الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- 35 -
اعتراضات على التنكيت
1 كنا نظن انها صحيفة تنكيت صحيح واذا بها حكايات
الجواب
لو قيل لك في وقفتك وقلت اشمعنه فقال لك عاجز وقليل الحيل لكان كفاية في هذا الباب فالاولى ان يكون التنكيت ادبياً وهو سياق الجد في معرض الهزل ولك ذوق تطبق مانقراه على ما تراه والقصد من الصحيفة التهذيب فتنبه
2 سهرة الانطاع وعربي تفرنج تضرر منهما كثير من الناس
الجواب
عدم حصر رسائل الثناء على الصحيفة يكذب ما نقول ولا يتضرر من سهرة الانطاع الا من ألف المعاجين وهذا لاعلاج له فقد فسد فخة ثم هو القليل في عصر تحلت شبانه بالآداب وعربي تفرنج لايتضرر منها الا من اشتدت عنده كراهة بلاده وبغض لغته وقج مذهبه فهو يعادي من يذم تفرنجه. اما المهذبون من مواطنينا الذين سافروا الى اوروبا واكتسبوا فيها العلوم وجاءوا لنفع اوطانهم فهم العدد الكثير يدلنا على هذا الاطباء والمهندسون والكيماويون والقضاة والمترجمون الذين يصرفون معارفهم في خدمة بلادهم مع التمسك باللغة والمذهب والعادة وهم في مقام المدح من السابقين
تسمية البهيم بالمتوحش
ظلم من الانسان
ايها الكامن في جلد الانسانية
طالما قرأنا وسمعنا عبارات ملئت بها الكتب وضاقت بها اعمدة الجرائد تذم التوحش وترمي مرتكبه بفساد الاخلاق وفد الادراك غير اننا لم نقف على هذا التوحش ماهو ولا على الفرق بين التوحش الانساني والبهيمي ولا على من ارتكب التوحش اولا من القسمين. فقد جرت جياد البلاغة في ذمه وتقبيحه. وانطلقت الالسن تتبعها في ذم هذا المظلوم غير ناظره الى حامل فكيها ولا معترضة على مايجنيه ربها من ثمار اغراضه. ولابد للغافل من منبه وللضال من مرشد فالاذان مفتحة ولكن من ينطق وألاعين الناظره ولكن ماترى والافكار مهياءة ولكن الى ما. والالسن ناطقة ولكن بما. وهذا مما يطلب من اليراع شرح الحال ومن الاستاذة تلقين الانسان فقد شكا القلم شد الظماء وتالمت الدواة من طول مدة الحمل وكان المداد يصج ماء اسنا وامست الاوراق حشايا ومتكاءت. فرحمة هؤلاء الضعفاء من محاسن الاخلاق. وان ضقنا صدراً بما يسطره القلم وخشينا طول لسانه سمعنا منه مقالته الاولى وتاملناها فان ابلغ في
- 36 -
الحجة رفعناه الى منبر الانامل ليخطب السطور بما تنشرح به صدور الطروس وان هذراق خلط سلطنا عليه سكين الغيظ تريه وتجعله شظايا وبقرنا بطن الدواة في حجر الاوراق ليكون المداد ثوب حداد على ضياع الاداب وفقد الالباب: فانه يقول
كتبت فيما مضى ان الحيوان اذا نفر من الحضر وتبدى جهل الانس ومال الى الغلظه والقسوة وصار وحشاً مفترساً يخاطر بنفسه في القفار والكهوف والمغارات ويحملها على تحمل مشاق الجوع والظماء والحر والبرد والوحده الوحشه لايبالي في ذلك مات حينه او غده وهذا الحد الذي وصله يحرمه من وصف التمدن ويطلق عليه اسم التوحش. فأنه انف من الاقامه في المدن ورضى في شوامخ الجبال بدل القصور العاليه وبمسارب الشعوب بدل الشوراع المنظمه وبالفيافي الشاسعه بدل الرياض الزاهرة وبالكهوف الغائرة بدل الحصون المشيدة. وبالوحدة الموحشة بدل الاجتماع الادبي. وبالكساء الطبيعي بدل الثياب المصنوعة. وبالادراك الفطري بدل المعارف المؤلفة. وبالغذاء المباح بدل الاطعمة
المحجور عليها الا ان هذا المسكين لم يجن ذنباً يعاقب عليه ولم يقترف سيئة تقضي بالانتقام منه. ولا فعل مع الانسان ما يبيح سجنه او تعذيبه ومع ذلك فانه محل الذم مع براته منه العجو مع طهارة عرضه يقتل في أي مكان وجد وان لم يكن مجرماً ويوسر عند التمكن منه وان لم يحارب ويذبح بلا جناية ولا حكم وبطر من اوطانه ظلماوهو المختظ لها التعب في بنائها يظنه الانسان قوياً وهو يطرد بعصا الاغنام ويراه شديداً وهو اضعف من الاوهام ولست ادري بماذا حكم عن هذا الضعيف التوحش بعد تسلط الانسان عليه ومن وسمه بالقوة بعد صيدوه بتوفيق السهام اليه. ومن عرفه بالمختال بعد بعده عن العمران لو انصفتة الحال وساعدته الايام لسمي زاهداً في الوجود او خائفاً من الذل والعبودية او كارهاً للتعصب او راضياً ليكفاف او محبا ًليراحة الفكر او موتنسا بنفسه او قانعا بنصيبه او حذرا من شر الاجتماع وسطوة عظماء العصبية او ما شاكل ذالك مما تقتضيه العزلة والبعد عن المنغصات. ولكنه تعصب عليه الانسان فرماه بكل ما قدر عليه من القبائح على انه ماشن غارةً على مدينة ولا نازع ملكاً في ملكه ولا عارض اميراً في حكمه ولا احدث ثورةً في امة بالهو النائم في كنه السارح في ساحته الراضي بمطعوم ارضه ونور سمائه. وما تعلم الاغتيال والهجوم الا من الانسان فانه يدخل عليه في ارضه بغير اذنه ويناوشه في حجره بلا حق ويخرجه من دياره من غير بيع ولا اسئجار وان راه ماشياً في سبيله غير متعرض لاساءه احد الى ان يتركه ممتعاً بحياته الطيبة وقتله غيلةً او اسره بغتة فمن هذا التعدي تعلم المدافعة. ويطمع الانسان عرف
- 37 -
الافتراس مع حقده عليه اخذ حذره واصبح ذا اخلاق حرة وليفة طبعه ولايصاب باذى مادام امنا في حجره ولا يجد في القتال متى غولب عليه
ومن الجأه الانسان الى ذالك لايعد متوحشاً بمعنى متعدٍ ولابمعنى بغير مؤنس فكم معه من نفوس يميل اليها ويعطف عليها وكم حوله من عائلات يراها وتراه وجنود يحمل بها ويدافع فان جنى على انسان فمنه عرف الجناية وان خان حادا فعنه اخذ الخيانة ولو رأينا مولوده يخرج على فطرة ابويه قبل ان يتعلم علمنا ان افعال الانسان من عهد وجوده اثلات في ابويه وجرى هذا في دمائهما وما ولدهما الا خلاصة هذه الدماء الممتزجة بافعال الانسان. فما يفعله الحيوان من الاغتيال بمجرد وقوع نظره على الانسان فهو عاقبة تعدي الانسان الاول على من عاصره واساءته التي توارثها هذا المسكين توارث بعض الامراض حتى
صارت من سجاياه
على انه صاحب الارض وواضع اليد ومختط الديار قبل ان يوجد الانسان وقد تطفل عليه الانسان وتملق اليه حتى سكن دياره وزاحمه فيها وبعد ذلك كافأه بالتضييق عليه وابعاده من المعمور ولو تمكن من فيافيه لاغتصبها واعدم هذا النوع الشريف
وانظر الى بعض الحيوان الذي احتال على الانسان وخضع اليه حتى شاركه في المسكن والمطعم والمشرب وعند امن الانسان منه اخذ يعلمه العداوة ويغريه على ابناء جنسه حتى اخرجه من طوره وصيره مع امثاله في تضاد وتغابر وكان لا يعرف عداوة الجنسية قبل اختلاط بالانسان لمتمدن (هذا معنى يذاق بالمعارف لا بالمغارف) وهذا المسكين في شقاء وان سكن البيوت وسجن وان نام على فرش لينة وعذاب وان جرى خلف الانسان بلا قيد ولارباط الا ان هذا الذي فسدت اخلاقه بمعاشرة الانسان وتغيرت طباعه بالمدينة صار منحوس الطالع لا يمكنه العود الى وطنه للوحشة التي اعترته في الامصار ويستحيل عليه ان يلتحق بالانسان وان تكلم بلسانه وعمل اعماله لمخالفة الخلق وتباين الطبع فكانه صار فيه الوجود قسماً ثالثاً بين الانسان والبهيم وما صيره كذلك والجاءه الى النفور من جنسه والزم الجنس الثاني سكنى الوديان والكهوف الا الانسان
فهل المتوحش فيما من خاف على نفسه من رفيقه فسكن البراري وحصن غابه وبات حذراً من عدوه ام من دار في الوجود لا تسعه ارض ولا يعجبه خلق ولا يريح جنساً ولا يقنع بملك ولو كانت الكرة في قبضته. الحكم في هذا لذوي العقول السليمة ولعلهم لا يعتصبون الى الجنسية ويحكمون بالمسمى (بالعدل) وان لم يترتب على الحكم اثر الان فان الانسان لا يرجع عن البهيم بعد ان تمكن منه والبهيم لا يميل الى الانسان بعد ان تمكنت العداوة وعلم غايته عنده والانسان
وان علم بعض حاله في جانب
- 38 -
البهيم الا اننا نذكر نبذة مما اختص به لنعرف هل هو خالص الانسانية او مركب منها ومن البهيمة فيكون الوجود مسكوناً بحيوان واحد الانسان رب المعارف واهل التكريم وجد على احسن صورة وخلق في احسن تقويم له الادراك والتمييز والتخيل والنطق والاعمال البديعة والافعال العجيبة اجتهد حتى استخدم الوجود السفلي في مهامه وقد وقف في الوجود لا يرى لهُ مناظراً غير انه وقف عند افكاره وجعل
نفسه حكماً بلا محكم فهو يقضي على هذا الحيوان بالتوحش وذا بالخيانة وذاك بالجبن وغيره بالنقص
وكأن عينيه مانظرتا الا ماباين مقرهما وعميتا عن هيولاه وما يصدر عنه. واذنيه ماسمعتا من لفظه قبيحاً ولا من غيره الا مدحه وان كان مذموماً وشكره وان كان مسيئاً فقد نظرنا في سيرته مع البهيم فوجدناها ظلماً وتعدياً ونحن ننظر لسيرته مع ابناء جنسه لنقف على نتائج افكاره وغايات اعماله بحيث لا تخص بالنظر بعضا من النوع وانما نجعل الشرح مطلقاً لينظر اليه مهذب الاخلاق (فانه المقدم اليه هذه الافكار) ليبثها في ابناء جنسه ويكون عوناً للمهذبين في اتعابهم التي يتحملونها ليصلحوا من اخلاق النوع ماافسدته الجهالة ويحيوا من غيرتهم الادبية مااماته الاغراض والاهواء ولا يعجل ذو عرض بالتهور والجدال فان هذا من التوحش الذي نحن بصدده فان ابى الا مصادرة القلم كان الداء عضالاً والمبتلي به على شفى جرف العدم. وفي اليقين ان شيوخ العصر استمالتهم المعارف بعد النفرة وشبانه رضعوا لبانها اطفالاً ولبسوا ثياب الكمالات فتياناً. فلم يعق الا غبي يرى السهام موجهة اليه فيغضب او غُل ينظر مالا يناسب اخلاقه الفاسدة فيفحش او جبار يعلم ان ارض جبروته خسفت فيزمجر. وهولاه مايدعوهم لذلك الا عدم تهذيب اخلاقهم وجهلهم بالحقوق الانسانية والواجبات المدنية. وهم على علاتهم موضع الكلام ومحل التحكم. على ان القلم سيقتصر على مشاهد او مقرؤ او محفوظ ومن كانت حجته العيان الجم معارضه
أي انسان مااحسن اصله واجمل شكلك واعز نفسك واغزر علمك واوفر عقلك
فيما ايها الحسن الاصل ما اقبحك عند الفخر الخارج عن جدك والمباهات بما لا تحسن نضمهُ او عمله والكبر المبني على تخيلك الفاسد انك الفريد في الوجود. وايها الجميل الشكل ماافظعك عند المقاتلة واصعبك عند التهور واشدك قسوة عندما تحمل على اخيك وتسلبه حقوقه اوتقتله لغرض من اغراضك وايها العزيز النفس ماابعدك عن الحق عندما ترفع نفسك على اخيك وتنظر اليه نظر المحتقر وتضع من قدره ماعرفه لهُ تساويه معك واوجبه اتفاقكما الخلقي. وايها العزيز العلم مااجهلك عندما ترى غيرك دونك في القدر وتغضب اذا اخل بتعظيمك وتسبه عندما يترك تقبيل يدك او لثم اطراف ثوبك
- 39 -
وما اصغر قدرك عندما تنظر الغير بعين الجهالة وانت قادر على تعليمه وترميه بفساد الاخلاق وانت
قادر على تهذيبه. وما مقامك في الوجود الا اصلاح مافسد من الجاهل الذي كنت مثله قبل علمك بل الذي عرفت به. فما ابغضك عندما تحجر علمك على النقد وتمنعه من المستحق استبداداً منك على اخيك الا ترى انك بهذه انطباع فاسد الاخلاق تحتاج مايحتاجه الجاهل من التهذيب بل انت عين الجاهل بل الفارغ من روح المدينة. وياايها الوافر العقل مااجنك عندما تقابل المسئ باساءته وتخاطب ضعيف العقل بما لا يحتمله فكره ظناً منك انه في قوتك وتمكنك مدرك لما تقول قوي على الخصام والجدال بعد علمك بنزوله عنك وانحطاطه عن درجنك. هلاُ عاملته بما يناسب شكره وتحتمله قواه فغنمت افادته واكتسبت راحتك. ويا ايها الموصوف بالكمال ماانقصك عندما تمشي في الاسواق مختالاً متكبراً كانك مار بين البهائم والحشرات ولو نظرت عن اليمين والشمال لرأيت ما يخجلك من امثالك المتملين بحلية الكمال السارين في سكينة ووقار وخشوع ويا ايها الفرح بما ملكت يداه مااحزنك لو تاملت المضطر يتضور جوعاً والبائس ينتفض برداً والغريب لا مأوى له يستكن فيه واليتيم لا قيم له يرشده ويعلمه المريض المعدم لا مال له يطبب به نفسه متاع يبيعه لينفقه في حفظ حياته افٍ لك ولما لك قل او اكثر فانك تحجر على الانسان قوته ومسكنه ملبسه بما تصنعة من اكتناز المال وما ظهرت الا لتخريب البلاد من حصر النقد عندك وعدم تمكن الافراد مما يبتاعون به مايلزم لعمار الديار فتعساً لك ماحييت وسحفاً لك بعد موتك لا مرحباً بك اذا قدمت وسلامة تصحبك اذا ذهبت. وياايها المتصف بهذه الصفات الذميمة ألا يدلك البرهان على فساد اخلاقك واحتياجك الى مؤدب يوقفك عند حدودك ويعلمك ماتطهر به دنس الطباع وتنظف به قاذورات الجهالة ويعرفك قدر اخوانك ابناء جنسك ألستَ ترى نفسك من المتوحشين المغتالين قطاع طريق التقدم معدمي الحياة الادبية الساعين في خراب الاكوان. وياايها المدعي الوطنية وهو يسعى في اضحلال بلاده ويميل بجانبه الى كل بعيد عنها مااضرك على بلدك واشدك على جيرانك واخوانك وما اغفاك عن حقوق مظهر وجودك وسماء سعودك ومسح روحك ومقر شجك لو علمت الوطنية ودرستها على خبير بها لعلمت ان البلاد محتاجة الى فكرك وقوتك والاهل مفتقرون الى مالك والارض مضطرة الى خدمتك والعمار موقوف على اتحادك وبعدك عن النقائص وما يكدر الصفو الراحة العمومية او يجلب شراً على الامة بتهورك وعدم تبصرك في العواقب. تموت في غرضك
وانت تحيي الكثير من غير اهلك وتلتذ بشهواتك وانت تنغص حياة الالوف ذهبت باميالك في طريق امالك فبؤث