الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- 8 -
إيدي مرة واحدة وخلاص
معيط: لهو يا ابني أنا باقول منيش ريفي.
زعيط: موش ريفي يا شيخ انتم يا أبناء العرب زي البهايم.
معيط: الله يسترك يا زعيط والله جا خبرك يا ابني فوت روح فوت فلما توصل به الكفر قامت أمه وعملت له طاجناً في الفرن مملوءاً لحماً ببصل فلما رآه قال لها:
ليه كترتي من الـ
معيكه: من ال ايه يا زعيط
زعيط: من البتاع اللي اسمه ايه
معيكه: اسمه ايه يا ابني. الفلفل
زعيط: نونو ال دي ال البتاع اللي ينزرع
معيكه: الغلة يا ابني
زعيط: نونو دي اللي يبقى لو راس في الأرض
معيكه: والله يا ابني ما فيه ريحة التوم
زعيط: البتاع اللي يدمع العنين اسمو أونيون
معيكه: والله يا ابني ما فيه أونيون ولا. دا لحم ببصل.
زعيط: سي سا بصل بصل
معيكه: ويا زعيط يا ابني نسيت البصل وإنت كان أكلك كله منه.
معيط شكاه لأحد النبهاء وقال ولدي توجه أوروبا وحضر يذم بلاده وأهله ونسي لغته فقال له النبيه ولدك لهم يتهذب صغيراً ولا تعلم حقوق وطنه ولا عرف حق لغته ولا قدر شرف الأمة ولا ثمرة الحرص على عوائد الأهل ولا مزية الوطنية فهو وإن كان تعلم علوماً إلا أنها لا تفيد وطنه شيئاً فإنه لا يميل إلى إخوانه ولا يستحسن إلا من يعرف لغتهم على أنه أصبح كالحجل لما أراد أن يقلد الغراب في مشيته وعجز عن التقليد واستحال عليه عوده لطبيعته الأولى فأصبح يقفز قفزاً وقد خرج عن حد الجنسية وطباع النوعية ولا يفعل فهل ولدك إلا اللئيم جاهل بوطنه فكم من شبان تعلمت في أوروبا وعادت محافظة على مذهبها وعوائدها ولغتها وصرفت علومها في تقدم بلادها وأبنائها ولم ينطبق عليهم عنوان عربي تفرنج.
سهرة الانطاع
دخل أحد المهذبين بيتاً من بيوت رجال الملاهي فوجد عشرة من الرجال جالسين على الأسرة باهتين ساكنين لا يتكلمون ولا يتحركون ولا يرفعن أبصارهم هذا واضع عنقه على كتفه وذا مكفى على المخدة وذاك يتمايل كالنائم وآخر واضع يده على خديه فظن المهذب أن رب الدار أصيب بمصيبة وهؤلاء متكدرون مما أصابه مشفقون عليه فجلس في ناحية من المجلس وسأل رب الدار قائلاً لعلكم بخير هل من أمر نزل بالسيد حفظه الله قال لا ولكن عادتنا أن نجتمع كل ليلة للأنس والمفاكهة.
المهذب: أظنكم تتذاكرون في تقدم صنائع أوروبا وانتشار تجارتها في سائر الأقطار حتى عظمت ثروتها وتقوت شوكتها.
- 9 -
رب الدار: ما لنا علم بأوروبا ولا أهلها فإننا ما خرجنا من مصر مدة حياتنا.
المهذب: عدم الخروج من البلاد ليس شرطاً في وقوف الإنسان على حقائق الأشياء وعلمه بأخبار من بعده عنه فإن التواريخ وصحف الأخبار تقص علينا أحاديث الأمم ونحن جلوس في بيوتنا.
رب الدار: التواريخ لا يقرأها إلا العلماء والصحف لا يسأل عنها إلا الخواجات فإنها عبارة عن حكاية يتسلى بها الشبان.
المهذب: الصحف يا سيدي ألسنة الأمم وترجمان الملوك تنقل لك ما قاله هذا الرئيس وهو بأقصى الغرب وما أجاب هذا الأمير وهو في أطراف الشرق وتخبرك بالمحاورات السياسية وأغراض الملوك وأحوال الأمم وسير التجارة وأعمال العقلاء وصنائع العلماء وخطب النبهاء وتاريخ الأذكياء وما قامت به هذه الأمة من عمار وطنها وحمايتها له وحفظه من امتداد أيدي الغير إليه وما أهملت فيه تلك الأمة حتى خاتلها الغريب وتداخل في شأنها وحجر على أهلها عوائدهم ومذاهبهم.
رب الدار: هذا شيء يوجب وجه الدماغ ويشتت الفكر ولا يشتغل به إلا من ليس له شغل.
المهذب: أظنكم تتحدثون في شؤونكم وتتذاكرون في أشغالكم الخاصة بكم لعلكم تهتدون لأمر يزيد في الثروة أكثر مما أنتم عليه لتفاخر بكم حكومتكم وتكافئكم على أتعابكم واجتهادكم بالرتب العالية والعلامات الشريفة.
رب الدار: هذا أمر لا يهمنا فإن البلاد إذا تقدمت أو تأخرت لا تفيدنا شيئاً أحسن مما نحن
فيه.
المهذب: ما هو الذي وصلتم إليه يا سيد من التقدم.
رب الدار: لله الحمد كل منا له بيت عظيم بحوش واسع ومضيفة لطيفة وعنده من الخدم ما يقوم بإدارة أشغاله وقد تركت لنا آباءنا أموالاً لا تفنيها الأيام فنحن في نعمة عظيمة ترى المسكين من الناس يقوم في الفجر لأشغاله ويبيت الليل يكتب ويحسب ونحن لا نخرج من البيوت إلا قبل الظهر بقليل ونعود إليها وقت العصر للمسامرة بالمضحكات والنكات اللطيفة.
المهذب: إذا كانت هذه عادتكم فلم تجتمعون في مثل هذه السهرة.
رب الدار: عادة الكيف أنه لا يفرج إلا إذا تعاطاه الإنسان في مجلس أنس بضحك ولعب فنحن نجتمع ليتعاطى كل منا منزوله ثم تدور النكتة بيننا فإذا دنَّن الإنسان وخدَر قام ودخل محل النوم حسب العادة فيبيت مسوطاً لا يسأل عن الدنيا ولا من فيها. ثم التفت إلى أقرانه وقال رأيكم ايه يا أسيادنا في هذه العبارة فأجابه الجميع بصوت واحد: (مَفِش غير كدِه إحنا مالنا ومال الدنيا والتجارة والتواريخ احنا رايحين نبقى زي الإفرنج يلي كل ساعة يقولوا الدنيا جرى فيها ايه