الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ فِي ادِّعَاءِ وَلَدِ الزِّنَا
2264 -
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ سَلْمٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي الزَّيَّادِ، حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا مُسَاعَاةَ فِي الْإِسْلَامِ، مَنْ سَاعَى فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَدْ لَحِقَ بِعَصَبَتِهِ، وَمَنِ ادَّعَى وَلَدًا مِنْ غَيْرِ رِشْدَةٍ فَلَا يَرِثُ، وَلَا يُورَثُ» .
2265 -
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، ح وحَدَّثَنَا
===
بَابٌ فِي ادِّعَاءِ وَلَدِ الزِّنَا
2264 -
قوله: "لا مساعاة في الإسلام" والمساعاة قيل: الزنا وكان الأصمعي يجعل المساعاة في الإماء دون الحرائر؛ فإن الإماء كن يسعين لمواليهن فيكسين لهم الغرائب كانت عليهن، يقال: ساعت الأمة إذا فجرت وساعاها فلان إذا فجر بها وهو مفاعلة من السعي؛ لأن كل واحد منهما يسعى لصاحبه في حصول غرضه، فأبطل صلى الله تعالى عليه وسلم المساعاة في الإسلام، وأن يلحق النسب بها أي بالمساعاة وعما كان منها في الجاهلية وإلحاق النسب بها، فمعنى لا مساعاة: لا يثبت بها حكم النسب، وقد يقال: ظاهر النفي يشمل حكم المصاهرة أيضًا، وإن كان سوق الكلام لنفي النسب فقط، والله تعالى أعلم.
"ومن ادعى ولدًا" أي في الإسلام إلخ، يقال: هذا ولد رشدة بالكسر والفتح؛ إذا كان النكاح صحيحًا، وضده ولد زينة.
2265 -
قوله: "أن كل مستلحق" بفتح الحاء الذي طلب الورثة إلحاقه بهم،
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ وَهُوَ أَشْبَعُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى أَنَّ كُلَّ مُسْتَلْحَقٍ اسْتُلْحِقَ بَعْدَ أَبِيهِ الَّذِي يُدْعَى لَهُ ادَّعَاهُ وَرَثَتُهُ، فَقَضَى أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ يَمْلِكُهَا يَوْمَ أَصَابَهَا، فَقَدْ لَحِقَ بِمَنْ اسْتَلْحَقَهُ، وَلَيْسَ لَهُ مِمَّا قُسِمَ قَبْلَهُ مِنَ الْمِيرَاثِ شَيْءٌ، وَمَا أَدْرَكَ مِنْ مِيرَاثٍ لَمْ يُقْسَمْ فَلَهُ نَصِيبُهُ، وَلَا يَلْحَقُ إِذَا كَانَ أَبُوهُ الَّذِي يُدْعَى لَهُ أَنْكَرَهُ،
===
استحلق على بناء المفعول والجملة كالصفة الكاشفة لمتسلحق "بعد أبيه" أي بعد موت أبيه، وإضافة الأب إليه باعتبار الادعاء والاستلحاق ولذلك قال:"الذي يدعى له"، قوله:"ادعاه ورثته" قيل: خبر أن ولعله بتقدير هو الذي ادعاه، ولا يخفي أنه لا فائدة في هذا الخبر لدلالة عنوان المبتدأ عليه، فالوجه أنه وصف ثان لمستلحق لزيادة الكشف وخبر أن ما يفهم من قوله:"أن كل من كان" إلخ تقديره إن كل مستلحق حكمه أن من كان من أمة، "فقضى" تكرير للأول لبعد العهد أو المراد: أني يقضي فقضى، وقد يقال: إذا كان "فقضى" تكريرًا للبعد يجوز أن يجعل أن الثانية مع اسمها بدلًا من أن الأولى مع اسمها، فيكون الخبر للأولى هو قوله:"فقد لحق بمن استلحقه" ومعنى استلحقه ادعاه، وضميره المرفوع لـ "من" الموصول والمراد به: الوارث وهو (1) أعم من أن يكون كل الورثة أو بعضهم، فلا يلحق إلا بالوارث الذي يدعيه فيصير وارثًا في حقه دون الوارث الذي لا يدعيه، فهو في حقه أجنبي "ولا يلحق" في الموضعين على بناء الفاعل من اللحوق أو على بناء المفعول من الإلحاق على معنى: لا يجوز إلحاقه والأول
(1)[وهو] ليست بالأصل.
وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ لَمْ يَمْلِكْهَا، أَوْ مِنْ حُرَّةٍ عَاهَرَ بِهَا، فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ وَلَا يَرِثُ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يُدْعَى لَهُ هُوَ ادَّعَاهُ فَهُوَ وَلَدُ زِنْيَةٍ مِنْ حُرَّةٍ، كَانَ أَوْ أَمَةٍ».
===
أظهر، وقوله:"إن كان أبوه"(1) إلخ كلمة إن (1) فيه وصلية وهو تأكيد لما قبله من عدم حصول اللحوق، وقوله:"فهو ولد زنية" تعليل لذلك وحاصل معنى الحديث: أن المستلحق إن كان من أمة للميت ملكها يوم جامعها فتعد لحق بالوارث الذي ادعاه فصار وارثًا في حقه مشاركًا معه في الإرث؛ لكن فيما يقسم من الميراث بعد الاستلحاق ولا نصيب له فيما قسم قبل، وأما الوارث الذي لم يدع فلا يشاركه ولا يرث منه، وهذا إذا لم يكن الرجل الذي يدعي له قد أنكره في حياته وإن أنكره لا يصح الاستلحاق، وأما إن كان من أمة لم يملكها يوم جامعها بأن زنا بأمة غيره أو من حرة زنا بها فلا يصح لحوقه أصلًا وإن ادعاه أبوه الذي يدعى لي في حياته؛ لأنه ولد زنية قطعًا، ولا يثبت النسب بالزنا والله تعالى أعلم.
قال الخطابي: هذه حكاية وقعت في أول الإسلام وكان حدوثها ما بين الجاهلية وبين قيام الإسلام (2)، ولذلك جعل حكم الميراث السابق على الاستلحاق حكم ما مضى في الجاهلية فعفا عنه ولم يرد إلى حكم الإسلام، وذكر في سببه أن أهل الجاهلية يطأ أحدهم أمته ويطأها غيره بالزنا، فربما يدعي ولدها السيد أو ورثته بعد موته وربما يدعيه الزاني فشرع لهم هذه الأحكام.
قلت: وتدل الرواية الثانية على ما ذكره الخطابي كما لا يخفى والله تعالى أعلم.
(1) في السنن المطبوع [إذا].
(2)
معالم السنن: 3/ 273.