الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم الذبح لغير الله
لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد اطلعت على ما نشرته صحيفة الرياض في عددها الصادر يوم الأربعاء 18/ 4 / 1416 هـ عما فعله بعض الناس حينما خرج أحد الأعيان من المستشفى من عقر بعض الأنعام فرحا بسلامته. وفق الله الجميع لما يرضيه.
ولما كان هذا الأمر قد يخفى حكمه على بعض الناس، وقد كان أهل الجاهلية يعقرون لعظمائهم، فأنكر النبي عليه الصلاة والسلام عليهم ذلك وقال:«لا عقر في الإسلام (1)» ، رأيت أن أبين للقراء حكم هذا الأمر؛ نصيحة لله ولعباده، وأداء لواجب الدعوة إلى الله ونشر أحكامه سبحانه بين الناس.
فأقول: إن الذبح لله سبحانه قربة عظيمة، وعبادة تقرب إليه سبحانه فلا يجوز صرفها لغيره. فعقر الذبائح للملوك والسلاطين والعظماء والتقرب إليهم بذلك يعتبر من الذبح لغير
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (3/ 197)، وأبو داود باب الجنائز (3/ 550).
الله، ويعتبر من الشرك بالله، كما قال الله سبحانه:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1){لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (2) والنسك هو الذبح، وقال عز وجل:{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (3){فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (4)، وقال سبحانه:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (5). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله (6)» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.
فلا يجوز لأحد أن يتقرب إلى السلاطين والملوك والعظماء بالذبح لهم عند مقابلتهم أو عند خروجهم من المستشفى أو عند قدومهم من أي بلد، كما لا يجوز التقرب بالذبح للجن أو الملائكة أو الكواكب أو الأصنام أو أصحاب القبور أو غيرهم من المخلوقين؛ للأدلة المذكورة.
أما إن كان الذبح يقصد به التقرب إلى الله سبحانه والشكر له، ولا يقصد به تعظيم الملوك والسلاطين، فهو في هذه الحال يعتبر منكرا وتشبها بأهل الجاهلية في عقرهم الذبائح لعظمائهم وعلى قبورهم ووسيلة من وسائل الذبح لغير الله. وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لا عقر في الإسلام (7)» ،
(1) سورة الأنعام الآية 162
(2)
سورة الأنعام الآية 163
(3)
سورة الكوثر الآية 1
(4)
سورة الكوثر الآية 2
(5)
سورة البينة الآية 5
(6)
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، (13/ 141 - شرح النووي).
(7)
سنن أبو داود الجنائز (3222)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 197).
وقال صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم (1)» .
أما إذا ذبح الإنسان للضيف أو لأهله فهذا شيء لا بأس به، بل هو مشروع إذا دعت الحاجة إليه، وليس من الذبح لغير الله، بل هو مما أباحه الله سبحانه لعباده. وقد جاءت الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة على إباحة مثل هذا الأمر.
والله المسئول أن يوفقنا وجميع المسلمين لما يرضيه، وأن يمنحنا جميعا الفقه في دينه والثبات عليه، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته، وأن يصلح جميع ولاة أمر المسلمين، وأن يوفقهم للحكم بشريعته والتحاكم إليها وإلزام الشعوب بمقتضاها، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (2/ 50)، وأبو داود في كتاب اللباس (4/ 314).
صفحة فارغة
حديث شريف
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دعوني ما تركتكم إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (1)» .
رواه البخاري في الاعتصام بالكتاب والسنة برقم (7288)
(1) صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (7288)، صحيح مسلم الحج (1337)، سنن الترمذي العلم (2679)، سنن النسائي مناسك الحج (2619)، سنن ابن ماجه المقدمة (2)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 508).