الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- 181 -
وتجانب اهل الافساد وتقاطع اهل الفتنة وتباعد بينك وبين اهل المظاهر ومحبي ذواتهم وتقطع حبل الوصلة بينك وبين من يرى فضلية الجنسية في الاختلاط وتهجر من يغالبك على امرك وتترك من يرى قدرة فوقك ونفسه اغلى من نفسك وتتعلم عن جاهل بقدر الانسانية بعيد من التهذيب غريب في حلبة الاداب وتعرف لكل انسان من الفضل بقدر ما وصل اليه وتحترم العظيم احتراماً لايسقط مرؤنك وتجل العالم اجلالا يزيدك رفعةً وتوقر الشيوخ وترحم الصغار وتحفظ عهد الاخوان وتخضع للوالدين وتبجل الاستاذ وتخالق الناس بخلق الحكماء وتسايرهم بالفاظ الادباء وتسامرهم برقائق البلغاء وتعتدل في سيرك اعتدالا يحفظك من طرفي الافراط والتفريط ولا يخدم الامن يرى لك حقاً في الوجود مثله ولا تقصر في النصيحة ولا تصمت على الموعظة ولا تتحاشى احداً في اظهار الحقائق ولاتجعل نفسك مظهراً لغيرك ولاتبار السفينة ولاتمار الغنى المعجب ولا المثرى المنهور وهذا يقضي عليك بالشفاء والعناء وكدر العيش وتشويش الفكر ويبغضك لاهل زمانك ويطلق عليك الالسن بالذم والقدح وابتداع العيوب. فان رضيت بالاولى كنت المحبوب االمنعم وإن رغبت الثانية فتدرع بالصبر وتعود على شرب المر وتحمل الآلام ومع ذلك فابت وما تريد
(التلميذ) رضيت بالسير على قانون الانسانية فان عشت كنت شريفاً وان مت مت حراً والتاريخ يحفظ عني سيرتي ويجعل الحكم فيها العقلاء ولا ارضى يخلع ثوب الانسانية ولبس رداء البهيمة بعد الحصول على نعمة العقل وثمرة التهذيب فدع الكلام في هذا الباب وهات غيره من دروس التهذيب فانك تخاطب سميعا وتامر مطيعا
(نديم) خذ راحتك في هذا الاسبوع واستعد لدرس الاسبوع الآتي
قطمير
رأيت اختراعا جديدا نافعا للاصحاب الدكاكين والبنوك والخانات والبيوت وسائر المحلات التي يراد تحصينها وققايتها من الطوارق والعاهات فانه يستغني به عن الخفراء ويحلمي بسره المصون من كل لص فان وجد بمكان بات صاحبه آمنا مطمئناً على صيانه على مافيه من البضائع والاموال وبه يكتفي عن الاوهاب الحصينه للمحلات ومن العجائب انه مافيه من عظيم النفع وبديع الصنع لايباع ولا يشتري ولا يجوع ولا يعرى وفيه من الاوصاف مايضيق هذا المجال عن حصرها وبالجمله فمن اراد الحصول عليه فاني ارشده في الحال اليه وهو انه ينقسم الى قسمين ظاهر ومظمر فان من اراد الاول فليمر متفضلاً على دكاكين بعض الصباغين والبويجيية والعطارين والنقلية والجزارين فانه يجد مرقوماً عليها هذا الاسم
- 182 -
(قطمير) باحرف مختلفة الالوان بالنيلة وبعضها بالقطران والبعض بالسلاقون الاحمر والبعض بالوان مختلفة لا ادري ما سبب اختلافها (ولعل في اختلاف الالوان حكمة ثانية لم يصل اليها ادراكا فهذه يسئل عنها من اهل هذا الفن)
ومن اراد الثاني (وهو المضمر) فاني اقص عليهُ ماعينته من هذا القبيل لذي دعاني لان اتحف اخواني بهذه الكلمات على لسان التبكيت ليعلموا اننا مجدون في تحصيل مامن شأنه تقدم اوطاننا واصلاح احوالنا بانتشار العلوم والمعارف والنظر في الفنون والصنايع واختراع الاشياء المفيدة واستعمال الاراء السديدة كل ذلك بطرق سهلة المأخذ لا تكلفنا نعباً ولا نصباً فكانت ملائمة لما فطرنا عليه من حب الراحة والكسل وما الفناه من الحزم في الامور وعدم الاكتراث بالعمل وذلك بالارتكان على اوهى الاسباب التي نأخدها قضبة مسلمة فنعتد بها لمهام امورنا دون ان نقف لها على حقيقه او نبحث في كيفية وصولها الينا لنعلم باي سلطان استولت علينا غير ان لنا اكبر حجة على من يعارضنا في ذلك بقولنا هذه عادة الفناها وقد الفينا عليها ابائنا من قبل فمالنا وللتعرض لها بمحو اوائبات وهكذا من مثل هذه الاقوال التي لسنا تدد الدخول في موضوعها فليرجع الى ما كنا فيه وناء بالمقصود فاقول
مررت ذات ليلة بدكان صاحب لي اتوسم فيه النباهة والكياسة لعلمي انه سبق له الانتظام في سلك طلبة العلم الشريف بالجامع الازهر ومكث مدة فيه يتلقى العلوم والمعارف التي
تؤهله لان يكون قنوة في الاداب الدينية والدنوية فجلست عنده ريثما تجاذبنا اطراف الحديث ثم هممت بالانصراف فرعب في انصرفنا معا وفي الحال قام ليقفل ابواب دكانه وعندما تم قفلها اخذ المفتاح بيده وصار يمر به على تلك الابواب يميناً وشمالاً فقلت له ما الذي دهاك ارأيت في الباب خللا تريد اصلاحه ام ترآى لك اختراع طرز جديد يكون سهل القفل والفتح مع المتانه والحفة فانت تنصوره الان ام طرا بمخيلتك شكل هدسى غريب فانت ترسمه لتتمكن من تصور خوفاً من ضياعه منك ام ماذا تصنع ايها الاستاذ فاجابني قائلا لم ارد شيئا مما تسالني عنه فما هو الاسم اكتبه بالمفتاح على باب الدكان ليكون حافظا له من كل سؤ حتى الصباح فقلت له مع شدة التعجب وما هذا الاسم الذي تكتبه كتابة وهمية فاجاب بعد عناء طويل انه (قطمير) فقلت له من ابن تلقيت هذا العلم ومن علمك اياه وهل ورد به الشرع الشريف (وحاشا ان يرد بمثل ذبك) وما هو السبب المتمسك باباطيل كهذه ما انزل الله بها من سلطان فما افادني بشيء سوى قوله هذه عادة الفناها تناقلتها الابناء عن الآباء فلا لزوم
لمعرفة اسبابها فانما الاعمال بالنيات فرجونه لان لايعود لمثلها لانه لا يليق به وهو بين الناس