المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم الحجاب في حق المرأة - مجموع فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان - جـ ٢

[صالح الفوزان]

فهرس الكتاب

- ‌كتابالصيام

- ‌رؤية الهلال

- ‌النية في صوم رمضان

- ‌توقيت الإمساك والإفطار

- ‌الشك في طلوع الفجر

- ‌التكحل في نهار رمضان

- ‌التسوك في نهار رمضان

- ‌العمل الشاق لا يبيح الفطر في رمضان

- ‌الصوم عن المتوفى

- ‌ ليلة القدر وليلة الإسراء

- ‌صلاة التراويح

- ‌ زكاة الفطر

- ‌كتابالزكاة

- ‌زكاة ما سقي بمؤونة

- ‌الخضروات لا زكاة فيها

- ‌كتابالحج والعمرة

- ‌الأشياء المحرمة على المحرم

- ‌ طواف الوداع

- ‌تكرار العمرة

- ‌كتابالبيوع

- ‌البيع بالمزاد العلني

- ‌ انتفاع المرتهن بالرهن

- ‌يأخذ مقابل عمله نسبة من الربح

- ‌ الربا

- ‌بيع الذهب بالذهب

- ‌ اللقطة

- ‌الوقف

- ‌كتاب النكاح

- ‌الزواج يشرع عند الحاجة

- ‌عقد غير صحيح

- ‌تزويج المرأة نفسها

- ‌المهر ملك الزوجة

- ‌ اختيار الأزواج الصالحين

- ‌تصرف خاطئ

- ‌ضرب الزوجة

- ‌ نكاح الشغار

- ‌حرمة الزواج من امرأة الأب

- ‌المغالاة في المهور

- ‌الإسراف في مناسبات الزواج

- ‌ حبوب منع الحيض

- ‌العقيقة

- ‌العقيقة عن المتوفى

- ‌الحكمة من تحريم الجمع في الزواج بينالأختين وغيرهما

- ‌الأصل بقاء النكاح

- ‌كتابالأسرة

- ‌الاعتراض على الوالد

- ‌منع الأب من رؤية ابنته

- ‌الأعمال التي تنفع الوالدين

- ‌أعمام وأخوال الوالدين من المحارم

- ‌الإحسان إلى الأبناء

- ‌حكم الحجاب في حق المرأة

- ‌كتابالرضاع

- ‌لبن الفحل

- ‌الابن الأصغر لا علاقة له بالرضاع

- ‌الزواج من حفيدات المرضعة

- ‌الرضاع من الجدة

- ‌خالها من الرضاعة

- ‌كتابالميراث

- ‌حق المرأة في الميراث

- ‌الميراث والأمانة

- ‌الميراث للبنت ولولد الأخ من الأب

- ‌ابن الابن لا يرث مع وجود الابن

- ‌كتابالظهار والطلاق

- ‌كتابالبدع

- ‌الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جماعة جهرًادبر كل صلاة

- ‌الدعاء الجماعي بعد الصلاة

- ‌صلاة المريضبالإيماء باليد أو الأصبع

- ‌استعمال المسبحة

- ‌ قراءة الفاتحة لروح الميت

- ‌إهداء ثواب قراءة الفاتحة للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الاحتفال بالمولد النبوي

- ‌كتب بدعية

- ‌كتابالتمذهب

- ‌التقليد لا يحرم مطلقًا

- ‌كتابالأدب

- ‌الوفاء بالعقود

- ‌التبرع بالدم

- ‌الغيبة

- ‌التحايل على الأنظمة

- ‌دخول الحمام بالحلي المكتوب عليها اسم الله تعالى

- ‌قتل الخطأ

- ‌ التوبة الصادقة

- ‌الشك والظن لا يعتبر قذفًا

الفصل: ‌حكم الحجاب في حق المرأة

‌حكم الحجاب في حق المرأة

سؤال: ما حكم الحجاب في حق المرأة المسلمة؟ فكثيرًا ما تتعرض المرأة المحجبة عندنا للسخرية والنقد من الغير، هل هو واجب في جميع المذاهب الأربعة، وما تفسير الآية الكريمة:{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ} [النور: 31] ، إلى آخر الآية، وهل معنى قوله تعالى:{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} أي: يغطين رؤوسهن وصدورهن مع العنق؟. وهل يدخل الوجه في هذا؟ إذا كان كذلك فما معنى قوله: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} ؟

الجواب: الحجاب واجب بإجماع المسلمين، لقوله تعالى:{وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53] ، والضمير إن كان لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم فهو عام لجميع الأمة، لقوله:{ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} ، فهذا تعليل يشمل جميع الأمة، لأن طهارة القلوب مطلوبة لكل الأمة.

وبعدها قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: 59] ، فهذا عام لجميع النساء من أمهات المؤمنين وبنات الرسول وغيرهن من نساء المؤمنين. فالحجاب واجب بإجماع المسلمين، والسفور حرام.

وأما المراد بقوله تعالى: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} : فالصحيح من قولَي المفسرين أن المراد بما ظهر منها: زينة الثياب، والحلي، لا زينة الجسم،

ص: 599

فالمراد بالزينة الظاهرة الزينة التي تلبسها المرأة إذا ظهر شيء منها من غير قصد فإنها لا تؤاخذ على ذلك، أما إذا تعمدت وأظهرته فإنها تأثم بذلك. ويحرم عليها، لقوله:{إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} ، ظهر: يعني ظهر من غير قصد.

وأما قضية اسدال الخمار {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} ، فهو كما ذكرت السائلة أنها تفضي بخمارها، والمراد بالخمار غطاء الرأس، أنها تغطي بخمارها وجهها ونحرها، تدلي الخمار من رأسها على وجهها وعلى نحرها خلافًا لما كان عليه الأمر في الجاهلية فإن نساء الجاهلية كن يكشفن نحورهن وصدورهن ويسدلن الخمار من ورائهن كما جاء في كتاب التفسير والله جل وعلا أمر نساء المسلمين أن يضربن بخمرهن على جيوبهن، والمراد بالجيب: فتحة الثوب من أعلى النحر من الأمام، فهذا يستلزم أن تغطي المرأة وجهها ونحرها، ولا يظهر شيء من جسمها، ولأن الوجه هو أعظم زينة في جسم المرأة، وهو محل الأنظار، وهو محل الفتنة ومركز الحسن والجمال، فهذا هو الصحيح في تفسير الآية الكريمة أن الوجه يجب ستره وإن كان بعض العلماء يرى جواز كشفه، وكشف الكفين، لكن كل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا القول لا يتناسب وسياق الآية وما فسرها به أئمة السلف من الصحابة والتابعين، حتى إن ابن عباس رضي الله عنه لما سأله عبيدة السلماني: عن معنى قوله: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} ، أدنى عبد الله بن عباس على وجهه وأبدى عينًا واحدة تبصر بها الطريق، فهذا تفسير منه للآية.

ص: 600

وكان ابن مسعود يفسر قوله تعالى: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} بأن المراد به زينة الثياب كما ذكرنا وليس زينة الوجه كما قاله من قاله، فيكون ابن عباس إذا رجع إلى قول ابن مسعود في آخر الأمرين، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية.

فقد كان في أول الأمر يجوز للمرأة أن تبدي وجهها، ولكن بعدما نزلت آية الحجاب نسخ ذلك وصار يجب عليها تغطية وجهها.

***

قص المرأة شعر رأسها

سؤال: هل يجوز للمرأة أن تقص بعض شعر رأسها من الأمام للزينة أم لا؟

الجواب: الذي ينبغي للمرأة أن تحافظ على شعر رأسها لأنه جمالها وزينتها ولا ينبغي لها أن تقصه لأن في ذلك تشبهًا بالكافرات وبالنساء الفاسقات، وفيه تضييع أيضًا لشعرها الذي هو جمالها.

والنبي صلى الله عليه وسلم أمر المرأة إذا حلت من النسك من حج أو عمرة أن تأخذ من شعرها قدر أنملة فقط، مما يدل على أنه ينبغي لها المحافظة على هذا الشعر وصيانته.

***

مصافحة المرأة الأجنبية

سؤال: ما حكم مصافحة المرأة الأجنبية، وما حكم مصافحة النساء عمومًا؟

الجواب: لا يجوز للرجل أن يصافح امرأة أجنبية، لأن في ذلك فتنة للرجل والمرأة، فلا يجوز للرجل أن يصافح امرأة ليست من محارمه، لأن

ص: 601

مس الرجل للمرأة ومصافحته لها مما يثير الفتنة، ومما يسبب الشر بينهما.

وكذلك مصافحة النساء عمومًا للرجال على هذا المنوال إذا كن غير محارم لهم، فإنه لا يجوز أن يصافحنهم.

***

السفر بالطائرة

سؤال: هل يجوز للمرأة أن تسافر في عصرنا الحاضر بواسطة الطائرة لوحدها، علمًا أن شروط أمن الفتنة متوفرة بسبب وجود من يوصلها إلى المطار ويستقبلها في المطار الآخر، علمًا أن أبعد مسافة تقطعها الطائرة بساعات معدودة، بمعنى أن الطيران متواصلًا قد لا يصل إلى يوم أو يومين؟

الجواب: لا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم، سواء في طائرة أو على سيارة، أو على دابة، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:«لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرًا يكون ثلاثة أيام فصاعدًا إلا ومعها أبوها أو زوجها أو ابنها أو أخوها، أو ذو محرم منها» .

وهذا نص عام لكل زمان ومكان، ولكل الأحوال، فما دامت أنها ستسافر، فإنه لا بد لها من محرم، عملًا بالحديث الشريف، وأما قولها: إن الطائرة تؤمن فيها الفتنة، فهذا ليس بسليم، لأن الطائرة يعتريها ما يعتريها من الأمور التي تعطلها عن سيرها، وقد تنزل في مطار غير المطار من الخلل، فالمرأة بحاجة إلى محرم يكون معها يتولى شأنها، ويحافظ عليها.

ثم من المعروف أن الطائرة موزع فيها مقاعد، وقد يجلس إلى جانبها

ص: 602

أجنبي عنها، غير محرم لها، ولا تتمكن من الجلوس في مقعد خاص بها لا يجلس معها غيرها، وهذا لا يجوز.

فالحاصل: أنه قد تكون حالة الطائرة أحوج إلى المحرم من غيرها، لما يعتريها من العوارض، ولما يحصل فيها من الاختلاط، ولما ينشأ من طول المسافة والسفر من الحاجة إلى المحرم، ولا يكفي أن يذهب بها محرمها إلى المطار ويستقبلها المحرم الآخر في المطار الآخر، من الذي يؤمن لنا أن هذه الطائرة ستستمر من المطار الذي غادرته إلى المطار الذي تقصده.

سؤال: إذا قول الرسول في الحديث: «ثلاثة أيام» ليس المقصود التقيد بالزمن، بل بعلة الحكم؟

الجواب: قول الرسول صلى الله عليه وسلم عام: «ثلاثة أيام» يعني باعتبار مشي الأقدام وسير الأحمال، سواء قطعه بمده طويلة أو بمدة يسيرة، لا يقدر بالزمن، وإنما يقدر بالمسافة، أما الزمن فيختلف باختلاف وسائل النقل، قد يقطعه في ساعة، وقد يقطعه في أيام، أو في شهر أو في أشهر، هذا لا يعلق فيه حكم، يعني طول السير، أو مدة السير طولًا وقصرًا لا يتعلق بها حكم، وإنما يتعلق هذا بالمسافة.

***

عرائس الأطفال

سؤال: ما حكم اقتناء بعض الصور المجسمة التي تسمى العرائس للأطفال، وتباع في الأسواق، هل هذا جائز أم محرم؟

الجواب: أولًا: اقتناء الصور عمومًا سواءً كانت مجسمة أو مرسومة

ص: 603

باليد أو فوتوغرافية، مما يؤخذ بالآلة، هذا حرام لا يجوز اقتناؤها وإبقاؤها في البيوت، ما عدا الصور التي تتخذ للحاجة والضرورة كالصور في الجواز والتابعية ورخصة القيادة، لأن هذه أصبحت أشياء ملزمة للناس، فهي حاجة ضرورية، أما ما عدا هذا مما يتخذ للتزين وتزيين المنزل به، أو للتذكار كما يزعمون، فهذا لا يجوز، حرام، ويأثم فاعله إثمًا عظيمًا، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة أو فيه كلب.

أما بالنسبة للعب الأطفال فقد رخص أهل العلم بترك الصور التي على هيئة لعب للأطفال خاصة، وورد الدليل بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى مع عائشة وهي صغيرة طفلة، رأى عندها شيئًا من هذه الصور وتركه.

فلعب الأطفال يسمح أو يتسامح بها إذا كانت للأطفال خاصة، على أن الصور التي وردت في الحديث لا يتبين أو يتحقق أنها مثل الصور الموجودة الآن، إنما قد تكون صور مركبة من أعواد أو ما أشبه ذلك مما كان معروفًا في ذلك الوقت، وإلى وقت قريب، معروفة لعب الأطفال، فقد كانوا يركبون أعوادًا أو عظامًا ويجعلون عليها شيئًا من الخرق على شكل، أو يقارب مثلًا شكل اللباس ليتمرن عليها الأطفال، وللهو والتسلية، وليس فيها محظور.

أما هذه الصورة الموجودة الآن التي كأنها تحاكي الأجسام بألوانها وأشكالها، فهذه التي ينبغي أن تتلف، وأن لا تبقى حتى ولا مع الأطفال، وإنما يتخذ الأطفال صورًا مما ذكرنا، الصور التي يركبونها هم من الأعواد أو ما أشبه ذلك.

سؤال: إنما هناك من يبيح تناول مثل هذه الأشياء أو اللهو بها، خاصة بالأطفال؟

الجواب: نعم، من العلماء من يرى أن إبقاء الصور مع الأطفال لأجل

ص: 604

اللعب بها، أنه لا بأس به، رخص فيه، أما أن تقتنى في البيوت وتجعل في البيوت للزينة والتذكار أو ما أشبه ذلك، فهذا حرام، بإجماع المسلمين، خصوصًا الصور التي على شكل تماثيل.

سؤال: هناك شيء آخر: الذي هو مثل بعض الحيوانات أو الطيور بعد أن تموت ربما تحشى جلودها بما يشبه جسمها وهي حية، وتبقى كشكلها وهي حية، وتوضع في البيوت للزينة، هل تأخذ هذه حكم الصور؟

الجواب: نعم تأخذ حكم الصور؛ لأنها من العبث، ولأنها وسيلة أيضًا إلى التوسع بهذا الأمر، وأن تتخذ الصور المجسمة والتماثيل في البيوت إذا فتح هذا الباب. حتى ولو كانت طيورًا محنطة أو حيوانات محنطة لا ينبغي هذا لأن هذا من العبث، ولا مصلحة فيه، ولأنه فتح باب لاتخاذ التماثيل.

ثم إن تحنيط هذه الحيوانات أيضًا - وهذه جيف وميتات والميتة نجسة لا يجوز لمسها واستعمالها، وتحنيطها - لا يرفع عنها حكم النجاسة فهي أيضًا ممنوعة من ناحية النجاسة، كما أنها ممنوعة من ناحية أن فيها فتح الباب لاقتناء التماثيل.

***

التربية لا تثبت النسب

سؤال: هناك امرأة تبنت ولدًا، وربته مع أولادها، ولكنها لم ترضعه، فهل يجوز لها أن تزوجه من إحدى بناتها، وإذا أرضعته، فهل يأخذ لقب أبيهم ويرث ويورث؟

الجواب: أما مجرد أنها غذت هذا الولد من الصغر، وربته في

ص: 605

صغره، هذا لا يثبت نسبًا ولا قرابة بينه وبينها، وهو أجنبي عنها، ومن بناتها، فيجب عليها أن تحتجب منه، ويجب على بناتها أن يحتجبن منه، لأنه أجنبي عنهن، ما دام أنه لم يحصل رضاعة، وإنما الحاصل مجرد أنها ربته وغذته من الصغر، وتسميته تبني خطأ؛ لأن التبني منهي عنه في الإسلام، وليس هناك تبن إلا للأولاد، أولاد النسب، أو الأولاد من الرضاعة أما مجرد التربية والتغذية للصغير، هذا لا يثبت قرابة ولا نسبًا، ولا يسمى تبنيًا، ولا يجوز التسمية بهذا اللقب.

أما لو جرى بينه وبينها رضاعة بأن أرضعته رضاعًا كافيًا، بأن يكون خمس رضعات فأكثر، وأن يكون ذلك في الحولين، فإنه يكون ابنًا لها من الرضاعة، وتكون بناتها أخوات له، ومحارمها يكونون محارم له، لقوله صلى الله عليه وسلم:«يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» ، وفي حديث آخر:«الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة» ، فهو يكون ابنًا لها في المحرمة فقط، أما أنه يرث منها أو ترث منه فلا، لأن الرضاعة لا تثبت ميراثًا، وإنما تثبت المحرمية فقط، أما الإرث، فهو خاص بالقرابة من النسب، والله تعالى أعلم.

سؤال: بالنسبة للزواج ما لم يكن هناك رضاعة هل يجوز أن يتزوج من بنات هذه الأم؟

ص: 606

الجواب: ما لم يكن هناك رضاعة بينه وبينها، أو بينه وبين أحد من بناتها أو أخواتها، فإنه لا بأس في ذلك، لأنه أجنبي منها، حتى لو تزوج منها هي لا مانع، لأنه أجنبي منها.

***

تخصيص مقبرة لكل أسرة

سؤال: في مجتمعنا عادة بالنسبة للمقابر فكل أسرة من الأسر تخصص لها مكانًا من أرضها مقبرة، لا يقبر فيها إلا من هو من تلك الأسرة، وأحيانًا تكون الأرض المخصصة للمقبرة صغيرة، فيدفنون في القبر الواحد أكثر من ميت إلى أن يصير أحيانًا أربع طبقات أو خمس، إضافة إلى نوع آخر من القبور نسميه الفاسقية، وهذه يكون فيها من الموتى عدد كبير، هل يجوز هذا العمل أم لا؟

الجواب: من حيث المبدأ لا مانع أن تخصص كل أسرة أرضًا تكون مقبرة لأفرادها ما دام أن هذه البقعة صالحة للدفن وواسعة، تسع أمواتًا كثيرين، فإذا انتهت، وضاقت، ولم يبق فيها محل للقبور المستقبلية، فإن الموتى يدفنون في مكان آخر، ولا يدفنون في القبور التي سبقوا إليها، لأنه لا يجوز أن يدفن في القبر المتقدم قبر جديد، إلا بعدما يتحلل جسم الأول، ويفنى، ولا يبقى له بقية، أما ما دام الجسم الأول له بقية وله رفات، فإنه لا يجوز أن يدفن معه ميت آخر لأن الأول سبق إلى هذا وصار مختصًّا به، ولو كان بينهما فاصل، لأن نبش القبر، وحفر القبر من جديد، وفتح القبر من جديد، هذا لا يجوز، لأنه لا مبرر له، فعليهم أن يدفنوا موتاهم في مكان آخر مهما أمكن ذلك، ولا يضايقوا الأموات الأولين.

ص: 607

سؤال: بالنسبة للنوع الآخر الذي يسمونه الفاسقية؟

الجواب: كذلك، كما ذكرنا أنه لا يجوز أن يحفر القبر الذي فيه ميت قد سبق، ودفن فيه، لا يجوز أن يحفر مرة أخرى إلا بعد ما يتحلل الميت الأول ويتلاشى.

سؤال: إذا كان الموتى في وقت واحد هل يجوز في هذه الحالة أن يجمع أكثر من واحد؟

الجواب: إذا كان القتلى كثيرين وليس هناك من يستطيع دفن كل ميت على حدة، عند الحاجة لا بأس بذلك.

***

الأملاك لأصحابها ما لم توهب

سؤال: نحن أربعة أيتام، ولنا ثلاثة أعمام جميعهم أحياء يرزقون، ومنهم اثنان غير موجودين في الوطن، وأكبرهم سنًّا موجود، وقد أخذ واستولى على جميع ممتلكات أخويه الاثنين الغائبين من الأطيان وغيرها، ولا يعطينا منها شيئًا، ونحن أولاد أخيه الأصغر، أربعة أيتام، وقد بلغنا رشدنا وقد رفض أن يعطينا شيئًا من ممتلكات أعمامنا بحجة أنه أخوهم، فهل لنا شرعًا بمطالبته بإعطائنا جزءًا من أراضي أعمامنا، أم لا، وهل له هو حق التصرف فيها؟

الجواب: أعمامكم الغائبين ما داموا على قيد الحياة، فالأملاك لهم، لم تنتقل عن ملكيتهم، ولا لعمكم استحقاق فيها، وليس لكم أنتم أيضًا فيها استحقاق، لأنها ملك لأصحابها إلا إذا كانوا وهبوبها لأخيهم، أو

ص: 608

أذنوا له في أن ينتفع بها، فلا بأس بذلك، وتكون هبة إذا كانوا وهبوها له، أو ينتفع بغلتها إذا كانوا أباحوا له ذلك، ولا يلزمه أن يعطيكم إلا إذا كان أصحاب الأراضي وهبوا لكم شيئًا منها، أو من غلتها، أما إذا لم يهبوا لكم شيئًا، ولا من غلتها، فليس لكم فيها استحقاق.

الحاصل: أن الأملاك باقية على ملك أصحابها ولو كانوا غائبين، وليس للحاضر من إخوتهم أن يتملكها إلا بإذنهم، وكذلك ليس له أن يستغلها إلا بإذنهم، فما سمحوا به له، جاز له، وما لم يسمحوا فهو على ملكهم.

***

الظروف القاسية

سؤال: مرت بي منذ بداية حياتي ظروف قاسية وأزمات شديدة متكررة، أدت بي في النهاية لحالة من ضيق الصدر الشديد، تلازمني دائمًا، ورغم أنني أحاول التغلب عليها قدر استطاعتي، إلا أنني عند مواجهتي لبعض الخلافات أجد نفسي وبدون وعي أقوم بشق ملابسي وتمزيقها، وقد حدثت هذه الحالة مني قريبًا كما حدثت مرتين قبلها أيضًا وبعدها شعرت بالندم الشديد واستعذت بالله كثيرًا، ودعوت الله بالمغفرة والصفح وأن يشفيني مما أنا فيه ومنذ تلك الحادثة وأنا أشعر بحالة دائمة من الخوف والفزع خاصة وأن سني الآن يقارب الخمسين سنة وأطلب من الله حسن الخاتمة، فأرجو التكرم بإلقاء الضوء على هذه المشكلة، والحكم الشرعي فيمن يتصرف بمثل هذه التصرفات، وماذا يجب علي عمله حتى يعود الاطمئنان إلى نفسي، جزاكم الله خير الجزاء.

ص: 609

الجواب: أما بالنسبة لما يصيب الإنسان في هذه الدنيا من الهموم والمضايقات والأحزان، فهذا شيء يجري به القضاء والقدر على العباد امتحانًا لهم، فعلى المؤمن أن يصبر ويحتسب، ولا يجزع ولا يتسخط، لأنه لا يصيبه شيء إلا كان خيرًا له، إن أصابته سراء وشكر عليها، كان خيرًا له، وإن أصابته ضراء، وصبر عليها كان خيرًا له، فالمؤمن بإيمانه لا تحصل منه أشياء تتنافى مع صفات المؤمنين، بل عليه أن يصبر، ويحتسب الأجر عند الله سبحانه وتعالى، والنصر مع الصبر، والفرج قريب.

ومن ذا الذي يسلم في هذه الحياة من المكدرات والمنغصات.

أما بالنسبة لشق الثوب، هذا شيء لا يجوز قطعًا، لأنه من أعمال الجاهلية، فإن من أعمال الجاهلية: شق الجيوب، ولطم الخدود، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«ليس منا من شق الجيوب ودعى بدعوى الجاهلية» ، أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

فعلى المسلم أن يصبر ولا يعمل عملًا يعبر عن الجزع والسخط ولا يقول قولًا: يعبر عن السخط والجزع من قضاء الله وقدره، بل عليه أن يصبر ويحتسب، فما فعلته من شق ثوبك عدة مرات، هذا خطأ وحرام، ولكن عليك أن تتوب إلى الله سبحانه وتعالى، ولا تعود لمثل هذا، والله يتوب على من تاب.

***

ص: 610