الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- 202 -
جمعية الصنايع والفنون الخيرية
بالمنصورة
علماً من أخبار هذه الجمعية أنها تأيدت وثقبت على قدم النجاح وابتدأت تجمع المرتبات من المؤسسين والمتبرعين لتشرع في إعداد ما يلزم لأعمالها الخيرية بعد الأقرار على قانونها الموضوع الآن للنظر في تنقيحه وهذا يؤكد بطلان الأكاذيب التي أشيعت عنها ويبري سعادة المدير مما نسب إليه من السعي في أبطالها ولقد اجتمعت بسعادته أيام أقامتي في المنصورة فلم أجد في أفكاره ما يضاد الخير والسعي في نشر المعارف بل رأيت منه ميلاً عظيماً للمعارف وأهلها وهذا يؤكد لي حسن نيته وطهارة طوبته وحبه للمعلوم وسنرى من مساعيه الجميلة في هذا المشروع الخيري ما له وللمؤسسين ذكراً جميلاً كما أننا نثني على سعادة سعد الدين بك فأنه الداعي لهذا العمل الخيري ونمتدح بحضرة بليغ بك الذي ثبتت قدمه في هذا الطريق وبذل ما في وسعه لتأييد الجمعية حفظها الله
وكلاء الصحيفة
يوسف أفندي كمبد ومحمد أفندي خليفة بمصر - الشيخ علي جنيد بزفتي - جواني أفندي جيلات برشيد - السيد محمد الصياد بالاسمعلية - محمد افندي حبيب بالمنصوره - احمد افندي ذكي بد منهور - السيد عبد الله هلال بكوم النور -
- 203 -
كلمة زهير بن أبي سلمى العربي
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده
…
فلم يبق الا صورة الحم والدم
كلمة إمام المحققين عبد الرحمن بن خلدون المغربي
اللغة ملكة صناعية متقررة في العضو الفاعل لها
كلمة لامرك الفرنساوي المؤرخ الطبيعي
الوظيفة تكون العضو
كلمة شافي الفرنساوي المحقق الفلسفي
اللغة ليست بإرادة الإنسان
كلمة عبد الله نديم الأسكندري
إضاعة اللغة تسليم للذات
كلمة الفاضل امين شميل الشامي
اللغة آلة مادية نقوم بها مبادلة الأفكار بالمعاني بين أفراد الأنسان عموماً وخصوصاً
كلمة الفاضل المصري
استقلال الأمة موقوف على حفظ لغتها
كلمة الأديب الأسكندري
اللغة هي عنوان الأمة
سادتي الأدباء
أعيروني من أيام أنسكم وقتاً ادخل فيه أنديتكم الأدبية لاتلو عليكم بحث اللغة وأنا كامن في اسطر صحيفتي وهي لساني فما المرء الا أصغراه قلبه ولسانه فقد طالت المناقشة والبحث باق على حاله وإن استفدنا منه حكمتين وليست ممن يدخل في البحث ليبخس الناس أشياءهم وإنما أتكلم بعبارة أحقق فيها كلمات الحكماء بقدر ما يصل إليه إدراكي من
التصورات التي بنيت عليها حكمتي آخذاً على القلم عهداً أن لا يخرج بما يلفظه عن حد الأدب ولا يتشيع للغة ولا
- 204 -
للجنسية فان قواعد البحث مختلفة المصادر ولكل امة باعتبار لغتها فيها نصيب على اني لست من السائرين خلف الاغراض وانما انظر للانسان من حيث النوعية في الاختلاط المعاشي ومن حيث الوطنية في الاجتماع العصبي وقد قدمت ثماني كلمات من الحكم وهي اما مختلفة بالوضع او الاعتبارات او متفقة بالوضع او بالمال فنتكلم عليها بطريق المزح محققين معنى كل كلمه وما قامت وما دلت عليه وهذا يقضي علي بتقسيم البحث الى فصول. الاول في تحصيل ملكة اللغة وقيامها بالعضو او قيام العضو بها وانفعال الاجسام بمدارك اللغة. الثاني في اظهار سقطات المناقشه وما خرج. عن الموضوع الثالث في تسوية المسئلة بين المنتاقشين وحفظ النقوس من عوارض النفوس وهذا يلزم بطول الشرح ولكن صدر الجريده لا يسعه فنحن نجتهد في الايجاز ما نقدمه فصلاً بعد فصل حتى ناتي على اخر الفصول ان شاء الله غير اني التمس الصفح من القراء والمتناقشين عما يرونه من القصور او ركاكة فاني في تيار الرحلة اكتب ما اقدر عليه من التصور بلا مراجعه ولا مذاكرة مع حكماه واختلاف الاماكن وكثرة التنقل مع الاشتغال بالاخوان على اختلاف عباراتهم وتحرير غير البحث من اوراق الصحيفه كل ذلك يسهل العفو ويحقق لي الرجاء فتشتيت الفكر في هذه الحاله لايخفى على من تعود على الخروج للنزهه لا لمعانة الاصفار
الفصل الاول في تحصيل اللغه وقيامها بالعضو او قيام العضو بها الخ
قرر العلماء والفلاسفه والطبيعيون ان للانسان مدارك جسمانيه ومداراك روحانيه فانه مركب من جزء جسماني وجزء روحاني ومداركه لحسب مركباته غير ان المدرك لحوادث الجزئين هو الروحاني وانما يختلف باختلاف الوسائل فان كان المدرك جسمانياً ادركه بواسطة القوة الدماغيه والحواس الجمانيه وان كان روحانياً ادركه بنفسه من غير واسطه وهذه المدركات عند حصولها تندفع قواها المعنويه الى اللسان فيترجم عنها بما يقتضيه مقام الشعور من الفاظ فرح او حزن او ارهاب واستعطاف او غير ذلك ولهذا المعنى الدقيق اشار زهير العربي بقوله لسان الفتى نصف ونصف فواده. ولا يقوم اللسان بخدمة الجسم الروحاني وترجمة مدركاته الا بتمرينه على الكلام وتكرار المسموعات وتعود على النطق
بالألفاظ الداله على المعاني واشتغاله بها حتى تصير اللغه ملكه في هذا العضو المعبر عن الانسان ماهو ولهذا المعنى اشار ابن خلدون المغربي بقوله اللغه ملكه صناعيه متقررة في العضو الفاعل لها ولايتمكن الطفل من هذه الملكه الا اذا قررت اليه اصول اللغه ومشتقاتها ومنع من تناول لغة اخرى حتى تصير الاولى ملكه سليمه من العوارض كما كانت عليه العرب الاولى فان استعمالهم اللغة على اصولها وتداولها بينهم غير ممتزجة باخرى
- 205 -
صيرها لهم ملكة صناعية يأخذها الولد عن والديه فينطق بها كما ينطق البليغ من قومه وقدموهم بعض الملفقين فقال ان اللغة كانت للعرب قطرية غريزية وقد علمت بطلان هذا بما نقرر من ان إحكام الصناعة في التلقي والتلقين هو الذي صيرها ملكة اللسان وهذا أشار الفاضل أمين شمول الشادي بقوله اللغة عبارة عن آلة مادية نقوم بها مبادلة الأفكار بالمعاني بين إفراد الانسان عموما وخصوصا وبما نقرر تعلم ان اللغة ليست فطرية وانما هي مظهر الانفعال الجسماني او الروحاني فان المولود اذا خرج من بطن أمه ورأى النور اهتز واضطراب لأنسه الجسماني بهذه المدركات الجديدة واذا رأى الظلمة انتحب وبكا لتألما من هذا الانقباض الجسماني واذا سمع صوتا مال إليه بالقوى الدماغية الجسمانية وهو في جمع الأحوال يشير ويعالج النطق بفطرية فلا يتمكن منه حتى تكرر عليه الألفاظ وترسخ في ذهنه فينطق بها ويكررها الى ان تصير ملكة في لسانه وهذا المعنى أشار المحقق شافي الفرنساوي بقوله 0 اللغة ليست بإرادة الانسان 0 غير انه يحكم على الانفعالات الجسمانية بإتباع المادة المتكونة منها ويقول لو جئنا بطفلين عربي وأور وباوي وسلمناهما لمرب أصم أبكم أعمى وتركناهما معه عاما او علمين ثم دخلنا عليهما لوجدنا العربي ينفعل انفعالات عربية تبعا لمادة تكوينة والأوروباي ينفعل انفعالاً غريبا تبعاً لمادة تكوينه كذلك بمعنى ان كلا يصيح بأصوات تماثل أصوات المشتقات وقد انفرد بهذه الرأي وتبعه قوم من بعده وبمذهبه يقرر ان تغيير اللغة في الآباء يغير فطرة الانفعال في الابناء فإذا تعلم الأعجمي العربية وعلمها ولد تجنس بالعربية وانسلخ من جنسية الأعاجم كما وقع لكثير الاعجام الذين تركوا لغتهم بالعربية وللعرب التي تنصرت بالروم فان الاولين انسلخ اسم العجمةعن أبنائهم والآخرين أنسلخ أسم العروبة عن أبنائهم كذلك وما نقلهم من الجنسية الا ترك اللغة واستعمال غيرها حتى غلبت عليهم ولم يكن تسليم اللذات مخرجا لها عن
الجنسية في العرب التي تبعت الفرس والروم والترك لتمسكها بلغتها وعدم التهاون فيها باستعمال غيرها فبقيت عصبتها قوية ودمها الجنسي ساربا في عروقها تظهره القوة ويخفيه الضعف ولو تركت لغتها واستعملت غيرها لفقدت الجنسية الأصلية وعنونت بجنسية اللغة التي صارت ملكة في لسانها وعدمت الانفعالات العربية وكذلك الالبانيون والرومانيون واليونانيون وغيرهم لما ثبت لغتهم في ألسنتم ولم تنمكن منهم لغة أخرى بقيت العصبية محفوظة مع ضعف القوى حتى اذا قويت الانفعالات وتجمعت حواس العصبية غلبت على أمرها وتخلصت من اللغة المستلمة ذاتها ولم بضع تسليم الذات اللغة ولو أضاعت اللغة ما نظرت الى الذات فقد نقرر إن المدركات الجسمانية نترجمها اللغة وهي تستعمل الذات فيما نقوم به من المعاني وهذا أشرت بقولي.
- 206 -
إضاعة اللغة تسلم للذات
وقد قرر المؤرخ الطبيعي لامرك الفرنساوي إن الوظيفة تكون العضو وكان الطبيعيون من قبله يقولون إن العضو يكون الوظيفة فيحكمون على أن اليد هي التي تكون الحركة واللسان هو الذي يكون الكلام والعين هي التي تكون الأبصار وهكذا ولكن تحقيقات لامرك ومجرياته عكست هذا القول وأثبتت إن الوظيفة هي التي تكون العضو فأن اليد إذا أمسكناها ومنعناها من الحركة زمناً لتشنجت واحتاجت لعلاج يلينها حتى تتحرك ولو سلمناها للحركة لحفظت لها لينها واستقامة حركتها والحركة هي الوظيفة التي تكونها أي تظهر خاصتها وتديم استعدادها للوظيفة واللسان إذا ترك بلا تكلم مع صاحبه ولا تعليم للغة كان عضواً معطلاً فإذا أستعمل في وظيفته ظهر وعلم وعرفت ثمرته فالوظيفة هي التي كونته وأظهرت المعاني القائمة بالألفاظ المنبعثة من الانفعال الجسماني ولهذا أشرت بقولي في خصائص اللغة. إنها سر الحياة والحد الفارق بين الإنسان والبهيم بها يترجم اللسان خواطر القلب الى آخره. ومما ذكرته تعلم إن اللغة تصير بالصناعة ملكة للإنسان باعتبار المدارك الجسمانية وإنساناً باعتبار قيامها بالأنفعالات الجسمانية والروحانية وترجمتها المدركات الحاصلة الحواس والقوى الدماغية والتصورات العالية المجردة عن الانفعال الجسماني وليعلم إن الصناعة الكلام غير اللغة فإن الرفع والنصب مثلا تقوم بها الألفاظ وتحفظها من الخطاء ولكن لا تساعدك هذه الوسائل الصناعية على إتقان اللغة والمخاطبة
إذا كانت مجردة عن بدائع اللغة فكم من نحوي لا تغيب عنه قاعدة من قواعد النحو لو كلف كتابة جواب او عبارة صحيحة لأخطاء في الرسم وخرج عن حد الإنشاء كما إن اللغة وإن صارت ملكة لا تؤدي معاني صناعة الكلام إلا إذا أخذها الطفل عن والديه على أصولها فيوافق بنطقه صاحب صناعة الكلام وإن كان لا يدرك القواعد الصناعية فالصناعة إذاً ملكة اللسان غير ملكة اللغة وهي بمقام لغة أخرى في اللسان ومن هذا نعلم إن النصب والرفع وضرب زيد ومات عمرو ليس من اللغة في شئ لاستقلاله بنفسه فأنك ترى الأعجمي إذا لزم فن النحو أتقنه وهو لا يعرف العربية او لغة غير لغة وتري ساكن نجد ينطق بالعربية الصحيحة واللغة الحقة وهو لا يعرف من النحو زيداً ولا عمراًُ
وناصير أهل الأمصار محتاجين الى صناعة الكلام لتقويم الألفاظ بها إلا اختلاطهم ومزج لغتهم بغيرها ففقرها وصبروها لغة اصطلاحية لا يستدل على أصلها إلا بالمحفوظ في الكتب ولا يقومونها إلا بعلم الصناعة وقد أضاعوا ذاتهم الملكية وسلموها للغة واستعلموا غيره من اللغات فقدموا الجنسية رأسا وتجنسوا باللغة التي سيتعلمونها وسلموا ذاتهم لانفعالاتها الجسمانية والروحانية والانفعالات تصير الجسم