الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2-
المفضليات:
هي مجموعة من القصائد سميت باسم من اشتهر بجمعها، وهو المفضل بن محمد بن يعلى الضبي المتوفى سنة 164/780هـ. وقيل سنة 168: وقيل سنة 170هـ، والشائع المعروف أن المفضل جمعها لتلميذه المهدي حينما جعله والده الخليفة العباسي المنصور مؤدبًا له. وكان المفضل سماها في الأصل كتاب الاختيارات، ولكنها بعد ذلك سميت باسمه.
وهذه كسابقتها اختلف في عددها ومن جمعها. فقيل إنها مائة وست وعشرون قصيدة، أضيفت إليها أربع قصائد وجدت في بعض النسخ، ويقول ابن النديم:"وهي مائة وثمانية وعشرون قصيدة، وقد تزيد وتنقص، وتتقدم القصائد وتتأخر، بحسب الرواية عن المفضل، والصحيحة التي رواها ابن الأعرابي14 تلميذ المفضل وربيبه".
وروى صاحب الأغاني أبو الفرج الأصبهاني في كتابه "مقاتل الطالبيين"15 عن ابن الأعرابي وعن أبي عثمان البقطري وعن علي بن أبي الحسن، ثلاثتهم عن المفضل، قال: كان إبراهيم بن عبد الله بن الحسن متواريًا عندى، فكنت أخرج وأتركه! فقال لي: إنك إذا خرجت ضاق صدري، فأخرج إليّ شيئًا من كتبك أتفرج به: فأخرجت إليه كتبًا من الشعر، فاختار منها السبعين قصيدة التي صدرت بها اختيار الشعراء، ثم أتممت عليها باقي الكتاب.
وأما أبو علي القالي، فقد روى في كتابه الأمالي16 عن أبي الحسن علي بن سليمان الأخفش عن أبي جعفر محمد بن الليث الأصفهاني، قال:"أملى علينا أبو عكرمة الضبي المفضليات من أولها إلى آخرها، وذكر أن المفضل أخرج منها ثمانين قصيدة للمهدي، وقرئت بعد على الأصمعي، فصارت مائة وعشرين، قال أبو الحسن -يعني الأخفش- أخبرنا ثعلب أن أبا العالية الأنطاكي والسدري وعافية بن شبيب، وهؤلاء كلهم بصريون من أصحاب الأصمعي، أخبروه أنهم قرءوا عليه المفضليات، ثم استقرءوا الشعر، فأخذوا من كل شاعر خيار شعره وضموه إلى المفضليات، وسألوه عما فيه مما أشكل عليهم من معاني الشعر وغريبه، فكثرت جدا".
14 الفهرست ص108.
15 صفحة 339، 372 طبعة القاهرة.
16 جـ3 ص130 دار الكتب.
ويقول أبو محمد القاسم بن محمد بن بشار الأنباري في أول شرح المفضليات: "أملى علينا عامر بن عمران أبو عكرمة الضبي هذه القصائد المختارة المنسوبة إلى المفضل بن محمد الضبي أملاه مجلسًا مجلسًا، من أولها إلى آخرها، وذكر أنه أخذها عن أبي عبد الله محمد بن زياد الأعرابي، وذكر أنه أخذها عن المفضل الضبي. قال أبو محمد: وكنت أسأل أبا عمرو بندار الكرخي، وأبا بكر العبدي، وأبا عبد الله محمد بن رستم، والطوسي وغيرهم، عن الشيء بعد الشيء منها، فيزيدونني على رواية أبي عكرمة البيت والتفسير، وأنا أذكر ذلك في موضعه إن شاء الله. فلما فرغنا منها صرت إلى أبي جعفر أحمد بن عبيد بن ناصح، فقرأتها عليه إلى آخرها، شعرها وغريبها، فأنكر على أبي عكرمة أشياء، أنا مبينها في موضعها، ومسند إلى أبي جعفر ما فسر وروى، في موضعه إن شاء الله، والمعين الله عز وجل، والحول والقوة به: وعمود الكتاب على نسق أبي عكرمة وروايته.. وحدثت أن أبا جعفر المنصور تقدم إلى المفضل في اختيار قصائد للمهدي، فاختار له هذه القصائد فلذلك نسبت إلى المفضل"17.
هذه روايات مختلفة، منها ما ينسب اختيارها كلها للمفضل، ومنها ما ينسب إليه اختيار بعضها، ومنها ما يشرك معه فيها الأصمعي، وهي رواية الأخفش. ويرى الدكتور شوقي ضيف أن ذلك كان من الأخفش، وأنه فعل ذلك بعامل التنافس بين البصريين والكوفيين، فالأخفش البصري يريد أن يقول إن المفضليات من صنع البصريين والكوفيين جميعًا لما كان لها من شهرة في عصره فاقت شهرة الأصمعيات. ثم يقول الدكتور شوقي ضيف: ولو أنه اطلع على رواية ابن الأعرابي خصم الأصمعي لزايله هذا الوهم18. ولكن ألا يرى الدكتور شوقي أن في عداوة ابن الأعرابي للأصمعي ما قد يمس النزاهة بين ابن الأعرابي والأصمعي؟ ألا يجوز أن يكون ابن الأعرابي لتحامله على الأصمعي أراد أن يحرم الأصمعى حق مشاركته في الاختيار؟
على كل، هذا خلاف شكلي لا يمس جوهر الموضوع، فالقصائد التي تتضمنها هذه المجموعة أصيلة، وأهل للثقة والاعتماد عليها، سواء نسب اختيارها إلى المفضل، أو إليه والأصمعي، فكلاهما ثقة، أمين، صادق في روايته.
17 المفضليات: دار المعارف سنة 1963، ص12.
18 تاريخ العصر الجاهلي، ص177.