المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌حول الأدب الجاهلي ‌ ‌حقائق عامة … حقائق عامة الأدب الجاهلي هو ذلك الأدب الذي - في تاريخ الأدب الجاهلي

[علي الجندي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الجاهليون

- ‌معنى الجاهلية

- ‌بلاد العرب الجاهليين

- ‌العرب القدامى

- ‌مدخل

- ‌العرب العاربة:

- ‌العرب المتعربة:

- ‌العرب المستعربة:

- ‌أنساب العرب

- ‌مدخل

-

- ‌أنساب القحطانيين:

- ‌بنو كهلان:

- ‌قضاعة:

-

- ‌أنساب العدنانين:

- ‌مضر

- ‌قيس عيلان بن مضر:

- ‌ربيعة

- ‌إياد:

- ‌منازل القبائل العربية

- ‌حياتهم ومعيشتهم

- ‌حالتهم السياسية

- ‌حالتهم الإجتماعية

- ‌مدخل

- ‌الكهانة والعرافة:

- ‌ زجر الطير وضرب الحصى وخط الرمل:

- ‌ الاستقسام بالأزلام:

- ‌ الميسر:

- ‌عبادة الأصنام والأوثان:

- ‌ البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي

- ‌حالتهم الدينية

- ‌اتصالاتهم

- ‌معارفهم

- ‌حول الأدب الجاهلي

- ‌حقائق عامة

- ‌لغة الأدب الجاهلي

- ‌مدخل

- ‌ الناحية الدينية:

- ‌ الناحية الاقتصادية:

-

- ‌ الناحية الاجتماعية:

- ‌ عنعنة تميم:

- ‌ قلقلة بهراء:

- ‌ كسكسة تميم:

- ‌كشكة أسد أو ربيعة

- ‌ فحفحة هذيل:

- ‌ وكم ربيعة:

- ‌ وهم بني كلب:

- ‌ جمجمة قضاعة:

- ‌ وتم أهل اليمن:

- ‌ الاستنطاء:

- ‌ شنشنة اليمن:

- ‌ لخلخانية الشحر:

- ‌ طمطمانية حمير:

- ‌ غمغمة قضاعة:

- ‌رواية الأدب الجاهلي

- ‌مدخل

- ‌محمد بن السائب الكلبي:

- ‌ عوانة بن الحكم بن عياض:

- ‌ محمد بن إسحاق:

- ‌4- أبو عمرو بن العلاء:

- ‌ حماد الرواية:

- ‌ المفضل الضبي:

- ‌ خلف الأحمر:

- ‌ هشام بن الكلبي:

- ‌ الهيثم بن عدي:

- ‌ أبو عبيدة:

- ‌ أبو عمرو الشيباني:

- ‌ أبو زيد الأنصاري:

- ‌ الأصمعي:

- ‌ ابن الأعرابي:

- ‌ ابن سلام الجمحي:

- ‌ ابن السكيت:

- ‌أبو حاتم السجستائي

- ‌ ابن قتيبة:

- ‌ السكري:

- ‌المبرد:

- ‌ ثعلب:

- ‌ الطبري:

- ‌ أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري:

- ‌الأصبهاني:

- ‌ المرزباني:

- ‌تدوين الأدب الجاهلي

- ‌مصادر الأدب الجاهلي

- ‌مدخل

- ‌ المعلقات:

- ‌ المفضليات:

- ‌ الأصمعيات:

- ‌ جمهرة أشعار العرب:

- ‌ مختارات ابن الشجري:

-

- ‌ دواوين الحماسة:

- ‌ ديوان الحماسة لأبي تمام:

- ‌ حماسة البحتري:

- ‌ حماسة الخالديين:

- ‌ حماسة ابن الشجرى:

- ‌ الحماسة المغربية:

- ‌ الحماسة البصرية:

- ‌قضية الانتحال في الأدب الجاهلي

- ‌مدخل

- ‌ نوع مقطوع بصحته وأصالته:

- ‌ نوع مقطوع بانتحاله:

- ‌ نوع جاء عن طريق غير موثوق بها:

- ‌ نوع جاء عن طريق رواة موثوق بهم:

- ‌ نوع منسوب إلى جاهلي بدون سند:

- ‌النثر والشعر في العصر الجاهلي

- ‌تمهيد

- ‌النثر الجاهلي

- ‌مدخل

- ‌دواعي النثر الجاهلي:

- ‌الحكم والأمثال:

- ‌المفاخرات والمنافرات:

- ‌الخطابة:

- ‌الوصايا:

- ‌سجع الكهان:

- ‌تعليق عام عن النثر الجاهلي:

-

- ‌الشعر الجاهلي

- ‌مدخل

- ‌نوع الشعر الجاهلي:

- ‌كثرة الشعراء في العصر الجاهلي:

- ‌عدد الشعراء

- ‌الشعراء الأمراء:

- ‌ الشعراء الفرسان:

- ‌ الشعراء الحكماء:

- ‌ومن العشاق:

- ‌ومن أشهر المتيمين:

- ‌ الشعراء الصعاليك:

- ‌ الشعراء اليهود:

- ‌ النساء الشواعر:

- ‌ الشعراء الهجائين:

- ‌ الشعراء الوصافين للخيل:

- ‌ الشعراء الموالي:

- ‌ سائر الشعراء الجاهليين:

- ‌بناء القصيدة الجاهلية والوحدة فيها:

- ‌ معلقة امرئ القيس

- ‌ معلقة طرفة بن العبد

- ‌ معلقة زهير بن أبي سلمى

- ‌ معلقة لبيد بن ربيعة

- ‌ معلقة عنترة العبسي

- ‌معلقة عمرو بن كلثوم

- ‌معلقة الحارث بن حلزة

- ‌التعليق على تحليل المعلقات:

- ‌الشعور العام في المعلقات:

- ‌بدء المعلقات:

- ‌العرض الشعري في المعلقات وقيمتها:

- ‌أغراض الشعر الجاهلي

- ‌مدخل

- ‌الوصف:

- ‌الفخر:

- ‌الهجاء والوعيد والإنذار:

- ‌المدح:

- ‌الرثاء:

- ‌الاعتذار:

- ‌الغزل:

- ‌في الحياة والناس:

- ‌المنصفات

- ‌من مُثلُهم العليا:

- ‌الصعاليك:

- ‌الشعر ديوان العرب:

- ‌الظواهر العامة في الشعر الجاهلي

- ‌مدخل

- ‌المادية والحسية:

- ‌البساطة في التفكير:

- ‌الصلة بالبيئة:

- ‌وحدة المعاني وتنوع الصور:

- ‌الصدق والدقة:

- ‌الحياة والحركة:

- ‌الفن القصصي:

- ‌الروح الجماعية:

- ‌المحافظة على التقاليد الشعرية:

- ‌العناية بالألفاظ والعبارات

- ‌المحسنات البلاغية:

- ‌المراجع

- ‌جداول الأنساب

- ‌محتويات الكتاب

الفصل: ‌ ‌حول الأدب الجاهلي ‌ ‌حقائق عامة … حقائق عامة الأدب الجاهلي هو ذلك الأدب الذي

‌حول الأدب الجاهلي

‌حقائق عامة

حقائق عامة

الأدب الجاهلي هو ذلك الأدب الذي ينسب إلى العرب الذين كانوا قبل الإسلام وليس المقصود في دراستنا هذه الأدب بمعناه العام الذي يشمل جميع نتائج القرائح العربية في أي نوع من أنواع النتاج العقلي، فذلك ليس من شأننا الآن، إنما المقصود هنا الأدب بمعناه الخاص، وهو النتاج العاطفي الذي يعبر فيه صاحبه بالألفاظ عن شعور عاطفي، وفيه إثارة للقارئ والسامع، أي ذلك التعبير العاطفي المثير، وهذا يكون عادة في الشعر الرائع والنثر البليغ.

ومن يرجع إلى كتب الأدب والقصص والتاريخ والأخبار والسير يجد أن الأدباء في العصر الجاهلي كانوا أكثر من أن يحيط بهم حصر، فكل قبيلة كان بها عدد كبير من الأدباء الذين روي لهم نتاج أدبي، وبطبيعة الحال كان فيهم المقل والمكثر، وهم يتفاوتون في إنتاجهم كمًّا وكيفًا، وإذا تذكرنا أن عدد القبائل العربية شماليها وجنوبيها كان كثيرًا توقعنا أن نجد لهم نتاجًا أدبيًّا ضخمًا.

وقد كانت ظروف الجاهليين تساعد على إبداع النصوص الأدبية في جودة وإتقان، فالأحداث التي كانت تقع بينهم، والصلات الاجتماعية التي كانت تربط بعضهم ببعض والمجالس التي كانت تعقد إما بين أفراد القبيلة الواحدة أو القبائل المتحالفة للتشاور وحل المشكلات، وإما بينهم وبين خصومهم لإنهاء نزاع أو فض خلاف، والمناسبات المختلفة التي كانت تستدعي بعث الرسل والوفود، والمجتمعات العامة التي كانت تضم أكبر عدد من القبائل، فتعرض فيها الأمور على نطاق واسع -كل هذه الظروف- كان الاعتماد فيها على فصيح القول وبليغ العبارات، ثم إن مجالس السمر التي كانت تعقد ليلًا حينما ينتهون من مشكلاتهم اليومية، فيلتفون حول المواقد، أو في رحاب النسيم العليل، كانت تهيئ فرصًا ذهبية لأصحاب المواهب الفنية ليمارسوا نشاطهم الأدبي، في كل ما يروقهم من قصص أو أخبار، أو تصوير أدبي، نثرًا كان أم شعرًا، كل حسب ميوله واستعداده، يشجعه

ص: 91

على القول والإجادة فيه إرهاف الجميع أسماعهم إليه من صغيرهم إلى كبيرهم، رجالًا كانوا أم نساء.

ولا شك أن مما ساعد على كثرة النصوص الأدبية، والحرص على جودتها، ما كان من تنافس طبيعي بين أصحاب المواهب الأدبية في القبائل المختلفة التي كان يسود بينها النظام القبلي، وكل منها تعمل على أن تحتل الذروة العليا في جميع الميادين، وفي مقدمتها ميدان الفصاحة والبيان الذي يجعل ذكرها على كل لسان، في كل زمان ومكان.

كل هذا يجعلنا نعتقد أن نتاج الجاهليين الأدبي كان وفيرًا غزيرًا، ولكن للأسف لم يحفظ لنا من هذا التراث إلا شيء قليل جدًّا، يدل على ذلك قول أبي عمرو بن العلاء:"ما انتهى إليكم مما قالت العرب إلا أقله، ولو جاءكم وافرًا لجاءكم علم وشعر كثير"1. ويستدل ابن سلام على ذهاب هذا العلم وسقوطه، بقلة ما بأيدي الرواة المصححين لطرفة وعبيد والذي صح لهما قصائد بقدر عشر، وإن لم يكن لهما غيرهن فليس موضعهما حيث وصفا من الشهرة والتقدمة، ويقول: "إن كان ما يروى من الغثاء لهما فليسا يستحقان مكانهما على أفواه الرواة، ونرى أن غيرهما قد سقط من كلامه كلام كثير غير أن الذي نالهما من ذلك أكثر، وكانا أقدم الفحول، فلعل ذلك لذلك. فلما قل كلامهما حمل عليهما حمل كثير"2.

كما أننا كثيرًا ما نجد في كتب الأدب والتاريخ شعراء يذكرون في بعض الأخبار والحوادث، ولهم بيت أو أبيات معدودة، ومن المستبعد أن يكون ذلك كل ما قالوه في حياتهم، حقيقة قد يكون هؤلاء أو بعضهم غير مشهورين، ولكن من المحتمل أن يكونوا قد قالوا أكثر من ذلك، ولكنه ضاع أو أهمله الرواة.

والحق أن كثيرًا من نتاج الجاهليين الأدبي قد ضاع، ولعل من أهم الأسباب في ذلك بعد الزمن بين وقت إنشائه ووقت تدوينه وحدوث أحداث جسام في هذه الفترة جعلت رواته وحفظته يتشاغلون عنه أو يقلون. ويؤيد ذلك ما رواه ابن عوف عن ابن سيرين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال: "كان الشعر علم قول لم يكن لهم علم أصح منه، فجاء

1 المزهر جـ2 ص237.

2 طبقات الشعراء لابن سلام، ص10.

ص: 92

الإسلام، فتشاغلت عنه العرب، وتشاغلوا بالجهاد وغزو فارس والروم، ولهيت عن الشعر وروايته، فلما كثر الإسلام وجاءت الفتوح واطمأنت العرب بالأمصار راجعوا رواية الشعر فلم يئلوا إلى ديوان مدون ولا كتاب مكتوب، فألفوا ذلك، وقد هلك من العرب من هلك بالموت والقتل، فحفظوا أقل ذلك، وذهب عنهم منه أكثره"3.

على أن ما تحدث عنه عمر رضي الله عنه من أدب الجاهليين الباقي ووصفه بالقلة، لم يصل إلينا كله، إذ جاءنا منه جزء قليل بسبب ما حدث عن عوادي الزمن، والاضطرابات السياسية المختلفة، ونهب المراكز الحضرية على يد المغول، فكل ذلك كان له أثر كبير في ضياع جزء كبير مما كان له حظ التدوين من هذا التراث.

ومع قلة التراث الجاهلي، فإننا نجد أن النثر فيه أقل بكثير جدًّا من الشعر فيه، فالغالبية العظمى من هذا التراث شعر، مع أن العكس كان ينبغي أن يكون، فالعادة والواقع يؤيدان أن النثر أكثر من الشعر، وذلك لسهولة الأول وخلوه من الحدود والقيود، والشعر يحتاج إلى موهبة خاصة، ومقدرة لغوية ظاهرة، ومن ثم فالنثر أكثر دورانًا على الألسنة، وأسهل تأليفًا من الشعر، ولعل السبب في قلة الموروث من النثر الجاهلي أن أدب هذه الفترة كان يحفظ ويتناقل بطريق السماع والحفظ والرواية، ولم يدون إلا بعد مرور العصر الجاهلي بفترة طويلة، كما سنرى فيما بعد إن شاء الله. والنثر عادة مما يصعب حفظه، كما أنه لا يبقى في الذاكرة طويلًا، في حين أن الشعر يعلق بالذهن بسهولة، لما فيه من النغمات الموسيقية المنتظمة، وهذه تحبب كلا من القارئ والسامع فيه، وتستهويه لترديده، فيعلق أسرع وأسهل، ويظل في الذاكرة زمنًا أطول من النثر.

والأدب الجاهلي بالصورة التي وصل بها إلينا، يدل دلالة قاطعة على أن العرب في جاهليتهم كانوا قد قطعوا أشواطًا كثيرة متباعدة في سبيل التطور الأدبي، فهو أدب ممتاز في درجة عالية من التقدم والكمال، ولا يستطيع الإنسان معه أن يتصور أن هذا كان أول ما قاله العرب، أو أول محاولة أدبية لهم، حقيقة هو أقدم ما وصل إلينا من تراث أدبي للعرب، ولكن ليس أول ما قالوه في هذا المجال، بل لابد أنهم كانوا قد حاولوا محاولات شتى في التعبير الأدبي، وصوره الفنية حتى وصلوا بأدبهم إلى هذه الدرجة العليا من الكمال. ولو حفظ

3 المرجع السابق، ص 10.

ص: 93

لنا التاريخ جميع الخطوات التي سارها العرب في سلم التدرج نحو الكمال بأدبهم لاستطعنا أن نقف من وراء ذلك على ناحية هامة جدًّا من نواحي التطور العقلي والنفسي والعاطفي لدى الإنسان بوجه عام، والعربي بوجه خاص.

ولا شك أن الأدب الجاهلي كامل من ناحية اللغة والموسيقى والمعنى، ويدل دلالة قاطعة على تطور ناضج عند العرب في مجال التعبير والتصوير الأدبي الممتاز. مما يدل على روعته وعظم شأنه بقاؤه حيًّا خالدًا إلى اليوم بعد مرور هذا الزمن الطويل منذ نشأته إلى عصرنا الحاضر، كما أن الأدباء، كانوا ومازالوا، قديمًا وحديثًا، ينسجون على منواله، ويتخذونه المثل الأعلى، ويتمنون أن يجيء نتاجهم مثله، أو قريبًا منه، قوة، وروعة، وجمالًا، وصدقًا في التعبير والتصوير.

وفي خلال عمره الطويل، قامت عدة محاولات للخروج على تقاليده، أو منهجه، ومن ذلك ما حاوله بعض الأدباء في عصرنا الحاضر من التخلص بعض الشيء من قيود التقليدية، مقلدًا بعض الآداب الأجنبية، ولكن معظم هذه المحاولات لم يكتب لها من التوفيق ما كتب للأدب الجاهلي، ولم تجد من المتشيعين أو المشجعين ما يمكنها من الذيوع والانتشار، وما زال الأدب القديم صاحب السيادة والسلطان، ويحظى بالاحترام والإكبار من الجميع، مما يدل على أنه يتجاوب تجاوبًا تامًّا مع الذوق العربي العام في كل عصر منذ وجوده إلى اليوم، وهذا معناه أن العرب القدماء، كانوا قد وصلوا بحسهم الفني الصادق إلى خبرة عميقة دقيقة بالنفس الإنسانية ومشاعرها المختلفة وعواطفها الحقيقية، فأحسنوا تصويرها، وأجادوا التعبير عنها. والحق أن الإعجاب بالأدب الجاهلي وكماله الفني ليس مقصورًا على العرب والذوق العربي فقط، بل وصل إلى الأمم الأجنبية، فقد قرأ أبناء هذه الأمم الأدب الجاهلي، فوجدوا فيه النضج والكمال، ولمسوا مواطن الحسن والجمال فيه، فترجم كثير منه إلى لغات الأمم الأخرى، وهكذا عرف العرب وغير العرب مكانة الأدب الجاهلي الفنية الممتازة.

والتراث الذي بين أيدينا من الأدب المنسوب إلى الجاهليين ليس إلا تراث فترة قصيرة لا تتعدى قرنين من الزمان، قبل ظهور الإسلام، فأقدم نص فيه يرجع تاريخه إلى أوائل القرن الخامس الميلادي.

ص: 94