الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«قصوا الشوارب وأعفوا اللحى، خالفوا المشركين (1)» ، وفي لفظ البخاري:«قصوا الشوارب ووفروا اللحى، خالفوا المشركين (2)» ، وروى مسلم في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس (3)» ، وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«غيروا هذا الشيب واجتنبوا السواد (4)» ، وفي السنن بإسناد صحيح، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«يكون في آخر الزمان قوم يخضبون بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة (5)» رواه أبو داود والنسائي. وهذا وعيد شديد يقضي أن هذا العمل من الكبائر.
نسأل الله أن يعيذنا جميعا من أسباب غضبه، ومن طاعة الهوى والشيطان.
(1) مسند أحمد بن حنبل (2/ 229).
(2)
صحيح مسلم الرؤيا (2263)، سنن الترمذي الرؤيا (2270)، سنن ابن ماجه تعبير الرؤيا (3917)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 507)، موطأ مالك الجامع (1781).
(3)
صحيح مسلم الطهارة (259)، سنن الترمذي الأدب (2764)، سنن النسائي الزينة (5224)، سنن أبو داود الترجل (4199)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 16)، موطأ مالك الجامع (1764).
(4)
صحيح مسلم اللباس والزينة (2102)، سنن النسائي الزينة (5076)، سنن أبو داود الترجل (4204)، سنن ابن ماجه اللباس (3624)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 338).
(5)
سنن ابن ماجه الصيد (3217).
هل يجوز
حلق اللحية لمن يخشى الفتنة
س: إذا كان الرجل في بلد لا يستطيع أن يرخي لحيته فتكون لحيته مصدر شبهة، هل له حلقها؟
ج: ليس له ذلك، بل عليه أن يتقي الله ويجتنب الأشياء التي تسبب أذاه، فإن الذين يحاربون اللحى لا يحاربونها من أجلها، يحاربونها من أجل بعض ما يقع من أهلها من غلو وإيذاء
وعدوان، فإذا استقام على الطريق، ودعا إلى الله باللسان، ووجه الناس إلى الخير، أو أقبل على شأنه، وحافظ على الصلاة، ولم يتعرض للناس ما تعرضوا له، هذا الذي يقع في بعض البلاد إنما هو في حق أناس يتعرضون لبعض المسئولين من ضرب وقتل أو غير ذلك من الإيذاء، فلهذا يتعرض لهم المسئولون.
فالواجب على المؤمن ألا يعرض نفسه للبلاء، وأن يتقي الله ويرخي لحيته، ويحافظ على الصلاة، وينصح الإخوان، ولكن بالرفق، بالكلام الطيب، لا بالتعدي على الناس، ولا بضربهم ولا بشتمهم ولعنهم، ولكن بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، قال الله جل وعلا:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (1)، وقال تعالى:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (2)، وقال الله لموسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون:{فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (3)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:«إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه (4)» ، ولا سيما في هذا العصر، هذا العصر عصر الرفق والصبر والحكمة، وليس عصر الشدة.
الناس أكثرهم في جهل، في غفلة وإيثار للدنيا، فلا بد من الصبر، ولا بد من الرفق حتى تصل الدعوة، وحتى يبلغ الناس وحتى يعلموا. ونسأل الله للجميع الهداية.
(1) سورة النحل الآية 125
(2)
سورة آل عمران الآية 159
(3)
سورة طه الآية 44
(4)
صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2594)، سنن أبو داود الأدب (4808)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 125).