الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإحسان إلى الأبناء
سؤال: نحن والحمد لله متمسكين بالدين الحنيف، فنصلي فروضًا ونوافل، ونصوم فرضًا وتطوعًا، ولكن مشكلتنا والدنا الذي يسيئ معاملتنا في البيت، فهي أشبه بمعاملة البهائم إن لم تكن أسوأ، رغم أننا نوقره كل التوقير ونحترمه جل الاحترام، ونهيئ له كل وسائل الراحة والهدوء، ولكنه مع ذلك يعاملنا ووالدتنا أسوأ معاملة، فلا ينادينا إلا بأقبح أسماء الحيوانات، ودائمًا يدعو علينا وينتقدنا في كثرة تمسكنا بالدين، وإلى جانب ذلك فهو كثيرًا ما يغتاب الناس ويسعى بالنميمة بينهم، ويفعل هذه الأفعال مع صلاته وصيامه، فهو محافظ على الصلوات المفروضة في المساجد، ولكنه لم يقلع عن هذه العادة السيئة حتى سبب لنا ولوالدتنا القلق والضجر، فقد سئمنا صبرًا، وأصبحنا لا نطيق العيش معه على هذه الحالة، فما هي نصيحتكم له؟ ونحن ماذا يجب علينا نحوه؟ جزاكم الله خيرًا.
الجواب: أولًا: يجب على الوالد أن يحسن إلى أولاده وأن يستعمل معهم اللين في وقته، والشدة في وقتها، فلا يكون شديدًا دائمًا، ولا يكون لينًا دائمًا، بل يستعمل في كل وقت ما يناسبه لأنه مرب ووالد، فيجب عليه أن يستعمل مع أولاده الأصلح دائمًا وأبدًا، إذا رأى منهم الإحسان لا يشتد عليهم، وإذا رأى منهم إساءة اشتد عليهم بنسبة تردعهم عن هذه الإساءة، ويكون حكيمًا مع أولاده، هذا هو الواجب عليه فلا يقسو عليهم بما ينفرهم، ولا يشتد عليهم من غير موجب، ومن غير مبرر، بل يحسن أخلاقه معهم، لأنهم أولى الناس بإحسانه وعطفه وحتى ينشؤوا على الخلق الطيب والدين والعادات السليمة.
أما إذا نفرهم بقسوته وغلظته المستمرة، فإن ذلك مدعاة لأن ينفروا منه وأن ينشؤوا نشأة سيئة، فالواجب على الأب أن يلاحظ هذا مع أولاده، لأنهم أمانة عنده، وهو مسئول عنهم:«كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته» .
أما واجبكم نحوه فهو الإحسان والصبر على ما يصدر منه فهو والدكم وله الحق الكبير عليكم وأنتم أولاده، فالواجب أن تحسنوا إليه، وأن تصبروا على ما يصدر منه من قسوة، فإن ذلك مدعاة لأن يتراجع وأن يعرف خطأه والله تعالى أعلم.
***
العدل بين الأبناء
سؤال: أنا رجل قدر الله علي بمرض في رجلي اليمنى، إلى أن قرر الأطباء بترها مما جعلني عاجزًا عن العمل، وأنا أعول أسرة كبيرة ولي أخوة ثلاثة، ولكن أبي قد باع مزارعه على إخوتي الثلاثة، ولعجزي عن شراء شيء منها فلم أحصل على شيء، فهل فعل والدي هذا صحيح أم أنه يحق لي المطالبة بحقي بدون شراء ولا بيع؟
الجواب: إذا كان والدك قد باع هذه المزارع على إخوتك بيعًا صحيحًا ليس فيه احتيال ولا تلجئة وإنما باعها عليهم، كما يبيعها على غيرهم بثمن كامل، ولم يترك لهم شيئًا منه، بل استوفاه فلا حرج عليه في ذلك، وليس لك حق الاعتراض، لأن هذا ليس فيه محاباة، وليس فيه تخصيص
لهم بشيء من المال دونك، أما إذا كان خلاف ذلك، بأن كان بيع حيلة، قد تسامح معهم فيه وحاباهم به فهذا لا يجوز، لأنه جور، لأنه يجب على الوالد أن يسوي بين أولاده بالهبة والعطية، ولا يجوز له أن يخص بعضهم دون الآخر، لقوله صلى الله عليه وسلم:«اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» ، فواجب على الوالد أن يسوي بين أولاده فيما يمنحه لهم، ولا يجوز له أن يفضل بعضهم على بعض.
فالحاصل: أنه إذا كان البيع مستوفيًا لشروطه، ولم يحابهم بالثمن، ولم يتنازل لهم عن شيء منه، فهو بيع صحيح، وليس لك حق الاعتراض، وإن كان خلاف ذلك فهذا لا يجوز له، ويجب عليه أن يسوي بين أولاده والله تعالى أعلم.
سؤال: إذا كان البيع بيعًا صحيحًا لا محاباة فيه فما حكم قيمة هذا البيع إذا توفي عنها والدهم؟
الجواب: القيمة إذا توفي عنها والدهم، فهي تركة، توزع يأخذ نصيبه منها على حسب الميراث، من جملة الميراث.
سؤال: والذين اشتروا هل يأخذون منها؟
الجواب: نعم لأنه أصبح تركة.
سؤال: يكونوا استفادوا مرتين على هذه الحالة؟
الجواب: لم يستفيدوا مرتين، لأنهم في الأول، اشتروا الأراضي هذه
ودفعوا ثمنها، وصار ثمنها ملكًا لأبيهم، ثم لما مات، ورثوها، أخذوها عن طريق الإرث، لا عن طريق الهبة، أو عن طريق التنازل، هذا حقهم من الميراث.
***
العدل في العطية
سؤال: توفي زوج عن زوجة وأم وابن وترك ميراثه الشرعي ثم قسمت، وأخذ كل ذي حق حقه، ثم بعد ذلك تنازلت أم المتوفى عن حقها الشرعي لابن الابن الذي هو الابن في المسألة وكانت في كامل قواها العقلية وبدون إكراه وللمتوفى أربعة إخوة أشقاء، البعض يوافق الأم في ذلك التنازل والبعض الآخر لا يوافقها فما رأي الشرع في ذلك، أفيدونا أفادكم الله؟
الجواب: النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إعطاء بعض الأولاد وترك بعضهم، فقال صلى الله عليه وسلم لما جاءه الرجل الذي أعطى بعض أولاده عطيته وجاء بشهده عليها، قال عليه الصلاة والسلام:«أكل ولدك أعطيته مثل هذا؟ قال: لا، قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» .
وفي رواية قال: «أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: نعم، قال: فلا إذًا» .
وفي رواية: قال: «أشهد على هذا غيري فإني لا أشهد على جور» ، فدل هذا الحديث برواياته على أنه لا يجوز تخصيص بعض الأولاد بالعطية دون الآخر، وأن من أراد أن يعطي بعض أولاده يجب عليه أن يعطي الآخر مثله.
فمثل هذه العطية لابن الابن، لأنه من الأولاد.
***
موت الأطفال
سؤال: كان لي أخ صغير يبلغ من العمر سنة، وقد توفي على إثر شربة شيئًا من الكاز، أخته قد وضعته أمام الباب دون علم الوالدة، فتناوله الطفل ثم شرب فتوفي، ومن شدة حزن الوالدة عليه، شربت من ذلك المشروب لتجرب: هل يؤثر عليها كما أثر على ولدها أم لا، فهل عليها شيء في شربها؟ وهل عليها كفارة نتيجة شرب ولدها لذلك أم لا؟
الجواب: أولًا نوجه بأن الأطفال ينبغي العناية بهم، ورعايتهم وإبعادهم عما يضرهم، فلا يتركون أمام شيء أو عند شيء فيه خطر عليهم.
وأما ما ورد في السؤال: من أنه وضع إناء فيه كاز وشرب منه طفل ومات على إثر ذلك فهل على والدته شيء؟ إن كانت والدته مفرطة بأن تركته عند هذا المشروب الضار وشرب منه، فإن عليها كفارة عتق رقبة إن أمكن، فإن لم يمكن، فإنها تصوم شهرين متتابعين، كفارة عن تفريطها
بهذا الطفل، أما إذا لم تكن مفرطة، بأن تركت الطفل في مكان بعيد وجاء هو وشرب من هذا، فإنه لا شيء عليها لأنها لم تفرط.
أما ما ورد في السؤال من أن الوالدة شربت من هذا الشراب الذي شرب منه الطفل وقتله، لترى هل هو يقتل أو لا؟
لا يجوز لها فعل ذلك لأنه لا يجوز للإنسان أن يتناول شيئًا ضارًّا للتجربة، وأنا أعتقد أنها فعلت ذلك من باب الحنان والعطف على الطفل لما في نفسها من وفاة ولدها بهذا الشراب، فأرادت أن تخفف عن نفسها وترى هل هذا يضر أو لا يضر، ولكنها أخطأت في هذا، حيث إنها عرضت نفسها للخطر، والله تعالى يقول:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] ، والقدر نفذ والحمد لله فعليها أن تصبر وتحتسب، وعليها كما ذكرنا إذا كانت متساهلة أو مفرطة أن تكفر، والله تعالى أعلم.
***
كشف المرأة وجهها
سؤال: إن هناك من يقول: إن كشف الوجه ليس حرامًا، وبذلك لا يجب تغطيته في سائر الأوقات والحج بصفة خاصة، فأرجو إفادتي جزاكم الله خيرًا؟
الجواب: الصحيح التي تدل عليه الأدلة، أن وجه المرأة من العورة، التي يجب سترها، بل هو أشد المواضع الفاتنة في جسمها، لأن الأنظار أكثر ما تصوب إلى الوجه، لأنه مركز الجمال، ومحل مدح الشعراء، أكثر في محاسن الوجه، فالوجه أعظم عورة في المرأة، مع ورود الأدلة الشرعية
على وجوب ستر الوجه، من ذلك قوله تعالى:{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] ، فضرب الخمار على الجيوب يلزم منه تغطية الوجه، ولما سئل ابن عباس رضي الله عنهما، عن صفة ذلك، غطى وجهه، وأبدى عينًا واحدة، فهذا يدل على أن المراد بالآية تغطية الوجه، وهذا هو تفسير ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لهذه الآية، كما رواه عنه عبيدة السلماني، لما سأله عن ذلك، ومن السنة أحاديث كثيرة، منها أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المحرمة أن تنتقب، وأن تلبس البرقع، فدل على أنها قبل الإحرام كانت تغطي وجهها، وليس معنى هذا، أنها إذا أزالت البرقع والنقاب حال الإحرام أنها ستبقي وجهها مكشوفًا، بل تستره بغير النقاب وبغير البرقع، بدليل «حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم محرمات فكان إذا مر بنا الرجال سدلت إحدانا خمارها من على رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه.»
فالمحرمة وغير المحرمة يجب عليها ستر وجهها عن الرجال الأجانب، لأن الوجه مركز الجمال، وهو محل النظر من الرجال، فلا حجة صحيحة مع من يرى أن الوجه ليس بعورة، وإنما الحجة الصحيحة مع من يرى أنه عورة، والله تعالى أعلم.
***