْجِيْ) أَطلقَ (1).
(والصوابُ فِيْ التخريجِ)، يعني: فِيْ المرويِّ كَذلِكَ (إجْراءُ تَفْصِيلٍ لَدَى) أي: عِنْدَ (الشذوذِ مَرْ) حَتَّى إنَّهُ ينقسمُ قسمينِ، كالشاذِّ (2).
(فَهْوَ بمعناهُ، كَذَا الشَّيْخُ) ابنُ الصَّلاحِ (ذكرْ)، فلم يُميِّزْ بَيْنَهُمَا. والمعتمَدُ أنَّهما متميِّزانِ، كَمَا جَرى عَلَيْهِ شَيْخُنا (3).
فالشَّاذُّ: مَا خالفَ فِيهِ الثِّقَةُ مَنْ هُوَ أوثقُ مِنْهُ، أَوْ تفرَّدَ بِهِ قليلُ الضَّبْطِ، كَمَا مَرَّ (4).
والمُنكرُ: مَا خالفَ فِيهِ المستورُ، أَوْ الضعيفُ الذي يَنْجَبِرُ بمتابعةِ مِثْلِهِ، أَوْ تفرَّدَ بِهِ الضَّعِيفُ الذي لا (5) يَنْجَبِرُ بِذَلِكَ.
فَعُلِمَ أنَّهما مُتميِّزانِ، وأنَّ كلاً مِنْهُمَا (6) قسمانِ.
والمقابلُ للشاذِّ: المحفوظُ، وللمنكرِ: المعروفُ (7).
وبهذا عُلِمَ تفسيرُ المحفوظِ، والمعروفِ، وَقَدْ أهملَهُما النَّاظِمُ تَبَعاً لابنِ الصَّلاحِ، واللائقُ ذِكْرُهُما، كَمَا ذكرَ مَعَ المُتَّصِلِ مَا يقابلُهُ من المرسلِ، والمنقطعِ، والمعضَلِ.
(1) روى الحافظ ابن الصلاح هذا القول عن الحافظ أبي بكر البرديجي بلاغا فقال: بلغنا عن أبي بكر البرديجي. معرفة أنواع علوم الحديث: 199. وانظر نكت الزركشي 2/ 156 - 157.
(2)
انظر: معرفة أنواع علوم الحديث: 200، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 330، والنكت لابن حجر 2/ 674.
(3)
نزهة النظر: 98.
وقال ابن الوزير - متعقبا على ابن الصلاح في تسويته بينهما -: ((كان يليق أن لا يجعل نوعا واحده))
قلنا: بما أنهما متماثلان عند ابن الصلاح ومن تبعه، كان الأولى دمجهما في مكان واحد، كما فعل الطيبي. انظر الخلاصة 69، وتنقيح الأنظار 2/ 5 (مع توضيح الأفكار)، ونزهة النظر 99.
(4)
انظر: نزهة النظر: 99، والنكت على كتاب ابن الصلاح 2/ 674 - 675.
(5)
في (م): (لم)
(6)
في (ق): ((وأنهما))
(7)
انظر: نزهة النظر: 98.
ولكلٍّ من قِسْمَيِ المنكرِ هُوَ بمعنى الشاذِّ أمثلةٌ:
فمثالُ الثَّانِي مِنْهُمَا: (نَحْوُ ((كُلُواْ البَلَحَ بِالتَّمْرِ))، الخَبَر) (1) وتمامُه:((فإنَّ ابْنَ آدَمَ إذَا أكَلَهُ غَضِبَ الشَّيْطَانُ، وَقَالَ: عَاشَ ابْنُ آدَمَ حَتَّى أكَلَ الْجَدَيْدَ بالخَلَقِ! (2))) (3).
فهذا الحَدِيْثُ مُنْكَرٌ، كَمَا قَالَهُ النَّسائيُّ (4)، وابنُ الصَّلاح (5)، وغيرُهما، فإنَّ راويه أبا زُكَيْرٍ وَهُوَ يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ قَيْسٍ البَصْرِيُّ، عَنْ هِشامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبيهِ، عَنْ عائِشةَ تفرَّدَ بِهِ، وأخرجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي المتَابَعاتِ (6)، غَيْرَ أنَّهُ لَمْ يبلُغْ رُتْبَةَ مَن يُحتملُ تفرُّدهُ.
ولأنَّ مَعناهُ رَكِيكٌ لا ينطبقُ عَلَى مَحاسنِ الشَّريعةِ؛ لأنَّ الشَّيطانَ لا يَغْضَبُ من مجرَّدِ حياةِ ابنِ آدمَ، بَلْ حياتُهُ مسلماً مطيعاً لله تَعَالَى.
ومثالُ الأَوَّل: نَحْوُ (مَالِكٍ) حَيْثُ (سَمَّى ابنَ عُثْمانَ) المعروفَ عِنْدَ غيرِهِ، بعَمْرٍو -بفتح العين- (عُمَرْ) بضمها -فِي روايتهِ- (7) حديثَ: ((لا يَرِثُ المُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ
(1) في (ص): ((الخبز))
(2)
المثبت من النسخ وفي (م): ((مع الخلق))
(3)
موضوع، ذكره ابن الجوزي في الموضوعات 3/ 26، وأقره السيوطي في الللآلئ 2/ 243.
أخرجه ابن ماجه (3330)، والنسائي في الكبرى (6724)، وأبو يعلى (4399)، والعقيلي في الضعفاء 4/ 427، وابن حبان في المجروحين 3/ 120، وابن عدي في الكامل 7/ 2697، والحاكم في المستدرك 4/ 21، وفي المعرفة: 100 - 101، والخطيب في تاريخه 5/ 353، قال أبو حاتم والذهبي:((منكر))، وكذلك استنكره العقيلي وابن عدي، وقال ابن حبان:((وهذا الكلام لا أصل له من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم)) وساقه ابن الجوزي في الموضوعات 3/ 25 - 26، والسيوطي في اللآليء المصنوعة 2/ 243 - 244، وذكر أن البلية فيه من أبي زكير يحيى بن محمد بن قيس المدني.
(4)
لم نجد كلام النسائي في المطبوع من السنن الكبرى، وهو في تحفة الأشراف 12/ 224 (17334)
(5)
معرفة أنواع علم الحديث: 202 - 203
(6)
انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 203، والمقنع 1/ 186، ومحاسن الاصطلاح: 181، والتقييد والايضاح: 109، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال:428.
(7)
في (ص): ((رواية)).
المُسْلِمَ)) (1) عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ، عَنْ عُمَر بنِ عُثْمانَ، عَنْ أسامةَ بنِ زيدٍ.
(1) الموطأ (1475)((رواية الليثي)). وقد أخرجه عن مالك أبو مصعب الزهري (3061)، وعبد الله بن مسلمة القعنبي عند الجوهري (210)، والمزي في تهذيب الكمال 5/ 444، وعبد الله بن وهب عند الجوهري (210)، والطحاوي في شرح المعاني 3/ 265، ومحمد بن الحسن (728)، ومصعب بن عبد الله بن الزبير عن ابن عبد البر في التمهيد 9/ 162، وقد رواه عن الزهري غير مالك جماعة منهم:
1 -
سفيان بن عيينة عند الحميدي (541)، وأحمد 5/ 200، والدارمي (3005)، ومسلم 5/ 59 (1614)، وأبو داود (2909)، وابن ماجه (2729)، والترمذي (2107)، والنسائي في الكبرى (6376)، وابن الجارود (954)، والطبراني (412)، والبيهقي 6/ 218، والمزي في تهذيب الكمال 5/ 443 - 444.
2 -
ومحمد ابن أبي حفصة عند أحمد 5/ 201، والبخاري 5/ 387 حديث (4284)، والطبراني (412).
3 -
ومعمر بن راشد عند أحمد 5/ 208 و209، والدارمي (3002)، والنسائي في الكبرى (6379)، والطبراني (412)، والبيهقي 6/ 218.
4 -
ابن جريج عند عبد الرزاق (9852)، وأحمد 5/ 208، والبخاري 8/ 194 حديث (6764)، والبيهقي 6/ 217.
5 -
ويونس عند ابن ماجه (2730)، والنسائي في الكبرى (6380)، والطحاوي في شرح المشكل (2504)، والدارقطني 4/ 69، والطبراني (412) والبيهقي 6/ 218.
6 -
وهشيم عند الترمذي (2107)، والنسائي في الكبرى (6382)، والطبراني (391).
7 -
وزمعة بن صالح عند الطبراني في الكبير (412).
8 -
عبد الله بن بديل بن ورقاء عند الطبراني (412)
9 -
عقيل بن خالد عند النسائي في الكبرى (6378)، والطبراني (412).
10 -
يزيد بن عبد الله بن الهاد عند النسائي في الكبرى (6377) والطبراني (412).
11 -
يحيى بن سعيد الأنصاري عند الطبراني (412).
12 -
سفيان بن حسين عند الطبراني (412).
13 -
صالح بن كيسان عند الطبراني (412).
قال الترمذي بعد أن ساقه من طريق سفيان بن عيينة وهشيم، عن الزهري، عن علي بن حسين، عن عمرو بن عثمان، به:((وهذا حديث حسن صحيح، هكذا رواه معمر وغير واحد عن الزهري نحو هذا. وروى مالك عن الزهري، عن علي بن حسين، عن عمر بن عثمان، عن أسامة بن زيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه. وحديث مالك وهم، وهم فيه مالك، وقد رواه بعضهم عن مالك فقال: عن عمرو بن عثمان، وأكثر أصحاب مالك قالوا: عن مالك، عن عمر بن عثمان، وعمرو بن عثمان هو مشهور من ولد عثمان، ولا يعرف عمر بن عثمان)). الترمذي 3/ 210 حديث (2107م). =
وَعَمْرُو وَعُمَرُ ثِقتانِ، وكلاهما وَلَدُ عُثمانَ، غَيْرَ أنَّ هَذَا الحَدِيْثَ إنَّما هُوَ عَنْ عَمْرٍو - بفتح العينِ - (1).
وَقَدْ حَكَمَ مُسْلِمٌ، وغيرُهُ عَلَى مَالِكٍ بالوَهَمِ (2)، وَقَالَ ابنُ
= وقال ابن عبد البر: ((هكذا قال مالك: عمر بن عثمان، وسائر أصحاب ابن شهاب يقولون: عمرو بن عثمان، وقد رواه ابن بكير عن مالك، على الشك، فقال فيه: عن عمر بن عثمان أو عمرو بن عثمان، والثابت عن مالك: عمر بن عثمان، كما روى يحيى وتابعه وأكثر الرواة، وقال ابن القاسم فيه: عن عمرو بن عثمان، وذكر ابن معين عن عبد الرحمن بن مهدي، أنه قال له: قال لي مالك بن أنس: تراني لا أعرف عمر من عمرو، هذه دار عمر، وهذه دار عمرو. أما أهل النسب فلا يختلفون أن لعثمان ابن عفان ابنا يسمى عمر، وله أيضا ابن يسمى عمرا، وله أيضا: أبان والوليد وسعيد، وكلهم بنو عثمان بن عفان، وقد روي الحديث عن عمر وعمرو وأبان
…
ومالك يقول فيه: عن ابن شهاب، عن علي بن حسين، عن عمر بن عثمان، عن أسامة، وقد وافقه الشافعي ويحيى ابن سعيد القطان على ذلك، فقال: هو عمر، وأبى أن يرجع، وقال: قد كان لعثمان ابن يقال له عمر، وهذه داره. ومالك لا يكاد يقاس به غيره حفظا وإتقانا؛ لكن الغلط لا يسلم منه أحد، وأهل الحديث يأبون أن يكون في هذا الإسناد إلا عمرو بالواو، وقال علي بن المديني، عن سفيان بن عيينة، أنه قيل له: إن مالكا يقول في حديث: ((لا يرث المسلم الكافر)): عمر بن عثمان، فقال سفيان: لقد سمعته من الزهري كذا وكذا مرة، وتفقدته منه، فما قال إلا عمرو بن عثمان.
وممن تابع ابن عيينة على قوله عمرو بن عثمان: معمر، وابن جريج وعقيل، ويونس بن يزيد، وشعيب ابن أبي حمزة، والأوزاعي، والجماعة أولى أن يسلم لها)). التمهيد 9/ 160 - 162، وانظر: علل ابن أبي حاتم (1635)، وتهذيب الكمال 5/ 444، والتعليق على موطأ مالك رواية الليثي 2/ 21 - 22، وشرح السيوطي: 181 - 182.
(1)
وانظر: معرفة أنواع علم الحديث: 202، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 334 - 335.
(2)
قال الإمام الترمذي - بعد أن ساقه من طريق سفيان بن عيينة وهشيم، عن الزهري، عن علي بن حسين، عن عمرو بن عثمان: ((هذا حديث حسن صحيح. هكذا رواه معمر وغير واحد عن الزهري نحو هذا. وروى مالك، عن الزهري، عن علي بن حسين، عن عمر بن عثمان، عن أسامة بن زيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
وحديث مالك وهم، وهم فيه مالك، وقد رواه بعضهم، عن مالك فقال: عن عمرو بن عثمان.
وأكثر أصحاب مالك قالوا: عن مالك، عن عمر بن عثمان.
وعمرو بن عثمان بن عفان هو مشهور من ولد عثمان، ولا يعرف عمر بن عثمان)). جامع الترمذي عقيب (2107م). =
الصَّلاحِ (1): فَهُوَ مُنْكرٌ. وَكأنَّهُ أرادَ أنَّهُ مُنْكرُ السَّنَدِ، وإلاّ فَهُوَ مُنْتَقَدٌ بقولِ النَّاظِمِ:(قُلْتُ: فَمَاذا) يَلزمُ مِنْ تَفَرُّدِ مَالِكٍ بِذَلِكَ (2)، مَعَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ وَلَدَيْ عُثْمَانَ ثِقةً (3)؟ غَايتُه أنَّ السَّنَدَ مُنكرٌ، أَوْ شاذٌّ لمخالفةِ مَالِكٍ الثِّقات فِي ذَلِكَ، ولا يلزمُ مِنْهُ نكارةُ المَتْنِ، ولا شذوذُهُ، بدليلِ مَا ذكرَهُ - أعني: ابنَ الصَّلاحِ - فِي المعلَّلِ مِثالاً لما يَكُونُ مَعْلولَ السَّنَدِ، مَعَ صحَّةِ مَتْنِهِ، وَهُوَ خَبرُ ((البَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ)) حَيْثُ رَواهُ يَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ (4)، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بنِ دينارٍ، عَنْ ابنِ عُمَرَ.
قَالَ: والعِلَّةُ فِي قولِهِ: عَنْ عَمْرِو بنِ دينارٍ، وإنَّما هُوَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دينارِ، والمتنُ صَحِيْحٌ بكلِّ حالٍ؛ فَلَا يَصْلُحُ ذَلِكَ الخبرُ مِثالاً لمُنكرِ المتنِ (5).
= وقال الإمام النسائي في الكبرى عقب (6377): ((والصواب من حديث مالك: عمرو ابن عثمان، ولا نعلم أن أحدا من أصحاب الزهري تابعه بعد على ذلك)).
وقال ابن عبد البر: ((هكذا قال مالك: عمر بن عثمان، وسائر أصحاب ابن شهاب يقولون: عمرو بن عثمان، وقد رواه ابن بكير عن مالك على الشك فقال فيه: عن عمر ابن عثمان أو عمرو بن عثمان والثابت عن مالك: عمر بن عثمان كما روى يحيى وتابعه القعنبي وأكثر الرواة، وقال ابن القاسم فيه: عن عمرو بن عمان.
وذكر ابن معين عن عبد الرحمن بن مهدي، أنه قال له: قال لي مالك بن أنس: تراني لا أعرف عمر من عمرو، هذه دار عمر، وهذه دار عمرو
…
ومالك لا يكاد يقاس به غيره حفظا وإتقانا؛ لكن الغلط لا يسلم منه أحد، وأهل الحديث يأبون أن يكون في هذا الإسناد إلا عمرو بالواو
…
الخ)). التمهيد 9/ 160 - 161.
(1)
معرفة أنواع علم الحديث ساق معناه: 200
(2)
((بذلك)): لم ترد في (ص).
(3)
انظر شرح التبصرة والتذكرة 1/ 336
(4)
رواية يعلى بن عبيد شاذة، أخرجها الطبراني في الكبير (13629)، وقد تحرف اسم يعلى فيها، ممّا دل على سوء الطبعة.
(5)
هذا الحديث صحيح، رواه عدد كبير من الصحابة يزيد مجموعهم على عشرين، والحديث اعتنى بتخريج طرقه الحافظ الزيلعي في نصب الراية 4/ 1 - 4، والحافظ ابن حجر العسقلاني في التلخيص الحبير3/ 23، وللمنذري مؤلف في تخريج طرقه، وهو مخطوط محفوظ بدار صدام للمخطوطات، وانظر تفصيل الروايات والطرق في مسند أبي يعلى 10/ 192 - 193، وإتحاف المهرة 8/ 528 حديث (9890)، والمسند الجامع 10/ 437 حديث (7729)، وكشف الإيهام (547).
بَلْ مِثالُهُ: (حديثُ: نَزْعِهْ) صلى الله عليه وسلم (خَاتَمَهُ عِنْدَ) دخولِ (الخَلَا) - بالقصرِ للوزنِ - (وَوَضْعِهْ)(1).
فإنَّ همَّامَ بنَ يَحْيَى رَواهُ عَنْ ابنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أنسٍ، كَمَا رَواهُ أصحابُ " السُّنَنِ " الأربعةِ.
فَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: ((إنَّه مُنكرٌ)) (2). قَالَ: وإنَّما يُعرفُ عَنْ ابنِ جُريجٍ، عَنْ زيادِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أنسٍ:((أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، اتَّخَذَ خَاتَماً من وَرِقٍ، ثُمَّ ألْقَاهُ)).
قَالَ: والوَهَمُ فِيهِ من همَّامٍ، وَلَمْ يروِهِ غيرُهُ.
لَكِنْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: إنَّه حَسَنٌ صَحِيْحٌ غَرِيْبٌ (3).
(1) أخرجه أبو داود (19)، وابن ماجه (303)، والترمذي (1746)، وفي الشمائل (93)، والنّسائيّ 8/ 178، وابن حبان (1410)، والحاكم 1/ 187، والبيهقي 1/ 94 و 95، والبغوي (189).
(2)
سنن أبي داود 1/ 5 عقب (19).
قلنا: جاء في حاشية شرح التبصرة والتذكرة 1/ 337 تعليق نصه: ((قال الحاكم في المستدرك والبيهقي في سننه: ورواه يحيى بن المتوكل عن ابن جريج، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، فعلى هذا لم ينفرد به همام)).
نقول: متابعة يحيى - هو ابن المتوكل - أخرجها الحاكم 1/ 187، والبيهقي 1/ 95، وضعّف البيهقي هذه المتابعة، ونازعه العراقي في التقييد: 108، بأنّ البيهقي ظنّه أبا عقيل صاحب بهية وهو ضعيف كما في الميزان 4/ 404، والصواب أنّه باهليّ يكنى أبا بكر، قال فيه ابن معين: لا أعرفه (سؤالات ابن الجنيد: 879)، قال ابن حجر في نكته 2/ 678:((أراد جهالة عدالته لا جهالة عينه))، وذكره ابن حبان في ثقاته 7/ 612، فقال:((يخطئ)). وعلى هذا فهو ممن يعتبر به. فلا تصحّ دعوى تفرد همّام به.
ومما يزيدنا يقيناً أنّ الخطأ في هذا الحديث ليس من همام، أنّ سماع أهل البصرة من ابن جريج لما قدم عليهم فيه خلل من جهة ابن جريج لا من جهتهم، ويحيى وهمام كلاهما بصري (نكت ابن حجر 2/ 677).
والذي يظهر أنّ الخلل في هذا الحديث تدليس ابن جريج، حيث أسقط الواسطة بينه وبين الزهري، وهو زياد بن سعد -على ما صرّح به في الرواية الثانية-. فعلّته الوحيدة تدليس ابن جريج، لذا قال الحافظ في نكته 2/ 678:((ولا علّة له عندي إلا تدليس ابن جريج، فإنْ وجد عنه التصريح بالسماع، فلا مانع من الحكم بصحته في نقدي))، ومعلوم عند أهل النقد أنّ تدليس ابن جريج من أقبح التدليس. انظر: تهذيب الكمال 4/ 562 والتعليق عليه.
(3)
الجامع الكبير 3/ 355 عقب (1746).