الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- 53 -
واظهر مقاومة يكاد يمحو بها ذاك المنشور ومتى خرج ونودي للتصديق اجاب بالسمع والطاعة والانقياد ومدح واظهر الاستحسان. فهذا المدعي لايرى حريته الا في خلوته وبطون صحفه وذاعين ما استنتجناه اولاً وحكمنا به على استحالة وجود مدلول للحرية المطلقة مادام الانسان مختلطاً بمن له غرض ذاتي كما نحكم باستحالة تجرد الانسان من صاحب الغرض الذاتي فانه من نوعه والنوع قاض بحدوثه كلما تحدد النسل في الوجود وميز اللذة
فلم يبق الا البحث في الحرية المجازية وهي وقوف الانسان عند حده ومعرفته حقاً لنفسه يطالب به وواجباً لغيره يؤدبه
وهذه الحرية لاينالها الا امه تهذبت وتربت على محاسن الاخلاق وعرفت معنى الانسانية وحق المدنية وقدر الوطنية وواجب الانتظام فان الانسان اذا جهل الحقوق تهور وخرج عن الحد وكدر الراحة واذل جنسه وخرب وطنه وعرض نفسه للتهلكة من حيث يرى انه يسعى خلف الوطنية والعمار باوهامه الفاسده والاهم على اختلافها وكثرة تعدادها لم يتم لواحدة منها الفراغ من تهذيب كل الافراد فهي تسعى في طريق التقدم بتعميم التعليم وتنوير الافكار لتخطى بالتساوي المطلق الذي لايتيسر وجوده الا بعد علم كل فرد بالقانون وترافعه بنفسه بحيث يكون حكم القاضي تنفيذاً لماينطق به المترافع من احكام القانون وهذا لايضمنه الا القرن الخمسون ان سلمت الافكار وعمت المعارف وبطلت الحروب
ونظام الامم وحفظ وحدة الوجود يقضي ببقاء الحال على ما هي عليه حتى يتم تهذيب الخلق ووقوف كل عند حدوده اذ ذاك يجوز اطلاق الحرية المجازية على الانسان وتصدق عليه حكمه حر الكلام كلام الحر
درس تهذيب تحاور به تلميذٌ
مع نديم
تلميذ بماذا تقدمت اوروبا
نديم بالبحث في العلوم ونشرها في سائر اطرافها
ذ ماهي العلوم التي قدمتها
ن علوم الصناعة والفلاحة والملاحة والسياسة
ذ العلوم كثيرة فلم قصرتها على هذه الاربعة
ن كل علم من هذه يندرج تحته عدة علوم ونباهتك تكفل معرفتها
ذ ماالذي تحتاجه بلادنا من هذه العلوم
ن كل مملكة محتاجة اليها صغرت او كبرت ول يتم العمران الا بها
ذ اين تلقن تلك العلوم
ن تلقن في المدارس على اساتذة غير متشيعين
ذ الى من يتشيع الاستاذ
ن لذاته او جنسه او مذهبه او وطنه
- 54 -
ذ وما ضرر تشيعه لذاته
ن اذا عظم الاستاذ نفسه وذم غيره اما التلميذ غرس في ذهنه حب الذات وكراهة مثيله فتفسد اخلاقه
ذ آمنت وما ضرر تشيعه لجنسه
ن اذا تشيع لجنسه تشيعاً يبلغ به حد الكراهة وثبت ذلك في ذهن التلميذ كانت عداوته لغير ابناء جنسه سبباً في شن الغارة على بلاده وافساد اعماله
ذ صدقت وما ضرر تشيعه لمذهبه
ن اذا تشيع لمذهبه تشيعاً خارجاً عن حد الاعتزال خرج التلميذ نفوراً من مخالفه في المذهب شديداً عليه في الانكار وهذا يوغر الصدور منه ويبعث النفوس عل اعدامه واماتة مذهبه فيكون عرضه للتهلكة
ذ اصبت وما ضرر تشيعه لوطنه
ن اذا تشيع لوطنه تشيعاً يؤدي الى استقباح غيره التلميذ الرحلة والسياحة والوقوف على
حقائق الوجود وتمدح بما يراه في وظنه وان كان غير ملايم للزمان
ذ احسنت فما هي الطريقة التي تراها قاعدة لتهذيب اخلاق الطفل وتمرينه على محاسن الآداب
ن الطريقة الاعتدالية هي ان يكون الاستاذ متواضعاً لين العريكة سهل الاخلاق واسع العبارة في فنه غبر ماجن ولا محملق ولا فاحش ولا قاس ولا معجب ولا كسول ولا عابس
ذ هذا حده من حيث هو فما حده من جهة ذاته في التشيع
ن حده ان يملا ذهن التلميذ باخبار المؤلفين والمهذبين من المتقدمين والمعاصرين ويشرح له فضل من مضى من علماء جنسه وماكانوا عليه من الاجتهاد والتقدم والاشتغال بما بث فيهم روح المعارف لئلا يغلب عليه فضل غيرهم فيحتقر معارف بلاده ويفخر بغيرها ولا ينجس الغير حقه في الفضل بل يثبت لكل مايقتضيه مقامه ليخرج التلميذ معتدل الظاهر قوي الحجة في الباطن فلا يغلب على افكاره بحسنات الغريب
ذ حبذا لو ادركنا هذا التهذيب فما حده من جهة الجنسية
ن حده ان يعرف التلميذ حل نشأة جنسه ومقدار ماوصل اليه من اعزة والقوة والثروة والاسباب التي تحل عروة الجنسية وتضعف قوتها ويحذره من الاختلاف والتحاسد والتقاعد عن دعوة الاتحاد والالفة ثم يبين له ماوصل اليه جنسه من التفنن والاسباب التي حفظت نظامه وايدت سطوته ليحرص على مجد الجنسية ويحفظ حق الغير ويعرف مالكل من المزايا فلا يضيع من عادات جنسه شيئاً ولا يحتقر لغيره امراً وهذا يعتدل مزاجه وتحفظ جنسيته
ذ انعم بها من طريقة لو سلكناها فما حده من جهة المذهب
ن حده ان يغرس في ذهن التلميذ اصوله
- 55 -
قبل ان يشتغل فكره بالعقليات لترسخ قدمه في طريق المذهب فلا تزحزحه العقليات عند لاشتغال بها ثم يذكر له بدءه وكيف كان مجيئه والحد الذي وصل اليه بحيث لايخرج به الى حد يسخر فيه بغيره او ينتقص ملتزمه فراراً من العداوة الابدية ويبين له قبح الانتقال وعواقب التهاون ويبعث فيه روحاً به يعاشر كل انسان ويعامل كل موجود بلا تظاهر ولا تفاخر فيحفظ وحدة الاجتماع بالمذهب ويبلغ درجة الكمال بحفظ نظام العالم
ذ ما اجل هذا التهذيب لو رسخ في اذهاننا فما حده من جهة الوطنية
ن حده ان يصور معنى الوطنية في صورة غذاء ينتفع به جميع الجسم بحيث لايترك عرقاً من عروقه الا وقد اجرى فيه ماء الوطنية التي هي حفظ البلاد ولغتها وعادتها الجميلة وتوسيع العمران بالصنائع والمعارف والامن والثروة وموته في تربتها كما نشاً فيها ثم يذكر له فضل غيرها ويشرح له حالتها ويرسم له صورتها ويبين له اخلاق اهلها ويحثه على اتباع الجميل منها ويحذره من التلبس بالقبيح ويوقفه على الامور التي تميت الوطنية وتعدمها لئلا يقع فيها من حيث لايشعر ويحسن له السياحة لفائدة يعرفها وثمرة يعود بها الى بلاده ويلزمه بخالطة الغير مخالطة لا تمس الوطنية ولا تمكنه من التدخل في امورها بما يحول السلطة اليه. ويعرفه قدر حكومته والحرص على تخليدها وتأييد صولتها ويحذره من التهاون في شأنها والخروج عليها والتشيع لغيرها بالغرور والتهافت على الظواهر لتبقى الوطنية خالدة باهلها وحكومتها
ذ ما اجل هذه الطرق والعمل بها غير اني اسألك عن امر هو اننا متمكنون من الاساندة الموصوفين بما ذكرت فلو ادرنا مدارسنا على هذا النظام البديع ماذا نصنع فيمن يتعلم العلوم فاننا لو فرضنا ان المدرسة عشرة الاف تلميذ وان الناجح منهم خمسة الاف فاين نستخدمهم انطرد الموجودين في الخدمه وهم لا يعرفون غيرها ام تحدث لهم اشغالاً تضعف ماليتنا ام ماذا
ن طريقة التعليم باستغراق اوقات التلميذ في المدرسة مضرة من وجهين الاول عدم تعميم فن القرأة والكتابة الا في ازمان طويلة (وحركة العالم الآن لا يمكننا من الصبر حتى نصل اليها) الثاني اذا كان التعليم قاصراً على اللغات فان التلميذ يضيع في كبره لعدم معرفته مايكتسب به ويستحيل علينا جعل الطب والهندسة صناعة لكل تلميذ. فلم يبق الا طريقة المزج
ذ ماهي طريقة المزج التي تراها
ن هي ان تجتمع الامة بارشاد الحكومة ومساعدتها على فتح مكاتب ابتدائية في المدن والقرى على نفقة اهلها وتلزم كل والد بارسال ولده الى المكتب يقيم فيه نصف النهار والنصف الثاني يشتغل بصنعة ابيه وفي كل سنة تنظر الكومة في جداول الامتحان وتاخذ
من المجموع ما تراه متاهلاً للعلوم العالية فتخف النفقة عليها