الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَا سَقَاهُ اللَّهُ مِنْهُ، ثُمَّ خَرَجَ مُغْضَبًا».
بَابٌ فِي الْمَسْأَلَةِ فِي الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ
4750 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا سُئِلَ فِي الْقَبْرِ فَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} .
4751 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْخَفَّافُ أَبُو نَصْرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ نَخْلًا لِبَنِي النَّجَّارِ، فَسَمِعَ صَوْتًا فَفَزِعَ، فَقَالَ:«مَنْ أَصْحَابُ هَذِهِ الْقُبُورِ؟ » قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَاسٌ مَاتُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ،
===
بالتثبيت في الآخرة المذكور في الآية والله تعالى أعلم.
بَابٌ فِي الْمَسْأَلَةِ فِي الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ
4751 -
"آتاه ملك" قيل: هذا يدل على أن الملك السائل واحد، وقد جاء في غير هذا الحديث سؤال ملكين، فإما أن يكون ذاك لاختلاف الأشخاص، فشخص يأتيه ملكان للسؤال ليكون السؤال عليه أهول بسبب كثرة الآثام التي عليه، وآخر يأتيه الواحد يملي السؤال أخف لما سبق منه من صالح الأعمال، ويحتمل أن يكون الاقتصار على الواحد لكونه السائل وليس فيه نفي إتيان الآخر، "فإن الله كلمه" إن شرطية، "هداه" أي في الدنيا أو في تلك الحالة
فَقَالَ: «تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ» قَالُوا: وَمِمَّ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ أَتَاهُ مَلَكٌ فَيَقُولُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَعْبُدُ؟ فَإِنِ اللَّهُ هَدَاهُ قَالَ: كُنْتُ أَعْبُدُ اللَّهَ، فَيُقَالُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَمَا يُسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ، غَيْرِهَا، فَيُنْطَلَقُ بِهِ إِلَى بَيْتٍ كَانَ لَهُ فِي النَّارِ فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا بَيْتُكَ كَانَ لَكَ فِي النَّارِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ عَصَمَكَ وَرَحِمَكَ، فَأَبْدَلَكَ بِهِ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: دَعُونِي حَتَّى أَذْهَبَ فَأُبَشِّرَ أَهْلِي، فَيُقَالُ لَهُ: اسْكُنْ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ أَتَاهُ مَلَكٌ فَيَنْتَهِرُهُ فَيَقُولُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَعْبُدُ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، فَيُقَالُ لَهُ: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ، فَيُقَالُ لَهُ: فَمَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ: كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ، فَيَضْرِبُهُ بِمِطْرَاقٍ مِنْ حَدِيدٍ بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا الْخَلْقُ غَيْرُ الثَّقَلَيْنِ.
4752 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، بِمِثْلِ هَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ قَالَ:«إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيَقُولَانِ لَهُ» فَذَكَرَ قَرِيبًا مِنْ حَدِيثِ الْأَوَّلِ،
===
غيرها، الظاهر غيرهما بتثنية الضمير، لكن نسختنا غيرها بتأنيث الضمير وإفراده، فلعل المراد غير الخصلة المذكورة، "فينطلق" على بناء المفعول بسب تعديته بالباء، "فينتهره" أي ينكر عليه فعله وقوله تشديدًا في السؤال، "ولا تليت" أي ولا قرأت، أصله تلوت قلبت الواو ياء للازدواج، كذا قيل، ويجوز أن يكون معناه ولا تبعت أهل الحق أي ما كنت محققًا للأمر ولا مقلدًا لأهله والله تعالى أعلم.
قَالَ فِيهِ «وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ فَيَقُولَانِ لَهُ» زَادَ «الْمُنَافِقَ» وَقَالَ: «يَسْمَعُهَا مَنْ وَلِيَهُ غَيْرُ الثَّقَلَيْنِ» .
4753 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، ح وحَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَهَذَا لَفْظُ هَنَّادٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرُ، وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ بِهِ فِي الْأَرْضِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ:«اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، زَادَ فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ «هَاهُنَا» وَقَالَ:" وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ حِينَ يُقَالُ لَهُ: يَا هَذَا، مَنْ رَبُّكَ وَمَا دِينُكَ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ " قَالَ هَنَّادٌ: قَالَ: " وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي
===
4753 -
"ولما يلحد" هي جازمة بمعنى لم، "كأنما على رؤوسنا الطير" أي لا يتحرك منا أحد توقيرًا لمجلسه وتعظيمًا له صلى الله عليه وسلم، فإن الطير لا يكاد يقع على ما له أدنى حركة، "ينكت به في الأرض" أي يضرب به الأرض بحيث يؤثر فيها، فلذلك عدي بفي، "وأنه يسمع" أي الميت، "يسمع خفق نعالهم" بفتح معجمة وسكون فاء فقاف أي صوت نعالهم على الأرض إذا مشوا، متعلق بالخفق حين يقال متعلق بيسمع، "وما دينك" لما كان أصل الدين هو التوحيد وإثبات الرسالة لم يجعله فيما سبق أصلًا بنفسه بل قيل فما يسيل من شيء غيرها، فلا منافاة،
بُعِثَ فِيكُمْ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَقُولَانِ: وَمَا يُدْرِيكَ؟ فَيَقُولُ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ «زَادَ فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ» فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} [إبراهيم: 27] الْآيَةُ - ثُمَّ اتَّفَقَا - قَالَ: " فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ قَدْ صَدَقَ عَبْدِي، فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ " قَالَ: «فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا» قَالَ: «وَيُفْتَحُ لَهُ فِيهَا مَدَّ بَصَرِهِ» قَالَ: «وَإِنَّ الْكَافِرَ» فَذَكَرَ مَوْتَهُ قَالَ: " وَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ: لَهُ مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ هَاهْ، لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ، لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ، لَا أَدْرِي، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ كَذَبَ، فَأَفْرِشُوهُ مِنَ النَّارِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ " قَالَ: «فَيَأْتِيهِ مِنْ
===
"فافرشوه" هو بألف قطع أي اجعلوا له فراشًا من فرش الجنّة، "وألبسوه" يؤيد ما قيل إن الميت يلبس غير الكفن، وعدم الظهور عند الميت لا يضر في ذلك كما لا يضر عدم رؤية أحدنا جبريل عند النبي صلى الله عليه وسلم في حضوره عنده صلى الله عليه وسلم، "فيأتيه من روحها" أي ما لا يوصف كنهه فأبهم لذلك، ويحتمل أن تكون من تبعيضية أو زائدة عند من جوزها، "هاهٍ هاهٍ" كلمة يقولها المتحير في الكلام إن كذب أي فيما قال لا أدري؛ لأن دين الله ونبوة رسوله كان ظاهرًا، وإن تفسيرية ويحتمل أنها مصدرية أي لأجل أن كذب في الدنيا، "افرشوه من النار" والفاء زائدة، ولم يقل عبدي كما في المؤمن إهانة له، وقد قال تعالى:{وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} (1)، "يقيض" أي يقرر له لتعذيبه، "أعمى أبكم" أي من لا ينظر إليه ولا
(1) سورة محمد: آية (11).