الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- 173 -
اماتك من اسلمك للجهالة
لاازيدك ايها القاري شرحاً في وصف الجهالة وعواقبها اكثر ماتراه فينا من التاثير الغريب وتسلطنها علينا بقوة لايدفعها السلاح ولا تضعفها القوة حتى اصبحنا لمن يقودنا بالتخريف او يغرنا بالظواهر اطع من الظل للجسم ولا تعارضني ببعض شباننا المتنورين بالمعاشرة او ببعض اللاياضيات وانظر الى السواد الاعظم وما يسمي بالامة فان النذر اليسر لايحفظ العدد الكثير ولا يتمكن من رفع الملمات ومنع النوازل مع بعده عن خدمة الامة وانفته من جهالها واني ذاكر لك بعض آثار الجهالة لتقابلها بمآثر المعارف حتى تعلم الفرق بين الحياة العلمية وموتة الجهالة وترى ان المفرط في حق الامة ومسلمها للجهالة اماتها واعدمها وان بقيت متحركة وضطربة
اصيب احد الشبان في زفتي بالجنون بسبب الحشيش فاستحضر له ابوه دجا لا (من الجهلة الذين يعتمد عليهم السواد الاعظم منا) فابتدأ بدق الثوم ووضعه في اذنيه ثم بوضع لنج محرقة على ظهره ووضع عاموداً صغيراً من الحديد في النار حتى احمر وكلما تأوه المريض ضربه في رأسه مرة وبين كتفيه مرة ولو نظرت هذا الطبيب مع هذه الافعال الجنونية لعجبت من تسليم جسم انساني اليه فانه اعمى لايبصر وجاهل لايعرف شيئا. فتصور بفكرك حالة المصاب اذا وقع في يد اعمى يضربه بعامود من لنار واحكم على ابيه وجيرانه وعشيرته بما تراه والا فاني اعجز عن الخوض في هذا الموضوع فانه خارج عن التصورات البشرية والاحكام الانسانية. مع ان البندر به طيب ماهر درس العلوم في المدارس وامتحن فيها وخرج منها بالشهادة الناطقة باستعداده للمعالجة ولكن ابت الجهالة ان تعرف العلماء على انه قيل لابيه اسحضر له الطبيب قال (خليها بالبركه شي لله يا سيد الحكيم رايح يعمل ايه) من مثل هذه الالفاظ القبيحة التي اسسها الجهل في رؤسنا حتى صارت من المعتقدات
ومثل هذا رجل يدعي انه يبرئ الجذام ويسميه بداء الاسد توجه اليه رجل من الجيرة وطلب منه معالجته فابتدأ بغلي الزيت على النار ثم وضع اصابعه فيه حتى اتلفها ثم انامه على بطنه والرجال باركة عليه وشق ظهره شقا بليفأ وصار يخرج منه قطعاً من اللحم وصار يقول لاهله هذه عروق الاسد ثم وضع لبخة على رأسه بعد ان حلقه حلقاً دقيقا فانتفخ منها رأسه وتورم ثم كواه بقطعة حديد على كتفيه وعضويه وتركه ينتظر عزرائيل
ليرحمه من هذا العذاب الاليم
فتامل ايها العاقل هذه الافعال الغريبة الخارجة عن التصور الانساني واحكم على اهله بما تشاء وعرفني في قسم من اقسام العالم نضع هولاء الجهلة وباي بهيم تشبههم واغرب من
- 174 -
افعالهم القبيحه ان المريض اذا مات انكورا الرجل وفعله وصاروا يبرطلون المزينين على عدم الاخبار وكتابة الكشف بواحدة من الثلاث المعلومة عندهم وهي (موت العادة الانسلال اسهال) فان كشفا من كشوفات المزينين لا يخلو من واحدة من هذه حتى ان بعض الفلاحين اذا مات عندهم انسان بحريق او تحت ردم او بمعالجة كهذه توجه الى المزين وناوله المعلوم وقال له فلان توفى بالانسلال لعلمه انه سيكتبها كذلك وجهاله المزينين لا تحتاج لدليل وعلى الخصوص مزين الريف الذي يشق على الحصاة بالموسى ويقطع الجفن بمقص الظفر ويعطى الشربة من زيت الخروع الذي يصنعه من لبوبه بنفسه ويسميه حب الملوك ومن الدجالين القتالين من يظهر بزي الاولياء (على معتقد الفلاحين) فان من لبس مرقعه او طاقية من الخصوص او قبض على عكازة خضراء او اصيب بشلل في احد اعضائه او اضاع الزهري (الافرنجي) انفه او خرجت سلعه في عنقه او كتفه او كان له اصبع اوجاع او يد صغيرة او له رياله او بلسانه يلكنه يعتقدون ولايته ويصدقون قوله ويعملون بكل ما اشار اليه فن هذا القسم الرجل الذي كان يميت غمر المسمى (ابو مسلم) فنه صنع له بيتا صغيرا وحفر فيه بركه وعمل فاخورة بجوار البيت واشاع ان ماءه يشفي من كل داء فهرعت اليه الناس من كل لد حتى ضاقت ميت غمر بالوفود وكان يعطي الابريق بنصف ريال ويأخذ الخادم نصف ريال وثمن البن ريال ونذر الشيخ نصف ريال ثم يظهر التعفف وانه يعلج الناس ابتغاء مرضاة الله مع انه يأخذ من كل انسان نصف بينتو وكان يرد عليه في اليوم نحو الف انسان وامتدت شهرته للاطراف البلاد وبطون البنادر فقصده الناس من اقصاي الصعيد ومن اسكندريه ومصر والسويس واغرب ما روى من علاجه العاقر انه يأمر المرأة ان تنام على ظهرها ثم يضرب. . . . بيده ويقول انت مأذون بالحبل وقد علا صيته حتى كتبت الحكومة بطرده من البلد والتنبيه عليه بابطال هذه الاكاذيب
فهل يمثل هذه الجهاله نضارع الامم المتمدنة ونرجو اصلاح البلاد وحفظها من افكار الدول
المتقدمة المشتغلة بالمعارف اناء الليل واطراف النهار على انك تحكم على بعض البلاد المتنورة عندنا يميلها للخرافات لما علمته من قدوم الناس في البنادر لهذا الجاهل المضل وترى ان قوة المعارف عندنا ضعيفه جدا لا تدفع ما تأسس في افكارنا من الهذيان والتخريف وحب اهل الجهالة وطاعتهم والعمل بكل ماقالوه وهذا يحكم الامية المتسلطه علينا الأخذة من سوادنا كل مأخذ فانك اذ فتحت كتاب طب امام محفل في الريف وقلت ان نبات كذا نافع لداء كذا وكان بالمجلس احد المخرفين وقال هذا الداء يكتب له براطيش جرانيش خرابيش