الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأطراف عاشر التجار أهل الحرب والذمة، وأمر أن يأخذوا من تجار المسلمين ما يدفعونه إليه. وكان ذلك من عمر تخفيفا على المسلمين. إلا أن على الإمام مطالبة أرباب الأموال العين وأموال التجارة، بأداء الزكاة إليهم سوى المواشي والأنعام، وأن مطالبة ذلك إلى الأئمة، إلا أن يأتي أحدهم إلى الإمام بشيء من ذلك فيقبله ولا يتعدى عما جرت به العادة والسنة إلى غيره (1). انتهى المقصود.
(1) بدائع الصنائع 2/ 35، 36، ويرجع أيضا إلى حاشية ابن عابدين 2/ 5.
ب - قال الزيلعي: وأما أخذ الصدقات فإلى الإمام، كذا كان في أيامه عليه الصلاة والسلام، وفي زمن أبي بكر وعمر، وفوض عثمان إلى أربابها في الأموال الباطنة، إذا لم يمر بها على العاشر، فبقي ما وراءه على الأصل. وروي أن عمر أراد أن يستعمل أنس بن مالك على هذا العمل، فقال له: أتستعملني على المكس من عملك؟ فقال: أفلا ترضى أن أقلدك ما قلدنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
(1) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 1/ 282.
2 -
النقول من كتب المالكية:
أ - جاء في المدونة: وقال مالك: إذا كان الإمام يعدل لم يسع الرجل أن يفرق زكاة ماله الناض ولا غير ذلك، ولكن يدفع زكاة الناض إلى الإمام، ويدفعه الإمام. انتهى المقصود.
ب - قال ابن المواق: وأما عدم إجزاء الزكاة إن طاع لدفعها لجائر، فقال ابن العربي: هل يجوز أن يحتجز من زكاته عن الوالي ما يعطي للمحتاج؟ قولان، وبالجواز أقول؛ لأنه قادر على استخراج حق مسلم من يد غاصب فوجب عليه شرعا. اللخمي: إذا كان الإمام غير عدل، ومكنه صاحبه منها مع القدرة على إخفائها عنه، لم تجزه ووجب إعادتها، انتهى. ونحو هذا عبارة التونسي. ابن رشد: الأصح قوله في المدونة، وأحد قوليه في سماع عيسى، وقول ابن وهب، وأصبغ: أن ما يأخذه الولاة من الصدقات تجزئ وإن لم يضعوها موضعها؛ لأن دفعها إليهم واجب، لما في منعها من الخروج عليهم، المؤدي إلى الهرج والفساد، فإذا وجب أن تدفع إليهم وجب أن تجزئ (1). انتهى المقصود.
(1) نفس المرجع السابق، وإلى حاشية الدسوقي 1/ 502.
ج - قال القرطبي: وإذا كان الإمام يعدل في الأخذ والصرف لم يسغ للمالك أن يتولى الصرف بنفسه في الناض ولا في غيره. وقد قيل: إن زكاة الناض على أربابه. وقال ابن الماجشون: ذلك إذا كان الصرف للفقراء والمساكين خاصة، فإن احتيج إلى صرفها لغيرهما من الأصناف فلا يفرق عليهم إلا الإمام (1). انتهى.
(1) تفسير القرطبي 8/ 177.
د - قال القرطبي على قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (1): اختلف في هذه الصدقة المأمور بها، فقيل: هي صدقة الفرض، قاله جويبر عن ابن عباس، وهو قول عكرمة فيما ذكر القشيري. وقيل: هو مخصوص بمن نزلت فيه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ منهم ثلث أموالهم، وليس هذا من الزكاة المفروضة في شيء؛ ولهذا قال مالك: إذا تصدق الرجل بجميع ماله أجزأه إخراج الثلث، متمسكا بحديث أبي لبابة. وعلى القول الأول فهو خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم يقتضي بظاهره اقتصاره عليه فلا يأخذ الصدقة سواه، ويلزم على هذا سقوطها بسقوطه وزوالها بموته، وبهذا تعلق مانعو الزكاة على أبي بكر الصديق، وقالوا: إنه كان يعطينا عوضا منها التطهير والتزكية والصلاة علينا، وقد عدمناها من غيره. ونظم في ذلك شاعرهم فقال:
أطعنا رسول الله ما كان بيننا
…
فيا عجبا ما بال ملك أبي بكر
وإن الذي سألوكم فمنعتم
…
لكالتمر أو أحلى لديهم من التمر
سنمنعهم ما دام فينا بقية
…
كرام على الضراء في العسر واليسر
وهذا صنف من القائمين على أبي بكر أمثلهم طريقة، وفي حقهم قال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة.
(1) سورة التوبة الآية 103
ابن العربي: أما قولهم: إن هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم فلا يلتحق به غيره، فهو كلام جاهل بالقرآن غافل عن مأخذ الشريعة، متلاعب بالدين، فإن الخطاب في القرآن لم ترد بابا واحدا ولكن اختلف موارده. فمنها خطاب توجه إلى جميع الأمة كقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} (1) وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} (2) ونحوه. ومنها خطاب خص به ولم يشركه فيه غيره لفظا ولا معنى، كقوله:{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} (3)، وقوله:{خَالِصَةً لَكَ} (4). ومنها خطاب خص به لفظا وشركه جميع الأمة معنى وفعلا، كقوله:{أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} (5). الآية، وقوله:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} (6)، وقوله:{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} (7). فكل من دلكت عليه الشمس مخاطب بالصلاة. وكذلك كل من قرأ القرآن مخاطب بالاستعاذة. وكذلك من خاف يقيم الصلاة (بتلك الصفة). ومن هذا القبيل قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ} (8) وعلى هذا المعنى جاء قوله تعالى:
(1) سورة المائدة الآية 6
(2)
سورة البقرة الآية 183
(3)
سورة الإسراء الآية 79
(4)
سورة الأحزاب الآية 50
(5)
سورة الإسراء الآية 78
(6)
سورة النحل الآية 98
(7)
سورة النساء الآية 102
(8)
سورة التوبة الآية 103