المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بالحديثِ، هلْ بَلَغَ رُتْبَةَ مَنْ يُحْتَجُّ بتَفَرُّدِهِ أو (1) لَا؟ - فتح الباقي بشرح ألفية العراقي - جـ ١

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌القِسْم الأول: [الدراسة]

- ‌الباب الأول: العراقي، ونظمه "التبصرة والتذكرة

- ‌الفصل الأول: سيرته الذاتية

- ‌المبحث الأول: اسمه، ونسبه، وكنيته، وولادته:

- ‌المبحث الثاني: أسرته:

- ‌المبحث الثالث: نشأته

- ‌المبحث الرابع: مكانته العلمية وأقوال العلماء فيه

- ‌المبحث الخامس: شيوخه

- ‌المبحث السادس: تلامذته

- ‌المبحث السابع: آثاره العلمية

- ‌المطلب الأول: مؤلفاته فيما عدا الحديث وعلومه

- ‌المطلب الثاني: مؤلفاته في الحديث وعلومه

- ‌المبحث الثامن: وفاته

- ‌الفصل الثَّانِي: " التبصرة والتذكرة

- ‌المبحث الأول: اسمها

- ‌المبحث الثَّانِي: أصلها

- ‌المبحث الرابع: اهتمام العُلَمَاء بِهَا

- ‌الباب الثَّانِي: الأنصاري، وكتابه " فتح الباقي

- ‌الفصل الأول: القَاضِي زكريا الأنصاري

- ‌المبحث الأول: سيرته الذاتية

- ‌المبحث الثاني: سيرته العلمية

- ‌الفصل الثانِي: كتاب " فتح الباقي

- ‌المبحث الأول: منهجه

- ‌المبحث الثانِي: مُميزات الشرح

- ‌الباب الثَّالِث: التحقيق

- ‌الفصل الأول: التعريف بالكتاب

- ‌المبحث الأول: اسم الكتاب

- ‌المبحث الثانِي: توثيق نسبة الكِتَاب إِلَى مؤلفه

- ‌المبحث الثَّالِث: تاريخ إكماله

- ‌الفصل الثانِي: وصف النسخ المعتمدة في التحقيق

- ‌المبحث الأول: النسخ الخطية للشرح

- ‌المبحث الثَّانِي: النسخ الْمطبوعة

- ‌المبحث الثَّالِث: النسخ الخطية لـ" التبصرة والتذكرة

- ‌الفصل الثَّالِث: منهج التحقيق

- ‌صور مخطوطات

- ‌أَقْسَامُ الْحَدِيْثِ

- ‌أَصَحُّ كُتُبِ الْحَدِيْثِ

- ‌الصَّحِيْحُ الزَّائِدُ عَلَى الصَّحِيْحَيْنِ

- ‌الْمُسْتَخْرَجَاتُ

- ‌مَرَاتِبُ الصَّحِيْحِ

- ‌حُكْمُ الصَّحِيْحَيْنِ والتَّعْلِيْق

- ‌نَقْلُ الْحَدِيْثِ مِنَ الكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ

- ‌ الْحَسَنُ

- ‌ الضَّعِيْفُ

- ‌الْمَرْفُوْعُ

- ‌الْمُسْنَدُ

- ‌الْمُتَّصِلُ وَالْمَوْصُوْلُ

- ‌(الموقوفُ

- ‌الْمَقْطُوْعُ

- ‌فُرُوْعٌ

- ‌الْمُرْسَلُ

- ‌الْمُنْقَطِعُ وَالْمُعْضَلُ

- ‌الْعَنْعَنَةُ

- ‌تَعَارُضُ الْوَصْلِ وَالإِرْسَالِ، أَو الرَّفْعِ وَالوَقْفِ

- ‌التَّدْلِيْسُ

- ‌الشَّاذُّ

- ‌الْمُنْكَرُ

- ‌ الاعتبار والمتابعات والشواهد:

- ‌زِيَادَاتُ الثِّقَاتِ

- ‌الأَفْرَادُ

- ‌المُعَلَّلُ

- ‌الْمُضْطَرِبُ

- ‌الْمُدْرَجُ

- ‌الْمَوْضُوْعُ

- ‌الْمَقْلُوْبُ

- ‌تَنْبِيْهَاتٌ

- ‌مَعْرِفَةُ مَنْ تُقْبَلُ رُوَايَتُهُ وَمَنْ تُرَدُّ

- ‌مَرَاتِبُ التَّعْدِيْلِ

- ‌مَرَاتِبُ التَّجْرِيْحِ

- ‌مَتَى يَصحُّ تَحَمُّلُ الْحَدِيْثِ أوْ يُسْتَحَبُّ

- ‌أَقْسَامُ التَّحَمُّلِ

- ‌الثَّاْنِي: القِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ

- ‌تَفْرِيْعَاتٌ

- ‌الثَّالِثُ: الإجَاْزَةُ

الفصل: بالحديثِ، هلْ بَلَغَ رُتْبَةَ مَنْ يُحْتَجُّ بتَفَرُّدِهِ أو (1) لَا؟

بالحديثِ، هلْ بَلَغَ رُتْبَةَ مَنْ يُحْتَجُّ بتَفَرُّدِهِ أو (1) لَا؟ فَعُلِمَ أنَّ مِنْ أنواعِ القِسْمِ الثاني، ما يُشَارِكُ الأوَّلَ، كإطلاقِ تَفَرُّدِ أهلِ بَلَدٍ بما يكونُ راويهِ منها واحداً، وتَفَرُّدِ ثِقَةٍ بما يُشارِكُهُ في روايَتِهِ ضَعِيْفٌ (2).

تَنْبِيْهٌ: قالَ ابنُ دَقِيْقِ العِيْدِ: ((إذا قِيْلَ في حديثٍ: تَفَرَّدَ بهِ فلانٌ، عَنْ فلانٍ، احتملَ أنْ يكونَ تفرُّداً مُطلَقاً، وأنْ يكونَ تَفَرَّدَ بهِ عنْ (3) هذا الْمُعَيَّنِ خاصَّةً، ويكونَ مرويّاً عن غيرِ ذلكَ الْمُعَيَّنِ: فَلْيُتَنَبَّهْ لذلكَ)) (4).

‌المُعَلَّلُ

(5)

193 -

وَسَمِّ مَا بِعِلَّةٍ مَشْمُوْلُ

مُعَلَّلاً، وَلَا تَقُلْ: مَعْلُوْلُ

194 -

وَهْيَ عِبَارَةٌ عَنَ اسْبَابٍ (6) طَرَتْ

فِيْهَا غُمُوْضٌ وَخَفَاءٌ أثَّرَتْ

195 -

تُدْرَكُ بِالخِلَافِ وَالتَّفَرُّدِ

مَعَ قَرَائِنَ تُضَمُّ، يَهْتَدِيْ

196 -

جِهْبَذُهَا إلى اطِّلَاعِهِ عَلَى

تَصْويْبِ إرْسَالٍ لِمَا قَدْ وُصِلَا

197 -

أوْ وَقْفِ مَا يُرْفَعُ، أوْ مَتْنٍ دَخَلْ

في غَيْرِهِ، أوْ وَهْمِ وَاهِمٍ حَصَلْ

198 -

ظَنَّ فَأمْضَى، أوْ وَقَفْ (7) فأحْجَمَا

مَعْ كَوْنِهِ ظَاهِرَهُ أنْ سَلِمَا

(1) في (ع): ((أم)).

(2)

انظر: فتح المغيث 1/ 241.

(3)

((عن)): لم ترد في (ق).

(4)

الاقتراح: 199 - 200.

(5)

انظر في الحديث المعلل:

معرفة علوم الحديث: 112، ومعرفة أنواع علم الحديث: 219، والإرشاد 1/ 234 - 248، والتقريب: 75 - 77، والمنهل الروي: 52، والخلاصة: 70، والموقظة: 51، واختصار علوم الحديث: 63، ونكت الزّركشيّ 2/ 204 - 223، والشذا الفياح 1/ 202 - 211، ومحاسن الاصطلاح: 194، والتقييد والإيضاح: 115، ونزهة النظر: 123، والنكت على كتاب ابن الصلاح 2/ 710، والمختصر: 134، وفتح المغيث 1/ 209، وألفية السيوطي: 55 - 66، وتوضيح الأفكار 2/ 25، وظفر الأماني: 363، وقواعد التحديث: 131، وتوجيه النظر 2/ 598 - 652، وراجع كتاب: أثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء.

(6)

بدرج الهمزة؛ لضرورة الوزن، وسينبه الشارح على ذلك.

(7)

الأصل هنا (وقف) بالفتح، ولا يصحّ الوزن بها، فسكّنت الفاء ثمّ أدغمت في فاء (فأحجما) فأصبحت فاءً واحدة صوتياً، وبهذا استقام الوزن.

ص: 260

قَالَ ابنُ الصلاحِ: ((مَعْرِفَةُ عِلَلِ الحديثِ مِنْ أجَلِّ عُلُومِهِ وأدَقِّها وأشرَفِها، وإنَّما يَتَضَلَّعُ (1) بذلكَ أهلُ الحِفْظِ، والخِبْرَةِ، والفَهْمِ الثَّاقِبِ)) (2).

(وَسَمِّ) أنتَ (ما) هوَ مِنَ الحديثِ (بِعِلَّةٍ) خَفِيَّةٍ مِنْ عِلَلِهِ الآتيةِ، في سندٍ، أو متنٍ (مَشْمُولُ مُعَلَّلاً)، كما عَبَّرَ بهِ ابنُ الصَّلاحِ (3).

(ولَا تَقُلْ) فيهِ: هُوَ (مَعْلُولُ) وإنْ وَقَعَ في كلامِ كثيرٍ مِنْ أهلِ الحديثِ (4)، والأصولِ، والكلامِ، والعَرُوْضِ؛ لأنَّهُ مِنْ ((عَلَّهُ الشَّرَابُ))، إذا سقاهُ (5) مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، لا مِمَّا نَحنُ فيهِ، وقالَ ابنُ الصلاحِ:((إنَّهُ مرذُوْلٌ عِنْدَ أهلِ العربيةِ، واللُّغَةِ)) (6)، والنَّوَوِيُّ:((إنَّهُ لَحْنٌ)) (7).

قَالَ النَّاظِمُ (8): ((والأجودُ الْمُعَلُّ (9) كما هوَ في عبارةِ بعضِهِمْ، وأكثرُ عِباراتِهِم في الفِعْلِ: أعَلَّهُ فلانٌ بِكَذا، وقياسُهُ: مُعَلٌّ، وهوَ المعروفُ لغةً قالَ الْجَوْهَريُّ (10): لا أَعَلَّكَ اللهُ أي: لا أصابَكَ بِعِلَّةٍ)). انتهى.

وقولُهُ: والأجودُ ((الْمُعلُّ)) أي: أجودُ مِنَ المعلُولِ، أو منهُ، ومِنَ المعلَّلِ تغليباً، وإلَاّ فالْمُعَلَّلُ لا جَوْدةَ فيهِ؛ فإنَّهُ لا يجوزُ أصلاً إلَاّ بتجوُّزٍ؛ لأَنَّهُ ليسَ مِنْ هَذَا البابِ، بلْ

(1) في معرفة أنواع علم الحديث لابن الصلاح: ((يضطلع)).

(2)

معرفة أنواع علم الحديث: 219.

(3)

معرفة أنواع علم الحديث: 219 - 220.

(4)

كالترمذي، وابن عدي، والدارقطني، وأبي يعلى الخليلي، والحاكم وغيرهم. انظر: شرح التبصرة1/ 364، والنكت الوفية: 159/أ، وفتح المغيث1/ 210، وتدريب الرّاوي1/ 251.

(5)

في (م): ((إذا أسقاه)).

(6)

معرفة أنواع علم الحديث: 219.

وانظر في مباحثات التسمية: نكت الزركشي 2/ 204، ومحاسن الاصطلاح 194، والنكت الوفية 159 / أ، وفتح المغيث 1/ 224، وتدريب الراوي 1/ 134، وتوضيح الأفكار 2/ 25، وأثر علل الحَدِيْث: 11، والحديث المعلل للدكتور خليل ملا خاطر 11.

(7)

التقريب: 75، وقد تحرّف في (م) إلى:((لحسن))، وهو خطأ أحال المعنى.

(8)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 364 - 365.

(9)

قال البقاعي في النكت الوفية 159/ أ: ((الأجود يفهم أن في استعمال معلل جودة ما، وليس كذلك؛ فإنه لا يجوز أصلاً، فيحمل على أن مراد الشّيخ أنه أجود من المعلول)).

(10)

الصحاح 5/ 1774.

ص: 261

مِنْ بابِ ((التَّعَلُّلِ)) (1)، الذي هُوَ التَّشاغلُ والتَّلَهِّي، ومنهُ: تعليلُ الصَّبِيِّ بالطَّعامِ كما ذَكَرَهُ هُوَ أيضاً (2).

أمَّا ((معلولٌ)) فموجودٌ، وبهِ عَبَّرَ شيخُنا (3)، بلْ قالَ: إنَّهُ الأولى؛ لأنَّهُ وقَعَ في عباراتِ أهلِ الفَنِّ، مَعَ ثُبُوتِهِ في اللُّغَةِ - أي: ومَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ على مَنْ لَمْ يَحْفَظْ - لَكِنَّ الأعرفَ: أنَّ فِعْلَهُ ثلاثيٌّ مزيدٌ، فالأجودُ:((الْمُعَلُّ)) كما قالَهُ النَّاظِمُ، وإنْ كانَ المعلولُ أولى، لِمَا مَرَّ.

(وهْيَ) أي: العِلَّةُ الخفِيَّةُ، (عِبارَةٌ عَنَ اسبابٍ) - بدرجِ الهمزةِ - جَمْعُ سَبَبٍ، وهوَ لغةً: ما يُتَوَصَّلُ بهِ إلى غيرِهِ (4).

واصْطِلَاحاً: ما يَلْزَمُ مِنْ وجودِهِ الوجودُ، ومِنْ عَدَمِهِ العدَمُ (5).

(طَرَتْ) - بحذفِ الهمزةِ تخفيفاً (6) - أي: طَلَعَتْ، بمعنى: ظهَرَتْ للنَّاقِدِ (فيها) أي: الأسبابِ، (غُمُوضٌ وخَفَاءٌ)، العطفُ فيهِ عطفُ تفسيرٍ، (أثَّرَتْ) أي: قَدَحَتْ في قَبولِ الحديثِ.

(تُدْرَكُ) أي (7): الأسبابُ، أو العِلَّةُ بعدَ جَمْعِ طُرُقِ الحديثِ، والفحصِ عنها

(بالخِلَافِ والتَّفَرُّدِ) أي: بمخالفةِ راويهِ لغيرِهِ، مِمَّنْ هوَ أحفظُ وأضبطُ، أو أكثرُ عدداً، وبتَفَرُّدِهِ بهِ بأنْ لَمْ يُتابَعْ عليهِ، (مَعَ قرائِنَ تُضَمُّ) لِمَا ذُكِرَ.

(يَهْتَدِيْ) بمجموعِ ذلكَ (جِهْبَذُها)(8) بذالٍ معجمةٍ - أي: الحاذقُ في هذا

(1) في (ع): ((التعليل)).

(2)

أي: الحافظ العراقي وكلامه في التقييد: 117، وانظر: الصحاح 5/ 1774، واللسان 11/ 469 (علل).

(3)

عنى بذلك الحافظ ابن حجر، وقد استعمل هذا الاسم في كتابه النكت2/ 710، ثم إنه قد سمّى كتابه:"الزهر المطلول في معرفة المعلول"، كذا ذكره السخاوي في فتح المغيث1/ 244، وذكره السيوطي في تدريب الراوي 1/ 258 باسم "الزهر المطلول في الخبر المعلول"، ومثله في الباعث الحثيث 1/ 199، وانظر: تعليق محقّقه.

(4)

انظر: الصحاح 1/ 145، ولسان العرب 1/ 247.

(5)

انظر: التعريفات للجرجاني: 68، والبحر المحيط 5/ 115.

(6)

انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 367.

(7)

في (ع) و (ق): ((أي تلك)).

(8)

جمع جهبذ وهو النّقّاد الخبير بغوامض الأمور، العارف بطرق النّقد. انظر: تاج العروس 9/ 392.

ص: 262

الفنِّ (إلى اطِّلَاعِهِ على تَصْوِيبِ إرسالٍ لِمَا قَدْ وُصِلا، أوْ) تصويبِ (وقْفِ ما يُرْفَعُ، أوْ) تصويبِ فَصْلِ (1)(مَتْنٍ)، ولوْ بَعْضاً (دَخَلْ) مُدْرَجاً (في) مَتْنِ (غَيْرِهِ، أوْ) إلى اطِّلَاعِهِ على (وَهْمِ واهِمٍ حَصَلْ) بغَيْرِ ما ذُكِرَ، كإبدالِ راوٍ ضَعيفٍ بثقةٍ.

وقَدْ (ظَنَّ) الجِهْبَذُ قوَّةَ ما وَقَفَ عليهِ مِنْ ذلكَ، (فأمضَى) الحكمَ بما ظَنَّهُ مِنْ عَدَمِ قَبُولِ الحديثِ؛ لأنَّ مَبْنَى ذلكَ على غَلَبةِ الظنِّ.

(أوْ) تَرَدَّدَ بحيثُ (وَقَفْ) بإدغامِ فائهِ في فاءِ، (فَأَحْجَما) عَنِ الحكْمِ بقَبُولِ الحديثِ، وعدمِهِ احتياطاً.

كُلُّ ذلكَ (مَعْ كَوْنِهِ) أي: الحديثُ الْمُعَلُّ، أو المتَوَقَّفُ فيهِ (ظَاهِرَهُ) قبلَ الوقوفِ (2) على عِلَّتِهِ (أنْ سَلِمَا) أي: سلامتُهُ منها لِجَمْعِهِ شروطَ قَبولِهِ ظاهِراً.

فقَوْلُهُ: ((ظاهِرَهُ)) منصوبٌ خبرُ ((كانَ))، و ((أنْ سَلِمَا)) فاعِلُهُ (3)، أو مرفوعٌ (4) مبتدأٌ، و ((أنْ سَلِمَا)) خبرُهُ، والجملةُ خبرُ ((كانَ)) (5).

وَعُلِمَ مِنْ تَعْريفِ العِلَّةِ بما ذكرَ أنَّ الْمُعَلَّ: حديثٌ فيهِ أسبابٌ خفِيَّةٌ، طَرَأَتْ عليهِ فأثَّرَتْ فيهِ (6).

قالَ شيخُنا (7): ((وأحسنُ منهُ أنْ يُقَالَ: هوَ حديثٌ ظاهرُهُ السلامةُ اطُّلِعَ فيهِ بعدَ التفتيشِ على قادحٍ)).

(1) في (ق): ((وصل)).

(2)

في (ق): ((قبول الوقف)).

(3)

أي: أن المصدرية وما بعدها.

(4)

الكلام عائد إلى: ((ظاهره)).

(5)

وهذا الوجه اختاره السخاوي في فتح المغيث 1/ 246، ولم يذكر غيره.

(6)

التقريب: 75 - 76، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 366، وانظر: النكت الوفية: 160/ أ.

(7)

يعني: الحافظ ابن حجر العسقلاني، وهذا التعريف نقله أيضاً البقاعي في النكت الوفية 160/ أ، وعزاه لشيخه الحافظ ابن حجر، ومن هذا يدرك خطأ الدكتور الفاضل همام عبد الرحيم في دراسته لعلل ابن رجب 1/ 22 إذ ذكر أنّ البقاعي نقله عن العراقي.

ص: 263

ومثالُهُ: حديثُ ابنِ جُريجٍ في التِّرمذيِّ (1)، وغيرِهِ (2): عَنْ موسى بنِ عُقْبَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بنِ أبي صالحٍ، عَنْ أبيهِ، عَنْ أبي هُريرةَ مرفوعاً:((مَنْ جَلَسَ مَجْلِساً، فَكَثُرَ فيهِ لَغَطُهُ (3)، فقالَ قبلَ أنْ يقومَ: سُبْحانَكَ اللهُمَّ وبِحَمْدِكَ

الحديثَ)) (4).

فإنَّ موسى بنَ إسماعيلَ المِنْقَرِيَّ (5)، رواهُ عنْ وُهَيْبِ (6) بنِ خالدٍ الباهِليِّ، عَنْ سُهَيْلٍ المذكورِ، عَنْ عَوْنِ بنِ عبدِ اللهِ.

وبهذا أعلَّهُ البخاريُّ، فقالَ: هوَ مرْوِيٌّ عَنْ موسَى بنِ إسماعيلَ، وأمَّا موسَى بنُ عُقْبَةَ فلا نَعْرِفُ لهُ سماعاً مِنْ سُهَيْلٍ (7).

199 -

وَهْيَ (8) تَجِيءُ غَالِباً في السَّنَدِ

تَقْدَحُ في المتْنِ بِقَطْعِ مُسْنَدِ

200 -

أوْ وَقْفِ مَرْفُوْعٍ، وَقَدْ لَا يَقْدَحُ

(كَالبَيِّعَانِ بالخِيَار) صَرَّحُوا

201 -

بِوَهْمِ (يَعْلَى بْنِ عُبَيدٍ): أبْدَلا

(عَمْراً) بـ (عَبْدِ اللهِ) حِيْنَ نَقَلا

202 -

وَعِلَّةِ المتْنِ كَنَفْي البَسْمَلَهْ

إذْ ظَنَّ رَاوٍ نَفْيَها فَنَقَلَهْ

203 -

وَصَحَّ أنَّ أَنَساً يَقُوْلُ: (لا

أحْفَظُ شَيْئاً فِيهِ) حِيْنَ سُئِلَا (9)

(1) الجامع الكبير 5/ 432 (3433).

(2)

أخرجه أحمد 2/ 369 و 494، والنسائي في عمل اليوم والليلة (397) وفي الكبرى (10230)، والطحاوي في شرح المعاني 4/ 289،، وابن حبان (593)، والطبراني في الأوسط (77)

و (6580)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (447)، والبغوي (1340). وانظر بلا بدٍّ: تعليقنا على شرح التبصرة والتذكرة 1/ 368 - 369.

(3)

في (ق): ((لفظه)).

(4)

بعد هذا في (ع): ((أشهد أن لا إله إلا أنت، استغفرك وأتوب إليك غفر له ما صدر منه في ذلك المجلس)).

(5)

بكسر الميم وسكون النون وفتح القاف. التقريب (6643).

(6)

بالتصغير. التقريب (7487).

(7)

ذكر الخطيب البغدادي في تاريخه سؤال مسلم للإمام البخاريّ عن هذا الحديث وإجابته

إياه: بأنه معلول، والسبب عدم سماع موسى بن عقبة من سهيل.

انظر: تاريخ بغداد 2/ 29و13/ 103، ومعرفة علوم الحديث: 113، وشرح التبصرة والتذكرة

1/ 369.

(8)

الضمير في: ((وهي)) يعود على العلة القادحة الخفية.

(9)

هذا البيت سقط من نسخة (ج) من متن الألفية.

ص: 264

(وهْيَ) أي: العِلَّةُ الخفِيَّةُ القادِحَةُ، (تَجيءُ غالِباً في السَّنَدِ) أي: وقليلاً في المتنِ، فالتي في السَّنَدِ (يَقْدَحُ في) قَبولِ (المتنِ، بقَطْعِ مُسْنَدِ) مُتَّصِلٍ، (أَوْ وَقْفِ مَرْفُوعٍ)، أوْ غيرِ ذلكَ مِنْ مَوانِعِ القَبولِ، وذلكَ حيثُ لَمْ يَتَعَدَّدِ السَّنَدُ، أوْ لَمْ يَقْوَ الاتِّصَالُ، أو الرَّفْعُ -مثَلاً- على القَطْعِ، أو الوقْفِ.

(وقَدْ لا تَقْدَحُ) فيهِ، بأنْ يتَعَدَّدَ السَّنَدُ، أو يَقْوى الاتِّصالُ، أوْ نحوَهُ، أو يَقَعَ الاختلافُ في تعيينِ واحِدٍ مِنْ ثِقَتَيْنِ، (ك) حديثِ:(البَيِّعَانِ بالخِيَارِ)(1) المرْوِيِّ، عَنْ عبدِ اللهِ بنِ دينارٍ المدَنِيِّ، عَنْ مولَاهُ ابنِ عُمَرَ.

فَقَدْ (صَرَّحُوا) أي: النُّقَّادُ (بوَهْمِ) راويهِ (يَعْلَى بنِ عُبَيْدٍ) الطَّنافِسِيِّ (2)، إذْ

(أَبْدَلَا) - بأَلِفِ الإطلاقِ - (عَمْراً) هوَ ابنُ دينارٍ المكيُّ (بـ: عبدِ اللهِ) ابنِ دينارٍ، الذي هوَ الصَّوابُ. فالباءُ داخلةٌ عَلَى المتروكِ (3) تشبيهاً لِلإبدالِ بالتَّبَدُّلِ، وإلَاّ فهوَ خلافُ مَا عليهِ أَئمَّةُ اللُّغةِ مِنْ أنَّها إنَّما تدخُلُ عَلَى المأخوذِ في الإبدالِ، كالتَّبديلِ، وعلى المتروكِ في الاستبدالِ و (4) التَّبَدُّلِ، إنْ لَمْ يذكرْ مَعَ المتروكِ، والمأخوذِ غَيْرِهِما في الأربعةِ (5).

وقدْ حَرَّرَ ذلكَ شيخُنا، شيخُ الإسلامِ، الشمسُ (6) القَايَاتيُّ (7)، أتَمَّ تَحْريرٍ في شرحِهِ (8) لِخُطْبَةِ " مِنْهَاج النَّوَويِّ "(9)، وبذلكَ انْدَفَعَ ما قيلَ: إنَّ الباءَ في الإبدالِ، إنَّما تدخُلُ على المتروكِ.

(1) أخرجه الحميدي (655)، وأحمد 2/ 9 و 51 و 135، والبخاري 3/ 84 (2113)، ومسلم 5/ 10 (1531)(46)، والنّسائيّ 7/ 250 و 251.

(2)

رواية يعلى بن عبيد عند الطبراني في الكبير (13629).

(3)

انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 376، وفتح المغيث 1/ 248، وشرح السيوطي:194. وانظر: مغني اللبيب: 141، وتعقّب البقاعي في النكت الوفية: 162 / ب.

(4)

في (ع): ((أو)).

(5)

ذكره البقاعي في النكت الوفية 162 / ب.

(6)

((الشمس)): سقط من (ق).

(7)

تقدمت ترجمته في قسم الدراسة.

(8)

انظر: حاشية الجمل على المنهج 1/ 24.

(9)

انظر عن هذا الكتاب: وجيز الكلام 2/ 608، ونظم العقيان:154.

ص: 265

(حِيْنَ نَقَلَا) -بأَلِفِ الإطلاقِ- أي: روَى يَعْلَى ذلكَ، عَنْ سُفيانَ الثَّوريِّ، عَنْ عَمْرِو بنِ دينارٍ، وشَذَّ بذلكَ عَنْ سائِرِ أصحابِ الثَّوريِّ (1)، فَكُلُّهُمْ قالُوا:((عَبدَ اللهِ))، بَلْ تُوبِعَ الثَّوريُّ (2) فرَوَاهُ كثيرونَ عَنْ عبدِ اللهِ.

قالَ ابنُ الصلاحِ: ((وكلاهُما - أي: عَمْرٌو، وعبدُ اللهِ - ثِقَةٌ)) (3) أي: فلهذا لَمْ يَقْدَحِ الخِلَافُ فيهما في المتنِ.

(وَعِلَّةِ المتْنِ) القادحةِ فيهِ، (كـ) حديثِ (نَفْي) قراءةِ (البسْمَلَهْ) فِي الصلَاةِ، المرويِّ عَنْ أنسٍ، (إذْ ظَنَّ راوٍ) مِنْ رُواتِهِ حِيْنَ سَمِعَ قَوْلَ أنسٍ - رَضِيَ اللهُ تعَالَى عنهُ -:((صَلَّيْتُ خَلْفَ رسولِ اللهِ (4) صلى الله عليه وسلم وأبي بَكْرٍ، وعُثْمانَ رضي الله عنهم فكانُوا يَسْتَفْتِحُونَ بـ:((الحمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ)) (5)، (نَفْيَها) أي: البسمَلَةَ بذلكَ.

(فَنَقَلَهْ) مُصَرِّحاً بما ظَنَّهُ، فقالَ عَقِبَ ذلكَ:((فَلَمْ يَكُونُوا يَفْتَتِحُونَ (6) القراءَ ةَ، بـ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ)) (7).

وَفِي روايةٍ: ((لَا يَذْكُرُوْنَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ، في أوَّلِ قِرَاءةٍ، ولَا في

آخِرِهَا)) (8). فصارَ بذلكَ حديثاً مرفوعاً، والراوي لهُ مخطِئٌ في ظَنِّهِ.

(1) فقد رواه عن سفيان أبو نعيم الفضل بن دكين عند أحمد2/ 135، والبيهقي5/ 269، وابن عبد البر في التمهيد 12/ 22.

ومحمد بن يوسف الفريابي عند البخاريّ 3/ 84 (2113)، ومخلد بن يزيد عند النّسائيّ 7/ 250، وفي الكبرى (6069)، وعبد الرزاق في مصنفه (14265) وغيرهم. قال السخاوي في فتح المغيث 1/ 249:((وقد أفرد الحافظ أبو نعيم طرقه من جهة عبد الله خاصّة فبلغت عدة رواته عنه نحو الخمسين)) وكذا قال البقاعي في نكته 162/ب.

(2)

تابعه شعبة عند أحمد 2/ 51، والنّسائيّ 7/ 251، وسفيان بن عيينة عند الحميدي (655)، وأحمد 2/ 9، ويزيد بن عبد الله بن الهاد عند النّسائيّ 7/ 250، وإسماعيل بن جعفر عند مسلم 5/ 10 (1531)(46)، والنّسائيّ 7/ 250 وغيرهم. وانظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 374 - 375.

(3)

معرفة أنواع علم الحديث: 223.

(4)

في (ع) و (ص): ((النّبيّ)).

(5)

صحيح مسلم 2/ 112 (399)(52).

(6)

في (ص): ((يستفتحون)).

(7)

صحيح مسلم 2/ 12 (399)(50)(51).

(8)

صحيح مسلم 2/ 12 (399)(52).

ص: 266

ومِنْ ثَمَّ قالَ الشافِعِيُّ وأصحابُهُ: المعنى أنَّهُم يَبْدَؤُونَ بقراءَ ةِ أُمِّ القرآنِ قَبْلَ ما يُقْرَأُ بَعْدَها، لَا أنَّهُمْ يَتْرُكُونَ البَسْمَلَةَ (1).

(و) قَدْ (صَحَّ)، كما صَرَّحَ بهِ الدارَقُطْنيُّ (2)، وغيرُهُ (3)، ما (4) يتَأَيَّدُ بهِ القَولُ بخطإِ النَّافِي، (أنَّ أَنَساً) رضي الله عنه (يَقولُ:((لَا أَحْفَظُ شَيئاً فيهِ)) حِيْنَ سُئِلا) -بأَلِفِ الإطلاقِ-.

أيْ: حِيْنَ (5) سَأَلَهُ أبو مَسْلَمَةَ (6) سعيدُ بنُ يزيدَ، أكانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَفْتِحُ بـ: الحمدُ للهِ، أو بـ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ (7)؟

لَكِنْ قَدْ رَوَى الحديثَ عَنْ أنسٍ جماعةٌ، منهمْ: حُمَيْدٌ، وقَتَادَةُ، والْمُعَلُّ إنَّما هُوَ رِوايةُ حُمَيْدٍ، إذْ رَفْعُهَا وَهَمٌ مِنَ الوَليدِ بنِ مسلمٍ (8)، عَنْ مالكٍ عنهُ، فإنَّ سائِرَ الرواةِ عَنْ مالكٍ، لَمْ يَذكُرُوا فيها:((خَلْفَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم)) فَلَيْسَ عِنْدَهُمْ إلَاّ الوقْفُ.

وأمَّا روايةُ قَتَادَةَ، فَلَمْ يَتَّفِقْ أصحابُهُ عنهُ على ذِكْرِ النَّفْيِ المذكورِ، بلْ أكثرُهُم لَمْ يَذْكُروهُ، وجماعةٌ منهمْ ذَكَرُوهُ بلفظِ:((فَلَمْ يَكُونُوا يَجْهَرُونَ بـ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ)).

وجماعةٌ بلفظِ: ((فَلَمْ يَكُونُوا يَفْتَتِحُونَ القِرَاءَ ةَ بـ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ)).

وَجماعَةٌ بلَفْظِ: ((فَلَمْ أَسْمَعْ أحداً (9) منهُمْ يَقرأُ بـ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ)).

والجمعُ بينَ هذِهِ الرواياتِ - كَمَا قالَ شيخُنا (10) - ممكِنٌ، بِحَمْلِ نَفْيِ القرَاءَ ةِ

(1) انظر: الأم 1/ 107، ومعرفة السنن والآثار 1/ 163 / ب.

(2)

انظر: سنن الدارقطني 1/ 316.

(3)

الحديث أخرجه أيضاً أحمد 3/ 100 و 166 و 189، وابن خزيمة (1010).

(4)

سقطت من (ص) وفي (ق): ((مما)).

(5)

سقطت من (ص) و (ق).

(6)

في (ق): ((سلمة)) خطأ. وانظر: التقريب (2419).

(7)

سنن الدارقطني 1/ 316.

(8)

رواية الوليد بن مسلم أخرجها ابن عبد البرّ في التمهيد 2/ 228، وانظر: شرح التبصرة والتذكرة1/ 376.

(9)

في نسخة (ع): ((واحداً)).

(10)

يعني: الحافظ ابن حجر، وانظر: الدراية 1/ 132.

ص: 267

على نَفْيِ السماعِ، ونَفْيِ السماعِ على نَفْيِ الْجَهْرِ، ويُؤَيِّدُهُ ما رواهُ ابنُ خزيمةَ (1)، عَنْ أنسٍ:((أنَّهُمْ كانُوا يُسِرُّونَ بـ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ))، وإنْ كانَ في سنَدِهِ ضَعِيْفٌ (2).

وبهذا الجمْعِ سَقَطَتْ دَعْوَى: أنَّ هذا اضطرابٌ، لا تقومُ مَعَهُ حُجَّةٌ (3)؛ لأنَّ شَرْطَ هَذَا الاضطرابِ عَدَمُ إمكانِ الجمعِ، وتَسَاوِي الطُّرُقِ قُوَّةً وضَعْفاً، وهذا ليسَ كذلكَ؛ لأَنَّهُ قَدْ أمْكَنَ الجمْعُ، ولَمْ تتَسَاوَ الطُّرُقُ، فإنَّ روايةَ:((يَفْتَتِحُوْنَ بـ: الحمدُ للهِ رَبِّ العالَمِيْنَ)) (4) أصحُّ.

ثُمَّ روايةُ: ((فَلَمْ يَكُونُوا يَجْهَرُونَ بـ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ، ثُمَّ روايةُ: لا يَذْكرونَ بِسمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ في أوَّلِ قِراءَ ةٍ، ولَا في آخِرِها)).

وأمَّا روايةُ: ((فكانُوا يَجْهَرُونَ بـ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ))؛ فضعيفَةٌ (5).

204 -

وَكَثُرَ التَّعْلِيْلُ (6) بِالإرْسَالِ

لِلوَصْلِ (7) إنْ يَقْوَ عَلَى اتِّصَالِ (8)

(1) صحيح ابن خزيمة (498).

(2)

والضعيف هو: سويد بن عبد العزيز بن نمير السلمي. التقريب (2692).

(3)

اعترض البقاعي على هذا فقال: ((ليس كذلك؛ فإنّ الاضطراب الذي لا تقوم

معه حجة شرطه عدم إمكان الجمع وتساوي الطرق قوةً وضعفاً، وهذا ليس كذلك فإن أصح ما فيه رواية يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين، ويليه كانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم، ويليه كانوا لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءةٍ ولا آخرها مع أن الجمع ممكن بحمل نفي قراءة البسملة على نفي الجهر بها، وكذا القراءة بالحمد لله رب العالمين أي الفاتحة، وإن أريد اللفظ حمل على

الجهر، وأما فكانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم فضعيفٌ، وأما كان يسّرون ببسم الله الرحمن الرحيم فقد رواها ابن خزيمة وفي سنده راوٍ ضعيف فلا يسمّى الصّحيح الذي هو في أعلى الدرجات مضطرباً بما لا يقاومه))، النكت الوفية: 164/ ب.

(4)

جملة: ((رب العالمين)). لم ترد في (ع).

(5)

انظر بلا بدٍّ: شرح التبصرة 1/ 376 - 384 وتعليقنا عليه، وانظر الدراية 1/ 132.

(6)

قال البقاعي في النكت الوفية: 168/ أ: ((لو قال الإعلال لكان أولى، فالإرسال مراده به هنا المرسل وكذا الوصل مراده به الموصولأي: وكثر إعلال الموصول بالمرسل)).

(7)

في (ج) من متن الألفية: ((بالوصل)).

(8)

في (ب) من متن الألفية: ((اتصالي)).

ص: 268

205 -

وَقَدْ يُعِلُّوْنَ بِكُلِّ قَدْحِ

فِسْقٍ، وَغَفْلَةٍ، وَنَوْعِ جَرْحِ (1)

206 -

وَمِنْهُمُ مَنْ يُطْلِقُ اسْمَ العِلَّةِ

لِغَيْرِ (2) قادحٍ كَوَصْلِ ثِقَةِ

207 -

يَقُوْلُ: مَعْلُوْلٌ صَحِيْحٌ كَالذّيْ

يَقُوْلُ: صَحَّ مَعْ شُذُوْذٍ احْتُذِيْ

208 -

وَالنَّسْخَ سَمَّى (التِّرْمِذِيُّ) عِلَّهْ

فَإنْ يُرِدْ في عَمَلٍ فَاجْنَحْ لَهْ

وَلَمَّا قَدَّمَ أنَّ العِلَّةَ تكونُ خَفِيَّةً، بَيَّنَ أنَّها تكونُ أيضاً ظاهِرَةً، فقالَ:

(وَكَثُرَ) مِنَ المحدِّثينَ (التَّعْلِيلُ) الأوجهُ لِمَا مَرَّ: الإعلالُ (3)(بالإرسالِ) الظاهِرِ

(لِلْوَصْلِ)، وبالوقفِ للرَّفْعِ، بمعنَى: أنَّهُ كَثُرَ إعلالُ الموصولِ بالإرسالِ والمرفوعِ بالوَقْفِ، (إنْ يَقْوَ) الإرسالُ أو الوقفُ بكونِ راويهِ أضبطَ، أو أكثرَ (4) عدداً (عَلَى اتِّصَالِ)، أو رَفْعٍ.

(وَقَدْ يُعِلُّونَ) الحديثَ (بِكُلِّ قَدْحِ) ظاهِرٍ مِنْ (فِسْقٍ) في راويهِ، (وَغَفْلَةٍ) منهُ، (وَنَوْعِ جَرْحِ) فيهِ، كَسُوءِ حِفْظٍ (5).

(ومِنْهُمُ) - بالضَّمِّ - (مَنْ يُطْلِقُ اسمَ العِلَّةِ) توَسُّعاً، وهو أبو يَعْلَى الخليليُّ

(لِغَيْرِ) أي: على غَيْرِ (قَادِحٍ، كَوَصْلِ ثِقَةِ) ضابطٍ أرسَلَهُ مَنْ لَمْ يَفْقَهْ، ولَا مُرجّحٍ، حيثُ (يقولُ) في "إرشادِهِ": الحديثُ أقسامٌ (مَعْلُولٌ صحيحٌ)، وصحيحٌ متَّفقٌ عليهِ، وصحيحٌ مختلفٌ فيهِ (6). وَمثَّلَ (7) للأوَّلِ بحديثِ مالكٍ في " الموطّإِ "، أنَّهُ قالَ: بَلَغَنا أنَّ أبا هُريرَةَ، قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لِلْمَمْلُوْكِ طَعَامُهُ وكِسْوَتُهُ)) (8) حيثُ وَصَلَهُ مالكٌ في غيرِ " الموطإِ " بمُحَمَّدِ بنِ عَجْلانَ، عَنْ أبيهِ، عَنْ أبي هُرَيرَةَ، قالَ.

(1) أي: ويعلونه بأي نوعٍ كان من أنواع الجرح.

(2)

في (ب) من متن الألفية: ((بغير)).

(3)

في (ق): ((من الإعلال)).

(4)

في (ق): ((أحفظ وأكثر)).

(5)

انظر: تعليقنا على شرح التبصرة 1/ 386 - 387 في تفصيل وإيضاح هذه المسألة.

(6)

انظر: الإرشاد 1/ 157.

(7)

الإرشاد 1/ 164.

(8)

هذا البلاغ في الموطأ (رواية يحيى الليثي2806، ورواية أبي مصعب الزهري2064، ورواية سويد بن سعيد 779، وهو في موطأ عبد الله بن مسلمة القعنبي كما أسنده إليه الحاكم في معرفة علوم الحديث: 37). =

ص: 269

فقدْ صارَ الحديثُ بِتَبَيُّنِ الإسنادِ صَحِيْحاً، يُعْتَمَدُ عليهِ (1). وما قالَهُ في هذا، هو (كالذي يَقُولُ) فيهِ هوَ (2) -كالحاكِمِ- (3) (صَحَّ) أي: كالحديثِ الذي يُصَحِّحُهُ (مَعْ) بالإسكانِ (شُذُوذٍ) فيهِ، مُنَافٍ عندَ الجمهورِ للصِّحَّةِ، فقدِ (احْتُذِي) أي: اقْتُدِي في ذلكَ بهذا.

فالشُّذوذُ عِنْدَ الخليليِّ، ومَنْ وافَقَهُ (4) يَقْدَحُ في الاحتجاجِ، لا في التسميةِ.

(والنَّسْخَ) مَفْعُولُ (سَمَّى التِّرمذيُّ عِلَّهْ)(5) مِنْ عِلَلِ الحديثِ، وزادَ النَّاظِمُ:

(فإنْ يُرِدْ) أي: التِّرمِذِيُّ أنَّهُ عِلَّةٌ (في عَمَلٍ) أي: في العَمَلِ بالمنسوخِ، (فاجْنَحْ) أي: مِلْ (لَهْ).

= قلنا: وقد روي موصولاً عن مالك: رواه إبراهيم بن طهمان، والنعمان بن عبد السلام.

ورواية ابن طهمان: عند الحاكم في معرفة علوم الحديث: 37، والخليلي في الإرشاد 1/ 164.

ورواية النعمان: عند الخليلي في الإرشاد 1/ 164 - 165؛ كلاهما (إبراهيم بن طهمان والنعمان بن عبد السلام) عن مالك، عن محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم ?

الحديث.

وقد خولف فيه مالك فقد أسنده عن محمد بن عجلان: سفيان الثوري، عند الحميدي، وأحمد 2/ 247، ووهيب بن خالد عند أحمد 2/ 342، وسعيد بن أبي أيوب عند البخاري في الأدب المفرد (1192)، والليث بن سعد عند البخاري في الأدب المفرد (193)، والبيهقي في الكبرى8/ 6، وسفيان بن عيينة عند البغوي (2403)، لكن هؤلاء (سفيان الثوري، ووهيب، وسعيد بن أبي أيوب، والليث بن سعد، وسفيان ابن عيينة) رووه عن ابن عجلان، عن بكير بن عبد الله الأشج، عن العجلان، عن أبي هريرة. وروايتهم أصحّ، فقد توبع محمد بن عجلان على روايته، كما في رواية الجمع، فقد أخرجه مسلم 5/ 93 (1662) من طريق عمرو بن الحارث، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن العجلان.

فلعل هذا هو السبب الذي جعل الإمام مالك يذكره بلاغاً في موطئه؛ لأنّه لم يضبطه جيداً، ومن عجب أنّ الدكتور بشار عوّاد لم يتنبه إلى ذلك في تعليقه على موطّأ مالك في روايتيه (رواية أبي مصعب، ورواية يحيى الليثي)، بل لم يشر أبداً إلى الرّواية الموصولة من طريق مالك، وكذلك يدرك من هذا التفصيل خطأ خليل إبراهيم ملا خاطر في كتابه الحديث المعلل: 59، إذ جعل البلاغ معلولاً، والرواية الموصولة صواباً وأضاف إلى ذلك قاعدة من استنتاج فكره سماها:((عكس المعلل))

(1)

الإرشاد 1/ 164 - 165.

(2)

في (ع): ((هو فيه)).

(3)

معرفة علوم الحديث: 119.

(4)

يقصد به الحافظ ابن حجر، فقد صرّح بهذا الكلام في نكته 2/ 654، انظر: فتح المغيث 1/ 254.

(5)

إذ ساق حديثين منسوخين في علله الصغير6/ 227، وكذلك صنع ابن أبي حاتم في علله (114) و (246).=

ص: 270