الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونحو ذلك، وكنت كلما رأيت شيئا من ذلك راودتني فكرة بحث هذه المسألة لمعرفة الصواب فيها وبيانه لينتفع الناس به، ولكن المعوقات والشواغل لم تسمح لي بذلك.
ثم لما وجدت في وقتي شيئا من الفسحة عقدت العزم واستعنت بالله- عز وجل وشرعت في بحثها.
وقد قسمت الكلام فيها: إلى تمهيد وخمس مسائل، وذلك كما يلي:
التمهيد: في تعريف البراءة، والعيب
، وذكر بعض الأمثلة للعيوب.
المسألة الأولى: حكم اشتراط البراءة من العيب.
المسألة الثانية: ما تشمله البراءة من العيب عند القائلين بصحة الشرط.
المسألة الثالثة: حكم البيع إذا اشترط البراءة عند القائلين بعدم صحة الشرط.
المسألة الرابعة: شرط المبيع على صفة تالف، وتعداد جميع أو أغلب العيوب الممكنة في المبيع هل هو شرط للبراءة من العيب؟
المسألة الخامسة: كتابة عبارة " البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل " على الفاتورة هل هي شرط للبراءة من العيب؟
وقد بذلت جهدي في هذا البحث متبعا في ذلك المنهج
العلمي المتعارف عليه ممثلا للمسائل، وموثقا للأقوال، ومخرجا للأحاديث والآثار، ومناقشا للأدلة، ومترجما لما سوى الخلفاء الأربعة والأئمة الأربعة من الأعلام بتراجم موجزة ومفسرا للغريب، ومرجحا في كل مسألة حسب ما ظهر لي. وقد حاولت في كل ذلك الاستقصاء والتمحيص معتمدا على المصادر والمراجع المعتمدة.
أرجو أن أكون قد وفقت في بحث هذه المسألة وأشبعتها بحثا، والنقص والخطأ مما جبل عليه البشر، فالكمال لله- عز وجل والعصمة لرسله- صلوات الله وسلامه عليهم.
أسأل الله- سبحانه وتعالى أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه، وأن يوفقني لما يحب ويرضاه. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
تمهيد: في تعريف البراءة، والعيب، وذكر بعض الأمثلة للعيوب.
تعريف البراءة والعيب في اللغة:
البراءة في اللغة: قال في لسان العرب مصدر (برئ) إذا تنزه وتباعد، وبرئ إذا أعذر وأنذر.
قال ابن الأعرابي: برئ إذا تخلص من عهدة الرد به.
والعيب في اللغة: قال في لسان العرب: مصدر (عاب يعيب)، ويقال: العاب والعيب، والعيبة، وهو الوصمة، وما يخلو عنه أصل الفطرة السليمة مما يعد ناقصا.
تعريف العيب في الاصطلاح:
عرفه بعض الفقهاء بأنه: ما ينقص به عين المبيع أو قيمته نقصا يفوت به غرضا صحيحا إذا غلب في جنس المبيع عدمه.
وقال صاحب المغني في بيانه للعيوب: " وهي النقائص الموجبة لنقص المالية في عادات التجار، لأن المبيع إنما صار محلا للعقد باعتبار صفة المالية، فما يوجب نقصا فيها يكون عيبا، والمرجع في ذلك إلى العادة في عرف أهل هذا الشأن، وهم التجار "(1).
وللفقهاء في ذلك تفصيلات وزيادات ليس هذا مكان بسطها.
بعض الأمثلة للعيوب:
ومن أمثلة هذه العيوب في الرقيق: الجنون، والبرص، والعرج، والعور، والطرش، والحول، والأصبع الزائدة والناقصة (2)
(1) ينظر المغني 6/ 235.
(2)
الهداية لأبي الخطاب 1/ 143، والمغني 6/ 235، 236، والمبدع 4/ 86.