الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ - يَعْنِي عِيسَى - وَإِنَّهُ نَازِلٌ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ: رَجُلٌ مَرْبُوعٌ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ، بَيْنَ مُمَصَّرَتَيْنِ، كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ، فَيُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِسْلَامَ، وَيُهْلِكُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يُتَوَفَّى فَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ.
بَابٌ فِي خَبَرِ الْجَسَّاسَةِ
4325 -
حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا ابْنُ
===
بين ممصرتين أي ينزل بين ثوبين فيهما صفرة خفية، "فيدق الصليب" أي يكسره، "ويقتل الخنزير" أي يحرم أكله أو يقتله بحيث لا يوجد في الأرض ليأكله أحد، والحاصل أنه يبطل دين النصارى ويضع الجزية أي لا يقبل من أحد من الكفرة بل يدعوهم إلى الإسلام مرة، وهذا بيان منه صلى الله عليه وسلم بأن الجزية في دينه إلى زمان عيسى لا أن عيسى يأتي بنسخها، وقيل: يضع على الكفرة كلهم الجزية ولا يترك أحدًا بلا جزية كما هو شأن سائر الأمراء، فإنهم أحيانًا يتركونها مراعاة لبعض، "فيمكث في الأرض أربعين سنة" وما في صحيح مسلم "أن يهلك الدجال ثم يمكث الناس بعده سبع سنين"(1) فمعناه أن الناس بعد موته يمكثون سبع سنين فلا مخالفة بين الحديثين.
بَابٌ فِي خَبَرِ الْجَسَّاسَةِ
4325 -
" فإذا أنا بامرأة" قيل في التوفيق بينه وبين رواية الدابة أنه يمكن أن
(1) الحديث بتمامه رواه الإمام مسلم في أشراط الساعة (2940).
أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَّرَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ: " إِنَّهُ حَبَسَنِي حَدِيثٌ كَانَ يُحَدِّثُنِيهِ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ عَنْ رَجُلٍ كَانَ فِي جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ، فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ تَجُرُّ شَعْرَهَا، قَالَ: مَا أَنْتِ؟ قَالَتْ: أَنَا الْجَسَّاسَةُ، اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ الْقَصْرِ، فَأَتَيْتُهُ، فَإِذَا رَجُلٌ يَجُرُّ شَعْرَهُ، مُسَلْسَلٌ فِي الْأَغْلَالِ، يَنْزُو فِيمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا الدَّجَّالُ، خَرَجَ نَبِيُّ الْأُمِّيِّينَ بَعْدُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: أَطَاعُوهُ أَمْ عَصَوْهُ؟ قُلْتُ: بَلْ أَطَاعُوهُ، قَالَ: ذَاكَ خَيْرٌ لَهُمْ.
4326 -
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ حُسَيْنًا الْمُعَلِّمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ شَرَاحِيلَ الشَّعْبِيُّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، قَالَتْ: سَمِعْتُ مُنَادِيَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُنَادِي: أَنِ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ، فَخَرَجْتُ فَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ
===
يكون للدجال جاسوستان دابة وامرأة، أو أنه يصح إطلاق الدابة على الإنسان لغة، فإنه اسم لكل ما يدب في الأرض، وقد وقع إطلاقها عليه في القرآن في غير موضع، والتخصيص بذوات الأربع أو غيره عرفي، أو لأن الجساسة شيطان يتمثل بأي صورة شاء، فرآها تارة بصورة امرأة وتارة بصورة دابة، "ينزو" أي يتحرك ويثب، "فيما بين السماء والأرض" متعلق بينزو أو بمسلسل.
4326 -
"لرهبة ولا رغبة" أي لا لغزو ولا لعطافي في سفينة بحرية أي كبيرة، فإن مراكب البحر أكبر من مراكب الأنهار، وقيل: قيد بها للتمييز عن الإبل، فإنها سفن البر، "لخم" بفتح لام وسكون خاء معجمة اسم قبيلة، وكذا
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ، جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ، قَالَ:«لِيَلْزَمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُصَلَّاهُ» ، ثُمَّ قَالَ:«هَلْ تَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ؟ » قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " إِنِّي مَا جَمَعْتُكُمْ لِرَهْبَةٍ، وَلَا رَغْبَةٍ، وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ أَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ كَانَ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا، فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ، وَحَدَّثَنِي حَدِيثًا وَافَقَ الَّذِي حَدَّثْتُكُمْ عَنِ الدَّجَّالِ، حَدَّثَنِي أَنَّهُ رَكِبَ فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ مَعَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ لَخْمٍ، وَجُذَامٍ، فَلَعِبَ بِهِمُ الْمَوْجُ شَهْرًا فِي الْبَحْرِ، وَأَرْفَئُوا إِلَى جَزِيرَةٍ حِينَ مَغْرِبِ الشَّمْسِ، فَجَلَسُوا فِي أَقْرُبِ السَّفِينَةِ، فَدَخَلُوا الْجَزِيرَةَ، فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرَةُ الشَّعْرِ، قَالُوا: وَيْلَكِ مَا أَنْتِ؟ قَالَتْ: أَنَا الْجَسَّاسَةُ، انْطَلِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي هَذَا الدَّيْرَ، فَإِنَّهُ إِلَى
===
"جذام" كغراب لعب بهم الموج شدته وصرفه السفينة عن جهة القصد إلى جهة أخرى، "ارفئوا" براء وفاء وهمزة أي قربوا السفينة إليها، ويقال:"أرفينا" بالياء والأصل الهمزة أقرب بفتح همزة وضم راء جمع قارب بكسر الراء والفتح أشهر، وهي سفينة صغيرة تكون مع أصحاب السفن الكبار البحرية تتخذ لحوائجهم، وقيل:"أقرب السفينة" بفتح الراء هي ما قارب الأرض منها.
قلت: وهو الأظهر إذ الجمعية في أقرب مع الإضافة إلى السفينة غير واضح فتأمل، "أهلب" أي كثير الشعر فما بعده صفة كاشفة، ولم يقل هلباء إما لأن لفظ الدابة يطلق على الذكر والأنثى أو لتأويل الدابة بالحيوان، "الجساسة" بفتح الجيم وتشديد السين المهملة الأولى قيل: هي تجسس الأخبار فتأتي بها الدجال، قيل: هي الدابة التي تخرج آخر الزمان ولا دليل عليه، "إِلى هذا الدير" ضبط بفتح الدال وسكون الياء المثناة من تحت هو خان النصارى، وفي المغرب صومعة
خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ، قَالَ: لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلًا، فَرِقْنَا مِنْهَا أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً، فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ، فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا، وَأَشَدُّهُ وَثَاقًا مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - وَسَأَلَهُمْ عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ، وَعَنْ عَيْنِ زُغَرَ، وَعَنِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، قَالَ: إِنِّي أَنَا الْمَسِيحُ، وَإِنَّهُ يُوشَكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ "، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«وَإِنَّهُ فِي بَحْرِ الشَّامِ أَوْ بَحْرِ الْيَمَنِ، لَا، بَلْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ» مَرَّتَيْنِ، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ قِبَلَ الْمَشْرِقِ، قَالَتْ: حَفِظْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَسَاقَ الْحَدِيثَ.
4327 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صُدْرَانَ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، وَكَانَ لَا يَصْعَدُ عَلَيْهِ إِلَّا يَوْمَ جُمُعَةٍ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَابْنُ
===
الراهب "بالأشواق" جمع شوق ملتبس بها، "فرقنا" فرق كسمع خاق سراعًا بكسر السين أي مسرعين، "وثاقًا" بالفتح والكسر ما يوثق به، "زغر" بزاي وغين معجمتين وراء مهملة هو كعمر، فلذلك لا ينصرف؛ بلدة معروفة بالشام أو بحر اليمين، قيل: هذا شك أو ظن منه عليه الصلاة والسلام أو قصد الإبهام على السامع ثم نفى ذلك وأضرب عنه بالتحقيق فقال لا، بل من قبل المشرق، ثم أكد ذلك بقوله: ما هو و (ما) زائدة لا نافية، والمراد إثبات أنه في جهة المشرق، قيل: ويجوز أن تكون موصولة أي الذي هو فيه المشرق.
قلت: ويحتمل أنها نافية أي ما هو إلا فيه والله تعالى أعلم.
صُدْرَانَ بَصْرِيٌّ، غَرِقَ فِي الْبَحْرِ مَعَ ابْنِ مِسْوَرٍ، لَمْ يَسْلَمْ مِنْهُمْ غَيْرُهُ».
4328 -
حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُمَيْعٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ: «إِنَّهُ بَيْنَمَا أُنَاسٌ يَسِيرُونَ فِي الْبَحْرِ، فَنَفِدَ طَعَامُهُمْ، فَرُفِعَتْ لَهُمْ جَزِيرَةٌ، فَخَرَجُوا يُرِيدُونَ الْخُبْزَ، فَلَقِيَتْهُمُ الْجَسَّاسَةُ» قُلْتُ لِأَبِي سَلَمَةَ: وَمَا الْجَسَّاسَةُ؟ قَالَ: امْرَأَةٌ تَجُرُّ شَعْرَ جِلْدِهَا وَرَأْسِهَا، قَالَتْ: فِي هَذَا الْقَصْرِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَسَأَلَ عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ، وَعَنْ عَيْنِ زُغَرَ، قَالَ: هُوَ الْمَسِيحُ، فَقَالَ: لِي ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ: إِنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ شَيْئًا مَا حَفِظْتُهُ، قَالَ: شَهِدَ جَابِرٌ أَنَّهُ هُوَ ابْنُ صَيَّادٍ، قُلْتُ: فَإِنَّهُ قَدْ مَاتَ، قَالَ: وَإِنْ مَاتَ، قُلْتُ: فَإِنَّهُ أَسْلَمَ، قَالَ: وَإِنْ أَسْلَمَ، قُلْتُ فَإِنَّهُ قَدْ دَخَلَ
===
4328 -
"نفد" بكسر الفاء أنه أي الدجال هو ابن صايد كأنه مبني على تجويز تعدد الصور، والظاهر كما هو منقول في بعض الأولياء وجبريل كان يجيء في صورة دحية وغيره مع أنه في السماء له صورة عظيمة مشتملة على ستمائة جناح، وكثير من العلماء استبعدوا كونه الدجال، وقالوا التوفيق بينه وبين حديث تميم الداري بعيد، لكن يمكن أن يكون التوفيق بما ذكرنا والله تعالى أعلم.
وقال القرطبي في التذكرة: بل الصحيح أنه هو ولا يبعد أن يكون بالجزيرة في وقت وبين أظهر الصحابة في وقت (1) آخر، ويؤيده ما جاء عن بعض من فتح أصبهان أنه رأى ابن الصياد عند يهود أصبهان وقد فرحوا به فرحًا شديدًا وقالوا
(1) التذكرة ص (790) ط الريان.