الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
توضيح حول
عمل المرأة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم واقتفى آثارهم إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد اطلعت على ما نشر في جريدة عكاظ يوم الثلاثاء 17/ 8 / 1405 هـ الذي يرد فيه الكاتب الأستاذ صالح محمد جمال على الأستاذ عزيز ضياء حول عمل المرأة.
كما اطلعت على فكرة مصطفى أمين في جريدة الشرق الأوسط عدد الجمعة 20/ 8 / 1405 هـ. وقد كان الأستاذ صالح موفقا في رده وفيما تعرض له من وجهة نظر بعيدة المدى حول عمل المرأة أثابه الله.
ومن المؤلم أن يتعرض عزيز ضياء ومثله مصطفى أمين لأمور في عمل المرأة تتنافى مع المقاصد الإسلامية، وحث الإسلام على حماية المرأة والمحافظة عليها. وفي حمايتها حماية للمجتمع عن الانزلاق والتردي فيما وقع فيه غيرنا من أعمال أصبحوا لا يجدون منها فكاكا.
ذلك أن من المعلوم بأن نزول المرأة للعمل في ميدان الرجال يؤدي إلى الاختلاط المذموم والخلوة بهن، وذلك أمر خطير جدا له تبعاته الخطيرة، وثمراته المرة، وعواقبه الوخيمة، وهو مصادم للنصوص الشرعية التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها والقيام بالأعمال التي تخصها وفطرها الله عليها، مما تكون فيه بعيدة عن مخالطة الرجال.
والأدلة الصريحة الدالة على تحريم الخلوة بالأجنبية، وتحريم النظر إليها، وتحريم الوسائل الموصلة إلى الوقوع فيما حرم الله أدلة كثيرة محكمة قاضية بتحريم الاختلاط المؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، منها قوله تعالى:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (1){وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} (2).
(1) سورة الأحزاب الآية 33
(2)
سورة الأحزاب الآية 34
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (1)، وقال الله جل وعلا:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (2){وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} (3) الآية.
وقال تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (4)، وقال صلى الله عليه وسلم:«إياكم والدخول على النساء (يعني الأجنبيات) فقال: رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت (5)» . ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الخلوة بالمرأة الأجنبية على الإطلاق. وقال: إن ثالثهما الشيطان. وعن السفر إلا مع ذي محرم سدا لذريعة الفساد. وإغلاقا لباب الإثم، وحسما لأسباب الشر، وحماية للنوعين من مكائد الشيطان.
ولهذا صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء (6)» . وقال صلى الله عليه وسلم: «ما تركت بعدي في أمتي فتنة أضر على الرجال من النساء (7)» .
وهذه الآيات والأحاديث صريحة الدلالة في وجوب الابتعاد عن الاختلاط المؤدي إلى الفساد وتقويض الأسر وخراب المجتمعات التي سبقت إلى هذا
(1) سورة الأحزاب الآية 59
(2)
سورة النور الآية 30
(3)
سورة النور الآية 31
(4)
سورة الأحزاب الآية 53
(5)
رواه البخاري "فتح الباري" كتاب النكاح لا يخلون رجل بامرأة ج9 ص330
(6)
رواه مسلم في كتاب الرقاق، باب الفتنة بالنساء ج17 ص55.
(7)
رواه البخاري "فتح الباري" كتاب النكاح باب ما يتقى من شوم ج9 ص137، ومسلم في كتاب الرقاق باب الفتنة بالنساء ج17 ص54
الأمر الخطير، وصارت تتحسر على ما فعلت، وتتمنى أن تعود إلى حالنا التي نحن عليه الآن، وخصنا بها الإسلام.
لماذا لا ننظر إلى وضع المرأة في بعض البلدان الإسلامية المجاورة كيف أصبحت مهانة مبتذلة بسبب إخراجها من بيتها وجعلها تقوم في غير وظيفتها، لقد نادى العقلاء هناك وفي البلدان الغربية بوجوب إعادة المرأة إلى وضعها الطبيعي الذي هيأها الله له وركبها عليه جسميا وعقليا، ولكن بعدما فات الأوان.
ألا فليتق الله المسئولون عن المرأة والتخطيط لعملها، وليراقبوه سبحانه فلا يفتحوا على الأمة بابا خطيرا من أبواب الشر إذا فتح كان من الصعب إغلاقه. وليعلموا أن النصح لهذا البلد حكومة وشعبا هو العمل على ما يبقيه مجتمعا متماسكا قويا سائرا على نهج الكتاب والسنة وعمل سلف الأمة، وسد أبواب الفساد والخطر، وإغلاق منافذ الشرور والفتن، ولا سيما ونحن في عصر تكالب الأعداء فيه على المسلمين، وأصبحنا أشد ما نكون حاجة إلى عون الله ودفعه عنا شرور أعدائنا ومكائدهم، فلا يجوز لنا أن نفتح أبوابا من الشر مغلقة.
ولقد أحسن جلالة الملك فهد بن عبد العزيز أدام الله توفيقه فيما أصدر من التعميم المبارك برقم 2966 / م وتاريخ 19/ 9 / 1404 هـ في الموضوع وهذا نصه: " نشير إلى الأمر التعميمي رقم 11651 في 16/ 5 / 1404 هـ المتضمن أن السماح للمرأة بالعمل الذي يؤدي إلى اختلاطها بالرجال سواء في الإدارات الحكومية أو غيرها من المؤسسات العامة أو الخاصة أو الشركات أو المهن ونحوها أمر غير ممكن، سواء كانت سعودية أو غير سعودية؛ لأن ذلك محرم شرعا، ويتنافى مع عادات وتقاليد هذه البلاد. وإذا كان يوجد دائرة تقوم بتشغيل المرأة في غير الأعمال التي تناسب طبيعتها أو في أعمال تؤدي إلى اختلاطها بالرجال، فهذا خطأ يجب تلافيه وعلى الجهات الرقابية ملاحظة ذلك والرفع عنه.
ولعل فيما ذكرنا ما يذكر المسئولين وسائر الكتاب بما يجب عليهم من مراعاة أمر الله ورسوله، والنظر فيما تمليه المصلحة العامة لهذه الأمة، والاستفادة مما يكتبه الناصحون في هذا المجال ممن لديهم خبرة بالواقع وغيره.
لأن في ميدان عمل النساء في بيوتهن من التدريس والطب وغيرهما مما يتعلق بالنساء ما يغنيهن عن التوظيف في ميدان عمل الرجال، وأسأل الله أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين جميعا من مكايد الأعداء ومخططاتهم المدمرة، وأن يوفق المسئولين وسائر الكتاب إلى حمل الناس على ما يصلح شئونهم في الدنيا والآخرة؛ تنفيذا لأمر ربهم وخالقهم، والعالم بمصالحهم، وأن يوفق المسئولين في ديار الإسلام لكل ما فيه صلاح العباد والبلاد، وفي أمر المعاش والمعاد، وأن يعيذنا وإياهم وسائر المسلمين من مضلات الفتن وأسباب النقم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعهم بإحسان.
الرئيس العام
لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
لقاء مع سماحة الرئيس
أجرته صحيفة الجزيرة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. . . وبعد:
فقد توجهت صحيفة الجزيرة إلى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز بعدة أسئلة مهمة فتفضل سماحته بالإجابة عنها مشكورا.
سؤال: ما هو تعريف الغزو الفكري للإسلام وما أهدافه؟
جواب: الغزو الفكري هو مصطلح حديث يعني مجموعة الجهود التي تقوم بها أمة من الأمم للاستيلاء على أمة أخرى أو التأثير عليها حتى تتجه وجهة معينة. وهو أخطر من الغزو العسكري؛ لأن الغزو الفكري ينحو إلى السرية وسلوك المسارب الخفية في بادئ الأمر، فلا تحس به الأمة المغزوة ولا تستعد لصده والوقوف في وجهه حتى تقع فريسة له، وتكون نتيجته أن هذه الأمة تصبح مريضة الفكر والإحساس، تحب ما يريده لها عدوها أن تحبه وتكره ما يريد منها أن تكرهه.
وهو داء عضال يفتك بالأمم، ويذهب شخصيتها، ويزيل معاني الأصالة والقوة فيها، والأمة التي تبتلى به لا تحس بما أصابها ولا تدري عنه، ولذلك يصبح علاجها أمرا صعبا وإفهامها سبيل الرشد شيئا عسيرا.
سؤال: هل يتعرض العرب عامة والمملكة خاصة لهذا النوع من الغزو؟
جواب: نعم، يتعرض المسلمون عامة ومنهم العرب لغزو فكري عظيم، تداعت به عليهم أمم الكفر من الشرق والغرب، ومن أشد ذلك وأخطره:
1 -
الغزو النصراني الصليبي.
2 -
الغزو اليهودي.
3 -
الغزو الشيوعي الإلحادي.
أما الغزو النصراني الصليبي فهو اليوم قائم على أشده، ومنذ أن انتصر صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين الغازين لبلاد المسلمين بالقوة والسلاح أدرك النصارى أن حربهم هذه وإن حققت انتصارات فهي وقتية لا تدوم، ولذا فكروا في البديل الأفضل وتوصلوا بعد دراسات واجتماعات إلى ما هو أخطر من الحروب العسكرية، وهو أن تقوم الأمم النصرانية فرادى وجماعات بالغزو الفكري لناشئة المسلمين؛ لأن الاستيلاء على الفكر والقلب أمكن من الاستيلاء على الأرض، فالمسلم الذي لم يلوث فكره لا يطيق أن يرى الكافر له الأمر والنهي في بلده، ولهذا يعمل بكل قوته على إخراجه وإبعاده، ولو دفع في سبيل ذلك حياته، وأغلى ثمن لديه، وهذا ما حصل بعد الانتصارات الكبيرة للجيوش الصليبية الغازية، أما المسلم الذي تعرض لذلك الغزو الخبيث فصار مريض الفكر عديم الإحساس، فإنه لا يرى خطرا في وجود النصارى أو غيرهم في أرضه، بل قد يرى أن ذلك من علامات الخير، ومما يعين على الرقي والحضارة، وقد استغنى النصارى بالغزو الفكري عن الغزو المادي؛ لأنه أقوى وأثبت، وأي حاجة لهم في بعث الجيوش وإنفاق الأموال مع وجود من يقوم بما يريدون من أبناء الإسلام عن قصد أو عن غير قصد وثمن، أو بلا ثمن، ولذلك لا يلجأون إلى محاربة المسلمين علانية بالسلاح والقوة إلا في الحالات النادرة الضرورية التي تستدعي العجل، كما حصل في غزو أوغندا، وكالأفغان حاليا، أو عندما تدعو الحاجة إليها لتثبيت المنطلقات وإقامة الركائز وإيجاد المؤسسات التي تقوم بالحرب الفكرية الضروس، كما حصل في مصر وسوريا والعراق وغيرها قبل الجلاء.
أما الغزو اليهودي فهو كذلك؛ لأن اليهود لا يألون جهدا في إفساد المسلمين في أخلاقهم وعقائدهم، ولليهود مطامع في بلاد المسلمين وغيرها، ولهم مخططات أدركوا بعضها ولازالوا يعملون جاهدين لتحقيق ما تبقى، وهم وإن حاربوا المسلمين بالقوة والسلاح واستولوا على بعض أرضهم، فإنهم كذلك يحاربونهم في أفكارهم ومعتقداتهم، ولذلك ينشرون فيهم مبادئ ومذاهب ونحلا باطلة، كالماسونية والقاديانية والبهائية والتجانية وغيرها، ويستعينون بالنصارى وغيرهم في تحقيق مآربهم وأغراضهم.
أما الغزو الشيوعي الإلحادي فهو اليوم