الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- 188 -
ولا تتسور حصن التهور فانه داعي للانتقام وجانب المنون ومن مال اليه كان في حياته كالفراش تتهافت بنفسها على النار فرحاً بالنور فتحترق فيها وتكون في تهورها من الهالكين واصرف اوقاتك في معرفة طرق الاعتدال في سيرك ومعاشك ونظامك وكن فيه كمربي الطفل يقول له الصواب فيسمع منه الخطأ فلا يضربه ولا يتركه بل يلاطفه ويكرر عليه العبارة بانس وطلاقه وجه حتى يفهما ويتعقل المعنى فيخلص روحه من اشراك الجهالة ويحفظ حياته بالصبر على مشاق التعليم واتعاب التفهم ليصر انسان مثله يتقوى به على استنقاذ غيره وهكذا تمتدد عصبية العلم وتتمكن من دفع الجهالة ورد اطماعها من العقول الساذجة وتقدر بافكار العصبية على رد الاقوال المتضاربه في شأنها ودفع الحجج المقام عليها وتصير الافراد المختلفه الاراء امه واحده تسعى في نجاح امورها وتحقيق امالها في اعتدالها في سيرها ومعاشها ونظامها الادبي الذي وصلت اليه بقوة المعارف وحكمت الاعتدال ولاتكن في اعتدالك كمن سار في وسط الطريق ومال بأحد اشقيه عن رففائه فوقع في شرك الحقد والبغض فانه تعصب لذاته ومال بها عن افكار من صاحبه في سبيل الحياة فاصبح محلا للافكار ومرجعاً للانتقام تترقب رففائه الفرص لاذاقته الغصص فتراه اذا رواغه ذئب او اعتراضه سبع احتاطوا به ولكن ليدفعوه لعدوه ونصحوه ولكن بما يعدم ذاته واشاروا عليه ولكن بما يجعله طعمه للمفترس واكل للمختال وما اوقعه في هذه الهكات الا تركه حكم الاعتدال وميله بذاته عن امثاله وشركه في طريق الوجود وتعصبه لما يميل اليه وتقبيحه سير اصحابه وما هم عليه من الاغراض. ولو جعل غرضه الذاتي خاصاً ونيته القلبيه قاصرة على موافقيه وترك الكل يتموتعون بما يتمع به واجتهد في حفظ الاعتدال الادبي وسار معهم مستقيماً معتدل القوام لكان الكل له حجاباً وحرزاً ودافع عن اهله الادنون وحفظه اصحابه الاقربون وبات آمنا على حياته ممتعاًُ بسلامة حواسه واعضائه لايضره العدو الكثير من نوعه ولا يتأثر عنه واحد من جنسه فأن لزم الاعتدال في سيره والاعتدال في طريق النجاح
نهاية الصداغه
بلينا برعاع جهله يدعون العلم بفن المرافعات وسمو انفسهم (افوكانيه) واغلبهم من صنف الكتاب الذين رفتوا بجاليات قبيحه وبعضهم من التجار وابناء الاغنياء الذين ذهبت اموالهم وترافعوا مع دائيهم مدة حتى صار التزوير سليقه فاصبح الكل يدعي انه عالم بالقوانين عارف باصول الترافع واشتروا في البلاد يسلبون وينهبون بطرق الكتابه الباطنه والدعاوي زور فكان افسادهم اكثر من اصلاحهم ولجهل اهل بلادنا يعدون شقشقة اللسان علماً ولسلطنة الاميه علينا يرون
- 189 -
ان كل من كتب بالقلم يحفظ لهم الحقوق او يدفع عنهم المفتريات بهؤلاء الجهلة وان كبوا عليهم بوسطونهم في دعاويهم ويدفعون لهم الكثير من النقود ولقد تمكن هذا في عقول الفلاحين والعامه حتى ان من كانت له دعوى تنتهي بوقوفه امام المدير او الضابط وتكلمه فيها بنفسه يبحث على الافوكاتو ويقاوله على مخاطبة المديرة والضابط وبجهالة العامة راجت بضاعة الاغنياء والمحتالين فكثرت الدكاكين المسماة بالمكاتب وطال زمن الترافع بسبب الاحتيال والمفتريات وتعدد القضايا في المجال واغلبها كان يقضي في الضبطيه او المديريه او المركز وما اشكلها وصبرها من حقوق المجالس الا تداخل الافوكاتيه على انهم لايحسنون الكتابه ولا الاملاء ولا يعرفون المطالعه التي تمكنهم من فهم القوانين ومعرفة الاحكام ولو جمعنا عدة تقارير مقدمه من جملة افوكاتيه لمجاس مختلفه وراجعناها لوجدناها لاتختلف الا في موضوع القضيه ام الالفاظ فتكاد تكون بقلم واحد لماثلتهم في العالمية واتفاقهم على طريقة لاتمكنهم الجهالة من السير في غيرها وكثير
وكثيراً ومانرى قضايا مركبه من امور واهيه لاتستحق المرفعه ولكنها مسبوكه في قوالب الفاظ لاتقال في قضيه قتيل وهذا مما يقضي بضياع كثير من حقوق الامه وظم كثير من الابرياء الذين لاجنايه لهم والمجالس العذر في توقيع الاحكام فانها تنظر في قضية صورة في تقرير مختوم بختم صاحبه ثم ترى وكيلاً يترافع امامها مع وكيل اخر فتحكم لصاحب لحجة على رفيقه. فلو عينت الحقانيه مجلساً من شبابنا الاذكياء الذين تلقوا فن الترافع على احد وجمعت من يريد الانتظام في سلك الافوكاتيه وامتحنته وبعد ذلك تبحث عن سوابقه واسباب رفته ان كان من المستخدمين ومتى وجد من الكمل اصحاب الشرف العارفين بالاحكام ونظامات الحكومه كالفاضل محمد افندي الصدر وامثاله العارفين بالقوانين
رخصت له بالترافع واعطته رخصة بيده بحث لايقبل توكيل من لم يرخص اليه لدفعت عن الامه شراً عظيماً وحفظت للاهالي حقوقها المضيعه لجهاله وكان ذلك من الماثر الجليله والسعي في حفظ ناموس الحكومه واموال العباد
واغرب ما رأيته من هذا الصنف ان رجلاً رفع ضبطيه المنصوره شكوى من احد الافوكاتيه وهي ان الافوكاتو تحايل على امرأة الرجل حتى اخذها في بيته رغم انف زوجها ولما طلبه وسئل عن المرأة اعترف انها في بيته وانها خادمته فقال له وكيل الضبطيه انت متزوج فقال لاقال وكيف تأخذ امرأة من زوجها وتستخدمها في بيتك بلا اذنه فقال له انها مطلقه منه فقال الزوج انا لم اطلقها ولم يسبق مني طلاق مدة حياتي وهي في عصمتي الى الان فقال الافوكاتو يقدم تقريرا وانا اقدم تقريرا ثم ابرهن على انها مطلقه منه واثبت تزويره فعجب الوكيل من هذه الصداغه وعرض الامر