المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

- 275 -   والحبال وغير ذلك فوجدت فيهم الكثير ممن احسن - مجلة التنكيت والتبكيت - جـ ١

[عبد الله النديم]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌دراسة تحليلية

- ‌ثبت المصادر والمراجع

- ‌أولاً: وثائق غير منشورة:

- ‌ثانيًا: المخطوطات:

- ‌ثالثًا: المصادر والمراجع العربية:

- ‌رابعًا: مراجع أجنبية:

- ‌خامسًا: الدوريات:

- ‌العدد 1

- ‌إعلان

- ‌تنبيهات

- ‌أيها الناطق بالضاد

- ‌مجلس طبي على مصاب بالإفرنجي

- ‌تذكار

- ‌عربيٌّ تفرنج

- ‌سهرة الانطاع

- ‌تخريفة

- ‌محتاج جاهل في يد محتال طامع

- ‌لا تصدقني ولو حلفت لك

- ‌غفلة التقليد

- ‌تبصرة

- ‌شروط المراسله

- ‌شروط الاشتراك

- ‌العدد 2

- ‌انذار صادر عن لسان الانسانيه

- ‌تنبهات

- ‌اضاعة اللغة تسليم للذات

- ‌جرايد الاخبار

- ‌هف طلع النهار

- ‌كم في الزوايا خبايا

- ‌معروض فرللريدركه

- ‌جواب عن سوال

- ‌تخريفة

- ‌حكمة

- ‌لطيفة

- ‌شكر القبول

- ‌تقاريظ من محبي الآداب

- ‌شروط المراسله

- ‌شروط الاشتراك

- ‌العدد 3

- ‌ايقاظ

- ‌وكلا الصحيفة

- ‌اعتراضات على التنكيت

- ‌تسمية البهيم بالمتوحش

- ‌مجلس انس

- ‌حوادث خارجية

- ‌حوادث داخلية

- ‌روى عن امه التخريف طفلاً

- ‌التماس عذر

- ‌منثورات

- ‌تذكار

- ‌مسئلة

- ‌التجارة

- ‌اخبار اخر ساعة

- ‌مراسلة

- ‌الفهرس

- ‌شروط المراسلة

- ‌شروط الاشتراك

- ‌العدد 4

- ‌اخطار

- ‌وكلاء الصحيفة

- ‌حر الكلام كلام الحر

- ‌درس تهذيب تحاور به تلميذٌ

- ‌نهاية البلادة

- ‌عادة قبيحة الفناها

- ‌عادة جميلة فقدناها

- ‌جهل العواقب جالب العواطب

- ‌النجم ذو الذنب

- ‌مراسلات الجهات

- ‌جمعية التوفيق الخيري

- ‌الجمعية الخيرية بدمنهور

- ‌اخبار اخر ساعة

- ‌اعتراض على التبكيت

- ‌اظهار المخبأ

- ‌اخبار داخلية

- ‌شروط المراسله

- ‌شروط الاشتراك

- ‌العدد 5

- ‌اعلان

- ‌وكلاء الصحيفة

- ‌كيف ظهرت وانا لك بالمرصاد

- ‌كلمة غيور على لغته

- ‌النجم ذو الذنب

- ‌منام يعرض على النبهاء لتعبير يلتمسه

- ‌عمدة سكران بميت غمر

- ‌رسالة مصطفى ماهر

- ‌افتتاح مدرسة الجمعية الخيرية

- ‌مسئلة حسابية

- ‌حوادث خارجية

- ‌الفهرس

- ‌اعلان

- ‌شروط المراسله

- ‌شروط الاشتراك

- ‌العدد 6

- ‌تنبيه

- ‌رجاء

- ‌استعطاف

- ‌وكلاء الصحيفة

- ‌متى يستقيم الظل والعود اعوج

- ‌اسمعوا واعجبوا

- ‌ثمرة الاجتماع

- ‌النبيه والفلاح

- ‌التاجر الحمار والفلاح المكَّار

- ‌تابع افتتاح المدرسة الخيرية بدمنهود

- ‌التجارة

- ‌شروط المراسله

- ‌شروط الاشتراك

- ‌العدد 7

- ‌الحجاز

- ‌وكلاء الصحيفة

- ‌اياكِ اعني يانفسي فسمعي وعي

- ‌اتبع الحق وان عز عليك ظهوره

- ‌الذئاب حول الاسد

- ‌رواية الوطن وطالع التوفيق

- ‌تهذيب البنات من الواجبات

- ‌قد يدرك الحيوان ما لا يدركه الانسان

- ‌رسالة

- ‌عرضي لجناب الخديوي

- ‌المراسلات

- ‌محفل سياسي حشاشي

- ‌اخبار داخلية

- ‌سكران طينه

- ‌تلغرافات التنكيت

- ‌اخبار اخر ساعة

- ‌التجارة

- ‌شروط المراسله

- ‌شروط الاشتراك

- ‌العدد 8

- ‌اعلان

- ‌وكلاء الصحيفة

- ‌اعلان

- ‌تهذيب البنات من الواجبات

- ‌العاقل من اتعظ بغيره

- ‌بعدا للقوم الظالمين

- ‌الفرق بين التمدن الشرقي والاوروبي

- ‌عادة شرقية

- ‌تغفيلة

- ‌المزة المطهرة

- ‌المراسلات

- ‌كفر الزيات

- ‌رسالة في جريدة العصر الجديد

- ‌أسئلة

- ‌برهان تقدم الامم الشرقية

- ‌افوكاتو جاهل لم يحسن وضع اسمه

- ‌شروط المراسله

- ‌شروط الاشتراك

- ‌العدد 9

- ‌تحفة

- ‌التماس

- ‌وكلاء الصحيفة

- ‌سامح اخاك اذا خلط

- ‌لغز

- ‌تهذيب البنات

- ‌ذهاب العقل باستعمال المكيفات

- ‌عادة شرقية ومقابلتها غربية

- ‌استكشافات ومخترعات جديدة

- ‌دمنهور

- ‌افوكاتو جاهل لم يحسن وضع اسمه

- ‌حمل زجل عال

- ‌المراسلات

- ‌تلغرافات التنكيت

- ‌شروط المراسله

- ‌شروط الاشتراك

- ‌العدد 10

- ‌وكلاء الصحيفة

- ‌لا انت انت ولا المثيل مثيل

- ‌سلطنة التخريف

- ‌مجلس ادبي

- ‌المتيم المتحوف

- ‌تغفيلة وجهاله

- ‌الحبيبيه

- ‌حل اللغز

- ‌رواية الكونت مونغوميري

- ‌ميت غمر

- ‌اخبار داخلية

- ‌اخبار الجنينة

- ‌المراسلات

- ‌اخبار اخر ساعة

- ‌مخترع جديد

- ‌شروط المراسله

- ‌شروط الاشتراك

- ‌العدد 11

- ‌تخريفه مدنيه

- ‌وكلاء الصحيفة

- ‌التجرة البائرة

- ‌اماتك من اسلمك للجهالة

- ‌لك مني بقدر مالي من الانسانة

- ‌وصية نديم لاحد ابنائه

- ‌قطمير

- ‌وداع وتهنئة

- ‌شروط المراسله

- ‌شروط الاشتراك

- ‌العدد 12

- ‌تعريف

- ‌وكلاء الصحيفة

- ‌الاعتدال طريق النجاح

- ‌نهاية الصداغه

- ‌آفة السكوت

- ‌وداع وعزاء وتعذير

- ‌تلميذ العجايز

- ‌كفر الشيخ

- ‌الوشي المرقوم في حل المنظوم

- ‌جمعية الصنايع والفنون الخيرية

- ‌لغز

- ‌المراسلات

- ‌حديث خرافة

- ‌أخبار داخلية

- ‌شروط المراسله

- ‌شروط الاشتراك

- ‌العدد 13

- ‌جمعية الصنايع والفنون الخيرية

- ‌وكلاء الصحيفة

- ‌لطيفة

- ‌شيخ زفتي او جاهلها

- ‌نكته ادبية

- ‌حل اللغز

- ‌نادرة

- ‌الولاية الخرافية

- ‌الارشادات الجلية في التذكر الطبية

- ‌كلمة عاقل

- ‌شروط المراسله

- ‌شروط الاشتراك

- ‌العدد 14

- ‌لفته

- ‌وكلا الصحيفة

- ‌درس تهذيبي

- ‌صيام الشيخ عشماوي

- ‌توحش الانسان

- ‌عادة شرقية ومقابلتها غربية

- ‌جاهل الكذب

- ‌لغز

- ‌تقدم البلاد

- ‌فكاهات

- ‌اخبار داخلية

- ‌شروط المراسلات

- ‌شروط الاشتراك

- ‌العدد 15

- ‌بقية من بقايا التخريف

- ‌وكلا الصحيفة

- ‌السن الخطباء تحيي وتميت

- ‌الخطبة

- ‌المولد الاحمدى

- ‌حل اللغز

- ‌قصيدة حسن بك حسني

- ‌شروط المراسله

- ‌شروط الاشتراك

- ‌العدد 16

- ‌تخريفة بلدية

- ‌وكلا الصحيفة

- ‌تهذيب الاخلاق يطهر الاذواق

- ‌المسجد الاحمدي

- ‌قصيدة عبد الله أفندي

- ‌ مصر

- ‌رسالة من الحكيم شبلي أفندي شميل

- ‌لغز

- ‌اعتذار

- ‌كم فينا من النبهاء

- ‌فاني

- ‌رأيت فوق ما سمعت

- ‌رسالة أدبية

- ‌شروط المراسلة

- ‌شروط الاشتراك

- ‌العدد 17

- ‌عجائب وغرائب

- ‌وكلا الصحيفة

- ‌درس تهذيبي

- ‌مسامرات ادبية

- ‌المحاسن التوفيقية

- ‌نبذة من تاريخ الهمام احمد بك عرابي

- ‌البشرى

- ‌تقريع الاغبياء

- ‌شروط المراسله

- ‌شروط الاشتراك

- ‌العدد 18

- ‌اشارة

- ‌وكلا الصحيفة

- ‌سيف النصر

- ‌وصية وطنية

- ‌التفنن في السرقة

- ‌حل اللغز

- ‌لغز

- ‌همم وطنية

- ‌المفيد

- ‌مسألة حسابية

- ‌الفانوس السحري

- ‌شروط المراسله

- ‌شروط الاشتراك

- ‌العدد 19

- ‌صورة كتاب أحمد بك عرابي إلى إدارة المطبوعات

- ‌المصرية

- ‌وكلاء الصحيفة

- ‌الديبا والعرب

- ‌ليالى الانس

- ‌تعصب الروساء

- ‌حل اللغز

- ‌لغز

- ‌شروط المراسلة

- ‌شروط الاشتراك

الفصل: - 275 -   والحبال وغير ذلك فوجدت فيهم الكثير ممن احسن

- 275 -

والحبال وغير ذلك فوجدت فيهم الكثير ممن احسن الصنعة وفاق معلمه من الافرنج فرفت الاجانب ولم ابق منهم الا ثلاثة بعد ان كانوا نحو مائتين وكنت كلما قربت احداً من اولاد العرب لعمل من الاعمال اتقنه واحسنه وعندما اخبر المرحوم بذلك يسر كل السرور ويقول متى اجد الامة المصرية كلها من اهل المعارف والصناعة حتى لا نحتاج لاجنبي من اي دولة كانت. ثم انتقلنا الى الادارات واهلها فقال الادارات لا تنظم الا باهل العفة والامانة فقد كان المرحوم يعطي الرواتب الشهرية فوق الكفاية ويقول للرجل من كل ما احتجت اليه

من الضروريات اعرضه الي وخذه مني ولا تمس الامة بشيء فان فساد الاحكام ونقض القوانين لا يتأنى الا من البرطيل ومتى دخل البرطيل في حكومة فسدت قوانينها وضاعت حقوق امتها واصبحت كالبيت الذي لا باب له يدخله من يريد ويسرق منه ما يشاء. فاذا كا الرئيس يقلد في الاعمال اصحاب النفوس الميالة للرشوة والبراطيل فانه يتعب تعباً شديداً ويوقع الامة في مظالم جسيمة ثم ذكر صاحب الدولة شريف باشا بذكر حسن وقص علي الكثير من اخباره الجميلة التي يرجى بها الاصلاح

فهل مع وجود مثل هؤلاء الامراء وتبصرهم في الاعمال وحبهم لطهارة البلاد نرمي بفساد الاخلاق صدق المرجفون فان هذه الافكار لا تجعل لهم في بلادنا سطوة ولا نفوذاً واصحابها لا تقبل منهم نقوداً ولا نياشين تتحلى بها الصدور وتضيع بها الثغور. وساقص على قراء جريدتنا طرفا من هذا القبيل فقد رأيت كثيراً من امرائنا العظام وسمعت منهم ما لم اكن اتصوره من قبل ورايت من افكارهم ما يهتدي به طالب السياسة لمقاصده الوطنية واعماله الخيرية

‌المحاسن التوفيقية

اوتاريخ مصر الفتاة او زفاف الحرية في مصر

مصر

اي عزيزتي اي نزهتي اي ارض نشأتي جنتي هنيئاً لك بما فعل الاسود من ابنائك ولكن بك عليك اقسم وبجيشك عليك اعزم الا ما اخبرتني بما كنت عليه في زمنك الماضي وما صرت اليه الان فاني اراك الان تفتخرين في ثياب الحرية وقد رأيتك من عهد قريب مصابة الافرنجي والاطباء تبحث في مرضك واهلك وابناؤك متعلقون باذيالهم يطلبون منهم دقة البحث وسرعة العلاج فماذا تم لك بعد ذلك وعلى يد اي طبيب نقهت وبرئت فان حديثك عجيب

(مصر) ابنتي سألتني عن امر عظيم سألتني عن حديث ما تحدث به احد من ابنائي الا مع نفسه فانه حديث لم يرو مثله ولا بمعناه عن احد غيري. قد بليت بقوم وفدوا على

ص: 309

- 276 -

ابنائي شعثاً غبراً مدرجين في اطمار يالية فمكنتهم يد الاقدار من خدمة امرائي فتحلوا باللآلي ولبسوا مطارف الخز وركبوا جياد الخيل واصبحوا بين اهلي في كبرياء وعظمة ورغد عيش ونعمة كانهم من العائلات الحاكمة وهم في هذا الطريق يخربون بيوت ابنائي ويعمرون بيوتهم وينهبونهم ثم يطردونهم ويستعملونهم في الاشغال الشاقة بلا اجر ولا استحسان فقفلوا الكثير من الابواب واعدموا الالوف من الارواح وهم بين جاهل يتبع شهواته وغبي لا يرضى لذاته مقام الملوكية لو مكن منه يجوسون الديار للخراب لا للعمار ويدخلون البيوت للفجور لا للضيافة وابنائي يتقلبون على الجمر ولا يتأثرون ويرون تعذيب اخوتهم ولا يتحركون ويصبرون على الآلام ولا يتألمون كلما ظهر في وسطهم مخادع احتاطوا به واعترفوا بسيادته ومتى تنبهت افكارهم نزل عليهم بسوط العذاب وحبسهم في بئر الاستبداد واوقفهم تحت سحب مظالمه يمطرهم حجارة من نهب وسلب وقتل وتشريد وليته يحفظ لنفسه الحق عندي ويدفع عني الاجانب ويبخل بي على الغرباء حتى يبقى لابنائي معدن ثروة يستخرجون منه ما يستعين به على شهواته البهيمية ولكنه لا يحفظ حقي ولا ينظر في عاقبة نفسه ولقد كنت في يد الخائنين مصابة بامراض افرنجية اوقعني فيها اميري السابق فجلبت علي من الشرور ما لم يتل به احد غيري فجلست ابنائي

حولي تئن وتبكي وتندب رجال المجد والشرف وتنادي على هؤلاء الظلمة يالويل والثبور تضرب الكف بالكف ندما وتمشي الهوينا في الطرقات عدما قد ذهبت املاكها بلا مناوشة ولا قتال واصبحت بين الغرباء كا لا جير او الخادم المستعد فما رايت من قصر لطيف فذاك للمونيو وما نظرت من جفا لك واباعد فهذا للمستر وما بلغك من بنك ومتجر فهذا للخواجا وما سمعت من رفعة او انعام فهو للسنيور وقد صار الاسكاف عندنا مهندسا والمزين طيبا وخادم الخيل رئيسا وذليل بلاده عزيزا وطريدها محبوبا واهلي يجاهدون في خدمتي فتدركهم جهالة امرائي بالهزيمة ويرفعون رؤسهم جهة العلو فتظلم عليهم سحب الغفلة ونحجب عنهم شمس الحرية المنيرة

فلما سري الداء في عروقي مع دمي تضرعت الى الله تعالى فزحزح عني هذا التائه في اماله الغريق في شهواته ورزقني بالمولى التوفيقي الامير السيد اعزه الله فارتفعت اليه اعناق ابنائي تطاولا واستنجادا ومدت اليه الابدي طلباً للاصلاح والتماساً وانطلقت الالسن بمدحه والثناء عليه بما هو اهله وتعلقت به الآمال لما تعلمه من حسن طويته وطهارة باطنه وسلامة اعتقاده وحبه للعدل وحفظ مركزه المرتفع على عرشه العظيم فاختار حفظه الله للقبض على ازمة الامة اناسا منهم البار والفاجر فجلعوا ابنائي خلف ظهورهم وملاوني بقبعات ةطراطير وهادوا بكثير من ارضي وانعموا بجليل من مالي وشردوا العظماء من اهلي واخمدوا الانفاس واماتوا الهمم

ص: 310

- 277 -

الوطنية واحيوا القوة الاجنبية ولم ينفعهم صلاح الصالح منهم حتى كادت ابنائي تكون اسرى في ساحة لم يجرد فيها سيف وارضي ملكاً لاوضاع لا يملكون القوت في بلادهم وادارتي اجنبية محضة بيد من لا يعرف لغنى ولا يرحم ابني ولا ينظر لي الا بعين الهوان فتالم لهذا سيدي ومولاي وقد فسدت البطانة واختلت الحاشية واحتاط به المحتالون ودار به المنافقون وهو في اسف من هذا التدمير وخوف على ابنائي وبلادي من تمكن سلطة الغريب ونفوذ سطوته. وباتت ابنائي تتشاور وتتراءى وقد فتحت العيون وتنبهت الاذهان وتحركت الدما. واشتغلت الافكار وابتدأ واباخذ العهود والمواثيق على انفسهم بحماية البلاد ووقاية اهلها وحفظ ناموس اميرها فلما بدا اتحادهم احتال ذلك الرئيس عليهم واخذ يدبر لهم هلكة بعدهم بها ويحفز لهم هاوية يرميهم فيها فكن هذا سبباً لربط القلوب وعقد المحبة وتوحيد الكلمة واتفاق المشرب وسريان روح

الغيرة والحماسة في اجسام فرساننا وشجعاننا الملحوظين بعناية الله تعالى ولم تمض برهة من هذا السعي حتى تظاهر الفرسان وظهرت الابطال وتعاهدوا على الموت في حفظ البلاد من العدو ووقاية الامير من تسلط الغير على حقوقه وحملوا حملة الاسود حتى كسروا قوائم عرش الظلم وخسفوا بيت البغي والفجور ووقفوا بين يدى اميرهم اسوداً يحمون غابة ويدفعون عدوه ولم يريقوا في هذا الخطب قطرة من دم بل حاربو ابالرعب وانتصروا بالحق وفازوا بابعاد العدو وفتح باب الشورى وحفظ شرف الفارس الجهادي كل هذا بسلامة باطن اميرنا المعظم حفظه الله

وبودهم ان لو ميز الخائن من الصادق من تلك الحلبة ولكن البلاء يعم وقد جلبه من كان فيهم كالدلال ينادي على ديارنا في اسواق اوربا وابنائي لا يستطيعون حراكا ولا يقدرون على الكلام. ولما تم لهم النصر المبين طلبوا من الامير العظيم الغاء مقاليد الامر الى السيد الشريف ومن يختار من رجال الصدق والغيرة وقد كنت بين ذلك ارجف واخشى من تفاقم الخطب ولكن الله ثبت قلب فرساني والهمهم الحكمة فخظعوا لاميرهم خضوع التابع للمتبوع ووقفوا بين يدي جلالته ينتظرون اوامره السامية فسر بانقيادهم وسلامة بواطنهم وحرصهم على حفظ شرفه العالي ورضي عنهم رضاء زالت به الاتراح وعمت الافراح واصبحت الامة تتبادل الفاظ التهاني وتتذاكر فيما يقدمها ويحفظ البلاد وقد خلع الكل من عنقه طوق لاستبداد وحل قيود الاستعباد ولبس الجميع تاج الحرية في ظل الساحة التوفيقية وحماية الفرسان الجهادية الذين اعادوا للبلاد مجدها وقلعوا اوتاد الظلم والاستبداد بقوة وحمية وفتحوا للامة باب الحرية الذي احكمت غلقة الجبابرة الظالمون

ومن حكمة رجالي الفرسان ما تقدموا به بين يدي اسدهم الضاري وابن بجدتهم السامي ناظر الجهادية اعزه الله من القاء

ص: 311

- 278 -

مقاليدهم اليه وامتثالهم لاوامره لوثوقهم بافكاره وحسن مساعيه الوطنية فسير الهمام الجليل صاحب العزة عبد العال بك حلمي بالاية السادس الى دمياط وكان له موكب فصلته الجريد المحروسة الغراء ثم سير البطل الصنديد رئيس تلك العصابة الشريفة صاحب العزة احمد بك عرابي بالايه الرابع الى راس الوادي فتلقى امره بالقبول وقد سار في الساعة الثانية من يوم الخميس 13 القعدة سنة 98 في موكب شهده الالوف من الناس وقد رايته بعينيك فصفه لمن غاب عنه وكان هذا هو العلاج لدائي وقد

برئت ولم يبق معي الا بعض هزال من اثار المرض ستذهب بعناية اهلي بي عندما ينظرون في امري بافكارهم الميرة ان شاء الله

فقل للذي يجري ليدرك شأونا

رويدك اجهدت المطي من السير

وحسبك ان ادركت ترب جيادنا

اذا سرت للعليا باجنحة الطير

فما كل فتاك الى العرب ينتمي

ولا كل ارض الكون تعزي الى مصر

ومن يبتغي ملكاً كملك محمد

تعزز بالجند المؤيد بالنصر

ترديد صوت الحادي

يسير الالأي الرابع الى الوادي

في الساعة الثانية من يوم الخميس تمت اهبة الفرسان الضواري فاصطفوا يناهون نجوم السماء باقمار الارض وقد حملوا بنادقهم فزادوا اشراق الشمس بهجة ببريق سيوفهم اللامعة وساروا مع العز والاقبال ترمقهم العيون وتصحبهم القلوب وقد انتظم الناس في جانبي الطريق انتظام اللالي في العقود وكان ترتيب الموكب العظيم على هذا النظام البديع

في مقدمته فرقة خيالة بايديها السيوف مجردة تخطف الابصار باشعتها وتفاخر صفاء الجو بجلائها يتبعها عدد من المشاة يحملون البنادق خلفهم فصيلة من الضباط على الظهور الجياد تتبختر بهم تبختر المدل بنفسه المعجب بجماله وبايديهم المهند قد اضر به الرقاد فخرج من غمده يصارع الانوار ويلاعب الاضواء يتلوهم مطلع الحرية وفارس الحمية وحافظ الوطنية السيد الفارس الخطيب الواعظ جوهرة هذا العقد الثمين صاحب العزة احمد بك عرابي وقد حاطت به الاسود المصرية الضباط الفخام مجردة سيوفها مشيرة بها الى حمايته وتأييد دعوته فكانت في اشتباكها كانها مظلة تحجب اشعة الشمس عن عضد الخديوي المعظم ومنقذ الوطن من الاسترقاق وناهيك بمن سل بين يديه مائتا سيف وهو بين اسودها كانه البدر في وسط النجوم او تلك السيوف اكف الداعين وهو نور ليلة القدر يتبع هولاء الابطال ليوث تحمل البنادق كانها واقية الفرسان او حامية المقدام خلفهم المسيقى تصدح بالحان لو عربتها لنطقت بهذه الابيات

تنبهوا يا رقود

فالكون فيه عجائب

البعث حق فقوموا

فقد قطعنا المصائب

ص: 312

- 279 -

متى نراكم جميعا

كالاسد فوق النجائب

ويصبح القطر روضا

ما فيه في الارض غائب

توفيق مصر تجلى

وحاز اعلى المراتب

والجند اضحى ينادي

فزنا بكل الرغائب

ياآل مصر علوتم

بالحزم فوق الترائب

دمتم ودام الخديوي

ابو الوفا والمواهب

فشكره اليوم فرض

ومدحه الدهر واجب

وخلف الموسيقى رجال الالآلي بل حماة الديار وحفظة الاوطان ثم ما زال سائراً حتى دخل الحسينية وقصد باب الفتوح فمر به والوية الحمد تتلو على النسيم بالسنتها ايات ولم يبقى وطني ولا اجنبي الا وهو سائر بسير الجند المؤيد والعذارى والمخدرات تمطرهم بماء الورد وباقاته من الشبابيك وتشير بمناديلها الرقيقة اشارة الفرح المسرور والسنتها تنادي دمت يا جيش الحماية دمت يا محرر الاوطان دام الخديوي مؤيد الشجعان

فلما وصل الحمالية دخل من عطفة المحكمة قاصداً مقام السيد السند غصن الشجرة النبوية وفرع السلالة الطيبة المصطفوية سيدنا الامام المعظم الحسين ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقف الموكب وسلم على هذا البدر المنير ثم نزل مقدامهم الهمام احمد بك ودخل المسجد الشريف وقد حفت به الابطال ولواء الالآلي مرفوع على راسه مكتوب في صفحة هذا اللواء الجليل (انهم لهم المصورون وان جند هـ لهم الغالبون) وفي الصفحة الثانية (لا اله الا الله محمد رسول الله) ثم دخل القبة الشريفة وطاف بالمقام الطاهر واستقبل القبلة ورفع الاكف الى الله ودعا لمولانا الخديوي بطول البقاء والاعزاز وللجند بالنصر ودوام الاتحاد وللوطن بالتأييد والحفظ من الاعداء ولاهله بالتوفيق والهداية فأمن عليه الجند وخرج والعيون محدقة به ثم علا ظهر جواده وسار في موكبه السامي ماراً من السكة الجديدة الى الشارع الموسكي فتطاولت اليه اعناق الرجال ورفعت له القبعات مشير اليه اشارة المجد والسنة الاجانب تنطق من الجانبين (احمد بك عرابي) وقد لسق الى المحطة رئيس هذا الجيش المنصور وقائد زمامه الهمام المدره الليث المنجد ابو المعالي صاحب السعادة والسيادة محمود باشا سامي يصحبه الكثير من الامراء الكرام والذوات الفخام كما ازدحم الالوف من الناس على اختلاف اجناسهم ينتظرون قدوم الابطال الى

المحطة مع الالالي الثاني حتى لم يبقى شبر من الارض يسع قدما غير الواقف عليه فلما انتهى بهم السير في الساعة الرابعة اخذ الجند راحته بعد اننادى قيهم مقدامهم (افندمز جوق يشا ثلاثا) ثم نزل ولا سبل للمشي في هد الضباط في فتح طريق يصل بها الى الرصيف وكنت بجواره ضاربا يدي بيده الكريمة فما وصلنا الرصيف الا بعد جهد وعناء وهناك اصطف الالوف من الامراء والوجهاء والاعيان تتخللهم الضباط الكرام واحدقت بنا الابصار وحوم علينا طير الافكار فوقف هذا البطل المقدام موقف الخطيب وتكلم بهذا الخطاب الدال

ص: 313

- 280 -

على قوته واقتداره على الكلام والانشا وناهيك بمن يقف في هذا الموقف العظيم مرتجلا ودونك الخطاب بلفظه وعبارته ونصه وقد سمعه لفيف مؤلف من الوف

سادتي واخواني

بكم ولكم قمنا وطلبنا حرية البلاد وقلعنا غرس الاستبداد ولا ننثني عن عزمنا حتى تحي البلاد واهلها. وما قصدنا بسعينا افساداً ولا تدميراً ولكن راينا اهلنا في اذلال واستعباد ولا يتمتع في بلادنا الا الغرباء فحركتنا الغيرة الوطنية والحمية العربية الى حفظ البلاد وتحريرها والمطالبة بحقوق الامة وقد ساهدتنا العناية الالهية ومنحنا مولانا واميرنا الخديوي ما طلبناه من سقوط وزارة المستبد علينا السلري بنا في غير طريق الوطنية وتمتعنا بمجاس الشورى لتنظر الامة في شؤونها وتعرف حقوقها كباقي الامم المتمدنة في العالم. ومن قراء التواريخ يعلم ان الدول الاوروباوية ما تحصلت على الحرية الا بالتهور واراقة الدماء وهمتك الاعراض وتدمير البلاد ونحن اكتسبناها في سلعة واحدة من غير ان نريق قطرة من دم او نخيف قلباً او نخدش شرفاً وما اوصلنا لهذه الدرجة القصوى الا الاتحاد والمعاهدة على حفظ شرف البلاد فالان ننادي بصوت واحد (يعيش الخديوي واهب الحرية يعيش الجيش المصري طالب الحرية تعيش الحرية في مصر خالدة موبدة) فاجابه الجميع بما نادى به وصفقوا تصفيقاً طال زمنه ثم عاد الى الخطابة وقال نحن الان في نعمة جليلة وعزة جميلة وقد فتحنا باب الحرية في الشرق ليقتدي بنا من يطلبها من اخواننا الشرقيين على شرط الهدو والسكينة وعدم حدوث ما يكدر صفو الراحة كما اننا القينا مقاليدنا الى وزرائنا الكرام ورئيسهم الشهم الهمام شريف النفس والقدر وبين ايديهم عقبات ومصاعب فلا نزيدهم ارتباكاً بتخاذلنا وتهورنا بل نلزم وحدة الاتحاد ونحافظ على البلاد

ونسير معهم في طريق الاصلاح اينما ساروا وانا قائمونالى راس الوادي اطاعة لامر رئيسنا الوطني الحر القائم بخدمة الوطن واهله سعادتلو محمود باشا سامي ناظر جهاديتنما ليعلم الجميع ان قيامنا كان لطلب الحقوق لا العقوق وان الطمانية والراحة عادت كما كانت وعدنا لما راينا عليه من طاعة مولانا الخديوي وخضوعنا اليه والى وزرائه الفخام فلا تاخذكم الاراجيف واشاعة اعداء الوطن وثقوا بسعي اميرنا ورجاله.

واخص اخواني الجهادية بحفظ وحدة الاتحاد وعدم الاصغاء الى الوشاة والحساد فانكم تعلمون اننا جاهدنا في هذا الامر سنين حتى ربطنا القلوب والغنا النفوس وبيننا من الاعداء من يسعى في تخاذلنا واشعال نار الفتنة فينا فاردعوهم بالفاظ التقريع واحفظوا لنا ما عاهدناكم عليه فالبلاد محتاجة الينا واما مناعقبات ان لم نقطعها بالحزم والثبات والاضاعت مبادئنا ووقعنا في شرك الاستبداد بعد التخلص منه تعلمون انكم كما قمتم واخلصتم امراءكم الثلاثة بل

ص: 314

- 281 -

اخوانكم من النفي الذين انا واحد منهم قمنا لكم وخلصنا الوطن من الاسعباد ورفعناه الى عرش الحرية

وما الفخر بالعظم الرميم وانما

فخار الذي يبغى الفخار بنفسه

ونحن نفتخر بالابناء فقد فتح لنا الاباء الفتوح ونحن حفظناهم فاجعلوا عروة الاتحاد وثيقة واني سائر باخوانكم الى راس الوادي فاستودعكم الله جميعا واقبل اخي علي بك فهي نيابة عن الجيش واخي محمد افندي عبيد نيابة عن المودعين من الامة الشريفة ثم قبل هذا وهذا وعلت الاصوات بالدعوات واحمرت الاكف من التصفيق ونزلت القبعات من اعلا الروس الى مواطىء الاقدام

ثم دار بي الضباط ورفعوني على مرتفع هناك رجاء الخطابة ولكن من سمع هذه الخطابة البديعة الجامعة او قراها عذرني في ضيق المقام على اذ لم يترك هذا الهمام مقالا لقائل ولا مجالا لجائل ولكن الاريحية العربية ابت الا اجابة هولاء الابطال فابتداءت الخطاب بقولي

سادتي واخواني وابائي

خبروني عن محفلنا العظيم المشتمل على الالوف من الناس في اي ارض هو وبمن احتفل لنحن في ساحات باريس نحتفل بخطيبها السياسي الغريب ام نحن في لوندرة نزدحم على مجلس الشورىنسمع ما يقال فيه ام هذه اسود غمت الفريسة ونحن ننظر اليها ام انتم نجوم

حول بدر في سماء وانا اتصور اننا على ظهر الكرة ام هذه العصبة الوطنية جاءت لتودع الجيوش المصرية ومطلع شمس الحرية

احمد بك عرابي (تصفيق استحسان)

اروني امة بلغت مناها

بغير العلم او حد اليماني

قضت علينا الشقوة بوجودنا في زمن الخسف ومدة الاستعباد فرأينا المشنوق من اهلنا والمصلوب والمذبوح والحريق والموضوع على الخازوق والمشرد والمغرب والمنفي والمسجون والمنهوب والمسلوب ولا ذنب لنا في هذا كله الا عدم المحافظة على البلاد ثم راينا الدور الثاني فشهدنا جنازة المسموم والمخنوق وودعنا المنفي ولا جناية لهولاء الا المطالبة بحقوق الامة ثم وصلنا الى الدور الثالث فراينا مساعدة الاجنبي واكرامه وتكثير العطية وتسليمه ازمة الكثير من اشغالنا واذلال الوطني وضياع حقه وتركه في زوايا الاهمال فوقفنا عند هذا الحد وسعينا في طريق الاتحاد وجمع القلوب وكنا لا ننطق بمثل هذه الاصوات الا في خلوة بصوت الهمس حتى ادركتنا العناية الالهية باشراق شمس التوفيق علينا فرفعنا بها الصوت الى حيث يسمع من يضع اذنه على فم المتكلم وما زلنا مجدين في هذا الطريق الخطر حتى اعربت الجيوش عن ضمائرنا وترجمت الحمية عبارتنا ونادى الجند المظفر المنصور بحقوق الامة بين يدي اميرنا الجليل فانعم وتفضل ومن تكرم واعتق من الرق فاستاسر النفوس بانعامه

ص: 315

- 282 -

وتملك القلوب باكرامه فنحن الان ننادي بالسنتنا بصوت يسمعه القاصي والداني (يموت الاستبداد وتعيش الحرية بعدم المستبد ويحيا توفيق الاول يهلك الجبان ويبقى جيش الحمية)

ولكن قد قال قبلي شاعرنا العربي

الرأي قبل شجاعة الشجعان

هو الاول وهي المحل الثاني

وقد اخذتم بالحزم وتمسكتم بحبل الاتحاد حتى رفعتم الى المقام الاعلى واعلموا ان مثلنا مثل من كان في بئر لا سلم لها فابتدأ يحفر السلم بعناء وجهد وكاما حفر طاقة وضع رجله فيها وارتقى لغيرها حتى وصل فم البئر بعد اليأس من الحياة ورأى شجرة تدلت اغصانها وقد خيم فيها العنكبوت فان تعلق بحبل العناكب هوى وتهشم وكانت النكسة شرا من الداء وان تعلق بالاغصان نجا وخرج من ذلك المضيق ونحن انشاء الله سنقبض بالحزم والهدو

على اغصان شجرة اصلها ثابت وفرعها في السماء

تلك وحدة الاتحاد الوطني والجد في طريق التقدم ومنع التهور والتظاهر بما يجلب علينا الشرور وليست الحرية تتبع الشهوات البهيمية والاغراض الذاتية وانما هي معرفة الحقوق والواجبات والسير تحت لواء الانسانية النؤددة والسكينة

فما الفخر في جمع الجيوش وانما

فخار الفتى تأليف قلب المساكر

ونحن الان لسنا في ارض مصر لا يرانا الا اهلنا ولا يعرفنا الا نزلاؤنا بل نحن في روس السياسين في سائر الممالك تقلبنا الافكار على اكف السياسة وتشخص اعمالنا في ملاعب العقول ومن سكن روس العظماء واشغل الملوك بعمله كان حقيقا بنظر العواقب حذراً من سود الطوارىء معداً لكل سوال جواباً ولكل مناوش قوة لا ينام الا عن امن ولا يقوم الا بفكر ولا يبحث الا عن الدسائس واخماد نار الفتنة وقد جعلنا هذه المصاعب خملاً على عواتق وزرائنا وكتاباً بين يدي خديوينا وهم لا يقوون على هذا الحمل الثقيل الا بخضوعنا وسكوننا وحفظ علائق الاجانب النازلين بارضنا وطاعة امرائنا فيما يامرون به من دواعي الاصلاح. وقد كفاكم من الفخر انكم ملكتم زمام الحرية مع حفظ الارواح والاغراض بعد ان علمتم ان فرنسا اهلكت في حرب البستيل عشرات الالوف من الارواح واضاعت مئات الالوف من الاموال

والتاريخ يشهد ان كثيراً من الجند تظاهر على مليكه فمنهم من خلع ومنهم من قتل وانتم وقفتم بين يدي مليكنا وقفة المتأدب الطامع في كرم مولاه فلم تربعوا قلبا ولا خرجتم عن حد الادب لما تعلمونه من حب مليكنا للحريةوسعيه في تقدم الامم وحفظ بلاده وقد منحكم الطلب وهو عنكم راض فانعم باميرنا المعظم وانعم بجيشنا المؤدب المهذب ويمثل هذه الآداب تحفظ البلاد وتعمروها انا انادي

ص: 316

- 283 -

نداء المخلص بقولي لا نرضى غير خديوينا المعظم اميراً ولا نعترف الا بسيادته نموت في بقاء ملكه وحفظه من الاعداء تتفانى في تأييد سطوته وتخليد الحكومة الحرة باسمه الشريف فمن كان معي على هذا الاعتقاد فليجيبن بقوله نفديه بالمال والروح (فنادي الجند والامراء وجميع الحاضرين نفديه بالمال والروح الا يسركم ان هذا الامير قد حرر الامة واعتقها من رق الاستعباد واسمه الشريف محمد اترضون باستعباد هنري مثلا وتغيير اسماء ابنائكم من محمد وعلي الى جورج

وجان وهنري وفيليب تالله ان الراضي بذلكلمن الخاسرين في الدنيا والآخرة. لو تبعتم السياسة وكشفتم قناعها لعلمتم انكم كنتم اكلة طابت وتهيأت للازدراد ولكن الله رحمكم بوجود امير مؤمنمخلص الىالله في اعماله حريص على بلاده وشرف امته وانقذكم بجيش وطني رضي الموت في حياة البلاد وباع الشقاء الموقت بالسعادة الابدية ففاو بالقبول وارضى الله ورسوله وسكن قلوب الامة وكتب له في تاريخ الرجال اسما تقدمه صفحات الزمان بين يد كل موجود

ثم ذكرت ابياتا في مدح الجيش وصاحب السعادة محمود باشا سامي لا اذكرها الان وبعدها عدت الى سرد الكلام فقلت

تعلمون ايها الحاضروم ان التحاسد والتباغض اوقعنا في قيد الاستعباد سنين عديدة وان وحدة اتحاد اخوانكم خلصتكم في ساعة واحدة فاسعوا في تأليف القلوب وتوحيد كلمة الوطنية لسكون رجلاً واحداً وقت الدفاع وعائه وقت الهدو والسكينة وهذا اخوكم الجليل السيف المجرد لحماية الخديوي الاعظم وبلاده يودعكم ويسافر الى راس الوادي لا عن قلى ولا غضب ولا باكراه ولا ارغام وانما هو يتبع افكار رئيسه الجليل ويسافر طوعاً للاوامر لتقطع السن الاعداء وتسكن الاراجيف ويعلم المحب والمبغض ان الوطن في هدو عظيم واهله في طاعة لا يشوبها عصيان فاسألوا الله له ولاخوانه جميعاً السلامة وثبات العزيمة ودوام المحبة والاتحاد وكونوا على سيرهم من الالفة واحياء كلمة الوطنية فكلكم وطني وان اختلفت المقاصد وتباينت الذوات

والناس شتى في التنافر والمرا

والكل ان الفتهم اسان

ثم نزلت واعتنقني هذا الهمام وقيل ما بين عيني وسريا الى العربية المعدة له بعد ان تزل العساكر واخذوا مجالسهم في العربيات وقد قيل يد هذا الصمصام في ذاك اليوم نحو خمسة الاف رجل والكل يدعو له بالتأييد ولمولانا الخديوي الجليل بالبقاء ثم قام الوابور في الساعة السادسة والقلوب معه وقد اصحبني الهمام معه الى الزقازيق فسرنا على طريق بنها وما وصلنا محطة الا وجدنا كثيراً من الاهالي تنتظر الوابور لتسلم على هذا السيد وتهنئه بالفوز والنجاح فلما وصلنا الزقازيق حرنا ودهشنا من كثرة الناس النتظرين فقد امتلأ بهم

ص: 317

- 284 -

الرصيف ومحلات المحطة حتى كان المديرية لم يبقى فيها ذو احساس الا حضر يسلم على

البطل المقدام ولم تستقر قدمنا حتى وزعت باقات الورود على العساكر والحاضرين ودارت الكؤوس السكرية على الجميع ونثر في العربيات مقدار عظيم من البلح العامري بحيث كان يرمى بالمفاطف وقد قام بهذا المصرف حضرة الوجيه عزتلو امين بك الشمسي ثم ابتدا مقدامنا وخطيبنا الخطابة وارتجل وقال

سادتي

اخوكم في الوطنية واسمي احمد عرابي ولدت في بلدة (هرية رزنة) من بلاد الشرقية هذه فانا واقف الان في ارض نشأتي بين يدي اهلي وقد بلغكم ما تطلبناه من قطع عرق الاستبداد وتحرير البلاد واهلها وبعناية الله منحنا مولانا الخديوي هذه الامنية ونحن لم نخرج عصياناً ولا تظاهراً وانما سرت الجيوش ووقفت بين يديه وقفة الطالب الراجي كرم مولاه فلا تعولوا على الاراجيف واشاعة اهل الفساد واعلموا ان البلاد محتاجة للخدمة بالقوة والفكر والعمل اما القوة فنحن رجالها ولا ننثني عن عزمنا وفي الجسم نفس واما الفكر فهو منوط باميرنا الاعظم ووزائه الفخام وهم لا يهناء لهم عيش الا اذا طاب لنا ولا يدركون الراحة الا بامننا فهم يسهرون الليل ويقطعون النهار في حفظ الامة وسلامتها من العوارض واما العمل فهو منوط بكم فان القوة والفكر يعطلان بفقد ثروة البلاد فاجتهدوا في خدمة ارضكم فان الممالك تدرك ثروتها من معادنها ونحن عندنا المعدن الذي لا ينقص بالاخذ منه وهي تربتنا الطيبة المباركة وقد طلبنا لكم مجلس الشورى لتكون الامور منوطة باهلها والحقوق محفوظة وهذه نعمة كبرى نشكر الله عليها كما نشكره على نجاة الوطن واهله من العبودية ونحمده على سلامة باطن اميرنا المعظم وخديوينا الافخم ايده الله

فكثر تصفيق الاستحسان ثم نادى الجميع باسمي فخطبتهم بما لا اذكره الان ولوعبرت معناه لضاق صدر الصحيفة واسنعادوني بعد الفراغ فعدت وخطبت بحفظ وحدة الاتحاد وهنأت بالفوز بالحرية والنداء بها في المحافل بعد ان كنا لا نذكرها الا في الخطوات ثم اكدت بطلب الراحة والخضوع لاميرنا والتمسك بحبه والسعي في تأييد كلمته والدعاء لرجالنا الكرام القايميين باعباء السياسة ورد حيل المحتالين من رجال السياسة وكان الولبور القائم لمصر قد استعد للسفر فودعتهم قائلاً

اودعكم والله يعلم انني

اود بقائي بين ليث واشبال

فسيروا بلغتم قصدكم ومرادكم

ودمتم الى الاوطان عونا على الحال. ي

ص: 318