الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- 160 -
فقلت لهُ ما ثمرة الحشيش التي تريد بيانها
فقال ثمرته ان العرقي لايدخل به الانسان الجامع والاسرار يبقى شارب ويصلي والعرقي يقلب الدماغ والاسرار تروق الفكر وتخلي الانسان صنعه ومع ذلك فان كل الناس الان تتعاطى الاسرار فاذا كان التنكيت رايح يبطل الشغل ده تعيش الناس ازاي. الرطلين التي حرقهم المأمور كانوا على ذمة واحد عمده ومع ذلك لما رأت الناس التفات المأمور للحشاشين كشت وخافت وهجمت على الخمامير والكيف الموجود بالبندر تحول كله لميت غمر وصارت فيها الصهب والقهاوي مجالس عظيمة وعطلنا واضرارنا لايرضى احدا
وبعد جدال طويل معه بكلام يطول شرحه قال انا عاوز قرار بيدي حيث الجمعيه في انتظاري وكانوا عاوزين يبعتوني اسكندريه لحضرة صاحب التنكيت والحمد لله ربنا اخد بيد الغلابه وحضر فوعدناه خيراً تلطفا به وصرفا لافكاره ثم انصرف
واغرب من ذلك ان الحشاشين حضروا معه لباب البيت ولما اراد الدخول على المجلس صاروا يدعون لهُ ويقولون ادخل ياشيخ جمد قلبك وربنا ينصرك واوعا تتوه في الكلام
وخليك موزون
فمن رأى هذا الامر علم كيف تنورت الافكار حتى صارت الحشاشة تعقد جلسات في الجمعيات وتتذاكر في شؤونها وتعين زعيماً تعتمد عليه ويقف في محفل لايقل عن الخمسين ويتكلم بمعارفه ويشكو أمر جمعية التي كسد سوقه بحريق الحشيش وازدحام الناس على الخمارات خصوصاً شيخ هذه العصابة وفاتح باب قهاويها وما قوى قلب اخوانه وحملهم على الشكوى الا خطبته فيهم بضياع حقوقهم وكسر شرفهم ان تركوا قهاويهم بلا الحشاشون وان افادني هذا الزعيم ان الكل صاروا من الحشاشين فمن لم يشرب في القهوة شربه في الدوار او خزنة السلملك
المتيم المتحوف
رجل لطيف تعلم مسامرة الامراء وخدم العظماء منهم ورحل معهم في المملكة المصرية وغيرها وقطع مع كثيرمن امرائنا الكبار اوقات انس وليالي سرور وهو في اعتباره واحترامه واجلاله ولهذا المتحوف لسان عذب وتملق لطيف ولين جانب وخفة حركة شأن الحريص على حفظ مجالس الامراء والاعيان الا انه مع هذه الخدمة وسفره مع جملة من الامراء وغربته وتحمله المشاق في راحة مخدومه لم يتحصل منهم على كبير امر ولا بني له بيتاُ من مساعداتهم ولا اشتروا لهُ بعض الاطيان مقابلة خدمته واتعابه وانما كانوا يقتصرون معه على ثمن ما يقدمه اليهم ممن بديع صنعته وغريب بضاعته وربما ماطلوه احياناً
وصناعة هذا المسامر لأمرائنا عمل الكملان
- 161 -
أي الاسرار الكيف أي الحبشتئآ ن أي الأنما هو أي المنعش أي الضحاكة أي مجمع الاحباب أي النكتة أي (الحشيش) يصنع البلدي فيقدمه اليهم ليشر بوه هنياء ولهذا الرحيد صبر على السفر وتعود على النقلة من بلد الى اخر وكأنه في حفظه لاسماء بلادنا سجل مديرية او دفتر مولودين وكان لهُ ببعض الامراء ارتباط وتعلق حتى اضطر لاقامته معه ليتمكن من عمل ما يلزم كل ليلة من الأنما هو. ولقد صاطفته قافلا من رحلته البحرية فشكا اليّ ما تفعله الحكوة من قلع الحشيش من الارض وسعى التنكيت والتبكيت في ابطاله وقال اني كنت عند احد العمد وبعت لهُ ثلاثة ارطال بثمانية عشر بينو مع اني كنت ابيعها اليه اولاً بتسعة بينتو ولكن لقلة الحشيش وتقليعه من الارض ارتفعت اسعاره جداً ومع كثرة الطلب من الزباين تجدني في حيرة ثم عطف على الكافور وقال ان اهل اسكندرية لا يشربون الا الكافور وارد الترك او الهند وذلك بسبب افراط الرطوبة فانه حامى معرّق بخلاف البلدي فانه يوافق المصريين بسبب بروده وحرارة جوهم فهو بالنسبة لانواع الحشيش كالدخان الجبلي بالنسبة للدخاخين
ثم قال لي ولسؤ الحال وفقر اهالي مصر ترى بعض الفقراء يشربون فيها الكافور الان وهذا لايوافق مزاجهم ولا يناسب طبائعهم الباردة وما احوجهم واظطرهم لشرب الكافور الاّ عدم اقتدارهم على الأنماهو البلدي وبهذا ترى الكثير من حشاشة مصر في المارستان بسبب شربهم ما لايناسب طبائعهم فانه لحموه وشدته يذهب بعقل الرجل منهم. وبعضهم اذ رأى عقله خسع (أي اقل) ترك شرب الكافور ومال لشرب البلدي ولبس الشرف او الزي
المنقوش ومد يده للتقبيل ودار في البلاد يتخد لهُ اولاد او اتباعاً بعهود وليالي اذ صار في مقام الولاية بذهاب عقله (على دعواهم الباطلة) واستحق ان تقبل يده وهو حي وتبنى لهُ قبة بعد موته فان صادف بلداً خالياً من مثله تمكن من عقول اهله واتخذهم ابنائه وصار البلد ينسب اليه فيجبي اهله ويتمتع بهم في حياته ويستخدمهم في ضريحه بعد وفاته اذ يصنعون لهُ قبة كقبة الاولياء ومقاماً تزوره الناس كأنه كان من الصالحين او العلماء القائمين بامر الدين او الاتقياء المنقطعين الى الله في خلواتهم الواصلين اليه بمعارفهم وعلومهم وخدمتهم دين نبيه عليه الصلاة والسلام
(التنكيت) اذا سمعت لسان هذا المتحوف ورأيت افكاره الغريبة تعجب منهُ وممن يصنع اليهم الحشيش من العمد والذوات فانهُ يذمهم ويهجوهم ويعلم فساد اخلاقهم وسوء تدبيرهم وقبح تصرفهم مع كونه عندهم رجلا حشاشاً او صانعاً على باب الله وهو بهذه الافكار العجبية يذهب عقولهم ويضحك عليهم ويميت همتهم ويأسف عليهم ومن العجيب ان المصابين بشرب الكملان اذا سمعوا مثل هذه المقالة