الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأئمة الأربعة كل واحد منهم وفقه الله جل وعلا إلى الفقه في الدين بقدر ما يسر له، ولكل واحد منهم تلاميذ نقلوا عنه فقهه؛ وبهذا تأسست المذاهب الأربعة، وليس كل ما يقوله أي واحد منهم يكون حقا، بل هو مجتهد، فإن أصاب فله أجران: أجر لاجتهاده، وأجر لإصابته، وإن أخطأ فله أجر اجتهاده وخطؤه معفو عنه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب الرئيس
…
الرئيس
عبد الله بن قعود
…
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
من الفتوى رقم 4172
السؤال الرابع: ما حكم
التقيد بالمذاهب الأربعة واتباع أقوالهم على كل الأحوال والزمان
؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد:
ج: أولا: المذاهب الأربعة منسوبة إلى الأئمة: الإمام أبي حنيفة، والإمام مالك، والإمام الشافعي، والإمام أحمد،
فمذهب الحنفية منسوب إلى أبي حنيفة، وهكذا بقية المذاهب.
ثانيا: هؤلاء الأئمة أخذوا الفقه من الكتاب والسنة وهم مجتهدون في ذلك، والمجتهد؛ إما مصيب فله أجران: أجر اجتهاده، وأجر إصابته، وإما مخطئ فيؤجر على اجتهاده ويعذر في خطئه.
ثالثا: القادر على الاستنباط من الكتاب والسنة يأخذ منهما كما أخذ من قبله، ولا يسوغ له التقليد فيما يعتقد أن الحق بخلافه، بل يأخذ بما يعتقد أنه حق ويجوز له التقليد فيما عجز عنه واحتاج إليه.
رابعا: من لا قدرة له على الاستنباط يجوز له أن يقلد من تطمئن نفسه إلى تقليده وإذا حصل في نفسه عدم اطمئنان سأل حتى يحصل عنده اطمئنان.
خامسا: يتبين مما تقدم أنه لا تتبع أقوالهم على كل الأحوال والأزمان؛ لأنهم قد يخطئون، بل يتبع الحق من أقوالهم الذي قام عليه الدليل.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب الرئيس
…
الرئيس
عبد الله بن قعود
…
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
من الفتوى رقم 11296
السؤال الثاني: ما حقيقة التقليد، وما أقسامه مع بيان الحكم؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد:
ج: (أ) ذكر علماء الأصول تعريفات لبيان حقيقة التقليد، منها قول بعضهم: التقليد هو قبول قول القائل وهو لا يدري مستنده، وذهب بعضهم إلى أن التقليد: قبول قول القائل بلا حجة.
واختار أبو المعالي الجويني تعريف التقليد بأنه اتباع من لم يقم باتباعه حجة ولم يستند إلى علم.
وهذه التعاريف متقاربة، ولعلماء الأصول فيها مناقشات ترجع إلى الصناعة المنطقية، ولكن القصد هنا بيان حقيقة التقليد على وجه التقريب.
(ب) أما أقسامه مع بيان حكم كل قسم فكما يلي:
1 -
تقليد من عنده أهلية الاجتهاد غيره من العلماء بعدما تبين له الحق بالأدلة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا لا يجوز له تقليد من خالفه فيما وصل إليه بالاستدلال بإجماع.
2 -
تقليد من توافرت فيه أهلية الاجتهاد غيره من المجتهدين قبل أن يصل باجتهاده إلى الحكم الشرعي، فهذا لا يجوز له تقليد غيره فيما ذهب إليه الشافعي وأحمد وجماعة رحمهم الله، وهو الأرجح؛ لقدرته على الوصول إلى الحكم الشرعي بنفسه، فكان مكلفا بالاجتهاد ليعرف ما كلفه الشرع به؛ لقوله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1)، ولما ثبت من قول النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (2)» .
3 -
تقليد العاجز عن البحث في الأدلة واستنباط الأحكام منها عالما توافرت فيه أهلية الاجتهاد في أدلة الشرع فهذا جائز؛ لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (3)، ولقوله سبحانه:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (4) ونحوها من النصوص الدالة على رفع الحرج ولصيانة المكلف عن التخبط في الأحكام والقول على الله بغير علم.
4 -
تقليد من يخالف الشرع الإسلامي من الآباء والسادة والحكام عصبية أو اتباعا للهوى، وهذا محرم بالإجماع، وقد ورد في ذمه كثير من نصوص الكتاب والسنة، قال الله
(1) سورة التغابن الآية 16
(2)
أخرجه البخاري في كتاب (الاعتصام بالكتاب والسنة) برقم (7288) واللفظ له، ومسلم في (الحج) برقم (1337).
(3)
سورة البقرة الآية 286
(4)
سورة الأنبياء الآية 7
تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} (1)، وقال تعالى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (2)، وقال تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (3)، وقال تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (4)، وقال تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (5)، وقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا} (6){خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} (7){يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا} (8){وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا} (9){رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا} (10).
السؤال الثالث: من يقول: إن التقليد كفر مطلقا وفسق وشرك، وينسبون إلى الأئمة الأربعة الكفر والضلال، فما حكمه وهم يقولون: هذا رأي علماء الحرمين والمملكة
(1) سورة البقرة الآية 170
(2)
سورة النساء الآية 65
(3)
سورة الأحزاب الآية 36
(4)
سورة النور الآية 63
(5)
سورة آل عمران الآية 31
(6)
سورة الأحزاب الآية 64
(7)
سورة الأحزاب الآية 65
(8)
سورة الأحزاب الآية 66
(9)
سورة الأحزاب الآية 67
(10)
سورة الأحزاب الآية 68
العربية السعودية والكويت؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد:
ج: (أ) ليس كل تقليد كفرا بإطلاق، أو فسقا أو شركا، بل الصواب أن في حكمه تفصيلا يعرف من الجواب على السؤال الثاني فيما تقدم.
(ب) لم يدع أحد من الأئمة الأربعة إلى مذهبه، ولم يتعصب له، ولم يلزم الناس بالعمل به أو بمذهب معين، إنما كانوا يدعون إلى العمل بالكتاب والسنة رحمهم الله ويشرحون نصوص الدين، ويبينون قواعده، ويفرعون عليها، ويفتون فيما يسألون عنه مع الدليل من الكتاب والسنة، دون أن يلزموا تلاميذهم أو غيرهم برأي أحد معين من علماء الأمة، بل يعيبون ذلك، ويأمرون أن يضرب برأيهم عرض الحائط إذا خالف الحديث الصحيح، ويقول قائلهم:" إذا صح الحديث فهو مذهبي "، وعلى المسلم أن يجتهد في معرفة الحق بنفسه إن استطاع ذلك، ويستعين بالله ثم بالثروة العلمية التي خلفها السابقون من علماء المسلمين لمن بعدهم، والتي يسروا لهم بها طريق فهم النصوص وتطبيقها، ومن لم يستطع فهم الأحكام من أدلتها واستنباطها - لأمر ما عاقه عن ذلك - سأل أهل العلم الموثوق بهم عما يحتاجه من أحكام الشريعة؛ رجاء معرفة الحق بدليله قدر الاستطاعة لقوله تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (1).
(1) سورة الأنبياء الآية 7
وعليه أن يتحرى في سؤاله من يثق به من المشهورين بالعلم والفضل والتقوى والصلاح.
وبهذا يعلم أن الأئمة الأربعة برآء مما اتهموا به، وأن ما نسب إليهم من الكفر والضلال زور وبهتان.
ليس من علماء الحرمين مكة والمدينة ولا من سائر علماء المملكة العربية السعودية من يذم أئمة الفقهاء مالكا وأبا حنيفة، والشافعي، وأحمد بن حنبل، ونحوهم من علماء الفقه الإسلامي ولا من يزدريهم، بل المعروف عنهم أنهم يوقرونهم، ويعرفون لهم فضلهم، وأن لهم قدم صدق في خدمة الإسلام وحفظه، وفهم نصوصه وقواعده، وبيان ذلك وإبلاغه، والجهاد في نصره والذود عنه، ودفع الشبهة عنه وإبطال ما انتحله المنتحلون وابتدعه المفترون، فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا.
يدل على موقف علماء الحرمين وسائر علماء المملكة العربية السعودية من الأئمة الأربعة موقف تكريم وتقدير، عنايتهم بتدريس مذاهبهم ومؤلفاتهم في المسجد الحرام بمكة المشرفة والمدينة المنورة وسائر مساجد المملكة العربية السعودية، وفي جامعاتها، وعنايتهم بطبع الكثير من كتبهم وتوزيعها ونشرها بين المسلمين في جميع الدول التي بها مسلمون.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
نائب الرئيس
…
الرئيس
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز