الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه الحالة لا يزال في عهدة البائع، فهو لا يزال في يده، فيأخذ حكم ما قبل البيع، والله أعلم بالصواب.
المسألة الثالثة: حكم البيع إذا شرط البراءة عند القائلين بعدم صحة الشرط:
اختلف القائلون بعدم صحة شرط البراءة من العيب في البيع وهم المالكية في غير الرقيق والحيوان، والشافعية في بعض أقوالهم، والحنابلة في المذهب عندهم - في حكم البيع عند حصول الشرط، وذلك على قولين:
القول الأول: أن البيع فاسد كما أن الشرط فاسد، وهذا وجه عند الشافعية (1).، وهو رواية عند الإمام أحمد خرجها بعض أصحابه من قوله بفساد العقد بالشروط الفاسدة (2).، وبه قال ابن حزم (3). .
القول الثاني: أن البيع صحيح، والفساد للشرط فقط.
وبهذا قال المالكية (4).، وهو الوجه الأظهر عند الشافعية (5).، وهو المذهب عند الحنابلة. .
(1) ينظر في: حلية العلماء 4/ 285، والمهذب 1/ 295
(2)
ينظر في: المغني 6/ 266، والكافي لابن قدامة 2/ 94، والإنصاف 4/ 360
(3)
ينظر في: المحلى 9/ 41
(4)
ينظر في: تحرير الكلام في مسائل الالتزام للخطاب ص 382
(5)
ينظر في: حلية العلماء 4/ 285، والمهذب 1/ 295
قال صاحب الإنصاف: " تنبيهان، أحدهما: ظاهر قول المصنف (لم يبرأ) أن هذا الشرط لا تأثير له في البيع، وأنه صحيح، وهو صحيح، وهو المذهب، وعليه الأصحاب "(1). .
الأدلة في المسألة:
أدلة أصحاب القول الأول:
1 -
أن هذا الشرط يقتضي جزءا من الثمن تركه البائع لأجل الشرط، فإذا سقط وجب أن يرد الجزء الذي تركه بسبب الشرط، وذلك مجهول، والمجهول إذا أضيف إلى معلوم صار الجميع مجهولا، ففسد العقد (2). .
مناقشة هذا الدليل:
يناقش بأن لا يلزم بهذا الشرط اقتضاء جزء من الثمن، لأن المشتري يشتري بناء على الأصل وهو السلامة، والبائع يبيع على هذا الأساس، وإنما الشرط خوفا من وجود عيب لم يعلم به.
كما أنه لا يسلم بالجهالة فيما ذكروا، لأنه يعرف بتقويم المبيع سليما، وبتقويمه معيبا، والفرق بينهما هو الجزء المتروك بسبب الشرط، والله أعلم.
(1) ينظر في: الإنصاف 4/ 359
(2)
ينظر في المرجع السابق، وتكملة المجموع للسبكي 12/ 371
2 -
أن البائع إنما رضي بهذا الثمن عوضا عنه بهذا الشرط، فإذا فسد الشرط فات الرضى به، فيفسد البيع، لعدم التراضي به (1).
مناقشة هذا الدليل:
يناقش من وجهين:
الأول: عدم التسليم بفساد الشرط، بل الشرط صحيح إلا إذا كان البائع عالما بالعيب فكتمه.
الثاني: أنه عند فساد الشرط لوجوب العيب يثبت للمشتري الخيار، ولا يلزم منه فساد أصل العقد.
3 -
أن شرط البراءة من العيب شرط فاسد، فيبطل العقد، كسائر الشروط الفاسدة (2). .
مناقشة هذا الدليل:
يناقش من وجهين:
الأول: عدم التسليم بفساد شرط البراءة مطلقا، بل لا يفسد إلا مع علم البائع بالعيب وكتمه.
الثاني: أنه لا يلزم من فساد الشرط بطلان أصل العقد، فقد يبطل الشرط ويصح العقد، والأصل في ذلك حديث عائشة رضي الله عنها في قصة عتق بريرة. رضي الله عنها حيث
(1) ينظر في المغني 6/ 266
(2)
ينظر: تكملة المجموع للسبكي 12/ 371
أبطل النبي صلى الله عليه وسلم الشرط ولم يبطل العقد (1). .
4 -
أن شرط البراءة من العيب يخالف ما يقتضيه العقد من الرد بالعيب، فيفسد العقد (2). .
مناقشة هذا الدليل:
يناقش بأنه لا مخالفة، لأن الرد حق من حقوق المشتري، وقد أسقطه برضاه دون غش وتدليس من البائع، فيسقط، كسائر الحقوق.
أدلة أصحاب القول الثاني:
ما سبق في المسألة الأولى من قضية عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مع عثمان بن عفان رضي الله عنه (3). . حيث شرط ابن عمر البراءة وأمضى عثمان البيع.
قال صاحب المهذب: " لحديث عثمان رضي الله عنه فإنه أمضى البيع "(4). وقال صاحب المغني: " لأن ابن عمر باع بشرط البراءة، فأجمعوا على صحته، ولم ينكره منكر "(5).
(1) تقدم تخريجه في مناقشة أدلة أصحاب القول الأول من المسألة الأولى
(2)
ينظر: تكملة المجموع للسبكي 12/ 371
(3)
تقدم ذكرها وتخريجها في أدلة أصحاب القول الأول
(4)
ينظر: المهذب 1/ 295
(5)
ينظر: المغني 1/ 265، ومثله قال في الكافي 2/ 94