الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- 144 -
السرور والارتياح ولهجت السنتهم بالثناء على الساعي في تقدم وطنه بنشر المعارف والاداب وقد تكرر منهم الرجاء باجابة هذا الطلب الجليل لما تحقق عندهم ان تهذيب البنات من الواجبات ع. ع. اه
(التنكيت) كسرنا المغزل لعدم النساج
ذهاب العقل باستعمال المكيفات
بقلم احد شبان ثغرنا الذين يكتفون
بالرمز عن التصريح
ايها الانسان اتدري بما ميزك اله سبحانه وتعالى عن البهيم ورفعك الى ذروة التكريم حتى صارت حكيماً عالما مديراً بصيراً بالامور خبيراً بحوادث الدهر
كأني بك تقول بنور العقل الذي منحتني به القدرة الربانية وحلتني ببهى جوهره فصرت اهتدي به في ظلمات الجهالة واسلك بارشاده جادة الكمال ولولاه ما علمت الرشد من الغي ولا النشر من الطى فهو الفارق بين الحق والباطل وبه يتميز الحالي من العاطل
اجل ايها الانسان العاقل ارشدني الله واياك الى ما يحفظ لنا هذا النور الذي به اخاطبك وهو المراد بالخطاب افهل يسرك بعد ما تحليت به واكتسيت بانواره انك تسعى في ذهابه وتجتهد في اعدامه كلا فاني ما اظنك تسمع هذا الكلام فضلاً عن انك تقدم على فعله ولكني اذكرك بامر ربما ذهلت عنه او ستر عنك بحجاب الغفلة وانت في غمرة السهو خير مقلب فيما تؤول اليه عاقبته
اتدري ماهو هذا الامر انهُ اشهر من ان يذكر واكثر من ان يحصر الا وهو تعاطى المكيفات بانواعها فانها متى حصلت بتخوم الجسم ارسلت طلائع اشعتها لنتجول في انحاء مملكة الانسان حتى اذا تمكنت من السريان في عروقها والسلوك في منافذها هجمت بجيشها الجرار على عامة العقل فتغشى انواره بدخانها المتراكم حتى تلجئه الى الفرار وتبدد شمل ملكه وتزيل سطوة سلطانه فتصبح مملكة الجسم بلا مدير يدير حركتها ولا رئيس يسوس حالتها فتهوى الى حيض الجهالة وتلحق صاحبها اذ ذاك بامة البهايم ولو شارك الانسان في الصورة
فمن كان في ريب من ذلك فاني اقص عليه طرفاً من اخبار هولاء الذين اتخذوا المكيفات ديدنهم فاوردتهم موارد البواروأودت بهم الى مآوى الدمار وان كان ذلك بالنسبة لما هو مشاهد ومعلوم لدى العموم غيضاً من فيض
فمن ذلك الافيون - كان شخص يتعاطى منه كثيراً حتى صار عادة لهً فلا يقر قراره الا بمعاطاته في معظم اوقاته الى ان بلغ من امره انهُ كان يرى كميت مصبر يمشي على وجه
الارض من شدة اصفراره وانهزال جسمه فاتفق لهُ في احد الايام من شهر رمضان المبارك انهُ بعد ان صلى العصر في مسجد بالقرب من دكانه خرج قاصداً دكانه فضربته يد الافيون
- 145 -
في ام راسه ضربة اذهبت جميع حواسه وصيرت الغياه في عينه ظلاماً فلم يتمالك دون ان اسرع مخدراً في سيره فانتهى به السير بمصادمته المحائط فخر مغشياً عليه فتبادر الناس اليه ظانين انهُ قد مات الا انهم وجدوا فيه بقية رمق فصاروا يرشون على وجهه الماء فلم يجد نفعاً الى ان احضر لهُ بعض من يعرف خلته قطعة من الافيون ووضعها في انفه فبعد برهة افق من غشيته فذهبوا به الى دكانه - ثم من عادة ذاك الرجل انهُ في شهر رمضان يتوجه الى منزله قبيل الغروب فيدخل محله المعد له فيجد فيه كل ما يلزمه حاضراً من نحو اكل وشرب ومعجون وشبك الدخان مع دخانه وموقد فيه نار مع مايلزم لاعمال القهوة فيجلس في محله منفرداً محاطاً بتلك المهمات بعد ان يقفل عليه الباب ولا يدخل عليه احد من اهل بيته ولو مكث للصباح كما هي شروطه معهم اذ انهم لو اخلوا بشيء منها لتكسرت الدار بما فيها
فاتفق لهُ ذات يوم انهُ دخل على حسب عادته وجلس في محله وكان قد تسلطن عليه الافيون في ذاك اليوم فعندما ضرب مدفع المغرب أخذ منرولاً كبيراً من الافيون وانزله في جوفه ثم اتبعه بمقدار من القهوة وبعض ملوات دخان من الشبك فلما استقرت كتلة الافيون في مستقرها ونبعتها القهوة بحرارتها ساح الافيون وتحلل الى بخار تصاعد الى مخه ولحقه دخان الشبك انعقد ضباب المكيفات في جو راسه فسد مسام الدماغ وفقدت منه الحواس فمكث جالساً في مكانه باهتاً وبعباره ثانية مصنما لايعي شيئاً في الدنيا هذا وسفرة الاكل امامه لم تمس وما زال في هذه الغمرة ساهياً صامتاً خدر الاعصاب منحل القوى لايتحرك لهُ ساكن ولايضرب لهُ نبض الى ان ضرب مدفع السحور وتبعه مدفع الرفع وهو بهذه الحالة المكربة فظن اهل بيته انهُ ربما يكون قد مات اذ لم يسمعوا لهُ صوناً ولا حركة فتجاسروا بالدخول عليه ليعلموا ما السبب فوجدوه جالساً والاكل امامه على حاله فايقظوه من غشيته قائلين قم لكي تلحق السحور فان الصبح قريب فقال بصوت ضعيف وهمة ساقطة كيف ذلك وانا لم افطر لغاية الان فكان فطوره سحوره وليته اكل
فليت شعري ايعد مثل هذا عاقلاً. كلا فانهُ حرم لذة العقل ومنع راحة الجسم وابتلى بداء
لادواء له الا الموت الاحمر فعلى مثل هذا تبكي البواكي حيث قد اضاع عمره في هم ونكد
ومن نوادر الافيون ايضاً ان افيونجياً كان جالساً في سوق الميدان في شهر رمضان قبيل ضرب مدفع الفطور ومعه شك قد ملأه دخاناً واستحضر لهُ قطعة نار ليضعها عليه عند الافطار فلما ضرب المدفع انزل كتلة الافيون في مستقرها ووضع النار على الشبك وابتدأ يشرب منه واذا بشخص مار بالطريق ومعه سجارة فجاء ليولعها من ذاك الشبك