المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الحماسة البصرية: - في تاريخ الأدب الجاهلي

[علي الجندي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الجاهليون

- ‌معنى الجاهلية

- ‌بلاد العرب الجاهليين

- ‌العرب القدامى

- ‌مدخل

- ‌العرب العاربة:

- ‌العرب المتعربة:

- ‌العرب المستعربة:

- ‌أنساب العرب

- ‌مدخل

-

- ‌أنساب القحطانيين:

- ‌بنو كهلان:

- ‌قضاعة:

-

- ‌أنساب العدنانين:

- ‌مضر

- ‌قيس عيلان بن مضر:

- ‌ربيعة

- ‌إياد:

- ‌منازل القبائل العربية

- ‌حياتهم ومعيشتهم

- ‌حالتهم السياسية

- ‌حالتهم الإجتماعية

- ‌مدخل

- ‌الكهانة والعرافة:

- ‌ زجر الطير وضرب الحصى وخط الرمل:

- ‌ الاستقسام بالأزلام:

- ‌ الميسر:

- ‌عبادة الأصنام والأوثان:

- ‌ البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي

- ‌حالتهم الدينية

- ‌اتصالاتهم

- ‌معارفهم

- ‌حول الأدب الجاهلي

- ‌حقائق عامة

- ‌لغة الأدب الجاهلي

- ‌مدخل

- ‌ الناحية الدينية:

- ‌ الناحية الاقتصادية:

-

- ‌ الناحية الاجتماعية:

- ‌ عنعنة تميم:

- ‌ قلقلة بهراء:

- ‌ كسكسة تميم:

- ‌كشكة أسد أو ربيعة

- ‌ فحفحة هذيل:

- ‌ وكم ربيعة:

- ‌ وهم بني كلب:

- ‌ جمجمة قضاعة:

- ‌ وتم أهل اليمن:

- ‌ الاستنطاء:

- ‌ شنشنة اليمن:

- ‌ لخلخانية الشحر:

- ‌ طمطمانية حمير:

- ‌ غمغمة قضاعة:

- ‌رواية الأدب الجاهلي

- ‌مدخل

- ‌محمد بن السائب الكلبي:

- ‌ عوانة بن الحكم بن عياض:

- ‌ محمد بن إسحاق:

- ‌4- أبو عمرو بن العلاء:

- ‌ حماد الرواية:

- ‌ المفضل الضبي:

- ‌ خلف الأحمر:

- ‌ هشام بن الكلبي:

- ‌ الهيثم بن عدي:

- ‌ أبو عبيدة:

- ‌ أبو عمرو الشيباني:

- ‌ أبو زيد الأنصاري:

- ‌ الأصمعي:

- ‌ ابن الأعرابي:

- ‌ ابن سلام الجمحي:

- ‌ ابن السكيت:

- ‌أبو حاتم السجستائي

- ‌ ابن قتيبة:

- ‌ السكري:

- ‌المبرد:

- ‌ ثعلب:

- ‌ الطبري:

- ‌ أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري:

- ‌الأصبهاني:

- ‌ المرزباني:

- ‌تدوين الأدب الجاهلي

- ‌مصادر الأدب الجاهلي

- ‌مدخل

- ‌ المعلقات:

- ‌ المفضليات:

- ‌ الأصمعيات:

- ‌ جمهرة أشعار العرب:

- ‌ مختارات ابن الشجري:

-

- ‌ دواوين الحماسة:

- ‌ ديوان الحماسة لأبي تمام:

- ‌ حماسة البحتري:

- ‌ حماسة الخالديين:

- ‌ حماسة ابن الشجرى:

- ‌ الحماسة المغربية:

- ‌ الحماسة البصرية:

- ‌قضية الانتحال في الأدب الجاهلي

- ‌مدخل

- ‌ نوع مقطوع بصحته وأصالته:

- ‌ نوع مقطوع بانتحاله:

- ‌ نوع جاء عن طريق غير موثوق بها:

- ‌ نوع جاء عن طريق رواة موثوق بهم:

- ‌ نوع منسوب إلى جاهلي بدون سند:

- ‌النثر والشعر في العصر الجاهلي

- ‌تمهيد

- ‌النثر الجاهلي

- ‌مدخل

- ‌دواعي النثر الجاهلي:

- ‌الحكم والأمثال:

- ‌المفاخرات والمنافرات:

- ‌الخطابة:

- ‌الوصايا:

- ‌سجع الكهان:

- ‌تعليق عام عن النثر الجاهلي:

-

- ‌الشعر الجاهلي

- ‌مدخل

- ‌نوع الشعر الجاهلي:

- ‌كثرة الشعراء في العصر الجاهلي:

- ‌عدد الشعراء

- ‌الشعراء الأمراء:

- ‌ الشعراء الفرسان:

- ‌ الشعراء الحكماء:

- ‌ومن العشاق:

- ‌ومن أشهر المتيمين:

- ‌ الشعراء الصعاليك:

- ‌ الشعراء اليهود:

- ‌ النساء الشواعر:

- ‌ الشعراء الهجائين:

- ‌ الشعراء الوصافين للخيل:

- ‌ الشعراء الموالي:

- ‌ سائر الشعراء الجاهليين:

- ‌بناء القصيدة الجاهلية والوحدة فيها:

- ‌ معلقة امرئ القيس

- ‌ معلقة طرفة بن العبد

- ‌ معلقة زهير بن أبي سلمى

- ‌ معلقة لبيد بن ربيعة

- ‌ معلقة عنترة العبسي

- ‌معلقة عمرو بن كلثوم

- ‌معلقة الحارث بن حلزة

- ‌التعليق على تحليل المعلقات:

- ‌الشعور العام في المعلقات:

- ‌بدء المعلقات:

- ‌العرض الشعري في المعلقات وقيمتها:

- ‌أغراض الشعر الجاهلي

- ‌مدخل

- ‌الوصف:

- ‌الفخر:

- ‌الهجاء والوعيد والإنذار:

- ‌المدح:

- ‌الرثاء:

- ‌الاعتذار:

- ‌الغزل:

- ‌في الحياة والناس:

- ‌المنصفات

- ‌من مُثلُهم العليا:

- ‌الصعاليك:

- ‌الشعر ديوان العرب:

- ‌الظواهر العامة في الشعر الجاهلي

- ‌مدخل

- ‌المادية والحسية:

- ‌البساطة في التفكير:

- ‌الصلة بالبيئة:

- ‌وحدة المعاني وتنوع الصور:

- ‌الصدق والدقة:

- ‌الحياة والحركة:

- ‌الفن القصصي:

- ‌الروح الجماعية:

- ‌المحافظة على التقاليد الشعرية:

- ‌العناية بالألفاظ والعبارات

- ‌المحسنات البلاغية:

- ‌المراجع

- ‌جداول الأنساب

- ‌محتويات الكتاب

الفصل: ‌ الحماسة البصرية:

د-‌

‌ حماسة ابن الشجرى:

صاحبها هبة الله بن الشجري المتوفى سنة 542هـ/ 1147م وهو صاحب المختارات السابقة. وقد طبعها كرنكو Kernkow في حيدر أباد سنة 1345.

ص: 167

هـ -‌

‌ الحماسة المغربية:

جمعها يوسف بن محمد البياسي في تونس سنة 646هـ/ 1248ويوجد، مختصر منها في مكتبة: جوتا 13.

ص: 167

و‌

‌ الحماسة البصرية:

جمعها صدر الدين علي بن الفرج البصري، وقدمها سنة 467هـ/ 1249م إلى الملك الناصر أمير حلب. وفي دار الكتب المصرية مخطوطتان منها.

ودواوين الحماسة على العموم، يظهر فيها بوضوح الميل إلى المقطعات القصيرة، والاختيار فيها من أشعار شعراء غير مشهورين في الغالب، وكثيرًا ما نجد قطعًا مختارة أصحابها مجهولون لجامع الديوان. وهي تضم معاني وأغراضًا كثيرة مختلفة غير الحماسة. وإنما سميت كلها بهذا الاسم مجاراة لديوان الحماسة لأبي تمام الذي كان أولها وأسبقها، وهذا كما أشرنا سابقا، سمي بهذا الاسم؛ لأن الباب الأول فيه كان باب الحماسة، وهو أطول الأبواب فغلب اسمه على كل الكتاب، وظاهر أن الغرض الأساسي من هذه الاختيارات كان أدبيًّا وخلقيًّا، يظهر كذلك أن جامعي هذه المختارات، كانوا يقصدون إبعاد السآمة والملل عن القارئ، فجعلوا المختارات مقطعات صغيرة في مواضيع مختلفة، كما لم ينسوا جانب الفكاهة فيها، فضمنوها بعض الطرائف والملح، ليشيعوا فيها جو المرح والمتعة، ولايتجلى ذلك بوضوح في حماسة أبي تمام، ولم يعن أصحابها بالرواية والسند فلم يهتموا بالتعريف بمصادرهم، وتوثيق ما يذكرون، ومن ثم فقيمة هذه الدواوين أدبية أكثر منها تاريخية، ويعود الفضل إلى دواوين الحماسة في التعريف بكثير من الشعراء. الذين لولا هذه الدواوين، لظلوا مجهولين، وقد بينت هذه الدواوين

ص: 167

بوضوح تام كثرة الشعراء العرب في العصر الجاهلي.

والحق أن المجموعات والمختارات التي تحدثنا عنها، تعتبر من مصادر الشعر الجاهلي المهمة فقد جمعت كثيرًا من القصائد الطوال بأجمعها، وعددًا كبيرًا من القطع القصيرة التي تحتوي على المعاني السامية، والعواطف النبيلة، والصور الرائعة، وهي في مجموعها لو درست دراسة شاملة، لأعطت صورة واضحة عن العصر الجاهلي، كما أنها حفظت لنا أسماء كثير من الشعراء لولاها لضاعوا في زوايا النسيان والإهمال. ويبدو أن أصحاب الاختيارات القصيرة، رأوا أن هناك كثيرًا من المجموعات اهتم جامعوها بالقصائد الطوال. وكأنهم أحسوا أن ذلك ربما كان مدعاة للسأم أو الملل أو انصراف القارئ عنها فأحبوا أن يجددوا في الاختيارات، مع تنويعها وتخليد ذوي المواهب الذين لم يتح لهم من الشهرة والذيوع ما أتيح لأصحاب الطوال المعروفات. فاكتفوا بالبيت الواحد، أو الأبيات المعدودات في كل مقطعة، وأكثروا من ذلك.

وبذلك أصبحت مجموعات الاختيارات كلها تتضمن القصائد الطوال والمقطعات القصار، وتضم الشعراء المشهورين والمغمورين، وجميعهم من ذوي المواهب الأدبية، فاكتسب الجميع الشهرة، وكتب لهم الخلود، ووقفنا على انتشار الروح الفنية الأدبية في العصر الذي نحن بصدد دراسته. وحفظت لنا سجلًّا أدبيًّا ممتازًا لذلك العصر. فهي مصدر من مصادر الأدب في العصر الجاهلي.

الدواوين الشعرية:

أما الدواوين الشعرية للعصر الجاهلي، فهي نوعان: دواوين القبائل، ودواوين الأفراد.

دواوين القبائل:

إذا رجعنا إلى كتب التراجم والأخبار والتاريخ، نجد أنه قد كان هناك كتب كثيرة ألفها الرواة والعلماء، تجمع أشعار القبائل وأخبارها، لكل قبيلة كتاب خاص، وربما كان عدد كبير من هذه الكتب من تأليف شخص واحد بنفسه، كما نرى مثلًا في ترجمة أبي عبيدة

ص: 168

معمر بن المثنى، وأبي عمرو الشيباني، فهذا قد سبق أن ذكرنا أن ابنه قال:"لما جمع أبي أشعار العرب كانت نيفًا وثمانين قبيلة". وفي كتاب الفهرست لابن النديم وكتاب المؤتلف والمختلف للآمدي مثلًا، نجد عشرات من الكتب التي ألفت لتجمع أشعار القبائل فمما ورد في الفهرست مثلًا:

أشعار الأزد، وأشعار بني أسد، وأشعار أشجع، وأشعار بجيلة، وأشعار تغلب، وأشعار بني تميم، وأشعار بني حنيفة، وأشعار بني شيبان، وأشعار بني عدوان، وأشعار مزينة، وأشعار هذيل، وأشعار بني يربوع، وغيرهم.

ومما ذكره الآمدى، أشعار الأزد، وأشعار بني تغلب، وأشعار الرباب، وأشعار فهم، أشعار بني عامر بن صعصعة، وأشعار بني عوف بن همام، وشعر هذيل، وشعر بني يشكر، وغيرهم.

ومعنى هذا أن كل قبيلة كانت تعنى بجمع أشعارها وأخبارها، وجعلها في كتاب خاص ليبقى سجلا خالدًا لها، وأن الرواة والعلماء، لما رأوا اهتمام القبائل بهذه الناحية، تسابقوا في جمع أشعار القبائل وتدوينها، فرأينا من الرواة من قام بعمل عشرات من هذه الكتب كما تحكي كتب الأدب والتاريخ.

ويبدو أن الرواة كانوا يجمعون في كل كتاب، كل ما استطاعوا أن يحصلوا عليه من أشعار القبيلة، سواء أكان الشاعر منهم غزير النتاج أو قليله، فكثرت أسماء الشعراء لدى كل قبيلة؛ والظاهر أن كل قبيلة كانت تحاول أن تنافس غيرها من القبائل في كثرة شعرائها، فحفظوا تراث أبنائهم الشعري، ولو لم يكن للواحد منهم سوى أبيات معدودات، حتى كان الشعراء في كل قبيلة كثيرين، ومن ثم ليس في الإمكان الآن أن تحصى أسماء جميع الشعراء -المكثرين والمقلين- لدى جميع القبائل. يقول ابن قتيبة25:"والشعراء المعروفون بالشعر عند عشائرهم وقبائلهم في الجاهلية والإسلام أكثر من أن يحيط بهم محيط، أو يقف وراء عددهم واقف، ولو أنفد عمره في التنقير عنهم، واستفرغ مجهوده في البحث والسؤال. ولا أحسب أحدًا من علمائنا استغرق شعر قبيلة حتى لم يفته من تلك القبيلة شاعر إلا عرفه، ولا قصيدة إلا رواها".

25 الشعر والشعراء، جـ1 ص4.

ص: 169

ويمكن أن نفهم مما كتب عن القبائل، في المجال الأدبي وبخاصة الشعر، أن كل قبيلة كانت تحاول أن يكون لها كتاب يجمع أخبارها وأشعارها، يدل على ذلك هذا الثبت الكبير الضخم الذي يذكر في ترجمة أعلام الرواة والعلماء الذين عنوا بجمع الأشعار والأخبار. ومن ثم، نتوقع أن يكون هناك كتب في هذا المجال بعدد القبائل العربية في العصر الجاهلي. وبهذا يكون ما ذكر في كتب التاريخ والأدب منها، ليس إلا جزءًا من تراث القبائل الجاهلية، لأن هناك كثيرًا من القبائل الجاهلية لهم شعراء مشهورون، ولكن لم يرد باسم القبيلة كتاب يجمع أخبارها وأشعارها.

ومع أن المفهوم من كتاب القبيلة أن يجمع أشعار كل شعرائها، فإننا نجد أحيانًا في كتب التاريخ ما يدل على أن كتاب القبيلة قد يخلو من بعض أشعار أبنائها. ومن ذلك مثلًا، ما تجده في كتاب "المؤتلف والمختلف" للآمدي، إذ يذكر بعض الشعراء، ويقول "إنه لم يجد لهم في كتب قبائلهم ذكرًا". وأحيانًا يقول:"وأظن شعره درس فلم يدرك"26.

وإذا كان الأمر كذلك، كان معناه أن هذه الكتب الكثيرة لا تضم جميع النتاج الأدبي لجميع القبائل العربية، بل تنقص منه أشياء رغم حرص القبائل والرواة على ألا يفوتهم من ذلك شيء.

وعناوين الكتب التي ورد ذكرها إلينا تبين أن الواحد منها كان يسمى "كتاب بني فلان" أو "أشعار بني فلان" ويفهم من هذا أن الكتاب إذا كان عنوانه "أشعار بني فلان" كان يقتصر على ذكر الشعر وما يتصل به، كما نرى في الأثر الباقي لنا من ذلك، وهو "شعر الهذليين". أما إذا كان عنوانه "كتاب بني فلان" فيفهم منه أنه يحوي أخباراً، وآثارًا أدبية. وكل ما يتصل بالقبيلة من أمور مهمة كقصص وأحاديث وأنساب.

وإذ كنا -مع هذه الكثرة التي توقعناها في كتب القبائل- لا نجد في كتب الأدب والتاريخ إلا ذكرًا لعدد قليل منها. فإننا كذلك لم يصل إلينا مما ذكر من هذه الكتب إلا شعر الهذليين.

وإذا رجعنا إلى ما قيل عن عدد شعراء هذيل، تبين لنا أن الكتاب الذي وصل إلينا ويحمل عنوان أشعار الهذليين أو ديوان الهذليين، لا يحتوي على شعر جميع شعرائها

26 ص23.

ص: 170

وإنما يضم جزءًا من أشعارهم. والجزء الذي وصل إلينا من أشعار الهذليين، أقل شعرائه جاهليون، وأكثرهم إسلاميون.

وقد طبع ما وصل إلينا من الهذليين في مجموعتين إحداهما في أوروبا والأخرى بالقاهرة. أما مجموعة أوروبا فتتكون من أربع قطع:

الأولى: أشعار الهذليين ج1، مع شرح أبي سعيد الحسن بن الحسين السكري، وقد قام بنشرها وتحقيقها المستشرق كوزجارتن Kosgarten في لندن سنة 1854م.

الثانية: أشعار الهذليين ج2، نشرة فلهاوزن Welhausen مع ترجمة ألمانية في برلين سنة 1887م.

الثالثة: ديوان أبي ذؤيب، نشره المستشرق الألماني يوسف هل Hell في هانوفر سنة 1926.

الرابعة: ديوان ساعدة بن جؤية، وأبي خراش، والمتنخل، وأسامة بن الحارث ونشره كذلك يوسف هل، في ليبزج سنة 1933.

وأما طبعة القاهرة فهى طبعة دار الكتب المصرية، وهي تتداخل مع القطعة الرابعة في مجموعة طبعة أوروبا، واختلطت فيها نسخة السكري بنسخة أخرى مختصرة، ولذلك كان يقل فيها الشرح وإسناد الرواية.

وقد قام بعض المستشرقين بدراسة وأبحاث حول أشعار الهذليين، ومن ذلك: حول شرح ديوان الهذليين بقلم فلهاوزن: ZDWG 39-411.80 وآخر أشعار الهذليين بقلم كاسكل W. Caskel

وما بين أيدينا من أشعار الهذليين يعتبر ثروة أدبية ولغوية ممتازة، ولو درس دراسة فنية لأظهر لنا جوانب قيمة هامة من الناحيتين اللغوية والأدبية بالنسبة للقبائل العربية في العصر الجاهلي.

دواوين الأفراد:

يقصد بها تلك الكتب التي يشتمل كل منها على شعر شاعر خاص، وقد كان لكثير من هذه الدواوين حظ البقاء إلى عصرنا هذا، وبعضها طبع عدة مرات، وبعضها لم يطبع إلا مرة واحدة، وبضعها ما يزال مخطوطًا، كما أن منها ما حظي بالشرح الواسع أو المختصر، ومنها ما لم تمسه يد بعد. ومن هؤلاء الشعراء من روى شعره أكثر من راوٍ واحد، فجاء شعره

ص: 171

عن طريق روايات متعددة، كثيرة أو قليلة، ومنهم من روي شعره عن طريق واحد، ولكن جميعها تتفق في أن السند في هذه الروايات كلها ينتهي إلى أحد رجال الطبقة الأولى من الرواية. كما سبقت الإشارة إلى ذلك.

ومن أهم من ورد ذكر دواوين خاصة لهم من الشعراء:

امرؤ القيس، وأعشى قيس، وأمية بن أبي الصلت، وابن الدمينة، والأفوه الأودي، وأوس بن حجر، وبشر بن أبي خازم، وحاتم الطائي، السموءل بن عادياء، والشنفرى، وطرفة بن العبد، وطفيل الغنوي، وعامر بن الطفيل، وعبيد بن الأبرص، وعدي بن زيد العبادي، وعروة بن الورد، وعلقمة بن عبدة، وعمرو بن قميئة، وعمرو بن كلثوم، وعنترة بن شداد، وقيس بن الخطيم، ولبيد بن ربيعة، والمتلمس، والمثقب، والمهلهل، والنابغة الذبياني.

ولكن ما يزال شعر كثير من شعراء العصر الجاهلي مبعثرًا في شتى كتب الأدب والتاريخ، مثل عبد يغوث، وأبي قيس بن الأسلت، والحصين بن الحمام، وقيس بن عاصم، وجابر بن حني، وعبد القيس بن خفاف البرجمي، وهؤلاء الشعراء وأمثالهم ينتظرون من يلم شتات نتاجهم، ويجمع تراث كل منهم في ديوان خاص.

وكثير من الدواوين التي وردت إلينا مصنوعة بعمل الرواة المتقدمين، قد حظي بأكثر من رواية واحدة، كما أشرت إلى ذلك آنفا، فمن هذه الدواوين مثلًا: ديوان امرئ القيس، قد رواه كل من الأصمعي، وأبي عمرو الشيباني ومحمد بن حبيب الطوسي، والمفضل الضبي، وأبي عبيدة، وصنعه ابن السكيت، والسكري. وديوان زهير بن أبي سلمى، اشترك في صنعه كل من ابن السكيت، والسكري، وابن الأنباري والشنتمري. وغيرهم.

وديوان عدي بن زيد: صنعه جماعة من الرواة.

وديوان لبيد: عمله الأصمعي، وأبو عمرو الشيباني. والطوسي. وابن السكيت. وديوان الأعشى الكبير: صنعه السكري وأبو عمرو الشيباني والأصمعي، وابن السكيت. وقد حظي بالشرح أو التعليق كثير من دواوين الشعراء القدامى مثل:

شرح ديوان الشعراء الستة للبطليوسي، وشرح ديوان النابغة الذبياني، لابن السكيت، وللأعلم الشنتمري. وشرح ديوان طرفة للأعلم والشنقيطي برواية ابن السكيت. وشرح ديوان

ص: 172

زهير لثعلب والأعلم الشنتمري والسكري. وشرح ديوان علقمة للشنتمري. وشرح ديوان امرئ القيس للسكري، وللبطليوسي، والتبريزي، ولابن النحاس، وللبغدادي. وجمع لويس شيخو أشعار كثير من الشعراء الجاهليين في كتابه:"شعراء النصرانية".

وقد قام كثيرمن العلماء والأدباء والباحثين بنشر كثير من هذه الدواوين نشرًا علميًّا دقيقًا، وإخراجها إخراجًا متقنًا مضبوطًا. وبعضهم يكتفي بنشر رواية معينة. وبعضهم يجمع بين الروايات المختلفة مع المقارنات الدقيقة بينهما، كما فعل الأستاذ أبو الفضل إبراهيم في ديوان امرئ القيس ورواياته الكثيرة.

وبحكم اتصالي بالأدب الجاهلي، وكثرة مطالعتي في نصوصه وشروحها، كثيرًا ما أجد كلمات في أصول النصوص -وفي الشرح كذلك- تحتاج إلى تفسير، لأنها ليست من الألفاظ التي تدور على ألسنة الفصحاء في عصرنا الحاضر، ويصعب فهمها على القراء الآن، فوددت لو تنشر كنوزنا الأدبية الثمينة نشرًا علميًّا دقيقًا، ثم توضح نصوصها بلغة سهلة يسيرة تتناسب مع عصرنا الحاضر، فأخرجت على هذه الطريقة ديوان طرفة بن العبد.

ولا يزال كثير من تراثنا الأدبي مخطوطًا، وإنا لنأمل في شباب أمتنا العربية الطموح، وعلمائها الفضلاء، وباحثيها الأجلاء، أن يزيحوا الستار عن هذه الكنوز الثمينة، ويقدموها للعلم والمعرفة والإنسانية في صور زاهية جميلة، فيظهروا للعالم آثار الأمة العربية الخالدة، وفنها الرائع العظيم.

ودواوين الشعراء التي كان لها حظ الطبع والنشر، لم يقف حجمها عند القدر الذي وردت به أولًا، فقد اعتاد الأساتذة الفضلاء الذين يقومون بنشر هذه الدواوين، أن يراجعوا النسخة التي يريدون نشرها للديوان، ويقارنوها بنسخ أخرى منه إن وجدت، ويضيفوا إليها ما قد يجدونه من زيادات عنها في غيرها من الروايات، منبهين على ذلك في موضعه، ثم هم بعد ذلك قد يضيفون إلى الديوان كثيرًا من الأبيات التي قد يجدونها في كتب أخرى مثل كتب النحو أو اللغة أو التفسير، أو غير ذلك. وهكذا نجد أن الديوان يزيد عن أصله الأول، وكلما تعددت طبعاته ربما زادت الإضافات فيه بما قد يعثر عليه في أثناء المطالعات في كتب أخرى من زيادات جديدة لم تتضمنها الطبعات السابقة.

ص: 173