الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جـ -
طريقة الصحابة رضي الله عنهم في استنباط الأحكام:
كان للصحابة رضي الله عنهم، وبخاصة في عهد الخلفاء الراشدين الأربعة مجالات ثلاثة يسلكونها للوصول إلى حكم الوقائع بشريعة الله عز وجل وتلك هي:
1 -
أخذ الحكم الشرعي من ظاهر النص، أي: تطبيق النصوص على الحوادث المندرجة تحتها، ويدخل في هذا المسلك إجماع الصحابة على الحكم، كما كان معروفا في عهد أبي بكر وعمر (فإنه عندما يعييهما) أن يجدا نصا لحكم الواقعة في القرآن أو السنة يلجئان إلى جمع رءوس الناس وخيارهم، فإذا اجتمع رأيهم على شيء قضيا به، إلا أن عمر كان ينظر قبل تلك الخطوة في المأثور عن أبي بكر.
2 -
القياس على الأشباه والنظائر، وهو أمر دربهم النبي صلى الله عليه وسلم عليه باجتهاده، كما في قصة «المرأة التي سألته عن الحج عن أمها وقد ماتت (1)» .
أ- كتاب عمر بن الخطاب إلى قاضيه باليمن أبي موسى: " اعرف الأشباه والنظائر، ثم قس الأمور عند ذلك " الخ.
ب - ما روي من قضائهم في الجد والإخوة في الميراث، وتشبيههم إياها بالجدولين من النهر أو بالغصنين من الشجرة.
جـ - ما ذكر من قياسهم الشارب على القاذف من أجل إقرار الحد ثمانين جلدة إلى غير ذلك مما أثر عنهم، رضي الله عنهم.
3 -
استنباطهم الحكم مراعين فيه مقاصد الشريعة وقواعدها الكلية، التي منها قاعدة سد الذرائع ونحوها.
ويمثل لذلك بما جرى بين أمير المؤمنين عمر وبين حذيفة بن اليمان رضي الله عنهم، وقد تزوج حذيفة بكتابية بالمدائن فكتب إليه
(1) صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (7315)، سنن النسائي مناسك الحج (2633)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 279).
عمر: أن خل سبيلها؛ فإني أخاف أن يقتدي بك المسلمون فيختاروا نساء أهل الذمة لجمالهن، وكفى بذلك فتنة لنساء المسلمين.
هذا هو أسلوبهم فيما كان يعرض عليهم من قضايا، وبه أوصوا قضاتهم الذين كانوا يبعثونهم إلى المدن والأمصار وذلك بعد أن فصلت مهمة القضاء من الولاية العامة في عهد الفاروق، وحين كثرت الأعمال في عهده، فقد أثر عنه رضي الله عنه أنه لما ولى شريحا الكندي قضاء الكوفة قال له:
اقض بما استبان لك من قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أحله إن لم تجد ذلك على قضاء الأئمة المجتهدين بعد النبي صلى الله عليه وسلم ثم على الاجتهاد.
ومع استعمالهم رضي الله عنهم للرأي لم يجرؤ أحد منهم أن يجزم بأن ما وصل إليه هو حكم الله، وأنه الحق والصواب وأن ما عداه هو الخطأ، بل كان هديهم في هذا كما قال أبو بكر رضي الله عنه:
" أقول فيها برأيي، فإن كان صوابا فمن الله، وإن كان خطأ فمني " الخ (1).
ولما سئل ابن مسعود رضي الله عنه عن المفوضة التي ماتت قبل أن يدخل بها زوجها، قال: أقول فيها برأيي: "لها مهر المثل لا وكس ولا شطط، فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه بريئان (2)
(1) تلخيص الحبير 3/ 89.
(2)
نشأة الفقه لمحمد السايس 24 وإعلام الموقعين 1/ 63.