الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ
4679 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:«مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَلَا دِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ» قَالَتْ: وَمَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ؟ قَالَ: «أَمَّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ شَهَادَةُ رَجُلٍ، وَأَمَّا نُقْصَانُ الدِّينِ فَإِنَّ إِحْدَاكُنَّ تُفْطِرُ رَمَضَانَ وَتُقِيمُ أَيَّامًا لَا تُصَلِّي» .
4680 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«لَمَّا تَوَجَّهَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْكَعْبَةِ» قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَكَيْفَ الَّذِينَ مَاتُوا، وَهُمْ يُصَلُّونَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143].
===
بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ
4679 -
"أغلب لذي لُب" أي أغلبه على رجل ذي عقل خالص بحيث يذهب ذاك العقل ويصير كالمجنون، "فشهادة امرأتين" أي علامته ودليله ذلك، "فإن إحداكن" أي مبدأ نقصان الدين ترك الصلاة أيامًا والصوم، وذلك وإن كان بأمره تعالى ومن جملة طاعته لكن فرق بين الطاعات، فالمصلي بأمره خير من التارك بإذنه بل بأمره والله تعالى أعلم.
4681 -
حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ» .
4682 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» .
4683 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ:
===
4681 -
"من أحب الله" إلخ، إذا كان المرء كذلك فقد صار هواه تابعًا لرضا مولاه، وهذا غاية الكمال، ومعنى "استكمل" أكمل، وإلا فلا طلب والله تعالى أعلم.
4682 -
"أكمل المؤمنين" أي من أكملهم، ويحتمل أن يكون على ظاهره ويكون كناية عنه صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون معنى أحسنهم خلقًا بضمتين أو بسكون الثاني، أي معاملة مع الله تعالى ومع الناس، وليس بعد حسن المعاملة مع الله ومع الخلق شيء، فصاحبه هو الأكمل إيمانًا والله تعالى أعلم، وعلى كل تقدير، فالحديث يدل على تفاوت مراتب الإيمان في الكمال، ومنه يؤخذ الترجيح.
4683 -
"قال أو مسلم" بسكون الواو وكأنه أرشده صلى الله عليه وسلم إلى أن لا يجزم بالإيمان، لأن محله القلب فلا يظهر، وإنما الَّذي يجزم به هو الإسلام لظهوره، فقال:"أو مسلمًا" أي قل أو مسلمًا على الترديد، أو المعنى أو قل مسلمًا بطريق الجزم بالإسلام، والسكوت عن الإيمان بناء على أي كلمة أو ما للترديد أو بمعنى
وَأَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رِجَالًا وَلَمْ يُعْطِ رَجُلًا مِنْهُمْ شَيْئًا، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطَيْتَ فُلَانًا وَفُلَانًا وَلَمْ تُعْطِ فُلَانًا شَيْئًا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَوْ مُسْلِمٌ» حَتَّى أَعَادَهَا سَعْدٌ ثَلَاثًا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَوْ مُسْلِمٌ» ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي أُعْطِي رِجَالًا وَأَدَعُ مَنْ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُمْ لَا أُعْطِيهِ شَيْئًا مَخَافَةَ أَنْ يُكَبُّوا فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ» .
===
بل وغيره، "أحبّ إليَّ" أي لأنه أعلا منه إيمانًا فعلم منه ما يدل على الترجمة، وقوله:"مخافة أن يكب" يريد أنَّه صلى الله عليه وسلم يعطي لمصلحة التأليف ومثله إذا لم يعط ربما يخاف عليه الارتداد وغيره والله تعالى أعلم.
"حتَّى أعادها سعد ثلاثًا" فإن قلت: أعاد سعد القول بالجزم بالإيمان مع أنَّه يتضمن الإعراض عن إرشاده صلى الله عليه وسلم.
قلت: كأنه ما تنبه للإرشاد في ذلك الوقت، إما لأنه غلبه ما كان يظن فيه من الخير، أو أنَّه اشتغل قبله بالأمر الَّذي كان فيه، وهو يظهر بالرجوع إلى الوجدان والله تعالى أعلم.
{وَلَكِنْ قُولُوا} (1) متعلق بما قدر أي فلا تقولوا آمنا لأنه كذب، {وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} (2) أن الإسلام الكلمة أي الشهادتان، والإيمان العمل بالجنان والأركان ومن جملته التصديق والله تعالى أعلم.
(1) و (2) سورة الحجرات: آية (14).
4684 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] قَالَ: «نَرَى أَنَّ الْإِسْلَامَ الْكَلِمَةُ وَالْإِيمَانَ الْعَمَلُ» .
4685 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ح وحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَسَمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قَسْمًا، فَقُلْتُ: أَعْطِ فُلَانًا فَإِنَّهُ مُؤْمِنٌ، قَالَ:«أَوْ مُسْلِمٌ، إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ الْعَطَاءَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ مَخَافَةَ أَنْ يُكَبَّ عَلَى وَجْهِهِ» .
4686 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ، يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» .
4687 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّمَا رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَكْفَرَ رَجُلًا مُسْلِمًا: فَإِنْ كَانَ كَافِرًا، وَإِلَّا كَانَ هُوَ الْكَافِرُ.
===
4686 -
"لا ترجعوا" أي لا تصيروا كفارًا كالكفار في سل السيوف على المسلمين، والمقصود هاهنا أنَّه صلى الله عليه وسلم سماهم كفارًا بالقتال بينهم، والكافر فاقد الإيمان، فعلم أن ترك المنهيات من جملة الإيمان فلا بد أن يزيد وينقص.
4687 -
"أكفر" أي دعاه كافرًا وسماه به، كان هو أي الداعي الكافر، أي يخاف عليه شؤم كلامه أي هو كالكافر حيث لا يبالي بالإيمان، فيسمي الإيمان كفرًا وصاحبه كافرًا والله تعالى أعلم.
4688 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ خَالِصٌ وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْهُنَّ كَانَ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْ نِفَاقٍ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ» .
4689 -
حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ الْأَنْطَاكِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ» .
===
4688 -
"خلة" بفتح الخاء أي خصلة، ثم المرجو أن هذه الأربع مجتمة على وجه الاعتياد والدوام، "لا توجد في مسلم" إذ المسلم لا يخلو عن خير، فلا حاجة للحديث إلى تأويل، فإن الحديث من الإخبار بالغيب، وإذا عاهد العهود، هي المواثيق المؤكدة بالأيمان، ووضع الأيادي والله تعالى أعلم.
4689 -
"وهو مؤمن" هذا وأمثاله حمله العلماء على التغليظ أو على كمال الإيمان، وقيل: المراد بالإيمان الحياء لكونه شعبة من الإيمان، فالمعنى لا يزني الزاني وهو يستحيي من الله.
وقيل: المراد بالمؤمن هو ذو الأمن من العذاب، وقيل: النفي بمعنى النهي أي لا ينبغي للزاني أن يزني والحال أنَّه مؤمن، فإن مقتضى الإيمان أن لا يقع في مثل هذه الفاحشة والله تعالى أعلم.
4690 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيَّ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا زَنَى الرَّجُلُ خَرَجَ مِنْهُ الْإِيمَانُ كَانَ عَلَيْهِ كَالظُّلَّةِ، فَإِذَا انْقَطَعَ رَجَعَ إِلَيْهِ الْإِيمَانُ» .
===
4690 -
"كالظلة" بضم فتشديد لام أي السحابة، روي أن عكرمة قال لابن عباس: كيف ينزع منه الإيمان؟ قال: هكذا، وشبك بين أصابعه ثم أخرجها، فإن تاب عاد إليه مكذا وشبك بين أصابعه. رواه البخاري (1)، وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان من طريق ابن عجلان عن أبي هريرة، وسأله عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يزني الزاني وهو مؤمن" فأين يكون الإيمان منه؟ قال أبو هريرة: يكون هكذا عليه، وقال بكفه فوق رأسه، فإن تاب ونزع رجع إليه، قال البيهقي: وإنما أراد والله تعالى أعلم قدر ما نقص بالزنا من إيمانه (2)، وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن للإيمان سربالًا يسربله الله من يشاء، فإذا زنا العبد نزع منه سربال الإيمان، فإن تاب رد إليه"(3)، وأخرج عن ابن عباس أن العبد إذا زنا نزع منه نور الإيمان رد الله عليه أو أمسكه. ذكره السيوطي.
(1) فتح الباري لابن حجر (12/ 61)، في شرح حديث البخاري (6772)، وذكره الحاكم (1/ 2)، وقال: على شرط الشيخين؛ ووافقه الذهبي والبيهقي في الشعب (5364).
(2)
البيهقي في الشعب (5367).
(3)
البيهقي في الشعب (5366).