الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- 211 -
(التنكيت) نعتذر لحضرة صاحب الحل الاخير فانه ارسل لنا عذا الحل على صفة الجدول فاخترنا ان نثبت مرسلا ليكون ابسط القاري
نادرة
اتفق للاستاذ الفاضل الشيخ محمد خضير المياطي عند إقامته بلندرة من بلاد الانكليز انه اراد التفرج على الفاخورة فكتب لصاحبها تلغرافاً يطلب منه تعيين وقت يزوره فيه وجاء الجواب بتعيين اليوم فلما حل ركب الوابور وتوجه لتلك الجهة فقابله الفاخوري بالاكرام ومضى الى المعمل واخذ يفرجه على المصنوعات الغريبة ولمشغولات البديعة حتى انتهى به لى الدولاب فنزل في البركو وقال له ماذا تريد ان اصنعه لك الان فقال اريد فنجاناً فان الوقت لايساعد عل اكبر منه فاخذ في لعمل وغلام امامه يدير الدولاب بواسطة حبل مربوط في جهة اخرى وفي اثناء العمل قال له الانكليزي كنا لانعرف هذه الصنعة حتى استحضرنا هذا الدولاب من مصر وقد اجتهد علماء الانكليز في احسانه اكثر مما هو عليه فلم يتمكنوا فرأى الفاضل انه (أي الانكليزي) يبكته بهذه العبارة يريد انك تكلفت المصاريف الجسيمة لتتفرج على شيء هو من بلادك فقال له كيف لم تهتد العلماء لاحسانه وقد ابطل الفاخورية عندنا هذا الحبل وصاروا يديرون الدولاب بارجلهم ليتمكنوا من احسان مايصنعونه فبهت الانكليزي وغضب غضباً شديداً وقصر في عمله واخذ يجيل طرفه في رجل عربي عليه عمامه وجبة وقفطان وبرنس يرد عليه بهذا الكلام ويظهر بما قاله فضل فاخورية مصر على العلماء الانكليز ثم ابى ان يفرجه على باقي المعمل فودعه ةانصرف فانتظر لهذا الفاضل الذي لم يرض بنقص قومه وذمهم واجاب عنهم احسن جواب وهو وحيد في بلاد خصمه وتأمل غضب الانكليزي على العلماء بلاده وتكدره من عدم هداينهم لتتغير الدلاب او احسانه بعد ان عام ان الفاخورية مصر الجهلة احسنوه فنحن نثني على هذا الفاضل ونرجو من اهل بلادنا الاجتهاد في احياء ما مات من انصنائعقد كفى ما جرى وحبنا من التاخير اقتصارنا على الماجور والطاجن والقلة القناوي والحجر الاسيوطي
الولاية الخرافية
في بعض الكفور الريفية
لاحد نبهاء بورت سعيد
ما زلت اتقلب على بساط الافكار حتى قرات الجملة التي اوردتموها في العدد 9 من جريدتكم التنكيت الغراء تحت عنوان (سلطنة التخريف) فتذكرت بها حادثة جرت في بعض السنين السالفة باحد الكقور الريفية اروبها لكم على حقيقتها ليطلع عليها قراء صحيفتكم الكرام وهي
- 212 -
كان احد الفلاحين (واسمه زعبل) الذين نشب الفقر بهم اظفاره محطا لرحال شيخ الكفر يستخدمه في السخرة والعمليات الشاقة حتى انحل جسمه واذهب قوته فاخذ يكفر في حيلة يتخلص بها من مخالب سلطة الشيخ عليه فلم يجد احسن من الفرار سبيلا فعزم على اجتيازه غير ان النهار كان على وشك الانقضاء فمكث مكبا على اعماله حتى غربت الشمس واقبل سلطان الليل يجيش الظلمات فسار وهو خائف يترقب الى ان قطع اميالا أمنته على نفسه فتأمل خلقه فاذا حمامه تنقر في الارض للبحث على قوتها فاراد صيدها فاخذ حجرا صغيرا ورماها به فاصاب جناحها فعجزت عن الطيران فامسكها مسرورا ووضعها افي جيبه حتى يتمكن من ذبحاها وشيها ليدفع بها قوة الجوع
فجد في السير حتى اتي على بعض الكفر فرأى قوما من اهل الطريق مجتمعين فانضم إليهم فساروا وهو معهم حتى دخلوا دارا كانت معدة لهم ليذكروا الله فيها فلما استقر بهم المقام جييىء بالطعام كما هو العادة في الأرياف ولما كان من لوازم تلك العادة كما لا يخفى ان رب المنزل يجعل الطعام مقسما على المدعوين وكان عددهم بدون زعبل عشرين رجلا جييىء بعشرين حمامه على عددهم فقام النقيب وأعطى كل واحد حمامه حتى وصل زعبل فلم يتامل بمنه فأعطاه حمامة أيضا وما زال بدور ينهم قسم الحمام عليهم وبقي واحد من المدعوين بدون ان يأخذ شيئا فاجوا وما واضطروا وكثر اللغط بينهم فقام النقيب وصار يعدهم فرأى واحد وعشرين رجلا فتأمل فرأى زعبل فصاح هذا غريب فقام الذي لم يأخذ حمامته وتعلق بزعبل قائلا (هات خدمتي) يعني قسمه لان ارباب الطريق يدعون القسم (خدمة) واما عامة الفلاحين فأنهم يسمونه (نايب) وجمعه نوايب (هات خدمتي يا حرامي)
واذا كان زعبل في وقت اللغط اغتنم الفرصة واكل الحمامة مد يده التي كان مديدة الى جيبه واخرج له الحمامة التي كان قد صادها وقال خذ حمامتك فلما رأى القوم هذه الحالة بهتوا وللجلجت السنتهم وارتعدت فرائصهم وقاموا يطلبون منه الدعاء ويقولون (شيء الله المدد) وظنوا بل اعتقدوا انه ولي فلما راى زعبل ان الوم اعتقدوه هام (تطور) واخذ يصبح (هومم) عالما ان يحسن السبك قد ينفي الزغل
فكان السعيد فيما يظنون من تمكن من لمس ثوبه فاشتهر صيته وانصل باطراف الكفر فلم يكن الا كملح البصر حتى حضر الناس افواجا فضاقت بهم الدار فخشي صاحبها تغيير مزاج الشيخ (زعبل) فقام ودفع الناس عنه ووقف امامه واضعا يديه على صدره ثم قال وهو على غابة من الخضوع (تفضل بنا الى المحل المخصوص لحضرنك لتحصل البركة) فقام وصاحب البيت خلفه يمشي على اطراف اصابعه حتى اوصله الى ذلك المحل فاجلسه ووقف الى ان اذن له بالجلوس فجلس ثم ارسل الى الفقراء يامرهم بالذكر على مدد الشيخ وتخصيص
- 213 -
الليلة به وهو في ذلك يهدر حكما وبدخل في كل عبارة اشارة فاذا اراد احد الدخول عليه لايمكنه
الا بعد ان يستأذن المريدون الشيخ فاذا أذن جاءوه به فاذا دخل وفق خافضا رأسه حتى يأذن الشيخ له بالجلوس فيجلس ولا يتكلم الا بالاذن ايضا
ولقد صادف الشيخ زعبل من الحوادث ما كان سببا لزيارة الاعتقاد فيه وذلك ان احد سكان الكفر من الفلاحين كان عليه من الاموال المقررة على اطيانه ما لايتمكن من دفعه فاضطرالى ان يبيع بقرة لا يملك سواها لدفع تلك الغرامة فلما باعها جاء بثمنها واسلمه الى زوجته الى ان ياتي شيخ الكفر فيعطيه له فوضعته في كوة (طاقة) فجاء لص وسرق المال ومضي ثم بعد قليل تذكر ان في الكفر شيخا له كرامات ظاهرة فهدته خاتمة افكاره الى ان يذهب اليه ويعطيه المال المسروق لئلا يفتضح فاسرع حتى وصل واستاذن فدخل واخبر الشيخ بالسر ثم اعطاه المبلغ فاخذه وصار يعنفه ويقول (عرفنا الامر من قبل) ثم امره ان لا يعود لمثل ذلك ما دام هو في الكفر فشكره اللص وانصرف
ثم ان شيخ الكفر جاء الى دار الفلاح وطلب منه المال فطلبه الفلاح من زوجته فقامت
لتأتي به فلم تحده فصاحت باعلى صوتها (خده الحرامي) واخذت في العويل والبكاء فقل زوجها (يا بركة سيدي زعبل) ثم قصده وفلما وصل الى البيت الذي هو به دخل باكيا واخبره الخبر فقال له (طمن قلبك) ثم رفع طرف البساط الذي هو جالس عليه واخرج ماله واعطاه اياه وقال (خذ اديني جبتق لك خل الطريق مستوره) فاخذ الرجل المال وهو باهت متعجب لهذا الكرامات الباهرة ومال على اقدام الشيخ يقبلها تارة ويضعها فوق رأسه اخرى فصاح من بالمجلس (مددك يا شيخنا) وفرح صاحب البيت معتقدا انه بنزول الشيخ عنده صار من السعداء
واما شيخ الكفر الذي منه زعبل فانه تفقد في بعض الايام احوال من بالعملية فلم بجد زعبلا فيهم فعلم انه هرب فاخبر مامور العملية به فالزمه بإحضاره
ثم رأى أخيرا انه لا بد ان يستكشف الامر بنفسه خيفة ان يكون فراره بعلم شيخ الكفر وهو متكتم الامر فسار معه لذلك وكان اول ناحية دخلاها هي الكفر الذي به زعبل فاستحضرا شيخه وعرفاه الحال وبينا له صفة زعبل فقال لهما ان هذا الاسم وهذه الصفات 0001 ولكن حاشا ان يكون هو الذي تقصدان فانه شيخنا فقالا نريد ان نراه ولو بقصد التبرك فاجابها ومشى معهما حتى او صلهما الى البيت الذي هو به فاستأذنوا ودخلوا فكان شيخ كفر زعبل والمأمور يلحظان زعبلا شزر علما منهما بانه مطلوبهم فكستما مرادهما حتى خرجا فقالا لشيخ الكفر هذا هو مطلوبنا فقال حاشا ان يكون هو وصار يعدد لهما كراماته فقال له المأمور بقي عليه كرامة واحدة ان اظهرها
- 214 -
كان لاشك ولياً وذلك ان يذبح صاحب البيت في الليلة المقبلة كبشا وكلبا ويضع الكبش في قصعة ويقدمها للمأمور ومن معه يضع الكلب في (انجر) ويقدمه لزعبل وأتباعه فان كان وليا ميز بين الكبش والكلب فاسنحضر شيخ الكفر صاحب الدار وأمره بذالك وبكتمانه فخاف على نفسه من غضب الشيخ الا انه لا ير بدا من الإجابة فقام الى بيته واخبر زوجته بالوقع فصرخت في وجهه وقالت (انت يا شيخ عاوز تخرب بيتك) فقال لها ان شيخ الكفر الزمني بذلك فكيف العمل 0
فقالت له (انا أروح للشيخ زعبل وأقول له والا عدمنا أولادنا) فرضي بذلك وقال لها (أوعى تقولي لغيره) فقامت من عنده وقصدت الشيخ وأوضحت له الحقيقية فقال لها (انا
عارف من قبل ما يتحبي اعملى زي ما هم عايزين) ففرحت المرأة برضاه وفعلت ذلك فلما جاء وقت العشاء بقي الشيخ زعبل في الحل المخصص له حتى تكامل الناس فنزل أليهم فلما رأوه قاموا أجلالا حتى جلس ثم أشار أليهم فجلسوا فاستعدعى بالطعام فوضعت المائدة فاراد الناس ان يأكلوا فصرخ فيهم قائلا (أعطوا الكلب للكلاب) وهاتوا لنا القصعة فهاج الناس لذلك وعملوا المكيدة فصاروا يسبون المأمور ومن معه ويطلبون من الشيخ السماح فخجل المأمور والشيخ وقاما هاربين وقالا هذا لا شك ولي من أولياء الله فلما انقضت تلك الليلة واصبح الصباح قال الشيخ زعبل لصاحب الدار اذا غبت عنكم الليلة فلا تبحثوا علي فقد جاء الأوان وصدر لنا الأذن بالرحيل فاضطرب الرجل لذلك (أحنا عملنا أية حتى تفوتنا) فقال الشيخ صدر الأذن والسلام
وما فعل ذلك الاخوف الافتضاح فلما جاء الليل خرج الى العجز فرأى اثنين سارقين محراثا فلما رأياه هربا من أمامه ونزلا قاربا في الجر وسارا به فقال في نفسه لا بد ان ارجع ثانية وأبين هذا الكرامة فرجع ودخل الدار التي كان بها وصاحبها غير عالم به فلما أصبح رأى الشيخ في منزله ففرح ودخل عليه وفجلس أمامه والشيخ لا يتكلم فشاع في الكفران احد اهل الكفرسرق له محراث فهرول صاحب المحراث حتى جاء الى الشيخ مكتئبا وشرح له قصته فقال له توجه الى الجهة الفلانية شاطئ العجز تجد محراثك فتوجه الرجل فرآه كما قال الشيخ فكبر اعتقاد الناس فيه حتى بلغ الغاية القصوى فاخبرهم انه يغادرهم في الليلة القادمة فتجمعوا وترجوا ان يقبل منهم مايجهزوا به انه لاشيء اخف من الذهب فجمعوا له ما لايمكنهم الزيادة عنه فبعد ان اظهر العفة قبله واراهم انه يصرفه على المحتاجين ثم انصرف وقد خلص من السخرة والعملية بالولايه الخرافيه