الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- 157 -
من المشاركين وان احتفل الاغنياء كان من المتوسطين وان ولد له احسن التربية وفضل العلم على الجهالة واخرج ولده عالماً عاملاً تفتخر به الامة وتعمر به الديار وئتسع به دائرة لمعارف
ولست الزمك بسياحة البلاد ولا اقامة فيها ولا توليك التعليم بنفسك وانما ارجوك ان تجعل نصيحتك للفلاح كلما رأيته (علم ولدك) فان طلب منك شرحاً فاقرأ عليه اخبار امريقا بلسان يفهمه وحوداث فرنسا بعبارة يعقلها وصور لهُ التقدم في صور لاتبعد عن ادراكه وفهمه مقدار النعمة وموجبات الثروة ووسائط القوة وثمرة العمار وان اجهادي عليه مدار حفظ الوطن والنفس والجنس ليكون اول ساع الى الانتظام في سلك الجندية الذي علم بالثمرة المترتبة عليه بعد ان كان منه نفوراً فانك ان فعلت هذا وتبعك كل معامل لفلاح او سائح في البلاد او قاطن فيها من العقلاء انبعث في الفلاح روح جديدة وجد في الطلب التقدم وجاهد في احسان زراعته ونمو حاله وظهر في الوجود انساناً يحفظ لهُ تاريخ كباقي العقلاء
ومتى تمت هذه المبادئ وسرى هذا السر في اهلينا اصبحت الديار رياض نزهة وحصن حماية ودار نعيم اما اذا اقتصرنا على ترفه اهل المدن وسب الفلاح بالجهالة وحرمانه من
كل ما ينبه الفكر او يعلي الذكر يتنا امنين واصبحنا خائفين فان الغريب يتجول في البلاد ويسكنها ويحسن للفلاح اتباعه ويريه عداوة جنسه ويغريه على نهب اخيه وعصيان سيده ليفسد اخلاقه ويزيده على الجهالة كراهة الجنس وغض الوطن وان بقينا في اهمالنا وتغافلنا وسريت ايها المتمدن في مدينتك تتنزة في العربية وتسهر مع الامراء وتفتخر بصحبة الخواجات ومسامرة الظرفاء وتركت الفلاح في المنحدر الذي هو فيه سقط في الحضيض وعز عليك الوصول اليه واصبح الوطن يناديك لاانت انت ولا المثيل مثيل
سلطنة التخريف
ماكنت اظن ان الجهالة تبلغ من الرجال هذ المبلغ القبيح وتنزلهم الى درجة لا يرضاها البهيم فقد رأيت عجباً عجاباً وهو ان الناس مزدحمون في محطة دسوق ازدحاماً غريباً هذا يضرب ذاك وذاك يدفع ذا وذا يرمي الاخر ومن وقع داسوه ومن وقف ضربوه ومن تانى تمزق ثوبه والعيون شاخصة متجهة لنقطة واحدة والطريق متتابعة السير والازدحام وكم في وسطهم من تاجر فقد فلوسه وامرأة مس شرفها وعظيم اهين وشيخ ضرب وطفل بكي وبنت صاحت وما من احد يلتفت لهذه المصائب ولا يفكر في شيء مما يناله من الصك وتمزيق الثياب وضياع النعال وسماع البكاء واهانة المطر وحين تحت الاقدام والكل في ضجة عظيمة وارتفاع اصوات هائل فحرت في نفسي اذ رأيت ما لم اره في بلادنا فان اعظم ما رأيته
- 158 -
من الازدحام يوم دخول السلطان مصر وخروج الناس للتفرج على ذاته البهية ودونه يوم خروج المحمل ويوم زفاف كسوة الكعبه ويوم الدوسة ولم ارَ في تلك الايام ما يماثل هذا الازدحام العظيم فقلت في نفسي اسددت ديون الافرنج وهذا يوم فرح اهل بلادنا ام خلصت الاملاك المرهونة وهولاء متوجهون لاستلامها ام استردت الاطيان والاملاك لاهلها بالتبابع الشرعي بعد ذهابها بالدعاوي الباطلة والقضايا الملفقة وهولاء اصحابها متوجهون لتهنئة مليكهم برد منبع ثروتهم ام الجيوش عائدة من الانتصار على عدو اراد اذلالها والناس مزدحمة لمقابلة ابنائها وتهئنهم ام ماذا الذي دعا اخواننا الوطنيين للازدحام العظيم لابد وان اقف على الحقيقة فوقفت على مرتفع اشرف منه على الجميع فرأيت هذا الازدحام متصلاً بعربة الوابور ورأيت شيئاً مدلى من الشباك والناس تزدحم على تقبيله والتماسه كأنه خطام جمل عائشة ام المؤمنين او الحجر الاسود واذا به يد امراة يقال لها ص. . . تدعى الولاية وهولاء المخرفون يودعونها ويزدحمون على تقبيل يدها فكدت افقد الحس لتأثري من سلطنة التخريف في بلادنا. فان هولاء المجانين لو علموا ان مقام الولاية لا ينال بقصع الفت ولا الشخلعة في المجالس ولا قولهم (مستورة سالكة اشيا معدن قدامك خضر او وراك خضرا الله يحنن عليك فاضل عليها عدة ربنا يجازى اولاد الحرام شيخ لله ياسيد روح سري معك الصبر مفتاح الفرج ارمي حمولك على المتولي) وهذا كلهُ من الجنون والهذيان لتنبهوا وجروا خلف العلماء يسالونهم عن دينهم ودنياهم لان العلماء امنا الرسل وهم في
مقام القرب من الله من السابقين والله تعالى يقول (انما يخشى الله من عباده العلماء) وقال لنبيه عليه الصلاة والسلام (وقل رب زدني علما) وقال (فلو لانفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون) فلو ازدحم الناس عليهم ازدحامهم على المخرفين لما وجد في وسطنا جاهل ابدا مع اننا لو احصينا الذين يتبعون الخرافات لم نجد في المائة واحداً لم يتخذ لهُ اماماً في التخريف خصوصاً مثل تبعة هذه المضلة التي سحرت بافعالها نحو مليون من الجهلة وصارت كانها الزبا في البلاد لحيرة ولو امرت الرجل منهم بصفع نفسه بالنعال مرة لضرب نفسه الفاً معتقداً انهُ كلما زاد في طاعة الشيخة زيدت لهُ الحسنات
واغرب من هذا وذاك اننا نرى كثيراً ممن يقال لهم الاذكياء او المتمدنون يدخلون مجلس هذه الجاهلة ويقبلون يديها ويخضعون لها ويتقربون اليها بالولائم والجنيهات ولست ادري ادخلت عليهم الغفلة كما دخلت على الجهلة ام يتوصلون بمجلس هذه الضالة لمقاصد يعز عليهم الوصول اليها من غيرها والا فما داعية الاعتقاد في امرأة تربت في الريف بين الجهلاء لاتعرف العلم ولاتحسن العمل وكيف