الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- 155 -
لا انت انت ولا المثيل مثيل
ايها المتمدن
الهاك حسن التصور والابتهاج بلطف المدن عن اخيك البادي فسررت بالثياب الجميلة تلبسها والخيل الفراهة تركبها والماء كل اللذيذة تاكلها والطرق النظيفة نتيه بها والقهاوي والبير تتسلى فيها والمناظر الجميلة والمراقص البديعة والمحافل الجليلة والمسامرة مع الادباء والمسابرة مع العلماء والانس بالارقاء والتمسك بالقانون في حقوقك والحاكم في واجباتك والسير في طريق اذا غابت عنه الشمس اضاءه الغاز والتفاخر بالمصنوعات الافرنجية والاكثار من الاواني والامتعة النفسية والميل للألات المطربة والعات المغنيات والمطارحة بالاداب والسعي خلف ما يطيل الاشناب ويرفع الانوف وانت لاتدري بمن بلغت هذا العز البديع
فقال فانظر الى سلم رفعتك ومعدن حياتك ومنع ثروتك اخيك (استغفر الله) خادمك الفلاح وانظر الى ثوبه الذي يصل ركبتيه ولبدته التي لاتستر يافوخه ورغيفه الذي لا تكسره بقوتك ومشه الذي تعاف النظر اليه وارقبه عند خروجه من داره مع الصباح يسحب الثور ويحمل المحراث والفاس وزكيبة البذر وتفرج عليه وهو يسقي الزرع والطين الى وركيه والشمس تشوي وجهه وجسمه يقطع يومه في قطع طين ورمي سباخ واطلاق ماء وتنقية حشيش وغرس حبوب وعلف دابة وعزق ارض وركوب نورج وقطع حطب وحش برسيم وجمع قطن وحمل تبن وتنقية ارز وسوق ساقية ويصرف ليله في غفر غيط وسد مقاطع وحراسة جرن وخدمة ثور وحريق طوب ورد مغتال فاكهته الخيار والجميز وخضاره الرجلة والخبيزي وسلطته الفجل والجلوين وسماطه الارض وخبزه الذرة والشعير وادامه المش والحامض وصحونه الفخار وخشافه ماء النيل محلي بالطين ومسامرته محاسبة شيخ البلد ورحلته الى الجسور وسياحته في بحور العمليات وتاريخه بهيم عاش ومات لايشعر به انسان لا يؤثر على ذهنه الاسماع الصائحات على مسجون ولا يضره الا ذكرى لفظ جهادي
ناشدك الحق وهو غير خاف عليك ما الذي اوقعه في هذه الاشراك فاصبح لايفرق بيت الضار والنافع. اليس هو جهله بحقوق الوطن وما تقضي به عليه الجنسية من حفظ
الاستقلال ومراعاة حرمة النوع هلا نصحته و (الدين النصيحة) بعد علمك بانك ما وصلت الى هذه الدرجة الرفيعة الاّ بدراستك القوانين ومعرفتك بالواجبات التي لو علمها لغبطته عليها
ثم هو النور الذي اهتديت به لحفظ صحتك من ظلمات الجوع ودياجير العري ولكنه نزل عنك وهو حارسك وقبل يديك وهو صاحب الفضل عليك وانت لاتنظره الا بعين المقت ولا تعامله الا بيد الاهانة ولسان السب مستقجاً صحبة صورة عنونت بفلاح. ولوا نصفته
- 156 -
لرحمته ومسحت طينه بشوبك الاطلس ونفضت سباخه يمتديلك الحرير حتى ترضيه فيرضى عنك ويخدم الارض بما ينبت فيها غذاء جسمك اللطيف وكسوته وما تحفظ به البلاد ويرد به العدو وتزيد به الثروة وتتقوى به السطوة وتعظم به الامة ويستعين به العالم على علمه والحاكم على نظامه والسائح على بلوغ مقصده
يحمل ثقل الحياة على عاتقه وهو الضعيف في اعيننا الحقير في مجالسنا المظلوم في محاكما البعيد عن مجالس اللذة ومحافل الاداب وما رماه في هذه الوهدة القبيحة وسلط عليه خدمته المتمدنين وتبعته الامراء الا الجهل القبيح.
غاب عنه علم نفسه وشرفها وقدر صنعته وثمرة اتعابه وما يترتب على جهده وما يحدث من اهمالهِ فوقف في الوجود مع رفيقه (الثور) ذاك يخور وذا يصيح ولا يشعر ان بقدر خدمتهما. ومع ماهو فيه من التعب والاشتغال الدائم لايرحمه المتمدن ولا يساعده ولا يرشده ولا يعطف عليه ان باع اليه شيئاً غبنه وان طب منه امراً غشه وان ترافع عنده ظلمه وان رأى عليه وثوبا نهبه وان وجد عنده ثوراً اغتصبه وان رهن عنده مالا نكره وان اقترض منه حجر عليه وان شاركه غالطه وان استأجره اكله وان جاوره طمع في محصوله وان صاحبه غره بالاباطيل وخوفه بالترهات وان استنصحه غشه وضحك عليه وان اسفتاه اضله واغواه
ولا نسج الخيوط ليكتسي بها ولا شيئاً مما نطلبه حياة الانسان. افلا يليق به وهو المربي في المدارس المعاشر للعلماء المصاحب للاجانب ان يسلك مع هذا المسكين طريق النصيحة والارشاد ويعامله معاملة العادل المشفق وينيهه على حقوقه الصغيرة ليعرفها ويهديه لطريقة يحفظ بها ماله ويتمتع بمحصوله ويعلمه من الضروريات ما يميز به بين
الغث والسمين والغليظ والرقيق حتى يتمكن من حفظ حقوقه والقيام بواجباته والسعي في خدمة وطنه وحمايته ووقايته فانهُ لايعلم من الوطن الا غيطه ومع ذلك يطرد منه ولا يعارض ولا يعرف من القارة الا بلده ومع ذلك يجبر على الخروج منه فيخرج بلا تأثر ولا يعقل من المعارف الا الزراعة ويلزم بتركها فيبعد عنها بلا اسف فلا حمية عنده تعرفه قدر الوطن ولا غيرة بحفظ بها الجنس ولا علم يجادل به عن الدين ولا عقل يفكر به في حفظ بلاده
واراك ايها المتمدن فرحاً بجهالة اخيك طمعاً في بقاء ثروتك ودوام خدمته لك ولو كنت عاقلاً لعلمته من العلوم ما يهتدي به في ظلمات الجهالة وتركته يخرج لك من الارض مالم يكن يعلمه من قبل ويوسع في دائرة العمار ما لاتصل اليه افكارك ويحصن البلاد بما لايقوى عليه جهله ويدافع عنها بقوة جاش وحسن لسان ان استبقت خطباء السياسة كان مع المتفرجين وان فتحت ميادين الدفاع كان من السابقين وان اجتمع المخترعون كان