الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العلماء الأعلام فريد عصره وزمانه، ووحيد دهره وأوانه، صاحب التآليف العديدة، والتحريرات المفيدة، العلامة بالتحقيق والفهامة بالتدقيق " (1).
وقال الزركلي: " مؤرخ أديب، من كبار الفقهاء "(2).
وقال عمر كحالة: " محدث، فقيه، مؤرخ، أديب "(3).
(1) مختصر طبقات الحنابلة (108).
(2)
الأعلام (7/ 203).
(3)
معجم المؤلفين (12/ 218).
7 -
عقيدته ومذهبه:
أ- عقيدته:
المؤلف رحمه الله تعالى يحب السلف الصالح رحمهم الله تعالى، ويعلن التزامه بمنهجهم وعقيدتهم، ويحث على ذلك، ويكثر النقل من كتبهم وخصوصا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقد استفاد منه كثيرا، خاصة فيما يتعلق بآيات الصفات وأخبارها، وقد ألف في ذلك كتابه (أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات)، وقال فيه: " ومن السلامة للمرء في دينه اقتضاء طريقة السلف الذين أمر أن يقتدي بهم من جاء بعدهم من الخلف، فمذهب السلف أسلم، ودع ما قيل من أن مذهب الخلف أعلم، فإنه من زخرف الأقاويل وتحسين الأباطيل، فإن أولئك قد شاهدوا الرسول صلى الله عليه وسلم والتنزيل وهم أدرى بما نزل به الأمين جبريل، ومع ذلك فلم يكونوا
يخوضون في حقيقة الذات ولا في معاني الأسماء والصفات، ويؤمنون بمتشابه القرآن وينكرون على من يبحث عن ذلك من فلانة وفلان، وإنكار الإمام مالك على من سأله عن معنى الاستواء أمر مشهور وهو في عدة من الكتب منقول ومسطور " (1).
وقال في آخر الكتاب مصرحا بأنه على مذهب السلف الصالح: " وبمذهب السلف أقول وأدين الله تعالى به، وأسأله سبحانه الموت عليه مع حسن الخاتمة في خير وعافية "(2).
ومع هذا فالمؤلف عفا الله عنه قد اضطرب في هذا الباب ولم يسلم من مخالفة مذهب السلف؛ لأنه لم يكن خبيرا بمأخذ السلف على غيرهم مع حرصه الشديد على أن يقتفي سبيلهم ويسير على - طريقهم، فهو أحيانا ينقل كلام السلف ويؤيده وينصره، وأحيانا ينقل عن المتكلمين ويصفه بأنه مذهب السلف وقولهم، وهذا يحدث منه في الأمور التفصيلية، فهو مثلا ينسب القول بالتفويض إلى السلف وأنهم فوضوا المعاني والكيفية.
(1) أقاويل الثقات (45 - 46).
(2)
أقاويل الثقات (200).
ويجعل القول بأن آيات الصفات وأحاديثها من المتشابهات قولا للسلف.
يقوله في كتابه (أقاويل الثقات) بعد أن تكلم عن المتشابه ما هو؟، يقول:" إذا تقرر هذا فاعلم أن من المتشابهات آيات الصفات التي التأويل فيها بعيد فلا تؤول ولا تفسر، وجمهور أهل السنة منهم السلف وأهل الحديث على الإيمان بها وتفويض معناها المراد منها إلى الله تعالى، ولا نفسرها مع تنزيهنا له عن حقيقتها "(1).
ويقول أيضا: " ومن المتشابه: صفة الرحمة والغضب والرضا والحياء والاستهزاء والمكر والعجب. . "(2) وقال أيضا: " إن هذه الأحاديث ونحوها تروى كما جاءت ويفوض معناها إلى الله أو تؤول بما يليق بجلاله سبحانه، ولا ترد بمجرد العناد والمكابرة "(3).
وهذا كله خلاف مذهب السلف؟ لأن السلف رحمهم الله تعالى يعتبرون آيات الصفات وأحاديثها ليست من المتشابه؛ لأن معانيها معلومة معروفة من لغة العرب.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في الرد على من يقول: إن آيات الصفات من المتشابه، يقول: " وأما إدخال
(1) أقاويل الثقات (ص 60).
(2)
المصدر السابق (ص 70).
(3)
المصدر السابق (ص 117 - 118).
أسماء الله وصفاته أو بعض ذلك في المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله، أو اعتقاد أن ذلك هو المتشابه الذي استأثر الله بعلم تأويله، كما يقول كل واحد من القولين طوائف من أصحابنا وغيرهم، فإنهم وإن أصابوا في كثير مما يقولونه ونجوا من بدع وقع فيها غيرهم، فالكلام على هذا من وجهين:
الأول: من قال: إن هذا من المتشابه وأنه لا يفهم معناه، فنقول: أما الدليل على [بطلان] ذلك فإني ما أعلم عن أحد من سلف الأمة ولا من الأئمة لا أحمد بن حنبل ولا غيره أنه جعل ذلك من المتشابه الداخل في هذه الآية ونفى أن يعلم أحد معناه، وجعلوا أسماء الله وصفاته بمنزلة الكلام الأعجمي الذي لا يفهم، ولا قالوا: إن الله ينزل كلاما لا يفهم أحد معناه وإنما قالوا كلمات لها معان صحيحة، قالوا في أحاديث الصفات: تمر كما جاءت، ونهوا عن تأويلات الجهمية - وردوها وأبطلوها - التي مضمونها تعطيل النصوص عما دلت عليه " (1).
أما التفويض فهو قسمان: تفويض المعنى، وتفويض الكيفية، والسلف يفرقون بينهما ويفوضون الكيفية دون المعاني؛ لأنهم يؤمنون بجميع صفات الله تعالى الواردة في الكتاب والسنة على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تحريف ولا تكييف ولا تعطيل.
والتفويض في المعاني مذهب مبتدع مخالف لما عليه
(1) مجموع فتاوى ابن تيمية (13/ 294، 295).
السلف الصالح.
وقد أنكر الإمام أحمد رحمه الله تعالى وغيره من أئمة الإسلام على أهل التفويض وبدعوهم؛ لأن مقتضى مذهبهم أن الله سبحانه وتعالى خاطب عباده المؤمنين بما لا يفهمون معناه ولا يعقلون مراده منه، والله سبحانه وتعالى يتقدس عن ذلك.
والواجب هو التفويض في كيفية الصفات، فكما أننا لا نعلم كيفية ذاته سبحانه وتعالى كذلك صفاته لا نعلم كيف هي، فنحن نؤمن بها وإن لم نعلم كيفيتها.
هذه أمثلة على اضطراب المصنف رحمه الله تعالى في هذا الباب، ولم أتتبع ذلك في جميع مصنفاته عفا الله عنه وغفر له.
ب- مذهبه:
درس المؤلف المذهب الحنبلي وتفقه فيه، ولذا فهو يعد من علماء الحنابلة الكبار، وقد قام بتدريس الفقه الحنبلي بجامع ابن طولون بالقاهرة فترة من الزمن (1)، وألف فيه الكتب والرسائل، مثل: كتاب " دليل الطالب، وكتاب غاية المنتهى في جمع الإقناع والمنتهى "(2).
وقد سبق ذكر بيتين من الشعر للمؤلف يبجل فيها الإمام أحمد رحمه الله ويذكر فيه حبه له والسير على مذهبه وتقليده له.
(1) السحب الوابلة (463).
(2)
عنوان المجد (1/ 31، 32)، مختصر طبقات الحنابلة (109).