الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- 179 -
وصية نديم لاحد ابنائه
أي بني
اني اعظك لئلا تكون من الغافلين ولا اعظك باحسن من مصادفاتي وما لاقيته في حياتي من حسنات وسيئات فقد طلبت الرزق بجدي وسعيي لاعن فاقة ولا الزام ولكن كرهت العجز وانقت من التقاعد فقضيت سنين عديدة اتقلب في الخدامات وأتفنن في اسباب المعاش وصحبت الكثير من اهل زمانك على اختلاف المقامات والاعتبارات فاستخلصت من جميع الاخلاق خلقاً ان رضيته عشت به ناعم البال طيب الخاطر وان ابيته كنت مثلي في الخط والطالع والصفات
خلق الانسان ميالا للتعاظم والتفاخر ويزداد هذا الامر بزيادة الجهل ويقل بسطوة العزو سيف التهذيب فاذا بليت بخدمات من لم يهذب صغيرا فنافقه لتوافقه واياك ان تظهر علمك امامه وان سئلت في امر فليكن حوابك بخشوع وخضوع وان كذبت فيه فاعترف بالخطاء ولاتجادل وان قويت حجتك وان خاطبك بما لايعقل فاطرب وتبسم واعجب من حدة الذهن ورقة المعنى وذم من يقول غير ذلك وان سمعت كذبا وكنت على يقين من كذبه فكذب عيابك وخطئ حواسك وصدق ما يقول وان شتمت فاضحك واظهر الرضا واطلب العفو واذا دخلت فادخل منحنياً وقبل الارض والثم النعل وغض الطرف واصمت واضع وارجع القهقرى رويد رويداً وقف ذليلا وضع يديك على صدرك فان قام مستخدمك فابتدر النعل وارفع الثوب وارفعه من ابطه ثم امش خلفه ساكتاً لاتحرك يدا ولا تنطق بحرف وان التفت اليك فاسرع بالمثول بين يديه والوقوف في هيئة المستفهم واذا امرت بامر وخرجت اليه فهرول امامه واسرع في الحضور وإن جلس للطعام فضع الصحون بسكينة ولاتنظر للطعام ولاتتحرك اذا وقفت ولاتتكلم ولاتتحول من امامه واظهر القناعة اذا انتهى من الطعام واكلت وإن عملت عملاً فانسبه إليه إن كان حسناٌ وعنونه باسمك ان كان قبيحاً وإذا غبنك في اجرتك فاظهر له الحمد وتمدح به بين يديه وأثنى عليه عند اخصائه واكثر من الدعاء له بين تيعته وندمائه وخلانه واذا نمت فكن على اهبة القيام وصورة بين عينيك لئلا تحلم بغيره حتى اذا ناداك كنت واقفاً تحت قدميه واسأل زائريه احسانا بحيث لايشعر واشتر به لباساً طيباً والبسه واياك ان تخالفه في امراق تكذبه في قول وإن كان باطلاً وإن سمعت مكروها فلا تنقله اليه وإن سمعت مدحاً فبادر وزد عليه من عندك وإذا تعاظم فقل
هكذا التواضع وإذا افتخر فقل انت فوق ذلك وإذا أدعى الفصاحة فعب كل متكلم دونه وإذا ادعى الكرم فذم حاتماً عنده وإذا بخل فقل هكذا يكون
- 180 -
الاقتصاد وإذا فسق فقل حسناتك تكفر سيئاتك وإذا بغى فقل هكذا العدل وإذا سفه فقل القوا غيظ الحليم ومتى سافرت معه فاصبر على الصك با لكف والضرب با لنعل واجعل شتمه تسبيحا ولعنه استغفاراً وإن جعت فلاتشك اليه وإن ظمئت فلا تظهر واقنع بفتات الخبز وكر الماء واظهر المحافظة على ماله وحاسب على القليل بين يديه ومتى تمكنت من ماله فخذه بحيث لايراك وخنه من حيث لايشعر ووافق مثيلك في الخدمة وساعد اتباعه وحاشيته على ما يريدون من نهبه باطناً وإظهار القناعة والمحافظة على ماله ظاهراً واي شئ اخذته فلا تظهره ولا تلبس امامه الا ما يتفضل به عليك ولاتزد في بيتك مايدل على ثروتك والزم هذه الحال حتى يموت او يخليك من الخدمه فاظهر ماشئت وافعل ما تريد وهذا هو الخلق المناسب لمن يريد ان يكون محبوباً عند الأغنياء مألوفاً لذوي الجاه واهل المظهر الذين فسدت اخلاقهم بفقد التهذيب لا من تربوا على الاداب وفطروا على محاسن الاخلاق
التلميذ
ماهذا يا أستاذي اتدعوني لعبادة العجل ام تحرضني على لزوم الوثن ام تامرني بخدمة الاصنام ارى الموت افضل من حياة تقلب الحقائق وتضيع الحق وتعظم الحقير وتوجب خدمة البهيم عد هذا وهات مواعضك الادبيه ونصائحك الخطابية فاني لاخرج في المعاشرة عن حد قانونك الانساني الذي تلقيه عنك وان لم اصادف من يلائمني او لم اجد من يعتمد عليه
ياولدي اراك تريد السلوك على قانون الانسانية وانت فقير شرقي وهذان عيبان لو اصيب غربي بواحد منهما لبات بغيضاً حائراً بين الناس لايجد من يعتبره ولايلقى من ينظر اليه فان القانون يفضي عليك بقول الحق وإن اغضب سيدك ويحكم عليكما بالتساوي في الحياة فتطالب بما يحفظ لك ناموسك وتجيب عما تسئل عنه وتؤدي خدمتك على حقها من غير تكلف ولااستبعاد وتبعد عن النفاق والدهان والرياء وتأخذ حريتك في نومك ومشيتك وكلك وشربك ولبسك وكلامك الادبي ولالقر الكذب ولاتهوى الخيانة ولاتمدح الفجور ولاتحمل النعل ولاتسكت على السب ولاترض بالضرب ولاتضيع شيئاً من حقوقك
ولاتعظمه فوق حده ولاتطره بما ليس فيه ولاتسكت عن حجتك ولاترض بتكذيبك ولا تتهاون في شرفك ولاتمل معه لباطل ولاتسع معه في افساد ولاتساعد تابعاً على سرقته ولا تمهل شيئاً مما عهد اليك والتكن احرص الناس على الصدق واسرعهم الى الحق وابعدهم عن الشر واقربهم الى الخير واولهم في حفظ الاتحاد واخرهم في التنافر ولاتكن تماماً ولاساعياً في فتنة والتفر من الشر فرارك من الاسد