الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدلائل البينات
فيما لم يثبت فيه نهي من الأوقات
د. عبد الله بن عبد العزيز الجبرين (1)
المقدمة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} (4){يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (5).
(1) الأستاذ المشارك بكلية المعلمين بالرياض.
(2)
سورة آل عمران الآية 102
(3)
سورة النساء الآية 1
(4)
سورة الأحزاب الآية 70
(5)
سورة الأحزاب الآية 71
أما بعد:
فإن الصلاة هي أفضل الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى مولاه جل وعلا، وقد ندب المسلم إلى الاستكثار منها؛ فقد ثبت عن معدان بن طلحة رحمه الله قال:«لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله به الجنة، أو قال: قلت: بأحب الأعمال إلى الله، فسكت، ثم سألته فسكت، ثم سألته الثالثة، فقال: سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: عليك بكثرة السجود لله، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة، قال معدان: فلقيت أبا الدرداء، فسألته، فقال لي مثل ما قال لي ثوبان (1)» . رواه مسلم.
وثبت عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال: «كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فآتيه بوضوئه وحاجته، فقال لي: " سلني "، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة. قال: " أو غير ذلك " قلت: هو ذاك. قال: " فأعني على نفسك بكثرة السجود (2)» رواه مسلم.
فينبغي للمسلم أن يستكثر من نوافل الصلاة فهي مكملات للفرائض، فقد ثبت عن تميم الداري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
(1) صحيح مسلم كتاب الصلاة باب فضل السجود والحث عليه (صحيح مسلم مع شرحه للنووي 4/ 205، 206)
(2)
صحيح مسلم، كتاب الصلاة باب فضل السجود والحث عليه. والمراد بالسجود في هذين الحديثين الصلاة. ينظر شرح صحيح مسلم للنووي 4/ 206، التلخيص الحبير كتاب الصلاة باب سجود التلاوة والشكر 2/ 12
(1) رواه الإمام أحمد في مسنده 4/ 103، وأبو داود في سننه في كتاب الصلاة باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:" كل صلاة لا يتمها صاحبها تتم من تطوعه " 1/ 229، حديث (866)، وابن ماجه في سننه في الصلاة باب ما جاء في أول ما يحاسب به العبد 1/ 458، حديث (1426)، والدارمي في سننه في الصلاة باب أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة 1/ 361، حديث (1355) من طرق عن حماد بن سلمه، عن داود بن أبي هند، عن زرارة بن أوفى، عن تميم الداري. . . فذكره. وإسناده حسن، رجاله ثقات، لكن حماد بن سلمة تغير بآخره، وهو من رجال مسلم، وداود بن أبي هند كان يهم بآخره، وهو من رجال مسلم أيضا. وصححه الشيخ محمد ناصر الدين في صحيح سنن ابن ماجه 1/ 241. ورواه ابن أبي شيبة في كتاب الإيمان ص 37، رقم (112، 113) عن يزيد بن هارون، وعن هشيم، كلاهما عن داود بن أبي هند به موقوفا على تميم الداري. وإسناده حسن كسابقه. وهذه الرواية لها حكم الرفع؛ لأن ما ذكر فيها لا يقال بالرأي، فهي تؤيد الرواية السابقة. ورواه الإمام أحمد في مسنده 2/ 290، 450، والترمذي في سننه في الصلاة باب ما جاء أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة 2/ 269، 270، رقم (413)، وأبو داود في الموضع السابق، رقم (864) وابن ماجه في الموضع السابق، رقم (1425) من طريقين يقوي أحدهما الآخر عن أنس بن حكيم الضبي، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكره. وإسناده ضعيف، أنس بن حكيم " مستور " كما في التقريب، وصححه الشيخ محمد ناصر الدين في صحيح سنن الترمذي 1/ 130، رقم (337). ورواه أبو يعلى في مسنده 7/ 56، 57، رقم (3976) من طريق أشعث بن سوار، عن سلمة بن كهيل التنعي، عن عامر، عن أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعا، وإسناده ضعيف، أشعث بن سوار " ضعيف " كما في التقريب. ورواه أيضا أبو يعلى في مسنده 7/ 153، 154، (4124) من طريق يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعا. وإسناده ضعيف، يزيد الرقاشي " زاهد، ضعيف " كما في التقريب. وينظر مجمع الزوائد باب فرض الصلاة 1/ 288.
ولا يجوز منع المسلم من التقرب إلى ربه تعالى بهذه النوافل في وقت من الأوقات سوى الأوقات التي وردت النصوص الشرعية بالنهي عن الصلاة فيها. وقد وردت نصوص شرعية كثيرة بالمنع من الصلاة في خمسة أوقات، هي:
1 -
من الفجر إلى طلوع الشمس.
2 -
من طلوع الشمس إلى ارتفاعها قيد رمح.
3 -
وقت زوال الشمس.
4 -
من صلاة العصر إلى شروع الشمس في الغروب.
5 -
وقت الغروب.
وذكر بعض الفقهاء أن هناك أوقاتا أخرى ينهى عن الصلاة فيها غير الأوقات السابقة، وهذه الأوقات هي:
1 -
من غروب الشمس إلى صلاة المغرب.
2 -
ما قبل صلاة العيد وما بعدها.
3 -
ما بعد صلاة الجمعة.
وسأتكلم عن كل وقت من هذه الأوقات في مبحث مستقل إن شاء الله تعالى، وسأذكر إن شاء الله في كل مبحث أقوال أهل العلم في كل وقت من هذه الأوقات، وأدلة كل قول، ثم أبين الراجح منها، ليعرف المسلم الأوقات التي يشرع له أن يتقرب إلى الله بالنوافل فيها، والأوقات التي نهي عن الصلاة فيها.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.