الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- 20 -
اضاعة اللغة تسليم للذات
ايها الناطق بالضاد
بم نستبدل لغتك وما لها من مثيل والى من تتركها وانت لها كفيل وما الذي استحنته في غيرها واستقجت مقابله فيها واي شيء طلبته فيها ولم تجد له اسما. ترى انك في عصر تمدن يقضي عليك باستعمال ارق اللغات لسهولة التركيب وعذوبة اللفظ ورقة المعنى.
ناشدتك الله هل وجدت في اللغات الحديثة العهد ما اشتملت عليه لغتك القديمة. ام رايت حسنا في اللغات التي تنقح كل يوم بقلم المتمدنين لم تره في لغتك الفطرية الخلق المجموعة في زمن العجيه كما يزعم الجاهلون. اترى اذا عبرت عن شيء يلفظ في غير لغتك واردت تنصرف فيه بعبارة اخرى هل تجد له مرادفا واحدا كما تجد في لغتك للفظ جملة مترادفات ام انت الجاهل بقدر لغتك الغافل عن عظم قدرتك في تاريخ العلم قديما وحديثا. اظنك في احتياج لفهم سر اللغة ومعرفة ما بترتب على ضياعها ولا تثريب عليك ي امر لم يبحث فيه الا بعيد الغور في حساب العواقب شديد الحرص على بقاه وحده الهيئة الاجتماعية لبيك ايها الاخ الشقيق وان لم تحمل في بطن واحد. اللغة سر الحياة والحد الفارق بين الانسان والهيم. بها يرجم اللسان خواطر القلب ويحلو بناث الافكار وبها ويعشق المرء وان كان دميم المنظر. ان رقت استعطفت القلوب القاسية وان غلظت اخضعت النفوس العانية وان فحشت حركت الطباع. وان لطفت رفعت الاوضاع وان حسنت الفت القلوب وان سهلت اظهرت الغيوب. وهي التي بها جذبت قلب امك واستعطفت جانب ابيك وتملكت فكر اخيك واستملت صاحبك والفت جارك وتعارفت مع مواطك وقابلت بها نزيلك. فهي انت ان كنت لاتدري من انت. وهي وطنك ان لم تعرف ما الوطن. اما كونها انت فقد قدمت لك من عرفتهم بها وانت اذا فقدتهم صرت وحيدا غريبا في الوجود لا ترى من يقول لك من انت. واما كونها وطنك فانه انما يعمر ويسمى وطنا برجال يتعاونون على احيائه واضهاره في الوجود محلا للسكنى ودارا للاقامة وقد علمت انك بمفردك لا تهتدي لشئ ولا نقوى على أي امر كان ومن فقد المواطن فقد الوطن اسمعك نقول فقدت لغتي اعنضت عنها باخرى اجل انك اعنضت عنها ولكن بما اضاع منك الوطنية والمعتقدات الدينية فانك لا تخاطب بها الا اجنبيا من البلاد مغايرا في الجنسية وانت تعلم ان لمعاني الالفاظ تصورا لا يقوم به
مقابلها في غيرها فانك لو سمعت قولي
ومن غرر الاخلاق ان تهدر الدما
…
لتحفظ اعراض نكفلها المجد
وارادت ان نلقيه بلغة اخرى لفقد قوة الحماسة ووقع
- 21 -
الالفاظ وبما عبرت عه وبما يؤدي معنا
ولو سمعت قولي
اجل صفات المرء فضل ومنطق
…
وبعدهما كل الصفات غرور
لسردت عبارة يضيق صدر السامع بها ولايصل لهم المقصود وهبك توسعت في غير لغتك وتفتنت فيها اتناجي ربك ي اوقات عبادتك ام تقرأ بها كتابك المعجز يحسن نسقه ام تخاطب بها باء النجل عندما تشتريه ام تستعطف بها قلب امك وقتما تغضب عليك ام تعاشر بها عامة قومك وهم اهل البلاد اراك استجهلتني وقلت ان الرجل لعدم علمه بغير لغته ينكر بلاغة غيرها. مهلا ايها المدل بنفسه فان في قولي (لمعاني الالفاظ تصور لايقوم به مقابلها في غيرها) حكما يقضي به كل ذي لغة على عدم قيام غيرها بما نقوم به فربما كانت حماسة هذا اللفظ في لغتك تخنثا في غيرها وبالعكس وهذا مما ياخذه الذوق من غير بحث في اللغات. واراك تعدني من الجاهلين بضروريات الاختلاط من معرفة لغة النازلين بوطنك - رويدا فقد قدتك الى الحق ورميتني بالاضلال. فاني لم احرم عليك غير لغتك لضرورة نقضيها ونازلة ندفعها ومشكل تحله وانما اردت تذكيرك بان لغتك كان منطوقا بها من غير تعلم محفوظة في غير كتاب وبمخالطة الدخيل فعد بغضها وخيف عليها من الضياع فدونت في بطون الاوراق وبقيت قوتها في اللفظ والكتابة ثم كثر فيها الدخيل حتى انتخب لها كتاب ومنشئون ثم تعدد فيها الدخيل فاستبدلت بلغة اصطلاحية لا قاعدة تمشي عليها ولا كتاب يحفظها ولا ضابط يجمعها ولا حروف تؤلف منها واذا اردت معرفة لغة ابائك افنيت الكثير من السنين في طلبها وهيهات ان ادركتها وقد عظمت المصيبة فقد الكتاب والمشئين ثم تم التغيير بتكلم العامي بعبارة طويلة ثلثها اجنبي عن لغتك الاصلية والاصطلاحية. الا تعلم ان اللغة تقضي على المتكلم باتباع ما تقتضيه عبارتها فتراك تهتز في عبارة اجنية يلزمك الثبات بها في مستقج في عادة بلادك ومعتقد اهلك. ولا شك ان هذا يسير بك في طريق الاستحان حتى تستقج لغتك وعادة بلادك فتبيت وانت وطني حر
وتصبح وانت في يد اجنبي يصرفك كيف يشاء. وناهيك بالاندلس الذي كان روضة الاداب وبستان المعارف العربية وبترك لغته واستعمال الدخيل فقدها فقد محو وجهل المعتقد جهل طفولية فمن يجتمع معك في جدك السابع او الثامن من اهله اصبح يعبر عنك الان بلفظ (ارابو، اي عربي وسأت تلك المبادي وبئس هذا النقلب هون عليك فالامر سهل فاننا لا نحتاج لحفظ لغتنا اكثر من احداث درس في جميع المدارس يلقن فيه الطفل لغته العربية الشريفة بطريقة تهذيبية لا يصعب الاخذ بها ولا تمل النفس من ملازمتها مع اجتماع الامة على تكثير المدارس