المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ النقل عن الشافعية: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٥٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌أولا: حق ولي الأمر في تولي جباية الزكاة من الأموال الباطنة:

- ‌ النقول من كتب الحنفية:

- ‌ النقول من كتب المالكية:

- ‌ النقول من كتب الشافعية:

- ‌ النقول من كتب الحنابلة:

- ‌ثانيا: النظر في زكاة عروض التجارة:

- ‌ النقل عن الحنفية:

- ‌ النقل عن المالكية:

- ‌ النقل عن الشافعية:

- ‌ النقل عن الحنابلة:

- ‌ثالثا: الديون التي للإنسان على غيره هل تجب فيها الزكاة

- ‌ النقل عن الحنفية:

- ‌ النقل عن المالكية:

- ‌ النقل عن الشافعية:

- ‌الفتاوى

- ‌ التقيد بالمذاهب الأربعة واتباع أقوالهم على كل الأحوال والزمان

- ‌ الجمع بين طريقة الأئمة الأربعة في الدين الإسلامي

- ‌ يقلد مذهب الإمام مالك ويحث الناس على تقليده

- ‌ يتمسك بأحد المذاهب ولا يرضى سواه

- ‌ فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌الاستماع إلى برنامجنور على الدرب في المسجد

- ‌الهم بالسيئة

- ‌وجوب إعفاء اللحيةوتحريم حلقها أو قصها

- ‌تربية اللحى وما يوافق الشرع الإسلامي منها

- ‌أخذ الأجرة على حلق اللحى

- ‌ حلق اللحى كاملةأو ناقصة والصباغ بالأسود

- ‌ حلق اللحية لمن يخشى الفتنة

- ‌ حلق اللحية مضطرا لمن يعمل في الجيش

- ‌ طاعة الوالد في حلق اللحية

- ‌حكم الغيبة إذا كان في الإنسان ما يقول

- ‌مجالس الغيبة والنميمة

- ‌تلبس الجني بالإنسي

- ‌علاج الوساوس التي تنتاب بعض الأشخاص

- ‌ التساهل في الوقايةبهدف الموت في بلاد الحرمين

- ‌الدلائل البيناتفيما لم يثبت فيه نهي من الأوقات

- ‌المقدمة:

- ‌المبحث الأول: ما بين غروب الشمس وصلاة المغرب:

- ‌المبحث الثاني: ما قبل صلاة العيد وما بعدها:

- ‌المبحث الثالث: ما بعد صلاة الجمعة:

- ‌الخاتمة:

- ‌أحاديث ربا الفضل وأثرها في العلة والحكمة في تحريم الربا

- ‌خلاصة البحث:

- ‌ أحاديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:

- ‌ حديث الأعيان الستة:

- ‌ أحاديث الصرف:

- ‌ أحاديث بيع التمر الرديء بالجيد:

- ‌ أحاديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه:

- ‌ حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه:

- ‌ أحاديث أبي هريرة رضي الله عنه:

- ‌ حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي رضي الله عنه

- ‌ أحاديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

- ‌ حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

- ‌ حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه:

- ‌ حديث معمر بن عبد الله رضي الله عنه:

- ‌ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:

- ‌ اقتضاء الذهب من الورق:

- ‌ الإحسان في أداء القرض:

- ‌ منع ربا الفضل في الصرف، ولا عبرة لصياغة الحلي من النقدين:

- ‌ حديث البراء بن عازب وزيد بن أرقم:

- ‌ فضالة بن عبيد رضي الله عنه:

- ‌ سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه:

- ‌ جابر بن عبد الله رضي الله عنه:

- ‌ رويفع بن ثابت رضي الله عنه:

- ‌ أنس بن مالك رضي الله عنه:

- ‌ أبو بكر الصديق رضي الله عنه:

- ‌ رافع بن خديج رضي الله عنه:

- ‌المزابنة ومسألة العرايا:

- ‌الربا في الحيوان:

- ‌النتائج المستفادة من سرد الأحاديث:

- ‌ربا النساء أو ربا اليد:

- ‌التمهيد: في تعريف البراءة، والعيب

- ‌المسألة الأولى: حكم اشتراط البراءة من العيب:

- ‌المسألة الثانية: ما تشمله البراءة من العيب عند القائلين بصحة الشرط:

- ‌المسألة الثالثة: حكم البيع إذا شرط البراءة عند القائلين بعدم صحة الشرط:

- ‌المسألة الرابعة:شرط المبيع على صفة تالف، وتعداد جميع أو أغلب العيوب الممكنة في المبيع، هل هو شرط للبراءة من العيب

- ‌المسألة الخامسة: كتابة عبارة " البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل " على الفاتورة، هل هي شرط للبراءة من العيب

- ‌العلامة مرعي بن يوسف الحنبلي آثاره العلمية

- ‌ اسمه ونسبه ولقبه وكنيته:

- ‌ ولادته:

- ‌ نشأته وطلبه للعلم وثقافته:

- ‌ أدبه وشعره:

- ‌ شيوخه:

- ‌ ثناء العلماء عليه:

- ‌ عقيدته ومذهبه:

- ‌ تلاميذه:

- ‌ مؤلفاته:

- ‌ وفاته:

- ‌حكم الذبح لغير الله

الفصل: ‌ النقل عن الشافعية:

3 -

‌ النقل عن الشافعية:

أ - جاء في الأم تحت ترجمة (باب زكاة التجارة):

(أخبرنا) الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان بن عيينة قال: حدثنا يحيى بن سعيد بن عبد الله بن أبي سلمة عن أبي عمرو بن حماس أن أباه قال: مررت بعمر بن الخطاب رضي الله عنه وعلى عنقي آدمة أحملها فقال عمر: " ألا تؤدي زكاتك يا حماس؟ " فقلت: يا أمير المؤمنين ما لي غير هذه التي على ظهري وآهبة في القرظ، فقال:" ذاك مال فضع " فوضعتها بين يديه فحسبها فوجدها قد وجبت فيها الزكاة فأخذ منها الزكاة.

(أخبرنا) الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان قال: حدثنا ابن عجلان عن أبي الزناد عن أبي عمرو بن حماس عن أبيه مثله، أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا الثقة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال: " ليس في العرض زكاة إلا أن يراد به التجارة ". أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن رزيق (1) بن حكيم أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه: " أن انظر من مر بك من المسلمين فخذ مما ظهر من أموالهم من التجارات من كل أربعين دينارا دينارا فما نقص فبحساب ذلك حتى تبلغ عشرين دينارا فإن نقصت ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئا ".

(قال الشافعي): ويعد له حتى يحول عليه الحول فيأخذ، ولا يأخذ منهم

(1) ويقال: زريق، ثقة من السادسة وأبوه بالتكبير والتصغير، كذا في التقريب.

ص: 80

حتى يعلموا أن الحول قد حال على ما يأخذ منه. (قال الشافعي) ونوافقه في قوله: فإن نقصت ثلث دينار فدعها. ونخالفه في أنها إذا نقصت عن عشرين دينارا أقل من حبة لم نأخذ منها شيئا؛ لأن الصدقة إذا كانت محدودة بأن لا يؤخذ إلا من عشرين دينارا، فالعلم يحيط أنها لا يؤخذ من أقل من عشرين دينارا بشيء ما كان الشيء (قال الشافعي): وبهذا كله نأخذ، وهو قول أكثر من حفظت عنه وذكر لي عنه من أهل العلم بالبلدان. (قال الشافعي): والعروض التي لم تشتر للتجارة من الأموال ليس فيها زكاة بأنفسها، فمن كانت له دور أو حمامات لغلة أو غيرها أو ثياب كثرت أو قلت أو رقيق كثر أو قل فلا زكاة فيها، وكذلك لا زكاة في غلاتها حتى يحول عليها الحول في يدي مالكها، وكذلك كتابة المكاتب وغيره لا زكاة فيها إلا بالحول له، وكذلك كل مال ما كان ليس بماشية ولا حرث ولا ذهب ولا فضة يحتاج إليه، أو يستغني عنه، أو يستغل ما له غلة منه، أو يدخره ولا يريد بشيء منه التجارة فلا زكاة عليه في شيء منه بقيمة، ولا في غلته ولا في ثمنه لو باعه إلا أن يبيعه أو يستغله ذهبا أو ورقا، فإذا حال على ما نض بيده من ثمنه حول زكاه، وكذلك غلته إذا كانت مما يزكى من سائمة إبل أو بقر أو غنم أو ذهب أو فضة، فإن أكرى شيئا منه بحنطة أو زرع مما فيه زكاة فلا زكاة عليه فيه، حال عليه الحول أو لم يحل؛ لأنه لم يزرعه فتجب عليه فيه الزكاة، وإنما أمر الله عز وجل أن يؤتى حقه يوم حصاده، وهذا دلالة على أنه إنما جعل الزكاة على الزرع.

(قال الربيع): قال أبو يعقوب:

ص: 81

وزكاة الزرع على بائعه؛ لأنه لا يجوز بيع الزرع في قول من يجيز بيع الزرع إلا بعد أن يبيض (قال أبو محمد الربيع): وجواب الشافعي فيه على قول من يجيز بيعه، فأما هو فكان لا يرى بيعه في سنبله إلا أن يثبت فيه خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيتبع.

(قال الشافعي): ولا اختلاف بين أحد علمته أن من أدى عشر أرضه ثم حبس طعامها أحوالا لم يكن عليه فيه زكاة.

(قال الشافعي): ومن ملك شيئا من هذه العروض بميراث أو هبة أو وصية أو أي وجوه الملك ملكها به إلا الشراء، أو كان متربصا يريد به البيع، فحالت عليه أحوال فلا زكاة عليه فيه لأنه ليس بمشترى للتجارة.

(قال الشافعي): ومن اشترى من العروض شيئا مما وصفت أو غيره مما لا تجب فيه الزكاة بعينه بذهب أو ورق أو عرض، أو بأي وجوه الشراء الصحيح كان أحصى يوم ملكه ملكا صحيحا، فإذا حال عليه الحول من يوم ملكه وهو عرض في يده للتجارة فعليه أن يقومه بالأغلب من نقد بلده، دنانير كانت أو دراهم، ثم يخرج زكاته من المال الذي قومه به. (قال الشافعي): وهكذا إن باع عرضا منه بعرض اشتراه للتجارة قوم العرض الثاني بحوله يوم ملك العرض الأول للتجارة، ثم أخرج الزكاة من قيمته، وسواء غبن فيما اشتراه منه أو غبن عامة إلا أن يغبن بالمحاباة وجاهلا به؛ لأنه بعينه لا اختلاف فيما تجب عليه الزكاة منه. (قال الشافعي): وإذا اشترى العرض بنقد تجب فيه الزكاة أو عرض تجب في قيمته الزكاة حسب ما أقام المال في يده ويوم اشترى العرض، كأن المال أو العرض الذي اشترى به العرض للتجارة

ص: 82

أقام في يده ستة أشهر، ثم اشترى به عرضا للتجارة فأقام في يده ستة أشهر فقد حال الحول على المالين معا، الذي كان أحدهما مقام الآخر، وكانت الزكاة واجبة فيهما معا، فيقوم العرض الذي في يده فيخرج منه زكاته. (قال الشافعي) فإن كان في يده عرض لم يشتره، أو عرض اشتراه لغير تجارة ثم اشترى به عرضا للتجارة لم يحسب ما أقام العرض الذي اشترى به العرض الآخر، وحسب من يوم اشترى العرض الآخر، فإذا حال الحول من يوم اشتراه زكاه؛ لأن العرض الأول ليس مما تجب فيه الزكاة بحال. (قال الشافعي) ولو اشترى عرضا للتجارة بدنانير أو بدراهم أو شيء تجب فيه الصدقة من الماشية، وكان أفاد ما اشترى به ذلك العرض من يومه لم يقوم العرض حتى يحول الحول يوم أفاد ثمن العرض ثم يزكيه بعد الحول. (قال الشافعي) ولو أقام هذا العرض في يده ستة أشهر، ثم باعه بدراهم أو دنانير فأقامت في يده ستة أشهر زكاه، وكانت كدنانير أو دراهم أقامت في يده ستة أشهر؛ لأنه لا يجب في العرض زكاة إلا بشرائه على نية التجارة؛ فكان حكمه حكم الذهب والورق التي حال عليها الحول في يده. (قال الشافعي) ولو كانت في يده مائتا درهم ستة أشهر، ثم اشترى بها عرضا فأقام في يده حتى يحول عليه حول من يوم ملك المائتي درهم التي حولها فيه لتجارة عرضا، أو باعه بعرض لتجارة فحال عليه الحول من يوم ملك المائتي درهم، أو من يوم زكى المائتي درهم قومه بدراهم ثم زكاه لا يقومه بدنانير إذا اشتراه بدراهم، وإن كانت الدنانير الأغلب من نقد البلد، وإنما

ص: 83

يقومه بالأغلب إذا اشتراه بعرض للتجارة. (قال الشافعي) ولو اشتراه بدراهم ثم باعه بدنانير قبل أن يحول الحول عليه من يوم ملك الدراهم التي صرفها فيه، أو من يوم زكاه فعليه الزكاة من يوم ملك الدراهم التي اشتراه بها إذا كانت مما تجب فيه الزكاة، وذلك أن الزكاة تجوز في العرض بعينه فبأي شيء بيع العرض ففيه الزكاة، وقوم الدنانير التي باعه بها دراهم ثم أخذ زكاة الدراهم، ألا ترى أنه يباع بعرض فيقوم فتؤخذ منه الزكاة ويبقى عرضا فيقوم فتؤخذ منه الزكاة، فإذا بيع بدنانير زكيت الدنانير بقيمة الدراهم. (قال الربيع) وفيه قول آخر أن البائع إذا اشترى السلعة بدراهم فباعها بدنانير، فالبيع جائز ولا يقومها بدراهم ولا يخرج لها زكاة من قبل أن في الدنانير بأعيانها زكاة، فقد تحولت الدراهم دنانير فلا زكاة فيها. وأصل قول الشافعي أنه لو باع بدراهم قد حال عليها الحول إلا يوم بدنانير لم يكن عليه في الدنانير زكاة حتى يبتدئ لها حولا كاملا، كما لو باع بقرا أو غنما بإبل قد حال الحول على ما باع إلا يوم استقبل حولا بما اشترى إذا كانت سائمة. (قال الشافعي) ولو اشترى عرضا لا ينوي بشرائه التجارة فحال عليه الحول أو لم يحل ثم نوى به التجارة لم يكن عليه فيه زكاة بحال حتى يبيعه ويحول على ثمنه الحول؛ لأنه إذا اشتراه لا يريد به التجارة كان كما ملك بغير شراء لا زكاة فيه. (قال الشافعي) ولو اشترى عرضا يريد به التجارة فلم يحل عليه حول من يوم اشتراه حتى نوى به أن يقتنيه ولا يتخذه لتجارة، لم يكن عليه فيه زكاة كان أحب إلي لو زكاه، وإنما

ص: 84

يبين أن عليه زكاته إذا اشتراه يريد به التجارة، ولم تنصرف نيته عن إرادة التجارة به، فأما إذا انصرفت نيته عن إرادة التجارة فلا أعلمه أن عليه فيه زكاة. وهذا مخالف لماشية سائمة أراد علفها فلا ينصرف عن السائمة حتى يعلفها. فأما نية القنية والتجارة فسواء، لا فرق بينهما إلا بنية المالك. (قال الشافعي) ولو كان لا يملك إلا أقل من مائتي درهم أو عشرين مثقالا، فاشترى بها عرضا للتجارة، فباع العرض بعدما حال عليه الحول أو عنده أو قبله بما تجب فيه الزكاة، زكى العرض من يوم ملك العرض لا يوم ملك الدراهم؛ لأنه لم يكن في الدراهم زكاة لو حال عليها الحول وهي بحالها. (قال الشافعي) ولو كانت الدنانير أو الدراهم التي لا يملك غيرها التي اشترى بها العرض أقامت في يده أشهرا لم يحسب مقامها في يده، لأنها كانت في يده لا تجب فيها الزكاة وحسب للعرض حول من يوم ملكه، وإنما صدقنا العرض من يوم ملكه أن الزكاة وجبت فيه بنفسه بنية شرائه للتجارة إذا حال الحول من يوم ملكه وهو مما تجب فيه الزكاة، لأني كما وصفت من أن الزكاة صارت فيه نفسه ولا أنظر فيه إلى قيمته في أول السنة ولا في وسطها؛ لأنه إنما تجب فيه الزكاة إذا كانت قيمته يوم تحل الزكاة مما تجب فيه الزكاة، وهو في هذا يخالف الذهب والفضة. ألا ترى أنه لو اشترى عرضا بعشرين دينارا وكانت قيمته يوم يحول الحول أقل من عشرين سقطت فيه الزكاة؛ لأن هذا بين أن الزكاة تحولت فيه وفي ثمنه إذا بيع لا فيما اشترى به. (قال الشافعي) وسواء فيما اشتراه لتجارة كل ما عدا الأعيان

ص: 85

التي فيها الزكاة بأنفسها من رقيق وغيرهم؛ فلو اشترى رقيقا لتجارة فجاء عليهم الفطر وهم عنده، زكى عنهم زكاة الفطر إذا كانوا مسلمين وزكاة التجارة بحولهم، وإن كانوا مشركين زكى عنهم التجارة وليست عليه فيهم زكاة الفطر. (قال) وليس في شيء اشتري لتجارة زكاة الفطر غير الرقيق المسلمين، وزكاته غير زكاة التجارة. ألا ترى أن زكاة الفطر على عدد الأحرار الذين ليسوا بمال وإنما هي طهور لمن لزمه اسم الإيمان. (قال الشافعي) ولو اشترى دراهم بدنانير أو بعرض أو دنانير بدراهم أو بعرض يريد بها التجارة فلا زكاة فيما اشترى منها إلا بعدما يحول عليه الحول من يوم ملكه، كأنه ملك مائة دينار أحد عشر شهرا ثم اشترى بها مائة دينار أو ألف درهم. فلا زكاة في الدنانير الآخرة ولا الدراهم، حتى يحول عليها الحول من يوم ملكها؛ لأن الزكاة فيها بأنفسها. (قال الشافعي) وهكذا إذا اشترى سائمة من إبل أو بقر أو غنم بدنانير أو دراهم أو غنم أو إبل أو بقر، فلا زكاة فيما اشترى منها حتى يحول عليها الحول في يده من يوم ملكه، اشتراه بمثله أو غيره مما فيه الزكاة. ولا زكاة فيما أقام في يده ما اشتراه ما شاء أن يقيم؛ لأن الزكاة فيه بنفسه لا بنية للتجارة ولا غيرها. (قال الشافعي) وإذا اشترى السائمة لتجارة زكاها زكاة السائمة لا زكاة التجارة، وإذا ملك السائمة بميراث أو هبة أو غيره زكاها بحولها زكاة السائمة، وهذا خلاف التجارات. (قال الشافعي) وإذا اشترى نخلا وأرضا للتجارة زكاها زكاة النخل والزرع، وإذا اشترى أرضا فيها غراس غير نخل أو كرم أو زرع

ص: 86

غير حنطة (قال أبو يعقوب والربيع) وغير ما فيها الركاز لتجارة زكاها زكاة التجارة؛ لأن هذا مما ليس فيه بنفسه زكاة وإنما يزكى زكاة التجارة. (قال الشافعي) ومن قال لا زكاة في الحلي ولا في الماشية غير السائمة، فإذا اشترى واحدا من هذين للتجارة ففيه الزكاة كما يكون في العروض التي تشترى للتجارة (1).

(1) الأم 2/ 39 وما بعدها.

ص: 87

ب - قال الشيرازي: تجب الزكاة في عروض التجارة لما روى أبو ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «في الإبل صدقتها وفي البقر صدقتها وفي البز صدقته (1)» ولأن التجارة يطلب بها نماء المال فتعلقت بها الزكاة كالسوم في الماشية.

ج - وقال النووي على ذلك: هذا الحديث رواه الدارقطني في سننه والحاكم أبو عبد الله في المستدرك والبيهقي بأسانيدهم، ذكره الحاكم بإسنادين ثم قال: هذان الإسنادان صحيحان على شرط البخاري ومسلم. (قوله)«وفي البز صدقته» هو بفتح الباء وبالزاي، هكذا رواه جميع الرواة، وصرح بالزاي الدارقطني والبيهقي، ونصوص الشافعي رضي الله عنه القديمة والجديدة متظاهرة على وجوب زكاة التجارة.

قال أصحابنا: " قال الشافعي رضي الله عنه في القديم: اختلف الناس في زكاة التجارة، فقال بعضهم: لا زكاة فيها، وقال بعضهم: فيها الزكاة وهذا أحب إلينا ". هذا نصه. فقال القاضي أبو الطيب وآخرون: هذا ترديد قول، فمنهم من قال في

(1) مسند أحمد بن حنبل (5/ 179).

ص: 87

القديم قولان في وجوبها، ومنهم من لم يثبت هذا القديم، واتفق القاضي أبو الطيب وكل من حكى هذا القديم على أنه الصحيح في القديم أنها تجب كما نص عليه في الجديد، والمشهور للأصحاب الاتفاق على أن مذهب الشافعي (رض) وجوبها، وليس في هذا المنقول عن القديم إثبات قول بعدم وجوبها، وإنما أخبر عن اختلاف الناس، وبين أن مذهبه الوجوب بقوله: وهذا أحب إلي، والصواب الجزم بالوجوب، وبه قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين والفقهاء بعدهم أجمعين.

قال ابن المنذر: أجمع عامة أهل العلم على وجوب زكاة التجارة، قال: رويناه عن عمر بن الخطاب وابن عباس والفقهاء السبعة: سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وسلمان بن يسار، والحسن البصري وطاوس وجابر بن زيد وميمون بن مهران والنخعي ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي والنعمان وأصحابه وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأبي عبيد.

وحكى أصحابنا عن داود وغيره من أهل الظاهر أنهم قالوا: لا تجب. وقال ربيعة ومالك: لا زكاة في عروض التجارة ما لم تنض وتصير دراهم أو دنانير، فإذا نضت لزمه زكاة عام واحد، واحتجوا بالحديث الصحيح «ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة (1)» وهو في الصحيحين، وقد سبق بيانه، وبما جاء عن ابن عباس أنه قال: لا زكاة في العروض.

(1) سنن النسائي الزكاة (2469).

ص: 88

واحتج أصحابنا بحديث أبي ذر المذكور، وهو صحيح كما سبق، وعن سمرة قال:«أما بعد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي يعد للبيع (1)» رواه أبو داود في أول كتاب الزكاة، وفي إسناده جماعة لا أعرف حالهم، ولكن لم يضعفه أبو داود، وقد قدمنا أن ما لم يضعفه فهو حسن عنده.

وعن حماس - بكسر الحاء المهملة وتخفيف الميم وآخره - سين مهملة - وكان يبيع الأدم قال: " قال لي عمر بن الخطاب: يا حماس أد زكاة مالك، فقلت: ما لي مال، إنما أبيع الأدم، قال: قومه ثم أد زكاته، ففعلت " رواه الشافعي وسعيد بن منصور الحافظ في مسنده والبيهقي. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: " ليس في العروض زكاة إلا ما كان للتجارة " رواه البيهقي بإسناده عن أحمد بن حنبل بإسناده الصحيح.

وأما الجواب عن حديث: «ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة (2)» فهو محمول على ما ليس للتجارة، ومعناه: لا زكاة في عينه بخلاف الأنعام، وهذا التأويل متعين للجمع بين الأحاديث، وأما قول ابن عباس فهو ضعيف الإسناد ضعفه الشافعي رضي الله عنه والبيهقي وغيرهما، قال البيهقي: ولو صح لكان محمولا على عرض ليس للتجارة ليجمع بينه وبين الأحاديث والآثار السالفة، ولما روى ابن المنذر عنه من وجوب زكاة التجارة كما سبق (3).

(1) سنن أبو داود الزكاة (1562).

(2)

سنن النسائي الزكاة (2469).

(3)

المهذب والمجموع 6/ 43.

ص: 89

د - قال الشيرازي: ولا يصير العرض للتجارة إلا بشرطين:

(أحدهما) أن يملكه بعقد فيه عوض كالبيع والإجارة والنكاح والخلع. (والثاني) أن ينوي عند العقد أنه تملكه للتجارة، وأما إذا ملكه بإرث أو وصية أو هبة من غير شرط الثواب فلا تصير للتجارة بالنية، وإن ملكه بالبيع والإجارة ولم ينو عند العقد أنه للتجارة لم يصر للتجارة. وقال الكرابيسي من أصحابنا: إذا ملك عرضا ثم نوى أنه للتجارة صار للتجارة، كما إذا كان عنده متاع للتجارة ثم نوى القنية صار للقنية بالنية والمذهب الأول؛ لأنه ما لم يكن للزكاة من أصله لم يصر للزكاة بمجرد النية كالمعلوفة إذا نوى إسامتها، ويفارق إذا نوى القنية بمال التجارة لأن القنية هي الإمساك بنية القنية، وقد وجد الإمساك والنية، والتجارة هي التصرف بنية التجارة، وقد وجدت النية ولم يوجد التصرف فلم يصر للتجارة.

هـ - قال النووي: /22 (الشرح) قوله: من أصله، احتراز من حلي الذهب والفضة إذا قلنا لا زكاة فيه، فنوى استعماله في حرام أو نوى كنزه واقتناه فأنه يجب فيه الزكاة كما سبق، لأن أصله الزكاة. قال أصحابنا: مال التجارة هو كل ما قصد الاتجار فيه عند تملكه بمعاوضة محضة. وتفصيل هذه القيود: أن مجرد نية التجارة يصير به المال للتجارة. فلو كان له عرض قنية ملكه بشراء أو غيره فجعله للتجارة لم يصر للتجارة، هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور، وقال الكرابيسي: يصير للتجارة، وهو مذهب أحمد وإسحاق بن راهوية وقد ذكر المصنف دليل الوجهين.

ص: 90

أما إذا اقترنت نية التجارة بالشراء، فإن المشترى يصير للتجارة ويدخل في الحول بنفس الشرى، سواء اشتراه بعرض أو نقد أو دين حال أو مؤجل، وإذا صار للتجارة استمر حكمها، ولا يحتاج في كل معاملة إلى نية أخرى بلا خلاف، بل النية مستصحبة كافية، وفي معنى الشرى ما لو صالح عن دين له في ذمة إنسان على عوض بنية التجارة فأنه يصير للتجارة بلا خلاف، سواء كان الدين قرضا أو ثمن مبيع أو ضمان متلف، وهكذا الاتهاب بشرط الثواب إذا نوى به التجارة صار للتجارة. صرح به البغوي وغيره.

وأما الهبة بلا ثواب والاحتطاب والاحتشاش والاصطياد فليست من أسباب التجارة ولا أثر لاقتران النية بها، ولا يصير العرض للتجارة بلا خلاف؛ لفوات الشرط، وهو المعاوضة، وهكذا الرد بالعيب والاسترداد. فلو باع عرض قنية بعرض قنية ثم وجد بما أخذه عيبا فرده واسترد الأول على قصد التجارة، أو وجد صاحبه بما أخذ عيبا فرده فقصد المردود عليه بأخذه للتجارة لم يصر للتجارة. ولو كان عنده ثوب قنية فاشترى به عبدا للتجارة ثم رد عليه الثوب بالعيب انقطع حول التجارة ولا يكون الثوب للتجارة، بخلاف ما لو كان الثوب للتجارة أيضا فأنه يبقى حكم التجارة فيه، كما لو باع عرض التجارة واشترى بثمنه عرضا آخر وكذا لو تبايع التاجران ثم تعاملا يستمر حكم التجارة في المالين.

ولو كان عنده ثوب تجارة فباعه بعبد للقنية، فرد عليه الثوب بالعيب لم يعد إلى حكم التجارة؛ لأن قصد القنية حول

ص: 91

التجارة، وليس الرد والاسترداد من التجارة، كما لو قصد القنية بمال التجارة الذي عنده فأنه يصير قنية بالاتفاق. فلو نوى بعد ذلك جعله للتجارة لا يؤثر حتى تقترن النية بتجارة جديدة. ولو خالع وقصد بعرض الخلع التجارة في حال المخالعة، أو زوج أمته أو تزوجت الحرة ونويا حال العقد التجارة في الصداق، فطريقان:(أصحهما) - وبه قطع المصنف وجماهير العراقيين - يكون مال تجارة، وينعقد الحول من حينئذ؛ لأنها معاوضة ثبتت فيها الشفعة كالبيع.

(والثاني) وهو مشهور في طريقة الخراسانيين، وذكر بعض العراقيين فيه وجهان (أصحهما) هذا، (والثاني) لا يكون للتجارة؛ لأنهما ليسا من عقود التجارات والمعاوضات المحضة، وطرد الخراسانيون الوجهين في المال المصالح به عن الدم، والذي أجر به نفسه أو ماله إذا نوى بهما التجارة، وفيما إذا كان يصرفه في المنافع بأن كان يستأجر المستغلات ويؤجرها للتجارة، فالمذهب في الجميع مصيره للتجارة. هذا كله فيما يصير به العرض للتجارة، ثم إذا صار للتجارة ونوى به القنية صار للقنية وانقطع حكم التجارة بلا خلاف؛ لما ذكره المصنف رحمه الله تعالى (1).

(1) المهذب والمجموع 6/ 45 وما بعدها.

ص: 92