الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صفحنا عن بني ذهل
…
وقلنا القوم إخوان538
عسى الأيام أن يرجع
…
ن قوما كالذي كانوا
فلما صرح الشر
…
فأمسى وهو عريان539
ولم يبق سوى العدوا
…
ن دناهم كما دانوا540
مشينا مشية الليث
…
غدا والليث غضبان541
بضرب فيه توهين
…
وتخضيع وإقران542
وطعن كفم الزق
…
غذا والزق ملآن543
وبعض الحلم عند الجهـ
…
ـل للذلة إذعان544
وفي الشر نجاة حيـ
…
ـن لا ينجيك إحسان545
538 صفحنا عن بني ذهل: يقول: أعرضنا عن هؤلاء القوم المتحاربين وضربنا عنهم صفحًا؛ لأن بينهم رحمًا وقرابة فعسى أن تردهم الأيام إلى ما كانوا عليه من قبل من التوافق والتوادد.
539 صرح: بمعنى انكشف. وقوله وهو عريان: مثل لظهور الشر ووضوحه، ويروى فأضحى إلخ؛ وهي أحسن لأن الشيء في الضحى أظهر وأبين.
540 العدوان: الظلم الصريح. والدين: الجزاء. يقول: لما أصروا على البغي وأبوا أن يدعوا الظلم ولم يبق إلا أن تقاتلهم وتعتدي عليهم كما اعتدوا علينا، جازيناهم بفعلهم القبيح كما ابتدءونا به.
541 هذا تفصيل لما أجمله في قوله "دناهم" وتفسير لكيفية المجازاة. وكرر الليث ولم يأت به مضمرًا؛ تعظيمًا للأمر وتفخيمًا له. وغدا بالغين المعجمة ابتكر وكنى بالغضب عن الجوع لأنه يصحبه. يقول: مشينا إليهم مشية الأسد ابتكر وهو جائع.
542 التوهين: التضعيف. والتخضيع: التذليل. والإقران: قيل التتابع والمعنى بضرب فيه تضعيف لهم وتذليل وتتابع.
543 شبه الطعن في اتساعه وخروج الدم منه بفم الزق إذا سال بما فيه وهو مملوء وغذا بمعنى سال.
544 الإذعان الانقياد.
يقال: فلان أذعن لكذا إذا انقاد له، اعتذر في هذا البيت عن تركهم التحلم مع الأقرباء بأنه يفضي إلى الذل.
545 قوله: وفي الشر: على حذف مضاف، أي: وفي دفع الشر، ويجوز في عمل الشر، كأنه يريده في الإساءة مخلص إذا لم يخلصك الإحسان علينا.
المنصفات
ومع أنه كان من الشائع بين العرب الجاهليين -بحكم النظام القبلي- أن الشاعر كان يأخذ جانب قومه، يرفع شأنهم، ويعظم بطولاتهم، وفي نفس الوقت يحط من قدر الأعداء، ويقلل من شأنهم، وبخاصة في مجال الحروب فيرميهم بالجبن والضعف، فقد وجد من الشعراء من كانوا يصورون الواقع والحقيقة فيحكون ما حدث بين قومهم وأعدائهم، وما قام به الجانبان من مظاهر البطولة. فكان الشاعر حينئذ يتحدث عن أعدائه كما يتحدث.
عن قومه، فإن ذكر ما أوقعه قومه بالأعداء ذكر ما حدث لقومه من الأعداء، وإن وصف بأس قومه وقوتهم وبطولتهم، وصبرهم، وثباتهم، وأسلحتهم وما قاموا به من أعمال وأمجاد، وصف الأعداء كذلك من هذه النواحي فكان الشاعر يتحدث في ذلك بما يقتضيه الحق والإنصاف، ولذلك سميت القصائد التي من هذا النوع "المنصفات" لأن الشاعر فيها ينصف الأعداء، ويعطيهم ما يستحقون، من ذلك ما ورد لعبد الشارق بن عبد العزى إذ يقول546:
ردينة لو رأيت غداة جئنا
…
على أضماتنا وقد اختوينا547
فأرسلنا أبا عمرو ربيئًا
…
فقال ألا انعموا بالقوم عينا548
ودسوا فارسًا منهم عشاء
…
فلم نغدر بفارسهم لدينا549
فجاءوا عارضًا بردًا وجئنا
…
كمثل السيل نركب وازعينا550
تنادوا يالبهثة إذ رأونا
…
فقلنا أحسني ضربا جهينا551
سمعنا دعوة عن ظهر غيب
…
فجلنا جولة ثم ارعوينا552
فلما أن تواقفنا قليلًا
…
أنخنا للكلاكل فارتمينا553
فلما لم ندع قوسًا وسهمًا
…
مشينا نحوهم ومشوا إلينا554
546 ديوان الحماسة جـ1 ص169.
547 على أضماتنا، الأضم: شدة الحقد. وقد اختوينا: أي لم نطعم شيئًا وكانوا يكرهون الطعام عند الحرب مخافة أن يطعن أحدهم في بطنه فيخرج منه الطعام فيكون ذلك عارًا. وجواب لولا محذوف لأن أبيات القصيدة مقصورة على بيان القصة والتقدير: لو رأيت غداة جئنا على أحقادنا لم نطعم شيئًا لرأيت أمرًا عظيمًا.
548 الربيء والربيئة الطليعة وقوله: انعموا بالقوم عينًا بشارة لهم بقلة عدد عدوهم.
549 ودسوا فارسًا: إلخ أصل الدس: إخفاء الشيء تحت غيره ثم استعمل هنا في إرسال الفارس سرًّا تحت الليل، يقول: وأرسلوا إلينا فارسًا في السر ليكشف لهم عن أخبارنا، فلم نحبسه عندنا ونقطع الأخبار عنهم لأن ذلك غدر بهم.
550 العارض: السحاب المعترض في الأفق. والبرد: الذي فيه البرد بفتحتين. والوازع: الذي يرتب الجيش ويصلحه ويقدم ويؤخر. ومعنى تركب وازعينا: لا ننقاد لمن يريد ضبطنا من الجيش جميعًا.
551 تنادوا يا لبهثة: أي دعوا بهثة، وبهثة بطن من العرب، وجهينة كذلك، يقول: لما رأوا استصرخوا ببهثة فقابلناهم وقذفناهم بما يكرهون وقلنا: يا جهين أحسني فيهم الضرب والطعن.
552 سمعنا دعوة إلخ يقال فلان فعل كذا بظهر الغيب أي فعله بمكان لا يرى ولا يبصر وأتاه خبر عن ظهر غيب أي انتهى إليه من شخص غائب، ويقال ارعوى فلان عن كذا إذا انكف عنه ورجع.
553 فلما أن توافقنا أي وقف بعضنا مع بعض في الحرب وقوله أنخنا للكلاكل اللام فيه زائدة أو بمعنى على كما في قوله تعالى: {وَتَلَّهُ لِلْجَبِين} أي عليه وقوله فارتمينا يريد أنهم تراموا بالسهام.
554 فلما لم ندع إلخ، معناه لما رمينا ففنيت السهام وانكسرت القسي تقدمنا إليهم فتجالدنا بالسيوف.