الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1903 -
حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى بِهَذَا الْحَدِيثِ زَادَ ثُمَّ أَتَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ فَسَعَى بَيْنَهُمَا سَبْعًا ثُمَّ حَلَقَ رَأْسَهُ.
1904 -
حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ جُمْهَانَ، أَنَّ رَجُلًا، قَالَ: لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنِّي أَرَاكَ تَمْشِي وَالنَّاسُ يَسْعَوْنَ قَالَ:«إِنْ أَمْشِ فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي وَإِنْ أَسْعَ فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْعَى وَأَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ» .
بَابُ صِفَةِ حَجَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
1905 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيَّانِ، وَرُبَّمَا زَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ الْكَلِمَةَ وَالشَّيْءَ قَالُوا: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ
===
1904 -
قوله: (جمهان) بضم الجيم (1).
بَابُ صِفَةِ حَجَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
1905 -
قوله "فأهوى بيده إلى رأسي" أي مدها إليه "فنزع زرِّي" هو بكسر الزاء المعجمة وتشديد الراء واحد إزار القميص فعل ذلك إظهارًا للمحبة وإعلامًا بالمودة لأصل بيت النبوة، "في نساجة" بكسر نون وسين وجيم ضرب من
(1) كثير بن جمهان السلمي، أبو جعفر، مقبول، من الثالثة. تقريب التهذيب 2/ 131.
مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهِ، سَأَلَ عَنِ الْقَوْمِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ، فَقُلْتُ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى رَأْسِي فَنَزَعَ زِرِّي الْأَعْلَى، ثُمَّ نَزَعَ زِرِّي الْأَسْفَلَ، ثُمَّ وَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ شَابٌّ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ، وَأَهْلًا يَا ابْنَ أَخِي سَلْ عَمَّا شِئْتَ فَسَأَلْتُهُ وَهُوَ أَعْمَى وَجَاءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَقَامَ فِي نِسَاجَةٍ مُلْتَحِفًا بِهَا يَعْنِي ثَوْبًا مُلَفَّقًا كُلَّمَا وَضَعَهَا عَلَى مَنْكِبِهِ رَجَعَ طَرَفَاهَا إِلَيْهِ مِنْ صِغَرِهَا، فَصَلَّى بِنَا وَرِدَاؤُهُ
===
الملاحف منسوج كأنها سميت بالمصدر، يقال: نسجت نسجًا ونساجة (1) وروي "ساجة" بحذف النون وهي الطيلسان قيل: هو الصحيح، وليس كذلك بل كلاهما صحيح.
قوله: "يعني ثوْبًا ملفقًا" تفسير للنساجة "على المشجب" بميم مسكورة فشين معجمة ساكنة فجيم فموحدة أعواد تضم رؤوسها ويفرج بين قوائمها وتوضع عليها الثياب (2)، و"الحجة" بكسر الحاء وفتحها وجهان، "فقال بيده" أي أشار بيده. "مكث تسع سنين" بعد الهجرة "ثم أذن" بالتشديد أي نادى والمراد أمر بالنداء، أو بالتخفيف ومد الهمزة أي أعلم وأظهر، "حاج"(3) أي إلى الحج، "يلتمس" أي يطلب ويقصد، "يأتم" بتشديد الميم أي يقتدي، وقوله:"يعمل بمثل عمله" تفسير له "اغتسلي" أي للتنظيف لا للصلاة والتطهير، "واستذفري" الاستذفار بالذال المعجمة هو الإستثفار بالثاء المثلثة، قيل تقلب الثاء
(1) النهاية في غريب الحديث والأثر: ابن الأثير: 5/ 46.
(2)
النهاية في غريب الحديث والأثر: ابن الأثير: 2/ 445.
(3)
في الأصل [خارج].
إِلَى جَنْبِهِ عَلَى الْمِشْجَبِ، فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: بِيَدِهِ فَعَقَدَ تِسْعًا، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أُذِّنَ فِي النَّاسِ فِي الْعَاشِرَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَاجٌّ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَعْمَلَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَقَالَ:«اغْتَسِلِي وَاسْتَذْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي» ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ، قَالَ: جَابِرٌ نَظَرْتُ إِلَى مَدِّ بَصَرِي مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ
===
ذالًا وهو أنَّه تشد فرجها بخرقه ليمنع سيلان الدم، ثم "ركب القصواء" بفتح القاف والمد، قال القاضي عياض وروي بضم القاف وهو خطأ (1)، وهي لغة الناقة التي قطع طرف أذنها، وهاهنا اسم لناقته صلى الله تعالى عليه وسلم بلا قطع أذن، وقيل: بل للقطع (2)، "حتَّى إذا استوت به ناقته" أي علت به أو قامت مستوية على قوائمها، والمراد أنَّه بعد تمام طلوع البيداء لا في أثناء طلوعه، و"البيداء" المفازة وهاهنا اسم موضع قريب من مسجد ذي الحليفة وجوابه إذا.
قوله: "فأهل" والفاء زائدة مثل قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} (3) في
(1) صحيح مسلم بشرح النووي 8/ 173. ط دار الكب العلمية.
(2)
النهاية في غريب الحديث والأثر: ابن الأثير: 4/ 75.
(3)
سورة النصر: (3).
مِنْ رَاكِبٍ وَمَاشٍ وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ، وَهُوَ يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ فَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ، عَمِلْنَا بِهِ فَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالتَّوْحِيدِ «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ» وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا مِنْهُ، وَلَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَلْبِيَتَهُ، قَالَ جَابِرٌ: لَسْنَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ لَسْنَا
===
جواب: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ} (1) وجملة: "قال جابر نظرت" إلخ معترضة إلى "مد بصري" أي منتهى بصري وأنكر بعض أهل اللغة ذلك، وقال: الصواب "مدى بصري" بفتح الميم قال النووي: ليس بمنكر بل هما لغتان والمد أشهر (2) قوله: من "بين يديه" أي قدامه "من راكب وماشي"، أي فرأيت من راكب وماشي ما لا يحصى "وعن يمينه مثل ذلك"، أي ورأيت عن يمينه مثل ذلك أو كان عن يمينه مثل ذلك، وعلى الأول مثل ذلك بالنصب وعلى الثاني بالرفع، و"عليه ينزل القرآن" إلخ وهو حث على التصد بما أخبر به عن فعله، "فأهل بالتوحيد" قيل: بالإفراد وهو غير صحيح بل المراد بتوحيد الله، أي لا تلبية أهل الجاهلية المشتملة على الشرك، و"لبيك" إلخ تفسير له بتقدير قال بهذا الَّذي يهلون به، قال القاضي: كقول عمر لبيك ذا النعماء والفضل لبيك مرهوبًا منك ومرغوبًا إليك وعن ابن عمر: لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء إليك
(1) سورة النصر: (1).
(2)
صحيح مسلم بشرح النووي 8/ 173.
نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ، حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَرَمَلَ ثَلَاثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا، ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ فَقَرَأَ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ. قَالَ: فَكَانَ أَبِي يَقُولُ قَالَ: ابْنُ نُفَيْلٍ، وَعُثْمَانُ وَلَا أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ سُلَيْمَانُ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْبَيْتِ فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] «نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَكَبَّرَ اللَّهَ وَوَحَّدَهُ وَقَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ،
===
والعمل، وكقول أنس: لبيك حقًّا تعبدًا ورقًا (1).
قلت: وكقول القائل: لبيك عدد الرمال والتراب ونحو ذلك، "فلم يرد" أي فهو منه تقرير للزيادة فلا كراهة فيها، نعم حيث لزم تلبيته فهي أفضل "لسنا ننوي" أي غالبنا وإلا ففيهم من أعتمر كعائشة على ما سبق في حديث جابر نفسه أو قارن "فقرأ {وَاتْخِذُوْا} (2) " أي ليعلم تفسيره بالفعل الَّذي يباشره، "قال" أي جابر فكان أبي هو الأب المضاف إلى ياء المتكلم في الحج وهذا من كلام جعفر بن محمد يقول: إن محمدًا ذكر السورتين من قراءة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لا من قراءة جابر، "ولا أعلمه" إلخ قال النووي: ليس شكا في رفعه لأن
(1) صحيح مسلم بشرح النووي 8/ 741.
(2)
سورة البقرة آية (125).
يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ» ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ، وَقَالَ: مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ رَمَلَ فِي بَطْنِ الْوَادِي، حَتَّى إِذَا صَعَدَ مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ، فَصَنَعَ عَلَى الْمَرْوَةِ مِثْلَ مَا صَنَعَ عَلَى الصَّفَا، حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ الطَّوَافِ عَلَى الْمَرْوَةِ، قَالَ:«إِنِّي لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقْ الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُحْلِلْ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً» فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،
===
لفظة العلم تنافي الشك بل هو جزم برفعه (1)، وقد روى البيهقي بإسناد صحيح (2) بصيغة الجزم بـ {قُلْ هُوَ اللهُ} (3) أي في الركعة الأولى، بـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (4) وفي الثانية {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} بعد الفاتحة، "نبدأ بما بدأ الله به" يفيد أن بداية الله ذكرًا يقتضي اليداية عملًا، والظاهر أنه يقتضي ندب البداية عملًا لا وجوبها، والوجوب فيما نحن فيه من دليل آخر، "فرقي" بكسر القاف، "ثم دعا بين ذلك" أي بين مرات هذا الذكر بما شاء وقال: هذا الذكر ثلاث مرات "انصبت قدماه" بتشديد الباء أي انحدرت بالسهولة حتَّى وصلت إلى بطن الوادي إذا صعد أي خرج من البطن إلى طرفه الأعلى، "مشى" أي سار على السكون "لو استقبلت" إلخ، أي لو كان سفري بعد ما ظهر لي عزم فسخ الحج
(1) صحيح مسلم شرح النووي 8/ 176.
(2)
البيهقي في السنن في الحج: 5/ 7، 8، 9.
(3)
سورة الإخلاص: آية (1).
(4)
سورة الكافرون: آية (1).
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصَابِعَهُ فِي الْأُخْرَى، ثُمَّ قَالَ:«دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ» هَكَذَا مَرَّتَيْنِ «لَا بَلْ لِأَبَدِ أَبَدٍ، لَا بَلْ لِأَبَدِ أَبَدٍ» قَالَ: وَقَدِمَ عَلِيٌّ رضي الله عنه، مِنَ الْيَمَنِ بِبُدْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَ فَاطِمَةَ رضي الله عنها مِمَّنْ حَلَّ، وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا وَاكْتَحَلَتْ فَأَنْكَرَ عَلِيٌّ ذَلِكَ عَلَيْهَا، وَقَالَ: مَنْ أَمَرَكِ بِهَذَا، فَقَالَتْ: أَبِي، فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ: بِالْعِرَاقِ ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَةَ فِي الْأَمْرِ الَّذِي صَنَعَتْهُ مُسْتَفْتِيًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الَّذِي ذَكَرَتْ عَنْهُ فَأَخْبَرْتُهُ، أَنِّي أَنْكَرْتُ ذَلِكَ
===
وجعله عمرة؛ أراد تطييب قلوبهم بالفسخ وعدم الوفاق معه صلى الله تعالى عليه وسلم. "جعشم" بفتح الجيم وضم الشين المعجمة وفتحها كذا ضبطه السيوطي في حاشية مسلم (1)، وضبط في المفاتيح بضم الجيم والشين (2)، "هذا" أي التمتع عند الجمهور والفسخ عند أحمد والظاهرية، فعلى الأول دخلت العمرة في الحج، أي في أشهر الحج وصحت، وعلى الثاني: دخلت نية العمرة في نية الحج بحيث أن من نوى الحج صح له الفراغ منه بالعمرة "لا" لا في هذا العام وحده بل لا بد بديل إلى آخر الدهر، "ببدن" بضم فسكون أو بضمتين جمع بدنة، "محرشًا" من التحريش وهو الغراء، قيل: أريد به هاهنا ذكر ما يوجب عتابه لها،
(1) سراقة بن جعشم الكنعاني ثم المدلجي، أبو سفيان صحابي مشهور من مسلمة الفتح، مات في خلافة عثمان سنة أربع وعشرين وقيل: بعدها. تقريب التهذيب: 1/ 284.
(2)
صحيح مسلم بشرح النووي: 8/ 179.
عَلَيْهَا فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا، فَقَالَ:«صَدَقَتْ، صَدَقَتْ مَاذَا، قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ» قَالَ: قُلْتُ اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فَإِنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ فَلَا تَحْلِلْ» قَالَ: وَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ وَالَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمَدِينَةِ مِائَةً فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ، وَقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم،
===
"حين فرضت الحج" أي ألزمته نفسك بالإحرام، "ووجهوا" بتشديد الجيم أي توجهوا كما في رواية مسلم (1) أي وجهوا وجوههم أو رواحلهم، "بنمرة" بفتح النون وكسر الميم، "المشعر الحرام" جبل بمزدلفة، "فأجاز" أي جاوز مزدلفة، "زاغت الشمس" أي زالت، "فرحلت" بتخفيف الحاء أي جعل عليها الرحل، "بطن الوادي" هو وادي عرنة بضم العين وفتح الراء ونون، "إن دماءكم وأموالكم" قيل تقديره. سفك دماءكم وأخذ أموالكم؛ إذ الزوات لا توصف بتحليل ولا تحريم فيقدر في كل ما يناسبه.
قلت: يمكن أن يقدر واحد عام فيحمل بالنظر إلى كل على ما يليق به كتناول دمائكم وتعرضها، ثم ليس الكلام من مقابلة الجمع للجمع لإفادة التوزيع حتَّى يصير المعنى أن دم كل أحد وماله حرام عليه، بل الأول لإفادة العموم أي دم كل أحد حرام عليه وعلى غيره، والثاني لإفادة أن مال كل أحد حرام على غيره، ويمكن أن يقال: المعنى فيهما أن دم كل أحد وماله حرام على غيره، وأما حرمة الدم على نفسه فليس بمقصودة في هذا الحديث وإنما هو معلوم من خارج، وذلك لأن تعرض المرء دم نفسه ممنوع طبعًا فلا حاجه إلى ذكره إلا نادرًا.
(1) مسلم في الحج (1218).
وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى أَهَلُّوا بِالْحَجِّ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِمِنًى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ لَهُ مِنْ شَعْرٍ فَضُرِبَتْ بِنَمِرَةٍ، فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ، كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةٍ، فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ فَرَكِبَ
===
"كحرمة يومكم" تأكيد للتحريم وتوضيح له بناء على زعمهم، "تحت قدمي" إبطال الأمور الجاهلية بمعنى أنَّه لا مؤاخذة بعد الإسلام بما فعله في الجاهلية ولا قصاص ولا دية ولا كفارة بما وقع في الجاهلية من القتل، ولا يؤاخذ الزائد على رأس المال بما وقع في الجاهلية من عقد الربا، "بأمانة الله" أي أن الله ائتمنكم عليهن فيجب حفظ أمانته وصيانتها عن الضياع بمراعاة الحقوق، "بكلمة الله" أي بإباحته وحكمه، قيل: المراد بها الإيجاب والقبول أي بالكلمة التي أمر الله تعالى بها، وقيل: بالإباحة المذكورة في قوله: {فَانْكِحُوا} (1) أو قيل: كلمة التوحيد؛ إذ لا تحل مسلمة لغير مسلم، وقيل: كلمه الله هي قوله تعالى: {فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بإحْسَانْ} (2)"ألا يوطئن" إلخ صيغة جمع الإناث من الإيطاء، قال ابن جرير في تفسيره معناه: أن لا يمكن من أنفسهن أحدًا
(1) سورة النساء: آية (3).
(2)
سورة البققرة: آية (229).
حَتَّى أَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: "إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَأَوَّلُ دَمٍ أَضَعُهُ دِمَاؤُنَا: دَمُ". قَالَ عُثْمَانُ: دَمُ ابْنُ رَبِيعَةَ " وَقَالَ سُلَيْمَانُ: دَمُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وقَالَ: بَعْضُ هَؤُلَاءِ كَانَ مُسْتَرْضَعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُهُ رِبَانَا: رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ، اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ،
===
سواكم، ورد بأنه لا معنى حينئذ لا شتراط الكراهة؛ لأن الزنا حرام على الوجوه كلها (1).
قلت: يمكن الجواب بأن الكراهة في جماعهن يشمل عادة في الكل سوى الزوج، ولذلك قال ابن جرير: أحدًا سواكم. نعم لا يناسبه.
قوله: "ضربًا غير مبرح" وقال الخطابي: معناه أن لا يأذنّ لأحد من الرجال (2) لا النساء، وقوله:"تكرهونه" أي تكرهون دخوله سواء أكرهتموه في نفسه أم لا، وقال النووي: المختار لا يأذنّ لأحد تكرهون دخوله في بيوتكم سواء كان المأذون له رجلًا أجنبيًّا أو امرأة أو أحدًا من محارم الزوجة (3)، و"مبرح" بكسر الراء المشددة بعدها حاء مهملة أي غير شديد ولا شاق، "وينكبها" بموحدة في آخره أي يميلها إليهم يريد بذلك أن يشهد الله عليهم
(1) ابن جرير 5/ 39.
(2)
معالم السنن: 2/ 200، 201.
(3)
صحيح مسلم بشرح النووي: 8/ 184.
وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، وَإِنَّ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ، أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَإِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ: كِتَابَ اللَّهِ وَأَنْتُمْ مَسْئُولُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ " قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ، وَأَدَّيْتَ، وَنَصَحْتَ، ثُمَّ قَالَ: بِأُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُبُهَا إِلَى النَّاسِ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ» ، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا حِينَ غَابَ الْقُرْصُ وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ، فَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا
===
تعالى؛ يقال: نكبت الإناء نكبًا ونكبته تنكيبًا، إذا أماله، وكبه جاء بمثناة من فوق موضع موحدة لكنه بعيد معنى، و"حبل المشاة" روي بمهملة مفتوحة وسكون باء موحدة أصله لما طال من الرمل وضخم، قيل: وهو المراد أضيف إلى المشاة لاجتماعهم هناك توقيًا عن مواقف الركاب، وقيل: بل المراد صف المشاة ومجتمعهم تشبيهًا له بحبل الرمل، وروي بجيم وباء مفتوحتين وأضيف إلى المشاة لأنهم يقدرون الصعود عيه دون الراكب، "وقد شنق" بفتح نون خفيفة من حد ضرب أي ضم وضيق "مورك رحله" بفتح ميم وكسر راء وفتحها؛ والرحل بالحاء المهملة معروف "وموركه" مقدمه، "السكينة" بالنصب أي الزموها "حبلا"
لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ، وَهُوَ يَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى «السَّكِينَةَ أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ أَيُّهَا النَّاسُ» كُلَّمَا أَتَى حَبْلًا مِنَ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا حَتَّى تَصْعَدَ، حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَجَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، قَالَ عُثْمَانُ: وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ اتَّفَقُوا ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ، قَالَ سُلَيْمَانُ: بِنِدَاءٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ اتَّفَقُوا، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فَرَقِيَ عَلَيْهِ، قَالَ عُثْمَانُ وَسُلَيْمَانُ: فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ، زَادَ عُثْمَانُ وَوَحَّدَهُ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، ثُمَّ دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ وَكَانَ رَجُلًا حَسَنَ الشَّعْرِ أَبْيَضَ وَسِيمًا، فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ الظُّعُنُ يَجْرِينَ، فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ، وَصَرَفَ الْفَضْلُ وَجْهَهُ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ، وَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ، وَصَرَفَ الْفَضْلُ وَجْهَهُ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ يَنْظُرُ حَتَّى أَتَى مُحَسِّرًا، فَحَرَّكَ قَلِيلًا، ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّذِي يُخْرِجُكَ إِلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا بِمِثْلِ حَصَى
===
بمهملة فساكنة، والحبال في الرمال كالجبال في الحجر، "حتى أسفر" الضمير للفجر، "وسيما" أي حسنًا، "الظعن" بضم الظاء المعجمة والعين المهملة جمع ظعينة وهي المرأة في الهودج، "مُحسرًا" بكسر السين المشددة موضع معلوم،
الْخَذْفِ فَرَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ بِيَدِهِ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ، وَأَمَرَ عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ يَقُولُ: مَا بَقِيَ، وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ، ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا، مِنْ مَرَقِهَا قَالَ سُلَيْمَانُ: ثُمَّ رَكِبَ، ثُمَّ أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْبَيْتِ فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ، ثُمَّ أَتَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُمْ يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ فَقَالَ:«انْزِعُوا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ» ، فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ.
1906 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، الْمَعْنَى وَاحِدٌ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ بِعَرَفَةَ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا وَإِقَامَتَيْنِ وَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِجَمْعٍ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ، وَإِقَامَتَيْنِ وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا» . قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا الْحَدِيثُ أَسْنَدَهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ فِي الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ، وَوَافَقَ حَاتِمَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ عَلَى إِسْنَادِهِ، مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:
===
"بمثل حصى الخذف" بخاء وذال معجمتين هو الرمي بالأصابع، والمقصود بيان صغر الحصى، "ما غبر" بغين ثم باء، و"أشركه في هديه" ظاهره أنه جعل الهدي مشتركًا بينه وبين علي، فهو هن أدلة جواز المشتركة في الهدايا "وبضعة" بفتح الباء لا غير القطعة من اللحم، "لولا أن يغلبكم الناس" تبركًا بفعله واتباعًا له أو لعدهم ذلك من المناسك والله تعالى أعلم.