المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ وجود طوائف غير مسلمة في المجتمع الإسلامي: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ١٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الافتتاحية:

- ‌حكم الاختلاط في التعليم

- ‌ما هكذا الدعوة إلىإصلاح الأوضاع يا حمد

- ‌ قاعدة سد الذرائع

- ‌ الأسباب المادية والأسباب الروحية:

- ‌ نصوص وآثار جزئية في موضوع البحث ونقول عن العلماء في ذلك:

- ‌ حدود المسجد شرعا

- ‌ هل الطرقات تدخل في المواضع المنهي عن الصلاة فيها

- ‌ صلى الجمعة خارج المسجد

- ‌ دخل الإنسان المسجد بعد أذان الظهر وقبل أن تقام الصلاة، فهل تسقط عنه تحية المسجد

- ‌ يصلي بأطفاله وعائلته في كل وقت إذا كان لا يوجد عنده جماعة ولا مسجد

- ‌ الدف وتحية المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب

- ‌ مصافحة الإمام بعد الصلاة

- ‌ الصلاة في البدلة المكونة من جاكيت وبنطلون

- ‌ الأذان الأول يوم الجمعة

- ‌ امتنع عن الصلاة ثم ندم وصلى؟ هل يقضي ما فاته من الصلوات

- ‌ قضاء الصلاة على من تركها عمدا

- ‌ الصلاة في القطار

- ‌ هل يمكن للرجل أن يصلي في بيته بدون عذر شرعي

- ‌ صلاة الجماعة واجبة على الرجال

- ‌ لا يصلي أحد إماما بالناس في مسجد له إمام راتب إلا بإذنه

- ‌ إلقاء الخطبة يوم الجمعة بغير العربية

- ‌ هل تجب صلاة الجمعة على الطلبة الذين يدرسون في الخارج

- ‌أطوار الاجتهاد الفقهي

- ‌ توطئة

- ‌الطور الأول من أطوار الاجتهاد في:عهد الخلفاء الراشدين:

- ‌ أسباب ترك الصحابة الافتراض في الأحكام:

- ‌ طريقة الصحابة رضي الله عنهم في استنباط الأحكام:

- ‌ سبب اختلاف فقهاء الصحابة في بعض الأحكام:

- ‌ خلاصة ما تقدم:

- ‌الطور الثاني:عصر الأمويين

- ‌الطور الثالث من أطوار الاجتهاد الفقهي

- ‌ الربط بين هذا الدور والدور الذي قبله

- ‌ بدء نشوء الأخذ بالظاهر والمعني أو مدرستي الظاهر والرأي:

- ‌ التغيرات التي طرأت على الاجتهاد الفقهي في هذا الدور وأسبابها:

- ‌موقف الشريعة الإسلامية من نكاح التحليل

- ‌تمهيد:

- ‌آراء العلماء في نكاح التحليل:

- ‌أدلة القائلين بجواز نكاح التحليل ومناقشتها

- ‌الدليل الثاني:قالوا: إنما شرط في عودها للأول بمجرد ذوق العسيلة بينهما حلت له بالنص

- ‌الدليل الثالث:قالوا: إنه نكاح خلا من شرط يفسده، فأشبه ما لو نوى طلاقها لغير الإحلال

- ‌أدلة الجمهور:

- ‌الزواج مع شرط التحليل أو قصده حرام

- ‌اهتمام علماء المسلمينبعقيدة السلف - ظروفه - وآثاره

- ‌الاهتمام بعقيدة السلف:

- ‌السلف والخلف:

- ‌المرحلة الأولى:

- ‌ وجود طوائف غير مسلمة في المجتمع الإسلامي:

- ‌ الاتصال بالثقافات الأخرى:

- ‌عصر الجدل والمناظرات:

- ‌علم التوحيد والتأليف في قضاياه:

- ‌آثار هذه المرحلة:

- ‌المرحلة الثانية:

- ‌أولا: ذبول الحس الإسلامي:

- ‌ثانيا: فساد المعتقدات:

- ‌ثالثا: انتشار الفساد بين العلماء:

- ‌زيد بن حارثة الكلبي القائد الشهيد

- ‌نسبه وأيامه الأولى:

- ‌إسلام زيد:

- ‌في الطائف:

- ‌الهجرة:

- ‌في غزوة بدر الكبرى:

- ‌قائد سرية القردة:

- ‌سرية زيد إلى سليم بالجموم

- ‌قائد سرية العيص:

- ‌قائد سرية الطرف:

- ‌قائد سرية حسمى:

- ‌قائد سرية وادي القرى:

- ‌قائد سرية أم قرفة بوادي القرى:

- ‌قائد سرية مؤتة

- ‌الإنسان:

- ‌القائد:

- ‌زيد في التاريخ:

- ‌ابن خلدون وريادته لعلم تفسير التأريخ

- ‌ابن خلدون رائد عصر جديد في فقه التاريخ:

- ‌ابن خلدون رائد فلسفة التأريخ

- ‌الشروط الأساسية لتفسير التأريخ

- ‌قوانين ابن خلدون الحضارية وتقويمها

- ‌العقيدة الطحاويةتعليق سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌الشريعة الإسلامية منهاج رباني

- ‌توضيح حولعمل المرأة

- ‌ غلاء المهور

- ‌ استثمار الأموال في البنوك

- ‌ النظر إلى وجه زوجة الأخ

- ‌ استعمال حبوب منع الحمل لتأخير الحيض عند المرأة في شهر رمضان

- ‌ قراءة القرآن أثناء الدورة الشهرية

- ‌ تغطية المرأة رأسها أثناء قراءة القرآن

- ‌ حكم إقامة أعياد الميلاد

- ‌سماحة الشيخ يحذر من بعض الكتب

- ‌كشاف مجلة البحوث الإسلاميةمن العدد الأول إلى الخامس عشر

- ‌مقدمة

- ‌فهرس الموضوعات

- ‌الأحكام الشرعية

- ‌كشاف المؤلف

- ‌كشاف العنوان

الفصل: ‌ وجود طوائف غير مسلمة في المجتمع الإسلامي:

الساحة الفكرية أخذ المعتزلة موقفا مضادا له، وأخذ الأشاعرة موقفا متوسطا، وفي كل ذلك جدل ومناظرات كانت سمة العصر وطابع الفكر الإسلامي آنذاك (1).

أقول في ضوء الحقيقتين السابقتين: يجب أن ننظر إلى الفرق باعتبارها عاملا هاما في ازدهار حركة الجدل الديني في القرنين الثاني والثالث الهجريين، ومقارنة معتقدات كل وأصولها بمعتقدات وأصول غيرها، ثم رصد ما حدث بينهم من مناظرات ومراسلات يظهر أثرهم في الفكر الإسلامي، وليس تفصيل هذا من خطتنا، وإنما حسبنا أن نشير إلى الظاهرة وندل عليها في مظانها من كتب الفرق والملل والنحل، كما نشير إلى أن أثر الفرق ليس راجعا إلى موضوعات الجدل بقدر ما هو راجع إلى منهج تناول هذه الموضوعات والهدف المرتبط به.

(1) أبو زهرة / مالك / 117 - 121. وأبو حنيفة / 80 - 90. (دار الفكر العربي دت).

ص: 184

2 -

‌ وجود طوائف غير مسلمة في المجتمع الإسلامي:

ضم المجتمع الإسلامي آنذاك فئات شتى، اختلفت اتجاهاتهم، وتباين بمقدار هذا حقدهم على الإسلام، بل وطريقة الكيد له، فلقد كان هناك من دخلوا الإسلام من أصحاب العقائد والحضارات الأخرى، كالفرس الذين دخلوا الإسلام لكنهم لم ينتسبوا إليه إلا بمقدار ما يظهر في سلوكهم الخارجي، أما حقيقة الأمر فقد تجلت في بثهم بين المسلمين كثيرا من أفكارهم القديمة التي تخالف الفهم الإسلامي الصحيح كما في مسألة الجبر مثلا، حيث كانت من البحوث التي طرقها الزرادشتية والمانوية وغيرهم، فقد جاء في كتاب المنية والأمل للمرتضى عن الحسن:«أن رجلا من فارس جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: رأيت أهل فارس ينكحون بناتهم وأخواتهم، فإن قيل لهم لم تفعلون؟ قالوا: قضاء الله وقدره. فقال عليه السلام: سيكون في أمتي من يقولون مثل ذلك، وأولئك مجوس أمتي» (1).

(1) أبو زهرة / تاريخ المذاهب 1/ 117.

ص: 184

كما تجلت في تسترهم تحت التصوف والتشيع لإيجاد فرق باطنية عرف الفكر الإسلامي خطرها وشرها (1) وخصوصا في مجال تأويل النصوص والخروج بها عن ظاهرها، وقطع الصلة بينها وبين أسباب نزولها تمهيدا لاستغلالها في مكائدهم (2).

ويقرر ابن حزم الأندلسي أن مكائد الفرس كانت سببا في خروج أكثر الطوائف الغالبة، وبخاصة طوائف الشيعة عن الإسلام، ويرجع ذلك إلى أن زوال دولتهم على أيدي العرب، والفرس كانوا يظنون أنفسهم أحرارا وغيرهم - والعرب منهم - عبيدا، جعلهم يكيدون للإسلام بالمحاربة. . . فرأوا أن كيده على الحيلة أنجع، فأظهر قوم منهم الإسلام، واستمالوا أهل التشيع بإظهار محبة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واستشناع ظلم علي رضي الله عنه ثم سلكوا بهم مسالك شتى حتى أخرجوهم عن الإسلام " (3) ويذكر ابن حزم الغلاة الذين اتخذوا بهذا كالحلوليين، ومسقطي الشرائع، ومنكري النبوات وغيرهم.

أما اليهود والنصارى فقد شاركوا الفرس وغيرهم في إثارة الشكوك، وبذر بذور الفرقة بين المسلمين، ففكرة الجبر التي تقضي بأن الإنسان مجبور لا إرادة له قيل: إن أول من دعا إليها يهودي بالشام، وتعلمها منه الجعد بن درهم ونشرها بين الناس بالبصرة، وتلقاها عن الجعد الجهم بن صفوان الذي أضاف إلى فكرة الجبر أفكارا أخرى ليست من الإسلام في شيء، وفي صدد الحديث عن الجعد بن درهم يقول صاحب سرح العيون:" تعلم منه الجهم بن صفوان القول الذي نسب إليه الجهمية، وقيل: إن الجعد أخذ ذلك على أبان بن سمعان، وأخذه أبان عن طالوت بن أخت لبيد بن أعصم اليهودي " وأخذها طالوت من لبيد بن الأعصم اليهودي.

وهذه الرواية لا تنفي إسهام الفرس وغيرهم في بث بذور الفرقة بين

(1) ابن تيمية / الفرقان بين الحق والباطل / 157، وقد سبقت إشارتنا إلى ذلك.

(2)

البغدادي / الفرق بين الفرق / 281 - 312. تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد.

(3)

الفصل / 2/ 115.

ص: 185

المسلمين، والشيء نفسه نجده عند النصارى كما يروى، " قيل إن أول من تكلم في القدر رجل من أهل العراق كان نصرانيا فأسلم ثم تنصر، وأخذ عنه معبد الجهني وغيلان الدمشقي.

ومن هذا نرى: أن الفكرة دخيلة في الإسلام، راجت بين المسلمين من عنصر أجنبي دعا إليها باسم الإسلام وهو يضمر غيره (1).

وإلى جانب هذا: كان اليهود يثيرون من الأفكار ما يدعو إلى الرد والمناظرة، فقد شكك أحدهم أهل البصرة في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الوقوف عند نبوة موسى فهي الثابتة دون غيرها، الأمر الذي جعل علماء السلف يناظرون هذا اليهودي وغيره ويفحمونهم.

كما ادعى بعضهم أن رسالة محمد إلى العرب خاصة، بل ادعى هذا - وهو عيسى بن يعقوب الأصبهاني - النبوة لنفسه وزعم أن الله كلمه، وأنه أرسل من قبل المسيح المنتظر (2).

كذلك كان اليهود وراء مشكلات كثيرة مثل مشكلة خلق القرآن، والدعوة إلى فهم النصوص على ظاهرها في مسألة الصفات مما أدى إلى التمثيل والتشبيه (3).

كذلك كان بعض النصارى يعلمون أتباعهم كيف يجادلون المسلمين بطريقة تشككهم في عقيدتهم كما فعل يوحنا الدمشقي الذي كان يعلم النصارى حوارا " إذا سألك العربي: ما تقول في المسيح؟ فقل: إنه كلمة الله. ثم ليسأل النصراني المسلم: بم سمي المسيح في القرآن؟ وليرفض أن يتكلم بشيء حتى يجيب المسلم؛ فإنه سيضطر إلى أن يقول: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} (4) فإذا أجاب بذلك فاسأله عن كلمة الله وروحه مخلوقة أو غير مخلوقة. فإن قال: مخلوقة. فليرد عليه: بأن

(1) تاريخ المذاهب / 1/ 125.

(2)

الملل والنحل / 2/ 55.

(3)

الملل والنحل / 1/ 141.

(4)

سورة النساء الآية 171

ص: 186