المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الظهار والطلاق - مجموع فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان - جـ ٢

[صالح الفوزان]

فهرس الكتاب

- ‌كتابالصيام

- ‌رؤية الهلال

- ‌النية في صوم رمضان

- ‌توقيت الإمساك والإفطار

- ‌الشك في طلوع الفجر

- ‌التكحل في نهار رمضان

- ‌التسوك في نهار رمضان

- ‌العمل الشاق لا يبيح الفطر في رمضان

- ‌الصوم عن المتوفى

- ‌ ليلة القدر وليلة الإسراء

- ‌صلاة التراويح

- ‌ زكاة الفطر

- ‌كتابالزكاة

- ‌زكاة ما سقي بمؤونة

- ‌الخضروات لا زكاة فيها

- ‌كتابالحج والعمرة

- ‌الأشياء المحرمة على المحرم

- ‌ طواف الوداع

- ‌تكرار العمرة

- ‌كتابالبيوع

- ‌البيع بالمزاد العلني

- ‌ انتفاع المرتهن بالرهن

- ‌يأخذ مقابل عمله نسبة من الربح

- ‌ الربا

- ‌بيع الذهب بالذهب

- ‌ اللقطة

- ‌الوقف

- ‌كتاب النكاح

- ‌الزواج يشرع عند الحاجة

- ‌عقد غير صحيح

- ‌تزويج المرأة نفسها

- ‌المهر ملك الزوجة

- ‌ اختيار الأزواج الصالحين

- ‌تصرف خاطئ

- ‌ضرب الزوجة

- ‌ نكاح الشغار

- ‌حرمة الزواج من امرأة الأب

- ‌المغالاة في المهور

- ‌الإسراف في مناسبات الزواج

- ‌ حبوب منع الحيض

- ‌العقيقة

- ‌العقيقة عن المتوفى

- ‌الحكمة من تحريم الجمع في الزواج بينالأختين وغيرهما

- ‌الأصل بقاء النكاح

- ‌كتابالأسرة

- ‌الاعتراض على الوالد

- ‌منع الأب من رؤية ابنته

- ‌الأعمال التي تنفع الوالدين

- ‌أعمام وأخوال الوالدين من المحارم

- ‌الإحسان إلى الأبناء

- ‌حكم الحجاب في حق المرأة

- ‌كتابالرضاع

- ‌لبن الفحل

- ‌الابن الأصغر لا علاقة له بالرضاع

- ‌الزواج من حفيدات المرضعة

- ‌الرضاع من الجدة

- ‌خالها من الرضاعة

- ‌كتابالميراث

- ‌حق المرأة في الميراث

- ‌الميراث والأمانة

- ‌الميراث للبنت ولولد الأخ من الأب

- ‌ابن الابن لا يرث مع وجود الابن

- ‌كتابالظهار والطلاق

- ‌كتابالبدع

- ‌الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جماعة جهرًادبر كل صلاة

- ‌الدعاء الجماعي بعد الصلاة

- ‌صلاة المريضبالإيماء باليد أو الأصبع

- ‌استعمال المسبحة

- ‌ قراءة الفاتحة لروح الميت

- ‌إهداء ثواب قراءة الفاتحة للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الاحتفال بالمولد النبوي

- ‌كتب بدعية

- ‌كتابالتمذهب

- ‌التقليد لا يحرم مطلقًا

- ‌كتابالأدب

- ‌الوفاء بالعقود

- ‌التبرع بالدم

- ‌الغيبة

- ‌التحايل على الأنظمة

- ‌دخول الحمام بالحلي المكتوب عليها اسم الله تعالى

- ‌قتل الخطأ

- ‌ التوبة الصادقة

- ‌الشك والظن لا يعتبر قذفًا

الفصل: ‌ ‌كتاب الظهار والطلاق

‌كتاب

الظهار والطلاق

ص: 639

كفارة الظهار

سؤال: شاب متزوج وقد حصل بينه وبين أم زوجته شجار فقال لها: ابنتك علي أم بعد اليوم، فما الحكم في هذا القول وهل يجوز أن يعيش مع زوجته بعد هذا؟

الجواب: إذا قال: ابنتك علي أم، معناه أنه ظاهر منها، كأنه يقول: هي علي كأمي، أو هي علي كظهر أمي، وهذا حرام كما قال الله تعالى:{وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [المجادلة: 2] ، فهي ليست أمه، وإنما هي زوجته، يحرم عليه أن يتلفظ بهذا الكلام، ولكن لما حصل منه هذا الشيء، فإنه لا يجوز له أن يقربها حتى يكفر كفارة الظهار، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا على الترتيب.

أولاً: العتق إذا قدر عليه.

ثانيًا: إذا لم يقدر على العتق وجب عليه الصيام.

ثالثًا: إذا لم يستطع الصيام وجب عليه الإطعام ستين مسكينًا، ولا يقرب زوجته حتى يكفر هذه الكفارة.

***

سؤال: ما حكم من قال لزوجته: أنت مثل أمي، أو أنت محرمة علي مثل أختي، وذلك في وقت كان فيه في أشد الغضب من تصرفها، مع العلم أنه كان لا يقصد تحريمها بل لإرهابها وتخويفها، وكذلك يجهل حكم كلمة:"أنت مثل أمي أو أختي" فكل اعتقاده أن المرأة تحرم على زوجها بكلمة

ص: 641

الطلاق فقط، وأيضًا كان يقصد من وراء قوله ذلك أنه قد حلف طلاقًا وأصبحت بطلاقه محرمة عليه، وهو لم يحلف طلاقًا أبدًا، القصد من ذلك تخويفها، فماذا عليه الآن لاستمرار حياته مع زوجته؟

الجواب: هذه الألفاظ التي ذكرها هي ألفاظ الظهار، إذا شبهها بمن تحرم عليه كأمه وأخته، يقصد أنها تحرم مثلما تحرم أمه أو أخته، فإنه بذلك يكون مظاهرًا، والمظاهر قد بين الله سبحانه وتعالى حكمه في قوله:{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: 3، 4] .

فالذي يجب على السائل بناءً على ما ذكر أن يكفر كفارة ظهار قبل أن يمس زوجته، إما بعتق رقبة إذا كان يستطيع ذلك، فإن لم يستطع فإنه يصوم شهرين متتابعين إذا لم يجد العتق، فإن لم يستطع الصيام لمرض مزمن أو لغير ذلك من الأعذار التي تحول بينه وبين الصيام، فإنه ينتقل إلى الإطعام، إطعام ستين مسكينًا، لكل مسكين نصف صاع من البر أو غيره، ولكن ليعلم أن هذه الأمور الثلاثة على الترتيب، لا يجوز أن ينتقل عن العتق إلا إذا لم يقدر عليه، ولا يجوز أن ينتقل عن الصيام إلا إذا لم يستطعه، وهذه أمانة في ذمته، فلا يجوز له أن يمس زوجته حتى يكفر هذه الكفارة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى، على أنه يجب على المسلم أن يحفظ لسانه عن ألفاظ الظهار وألفاظ الطلاق، وغير ذلك؛ لأن هذا كما قال الله سبحانه وتعالى:{مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [المجادلة: 2] ، فالظهار، منكر وحرام وزور، لا يجوز للإنسان أن يتلفظ به، لكن إذا وقع هذا

ص: 642

وتلفظ به فإن الله سبحانه وتعالى أوجب عليه الكفارة على الترتيب الذي ذكرناه، وحتى لو نوى به طلاقًا فإن هذا صريح في الظهار، والصريح في الظهار لا يكون طلاقًا وإنما يكون ظهارًا.

سؤال: ولا فرق فيه بين حالة الغضب وحالة الهدوء؟

الجواب: لا فرق في ذلك.

***

قول: علي حرام

سؤال: حصل بين والدي ووالدتي في أول حياتهما الزوجية خلاف حاد، فقال لها والدي: أنت حرام علي، ولم يكن في ذلك الوقت يعلم أن هذا يمين أو ظهار، ولذلك فلم يؤد كفارة إلى الآن، حيث بلغ عمره تسعين سنة، ووالدتي توفيت منذ سنين، فماذا على والدي الآن أن يعمل؟

الجواب: إذا كان قال لها: أنت علي حرام وهو يقصد الظهار، وقد رجع إليها ووطئها بعد ذلك، فإنه يجب عليه كفارة الظهار، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع الصيام فإطعام ستين مسكينًا على الترتيب.

والزوج إذا قال لزوجته: أنت علي حرام، فقد اختلف أهل العلم في حكم ذلك، فالأكثر على أن هذا يجري مجرى اليمين، ويكون فيه كفارة يمين، وذهب بعضهم إلى أن هذا يكون من الظهار، وأن عليه كفارة ظهار، وعلى كل حال، الأحوط أن يكفر كفارة ظهار كما ذكرنا على الترتيب، عتق رقبة، فإن لمن يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين

ص: 643

مسكينًا، هذا هو الأحوط، والذي قال به جماعة من أهل العلم.

سؤال: حتى ولو لم يكن يقصد الظهار؟

الجواب: كلمة أنت علي حرام، يقولون: هذه من ألفاظ الظهار على هذا القول.

***

سؤال: منذ مدة طويلة وكنت يومها غائبًا عن أهلي، حضرت إلى البيت فوجدت أخي الأصغر مني يسيل الدم من رأسه ووالدي وأخواتي حوله يعالجون جرحًا في رأسه، فسألت عن الذي جرحه، فقالوا لي: إن ابن عمه ضربه على رأسه فشجه نتيجة مشاجرة وقعت بينهما، وقد غضبت كثيرًا يومها، وقلت علي الحرام لأجرحنه كما جرح أخي، وبعد مدة قليلة قام شخص بالصلح وصالحهما. السؤال: ما حكم قولي علي الحرام؟ والعرف عندنا الذي يقول: علي الحرام، كأنما يقول: علي الطلاق، ما حكم هذه اليمين؟ وهل تقع علي كفارة؟ أرشدوني بارك الله فيكم.

الجواب: الذي ينبغي للمسلم في مثل هذه المواقف الصبر والتحمل، والحلم وعدم العجلة، وعدم التسرع، فما فعلته: من هذا التسرع، وهذا الغضب، هذا لا يليق بك، وأما ما تلفظت به من ألفاظ حرام، على أن تنتقم من الجاني، فهذا يرجع إلى نيتك، إذا كنت نويت بالحرام طلاق زوجتك فإنه يكون طلاقًا على ما نويت، وإذا كنت نويت به أن الزوجة حرام، يعني قصدت بقولك: علي الحرام، أي: أن زوجتك عليك حرام، ولم تنوي به طلاقًا، فإنه يكون ظهارًا، فيلزمك كفارة الظهار.

ص: 644

وكفارة الظهار: العتق، إذا قدرت على إعتاق الرقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع الصيام لعذر شرعي، فإنك تطعم ستين مسكينًا. هذه كفارة الظهار.

أما إذا كنت نويت به يمينًا فقط، لم تنو به طلاقًا ولم تنو به ظهارًا، وإنما قلت: علي الحرام ولم تنو الطلاق ولا الظهار، فإنها تكون يمينًا مكفرة، يلزمك كفارة يمين وهي: عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوة عشرة مساكين على التخيير، أيها قدرت عليه أجزأتك، العتق أو إطعام عشرة مساكين، عن كل مسكين نصف صاع من الطعام، أو كسوة عشرة مساكين لكل مسكين ثوب، أو إزار ورداء، حسب عادة البلد، فإذا لم تستطع شيئًا من هذه الأمور الثلاثة، فإنك تصوم ثلاثة أيام، لقوله تعالى:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: 89] .

والحاصل: أن قولك: علي الحرام، فيه الأمور الثلاثة إن نويت به الطلاق فهو طلاق على ما نويت، وإن نويت به الزوجة، أي حرمت زوجتك به، فيكون ظهارًا، وإن لم تنو طلاقًا ولا ظهارًا، وإنما نويت اليمين، فإنه يكون يمينًا مكفرة والله وتعالى أعلم.

***

تكرار الطلاق ثلاثًا

سؤال: حدث خلاف بيني وبين زوجتي قلت لها على إثره: أنت طالق طالق طالق، فهل يعتبر ذلك طلقة واحدة، أم يعتبر ثلاث طلقات وفي هذه

ص: 645

الحالة تكون محرمة علي، علمًا بأنها أخبرت والدها بأنني طلقتها، فعمل على رد هذا الطلاق، ثم عدنا إلى بعضنا وكأن شيئًا لم يكن فما حكم الشرع في ذلك، وإن كانت تعتبر ثلاث طلقات وكونها لا تحل لي فهل الذنب يقع علي أم على والدها، وهل في هذه الحالة لا تحل لي إلا بعد زواجها بشخص آخر وطلاقها منه، أم يمكن كما حدث أن ترجع إلي قبل انقضاء العدة؟

الجواب: أمر الطلاق أمر عظيم وخطير، لا ينبغي التساهل بشأنه والاعتماد على قول فلان وفلان، وأقوال الجهال، والواجب أن يراجع فيه أهل العلم، وأن يسأل أهل العلم حين وقوع المشكلة، لقوله تعالى:{فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [الأنبياء: 7] .

أما كونك تبقى على هذا المشكل وتعيش مع زوجتك وأنت قد حصل منك هذا التلفظ، ترسل بسؤال قد يتأخر لمدة طويلة وتتأخر الإجابة عليه، أو لا يجاب عليه، وتبقى مع زوجتك، وأنت لا تدري؛ هل هي تحل لك أو لا تحل؟ فهذا من الإهمال ومن التفريط والإضاعة.

أما قولك: أنت طالق طالق طالق، وكررته ثلاث مرات، إذا كنت قصدت بهذا التكرار مجرد التأكيد، ولم تنو إلا طلقة واحدة، وكررتها وكررت اللفظات تأكيدًا فقط، فليس عليك إلا طلقة واحدة.

أما إذا لم تنو التأكيد، فإن هذه تكون ثلاث تطليقات، وتبين منك بينونة كبرى، لا تحل لك إلا بعد أن يتزوجها زوج آخر زواج رغبة بها، ثم بعدما يدخل بها ويستمتع بها، يطلقها رغبة عنها، لا بقصد التحليل والتحيل، وإنما يتزوجها على أنها زوجة مستمرة، ويطلقها إذا طابت نفسه

ص: 646

منها وأراد فراقها باختياره، لا بقصد أن يحلها لك، والذي أنصح لك به: أن تراجع ما دمت في الرياض أن تراجع رئاسة الإفتاء والبحوث العلمية، وتبادر بذلك، وأن تتجنب امرأتك حتى تعرف الحكم الشرعي في ذلك.

وإذا كنت في غير الرياض فتراجع أهل الفتوى، والقضاء في بلدكم، والأمر مهم جدًّا، والله أعلم.

***

الطلاق وقطيعة الرحم

سؤال: أختي تزوجت من ابن عمتي، وهذا الرجل مدمن بشرب الخمر، وعندما يشربها لم يعد يذكر، وفي مرة خنقها وكاد أن يقتلها، لولا تدارك الأهل ولكن أختي لم تعد تحتمل أعماله، فجاءت إلينا وقرر أن يطلقها، وبعد أن تم الطلاق وانقطعت الأخبار فيما بيننا وبين عائلة عمتي. أرجو من فضيلتكم الجواب على سؤال: هل القطيعة هذه تسمى قطيعة رحم؟ لأنني سمعت أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ينهى عنها لأنها من أكبر الكبائر.

الجواب: ما حصل من طلاق هذا الرجل لأختك لأنه سيئ الأخلاق، ويتعاطى المحرمات، ويشرب المسكرات، فهذا شيء طيب، لأن البعد عن أهل الشر شيء مطلوب للمسلم، ولا يجوز أن يبقى المسلم، في صحبة الفاسق، والمتساهل في دينه، لأنه يؤثر عليه، لا سيما الزوجة مع زوجها، إذا كان زوجها فاسد الأخلاق، منحرفًا عن الدين، فإنه يؤثر عليها وعلى ذريتها، فبعدها عنه، وخلاصها منه هذا فيه فرج لها، وفيه خير لها إن شاء الله، ويعوضها الله خيرًا منه، وهذا مما يؤكد على أولياء النساء أن

ص: 647

يختاروا لهن، الأزواج الصالحين، وأن يبتعدوا عن الأزواج الفساق، وسيئي الأخلاق، لأنهم يؤثرون عليهن في دينهن وفي حياتهن.

وأما القطيعة التي ترتبت على ذلك فهي أمر سيئ، فلا ينبغي أن تقاطعوا قرابتكم وأن تقطعوا أرحامكم، بل عليكم بصلة الرحم، والإحسان إلى الأقارب، وهذا الرجل إن كان تاب إلى الله، وترك ما هو عليه من شرب الخمر فكذلك تعود له الصحبة والصلة.

أما إذا كان مستمرًّا على غيه وعلى معصيته ولم يتب إلى الله، فهذا يهجر لله عز وجل، حتى يتوب إلى الله.

أما بقية القرابة فلا داعي لهجرهم، ولا يجوز هجرهم لقوله تعالى:{ولا تزر وازرة وزر أخرى} [الأنعام: 164] .

***

أمر خطير يوقع في الحرج

سؤال: حصل بيني وبين زوجتي سوء تفاهم وخرجت من البيت وأنا غاضب، وقلت: علي الطلاق لن أعود إليها، ولن أعاشرها قبل شهر، وإن عدت فهي طالق بالثلاث، قلت: هذا ثلاث مرات، ولكني بعد مضي أسبوع فقط من ذلك، عدت إليها وعاشرتها، فما الحكم فيما حصل مني من طلاق، هل يقع منه شيء أم لا، وماذا يجب علي أن أفعل الآن؟

الجواب: فإن ما ذكرته من الغضب الذي حصل منك على زوجتك واللفظ بالطلاق، هذا أمر لا يحسن منك.

ص: 648

فإنه لا ينبغي للزوج أن يتخذ الطلاق دائمًا على لسانه، ويتكلم به إذا ما حصل بينه وبين زوجته سوء تفاهم، لأن الطلاق أمر لا يستعمل إلا عند الحاجة إليه، وعند الضرورة إليه.

أما أن يهذو به الرجل، ويتلفظ به من غير مبرر، ثم بعد ذلك يقع في حرج، ويلتمس الفتاوى، فهذا أمر خطير يوقع الزوج، ويوقع المفتي في حرج منه.

أما بالنسبة لما حصل، فإن كان الغضب الذي حصل معك غضبًا مستحكمًا، زال معه شعورك، ولا تدري ماذا قلت فهذا لا أثر له، أما إن كان غضبًا دون ذلك وأنت تستشعر ما تقول وتعقل ما تقول، فإن كان قصدك من التلفظ بذلك منع نفسك من الدخول على زوجتك ومعاشرتها أثناء هذه المدة التي حددتها، فإن هذا يجري مجرى اليمين، فيكون فيه كفارة يمين، عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، مخير بين هذه الأمور الثلاثة، العتق إن تيسر أو الإطعام، أو الكسوة، والإطعام يكون لكل مسكين نصف صاع من الطعام المعتاد في البلد على عشرة أشخاص، وكذلك الكسوة لكل مسكين ثوب يجزيه في صلاته، وما زاد على ذلك فهو أفضل، فإذا لم تجد شيئًا من هذه الأمور الثلاثة، فإنك تصوم ثلاثة أيام.

أما إن كنت قصدت من التلفظ بالطلاق: إيقاع الطلاق وقصدت أن تطلق زوجتك، إذا اتصلت بها أثناء هذه المدة، فإن هذا يكون طلاقًا، فإذا خالفته فإنه يقع الطلاق، وبما أنك كررته ثلاث مرات فإنه يكون طلاقًا بائنًا، لأنه يقع ثلاث طلقات إذا لم تقصد التأكيد بتكراره، وإنما قصدت

ص: 649

بكل لفظ طلاقًا آخر، فإنه يكون طلاقًا ثلاثًا بائنًا بينونة كبرى لا تحل لك إلا بعد زوج آخر يتزوجها زواج رغبة لا زواج تحليل ويطلقها تطليق اختيار، رغبة عنها، هذا إذا كنت قصدت إيقاع الطلاق.

أما إذا كنت قصدت منع نفسك من الاتصال بها خلال المدة، فهذا يجري مجرى اليمين كما ذكرنا، وفيه الكفارة.

***

السكن مع المرأة المطلقة

سؤال: لي أخ أكبر مني سنًّا وقد تزوج من امرأة وأنجب منها أولادًا، وحصل خلاف بينه وبين زوجته، ووقع منه طلاق، ثم تزوج من امرأة ثانية غير الأولى، وطلب أن يسكن أولاده من زوجته الأولى معه في منزله ومع زوجته الثانية، فرفضت أمهم أن تفارقهم، وسكنوا جميعًا في منزل والدهم وهي طالق منه، فهي تسكن معه الآن في نفس منزل زوجته الثانية، فهل في ذلك شيء أم لا؟

الجواب: لا يجوز لها أن تسكن في بيت رجل قد طلقها وهو يدخل في هذا البيت، ويدخل غيره من غير محارمها.

أما لو كان لها بيت مستقل هي وأولادها، ولا يتعلق به سكنى المطلق، ولا يدخل عليهم ولا يسكن معهم فلا بأس بذلك، أما والحال بقيت في بيت الزوجية وهي مطلقة وكأنها زوجة له، يدخل عليها وما أشبه ذلك من لوازم، فهذا لا يجوز لها، ويجب عليها أن تبتعد عنه، وأن تكون في بيت مستقل، لا يحصل به فتنة، أو محذور.

ص: 650

سؤال: هذا الحكم في حالة كان الطلاق بائنًا منه، أو حتى لو كان طلاقًا رجعيًّا؟

الجواب: الظاهر من سؤالها أنه طلاق بائن، أما إذا كان الطلاق دون الثلاث، وهي في العدة، فهي تبقى في بيته، وتسكن معه لقوله تعالى:{لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1] ، هذا في المطلقة الرجعية ما دامت في العدة، أما المطلقة البائن، فإنها ليس لها سكنى ولا تبقى في بيت الزوجية بعد الطلاق.

***

فتاوى متفرقة في الطلاق

سؤال: طلب مني أحد الأصدقاء مبلغًا من المال يزيد عما كنت أعتقده معي في جيبي، فقلت له معتذرًا بالطلاق، ما معي إلا ثمانون جنيهًا، ونسيت أن معي أكثر من ذلك، وبعد ذلك اكتشفت الزيادة، فندمت على هذا الحلف بالطلاق علمًا أنه لم يكن في نيتي فرق زوجتي، وبعد ذلك سألت أحد العلماء لدينا، فقال لي: وقعت عليك طلقة، وعليك أن تراجعها، فجعلت أقول خلفه ألفاظ المراجعة واسترجعتها، فهل صحيح هذا أنه وقع علي طلاق واحد ولم يبق إلا طلقتان؟ وهل يجب على من صدر منه طلاق مرة أو مرتين أن يمتنع عن زوجته حتى يراجعها بالقول، أم يعتبر إتيانه لها مراجعة بالفعل، إذا كان بتلك النية؟

الجواب: أما بالنسبة للمسألة الأولى، أنك حلفت بالطلاق أنه ليس معك إلا ثمانون جنيهًا، ثم تبين لك أن معك أكثر من هذا، فهذه اليمين بنيتها على غالب ظنك، والحالف إذا حلف بما كان على غالب ظنه، ثم

ص: 651

تبين له خلاف ذلك، فإن هذا يعتبر من لغو اليمين، والله تعالى يقول:{لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} [المائدة: 89] ، فلا إثم عليك في هذا، فلم تتعمد الكذب، وإنما حلفت بناءً على غالب ظنك وكنت في نفسك ترى أنك صادق في هذه اليمين، لكن تبين لك خلاف هذا من غير قصد، فهذا من لغو اليمين ولا شيء فيه عليك، ولا يقع به طلاق، وليس عليك به كفارة يمين أيضًا، لأنه من لغو اليمين، هذا الذي يظهر لي من حالك، ومن سؤالك.

أما ما ذكرت مم تحصل به الرجعة، فلا بد من القول والتلفظ بالرجعة، أو في وطء الزوجة بنية الرجعة.

أما القول: فلا خلاف بين أهل العلم أنه يحصل به الرجعة، وأما وطؤها بنية الرجوع بدون تلفظ، فهذا موضع الخلاف بين أهل العلم، والصحيح من أقوال أهل العلم أنه تحصل به الرجعة، إذا وطئ زوجته المطلقة بنية رجعتها.

سؤال: إذا ما يفعله بعض الناس من الامتناع عن زوجته أو إخراجها من بيته بمجرد أنه تلفظ بالطلاق، هذا ليس له أصل؟

الجواب: الرجعية، لا يجوز إخراجها من بيت زوجها لأنها زوجة ولها النفقة، ولها السكنى، لقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1] ، فلا يجوز إخراج الزوجة المطلقة الرجعية من بيتها إلا بعد انتهاء عدتها إذا لم يراجعها.

ص: 652

سؤال: أنا رجل متزوج وحصلت بيني وبين زوجتي مشاجرة وغضبت جدًّا وقلت لها: طالقة على جميع المذاهب، وهي أيضًا حرمتني على نفسها وقالت: أنت أخي بعد اليوم، ولم يطل بيننا الخصام، فقد رجعنا إلى بعضنا بعد أن هدأت أعصابنا، فهل رجوعنا هذا شيء مخالف بعد أن حدث ما حدث مني من طلاق، ومنها من تحريم؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.

الجواب: أولًا: كلاكما مخطئ في ذلك التصرف، لأن الواجب على المؤمن إذا مسه شيء من الغضب أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وأن يملك لسانه من النطق الفاحش، والكلام السيئ، لأن الشيطان يتسلط على الإنسان عند الغضب، لأن الغضب من الشيطان، فالواجب علاجه بالاستعاذة بالله من شر الشيطان كما قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 201]، وقال تعالى:{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت: 36] ، هذا هو الواجب على المسلم عندما يصيبه شيء من الغضب.

أما بالنسبة لما حصل منكما من أنك تلفظت بالطلاق، وهي تلفظت بتحريمك عليها كحرمة أخيها، فهذه ألفاظ محرمة، وبما أنك قد راجعتها، فإذا كانت الرجعة حدثت في العدة ولم يكن الطلاق متكاملًا ثلاث تطليقات، فإن الرجعة صحيحة.

أما إذا كان هذا الطلاق يكمل طلاقًا سبق قبله إلى ثلاث تطليقات، فإنه لا رجعة لك عليها، أو كانت الطلقات دون الثلاث، ولكنها قد خرجت من العدة فإنك أيضًا لا رجعة لك عليها إلا بعقد جديد، وإذا

ص: 653

كانت تكاملت الثلاث، فليس لك عليها رجعة إلا بعد أن تتزوج بزوج آخر، زواج رغبة ثم يطلقها باختياره ورغبته عنها.

أما بالنسبة لما صدر منها من التلفظ بتحريمك عليها كحرمة أخيها، فهذا على الصحيح من أقوال أهل العلم يجري مجرى اليمين، فعليها كفارة يمين، بأن تعتق رقبة، أو تطعم عشرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من الطعام، أو تكسو عشرة مساكين لكل مسكين منهم ثوب يجزيه في صلاته، فإذا لم تجد واحدًا من هذه الأمور الثلاثة فإنها تصوم ثلاثة أيام.

والذي أنصح لكما به هو أن تتجنبا مثل هذه الألفاظ وأن لا يحملكما الغضب على الوقوع في مثل هذا، لأن هذا من الشيطان، وربما يوقعكما في حرج لا تستطيعان الخلاص منه.

***

سؤال: حصل بيني وبين زوجتي نقاش حاد ونحن في بلدنا، فتكلمت بكلام أغضبني جدًّا، فحلفت عليها يمينًا، إن ذهبت إلى أي دولة خارجية أن لا تكون على ذمتي، أو حليلتي، والآن قد خرجت إلى هنا في المملكة من مدة شهرين، فهل زوجتي لا زالت على ذمتي أم يكون حلفي عليها واقعًا وبالتالي ماذا علي أن أعمل لكي أسترجعها؟

الجواب: إن كان قصدك من هذا الحلف بالطلاق منع نفسك من السفر إلى دولة أخرى، ولم تقصد تعليق الطلاق على هذا الخروج، فإن هذا يجري مجرى اليمين، فإذا سافرت إلى دولة أخرى، فإنك تكفر كفارة يمين.

وكفارة اليمين كما هي منصوصة في القرآن عتق رقبة أو إطعام عشرة

ص: 654

مساكين، أو كسوة عشرة مساكين، تخير بين هذه الأمور الثلاثة، فإذا لم تجد واحدة منها، فإنك تصوم ثلاثة أيام.

أما إن كان قصدك تعليق الطلاق على السفر، فإنك إذا سافرت تكون زوجتك طالقًا.

فإن كان سبق هذا طلاق قبله، وتكامل ثلاث طلقات فإنها تكون قد بانت منك بينونة كبرى، لا تحل لك إلا بعد زوج آخر، وإن لم يسبقها طلاق، فإنه يكون طلاقًا رجعيًّا، يجوز لك أن تراجعها ما دامت في العدة، فإن خرجت من العدة قبل أن تراجعها فلا بد أن تعقد عليها عقدًا جديدًا، لأن العقد الأول انتهى بخروجها من العدة.

***

سؤال: رجل طلق زوجته ثلاثًا، وبعد ذلك أعادها أبوها إليه، وعاشا معًا بعد ذلك، وأنجبت ولدين فهل يجوز له ذلك أم لا؟

الجواب: هذا السؤال فيه إجمال، إن كان الطلاق ثلاثًا مفترقة وقد بانت بينونة كبرى فلا تحل له إلا بعد أن تنكح زوجًا غيره، نكاح رغبة، ويطلقها الزوج الثاني، فيتزوجها الأول بعقد جديد.

سؤال: يطلقها أيضًا برضاه؟

الجواب: نعم يطلقها باختياره.

أما إذا كان الطلاق ثلاثًا بكلمة واحدة، فهذا الوضع فيه خلاف بين أهل العلم، فإذا كان أحد أفتاه باسترجاعها واسترجعها، فلا بأس عليه في ذلك.

ص: 655

والحاصل: أنا نرى له أن يراجع القاضي، أو يراجع المفتي المعتمد في جهته، ويذكر له تفاصيل ما وقع، وسيجد إن شاء الله الحل الصحيح.

***

سؤال: كانت زوجتي تريد القيام بعمل ما، وكنت في ذلك الوقت غاضبًا، فقلت لها: إن قمت بهذا العمل فأنت طالق، ولأنه لم يحن وقت أدائها ذلك العمل، وبعد مضي زمن قليل، وبعد أن هدأ غضبي أذنت لها في القيام بذلك العمل، وحينما حان وقت أدائها ذلك العمل عملت، فهل وقع طلاقي في الأول، أم أن سماحي لها بعده يلغيه؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا.

الجواب: سماحك لها لا يلغي الطلاق الذي حلفت به عليها، أو علقت طلاقها بهذا الشرط الذي ذكرت، فالرجوع عن ذلك لا يفيدك شيئًا، والطلاق باق بحاله، إذا فعلت ما أردت منعها منه، فإنه إن كان قصدك بالطلاق منعها فقط ولم تقصد تعليق طلاقها عليه، فإنه يكون عليك كفارة يمين، لأن هذا يجري مجرى اليمين.

أما إن كان قصدك مما ذكرت، تعليق الطلاق على فعلها هذا الشيء، فإنه يقع عليك الطلاق، إذا فعلت ما علقته عليه.

سؤال: لكن لو كان وقت أن حلف عليها ألا تفعل، ولو كان في قرارة نفسه، أو في حقيقتها ينوي ذلك الوقت ولم يقصد المستقبل المستمر؟

الجواب: إذا كان ينوي وقتًا محددًا أنها لا تفعل هذا الشيء في وقت محدد ثم مضى، فإنها تنحل اليمين بمضي الوقت، أما إذا كان لم يحدد وقتًا، وإنما أراد منعها من هذا الفعل في أي وقت من الأوقات، فإن الحكم يتعلق به متى فعلته.

ص: 656

ومن المتأكد أنه إذا كان قصده تعليق الطلاق، فإنه يقع، فإن لم يسبقه طلاق يتكمل به ثلاثًا، فإنه يكون طلاقًا رجعيًّا، له أن يراجعها ما دامت في العدة، أما إذا تكمل بما سبقة ثلاث طلقات، فإنها تبين منه بينونة كبرى ولا تحل له إلا بعد زوج آخر.

***

سؤال: أنا أعمل بالجمهورية العربية اليمنية، وأسكن مع زميلين لي في مسكن من ثلاث غرف، وحدث مرة نزاع مع أحد الزميلين حول أحد المواضيع فثار غضبي منه وقلت: علي الطلاق بالثلاث أن هذه الغرفة لا أقعد معك فيها، وكنت آنذاك في حالة غضب، فلا أدري هل أنا قلت بالثلاث أم لا؟ ولكن بعض الزملاء الحاضرين، قالوا: إني لم أقل بالثلاث، فندمت بعد ذلك كثيرًا، وفعلًا نقلت فراشي ولم أجلس بتلك الغرفة، بل انتقلت إلى غرفة أخرى في نفس المسكن، ولكني أضطر أحيانًا إلى دخول تلك الغرفة للحاجة، فهل يقع علي طلاق بهذا، علمًا أنني عقدت النكاح على فتاة فقط ولم أدخل بها؟

الجواب: أولًا: لا ينبغي للإنسان أن يجعل الطلاق قريبًا من لسانه، يتلفظ به بكل مناسبة، لأن الطلاق لفظ ثقيل، ويترتب عليه محاذير وأضرار، فيجب على المسلم أن يبعد الطلاق عن لسانه، ولا يتخذه سلاحًا، يتلفظ به عند كل مناسبة.

أما بالنسبة لما صدر منك أيها السائل، من أنك تشاجرت مع زميلك، أو مع زملائك فتلفظت بالطلاق أن لا تدخل غرفة فيها هذا الذي تنازعت

ص: 657

معه، فهذا فيه تفصيل: إن كنت أردت أن تمنع نفسك من الدخول، ولم تقصد تطليق زوجتك، فهذا يجري مجرى اليمين، تكفر كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين مد أو نصف صاع من الطعام، أو تكسوهم، لكل مسكين ثوب يجزيه في صلاته وبذلك تنحل يمينك، وتدخل الغرفة وتسكن مع زميلك.

أما إذا كنت قصدت الطلاق، ولم تقصد اليمين، وعلقته على دخولك الغرفة، إذا حصل الدخول وقع الطلاق، وبما أنك لم تدخل بهذه الزوجة فإنها تكون بائنًا، لا رجعة لك عليها، فإذا كان الطلاق أقل من ثلاث لك أن تعقد عليها عقدًا جديدًا، برضاها ورضا وليها.

أما إذا كان الطلاق ثلاثًا، فإنها تكون بانت بينونة كبرى، لا تحل لك إلا بعد أن تنكح زوجًا آخر.

***

سؤال: رجل طلق زوجته ثلاث طلقات متفرقات، وبعد الثالثة استفتى رجلًا يحمل القرآن وأعادها إليه، وهما الآن يعيشان معًا، وقد أنجبت له ولدين بعد العودة، فما الحكم في هذه الحالة؟ وكيف يكون مصير الأولاد لو كانت الرجعة غير صحيحة؟

الجواب: ما دام أن الأمر صدر فيه فتوى، من عالم من العلماء فلا داعي للبحث فيه مرة ثانية، وإن كان في شك من صحة هذه الفتوى، أو في شك من علم هذا الرجل أو تقواه فعليه أن يراجع المفتي أو القاضي في بلده ليدرس الملابسات والأقوال، أما مجرد السؤال في مسألة هذا

ص: 658

لا يكفي، لأنه يحتاج إلى تثبت وإلى نظر في الملابسات والأحوال بين الزوج وزوجته، وأسباب الطلاق وما إلى ذلك.

***

سؤال: كنت أعمل بالعراق منذ سنتين، وقد حصلت لي قضية فحكم علي بالسجن عشر سنوات، فهل لزوجتي الحق في طلب الطلاق والحصول عليه؟

الجواب: أولًا: أنت معذور في تأخرك عنها بسبب السجن، ولكن هي إن كان عليها ضرر من هذا الانتظار، ويلحقها مضرة، فلها أن تتقدم إلى القاضي الشرعي، وينظر في قضيتها.

***

سؤال: تزوجت منذ أربع سنوات وقد من الله علينا بابنة واستمر زواجنا على ما يرام وبدون أن يعكره أي شيء، وفي يوم من الأيام حدث سوء تفاهم أدى إلى نزاع بيننا، فذهبت إلى المحكمة وكنت متوتر الأعصاب، وفي حالة نفسية سيئة، واستخرجت صك طلاق من المحكمة بهذا المعنى بثلاث طلقات متفرقات، دون أن أنطق بها، علمًا بأني لم يسبق أن طلقتها، فهل هذا الصك يعتبر ثلاث طلقات دون رجعة، أم طلقة واحدة فإذا كان يعتبر طلقة واحدة، فماذا أفعل لكي أعدل الصك؟

الجواب: ما دام أنه صدر من المحكمة صك بثلاث طلقات متفرقات على يد القاضي، فإن هذه المرأة لا تملك رجعتها، وقد بانت بينونة كبرى، وإذا كان عندك إشكال فيما صدر منك، فعليك أن تراجع القاضي الذي

ص: 659

أصدر الصك، وتسأله عما يشكل عليك.

سؤال: هو يقول أنه استحصل على الصك دون أن ينطق بالطلقات؟

الجواب: لا دخل لنا في هذا ما دام أن الأمر صدر من المحكمة، وعلى يد القاضي، فالمرجع في هذا إلى القاضي، لا دخل لنا في هذا الشيء، سواءً نطق أو لم ينطق، أو غضبان أو غير غضبان، هذا عند القاضي.

***

سؤال: ما حكم الطلقة الواحدة وبلفظ واحد محددة بزمن معين، كأن يقول الرجل لزوجته: أنت طالق لمدة شهر، هل يقع هذا الطلاق، وهل عليه إثم إن هو عاشرها، قبل انقضاء الشهر، مع العلم أنها لم تخرج من بيت زوجها في تلك الفترة؟

الجواب: نعم، يقع الطلاق، ويكون طلقة واحدة رجعية يعني له أن يراجعها ما دامت في العدة، والطلاق لا يتحدد بوقت، بأن يقول مثلًا: أنت طالق إلى شهر أو إلى سنة، الطلاق إذا صدر فإنه لا يتحدد بوقت ينتهي بانتهائه، ولكنه إذا كان دون الثلاث ولم يكن بعوض فإنه يجوز له أن يراجعها ما دامت في العدة.

***

سؤال: حلفت على زوجتي بالطلاق على الامتناع عن أخذ بعض أمتعتها حين سفرها، فأبت وأخذتها، وأنا لا أستطيع عمل شيء منعًا للمشاكل التي قد تترتب على المشاجرة معها، وخصوصًا أنني غريب عن

ص: 660

الوطن، وقد سبق لي أن حلفت عليها سابقًا وذهبت إلى أحد العلماء ورد لي اليمين، فهل هي طالق في هذه الحالة؟ وإذا كانت كذلك، فما هو الواجب علي تجاه الطفلين اللذين معها؟

الجواب: إذا حلفت على امرأتك بالطلاق، تقصد منعها من فعل شيء كأخذ متاع أو غير ذلك، فإن كنت تريد تعليق الطلاق على فعل هذا الشيء، ونويت أنه إذا حصل هذا الشيء، فإنه يقع الطلاق، فهذا يعتبر طلاقًا يلزمك.

أما إذا كان قصدك مجرد المنع ولم تقصد الطلاق، وإنما قصدت منعها من ذلك الشيء فهذا يعتبر يمينًا فيه عليك كفارة يمين، إذ خالفت زوجتك ما أردته منها، وهي عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من الطعام، أو كسوتهم لكل مسكين ثوب، فإذا لم تستطع شيئًا من هذه الثلاثة لا العتق ولا الإطعام ولا الكسوة، فإنك تصوم ثلاثة أيام، ويكون ذلك كفارة لحلفك بالطلاق، على الصحيح من قولي العلماء، والله تعالى أعلم.

***

سؤال: لقد حصلت خصومة بيني وبين أخت زوجتي، وعلى إثرها حلفت باليمين وقلت: علي الطلاق وتكون محرمة علي مثل أمي وأختي -هذا الطلاق قلته لزوجتي- بأن لا تكلمي أختك، طول ما أنا حي، وبعدها سافرت خارج البلاد، وقد علمت بأنه تم الصلح بينهما، ومع العلم، لقد حلفت سابقًا وأديت كفارة اليمين "كفرت عنها" فما الحكم في هذا؟

ص: 661

الجواب: الحكم في هذا، أنك تذكر أنك طلقت وظاهرت من زوجتك أن لا تكلم أختها، فإذا كان قصدك من هذا منع زوجتك من تكليم أختها، ولم تقصد إيقاع الطلاق، ولم تقصد الظهار فإنه يكون عليك كفارة يمين، أن تكفر عن يمينك على الصحيح من قولي العلماء، وبهذا تنحل هذه الأيمان والله تعالى أعلم.

***

سؤال: وقع شجار بيني وبين زوجتي فغضبت عليها غضبًا مؤلمًا، وضربتها ضربًا مؤلمًا، وحلفت عليها بالطلاق، ولكن زوجتي أبت أن تفارق البيت وعاد كل شيء إلى مجراه الطبيعي، واستمرت حياتنا الزوجية، وبعدها أنجبت ثلاثة أطفال، ولهذه اللحظة لم يعلم بما حصل بيني وبينها إلا الله سبحانه وتعالى، فماذا يجب علي أن أعمله الآن؟

الجواب: أما ما ذكرته من غضبك على زوجتك وضربك لها فهذا شيء لا تحمد عليه، ولا يجوز منك، يجب عليك إذا غضبت أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وألا تضرب زوجتك، وتسيئ إليها إلى هذا الحد.

أما ما ذكرت من حلفك بالطلاق، فأنت لم توضح ما تلفظت به، هل مرادك أنك حلفت عليها بالطلاق لتمنعها من شيء، أو لتحثها على فعل شيء، هذا يجري مجرى اليمين، على الصحيح، من قولي العلماء، فعليك كفارة يمين، أما إذا كان قصدك من الحلف بالطلاق، أنك أوقعت عليها الطلاق منجزًا طلقتها بدافع ما حصل منك من الغضب والضرب، وغضبك هذا لم يخرجك عن الشعور، فالطلاق يقع إذا كان دون الثلاث وراجعتها، وتعتبر الرجعة صحيحة.

ص: 662

الحاصل: أن هذا لا بد فيه من توضيح لما حصل منك في هذا الطلاق، وأرى لك أن تتصل بأحد العلماء المفتين المعتمدين، وتذكر له ما حصل منك، وستجد الإجابة الشافية إن شاء الله تعالى.

***

سؤال: رجل طلق زوجته وهو في حالة غضب شديد فقال: أنت طالق بالثلاث لا فتوى ولا رجعة، أنت طالق بالثلاث لا فتوى ولا رجعة، أنت طالق بالثلاث لا فتوى ولا رجعة، هذا نص ما قاله، وبعد ذلك أخذوا بفتوى القاضي، وتم عقد جديد بينهما وعادا إلى بعض، وبعد مدة طويلة، حلف أيضًا بالطلاق على زوجته إذا علمت عملًا ما، فماذا تفعل الزوجة الآن وهي بحاجة إلى مثل ذلك العمل، الذي علق الطلاق على فعلها له، هل إذا فعلته تكون طالقة أم لا؟

الجواب: أما بالنسبة لما ذكر في الأول أنه حصل منه طلاق وتلفظ بالطلاق عدة مرات، وأنهم راجعوا القاضي وأفتاهم بأن عقد لهم عقدًا جديدًا، هذا راجع إلى القاضي وهو يعرف ملابسات القضية وما حولها، فهو الذي ينظر فيها.

أما بالنسبة لحلفه بالطلاق على أن لا تفعل شيئًا عينه، وهي بحاجة إلى فعله، فإنه حينئذ إذا لم يكن قصده إيقاع الطلاق، وإنما قصده منعها من ذلك الشيء فقط فحينئذ عليه كفارة يمين، يكفر كفارة يمين، وتنحل وبعد ذلك تفعل ما حلف على منعها منه.

***

ص: 663

سؤال: ما الحكم الشرعي فيمن حلف على زوجته بالطلاق أو الظهار ألا تفعل شيئًا ثم سافر عنها، ولا يعلم هل خالفت يمينه أم لا، وإن فعلت وهو لم يعلم بذلك، فما الحكم؟

الجواب: إذا حلف على زوجته بالطلاق أو الظهار بقصد منعها من عمل شيء من الأشياء، فهذا يأخذ حكم اليمين يكفر كفارة يمين وينحل، أما لو فعلت في غيبته ما نهاها عنه وحلف عليها أن لا تفعله، فإنه يحنث بذلك، ولو لم يعلم، لأنه حلف عليها ألا تفعل فخالفت اليمين، وإذا خالفت اليمين متعمدة ذاكرة لهذا الحلف، فإن الحالف يأثم بذلك، وتكون عليه الكفارة، سواءً علم أو لم يعلم.

سؤال: في هذه الحالة طبعًا تعتد إذا كانت مطلقة، وتبدأ العدة من وقت المخالفة؟

الجواب: هي لا تطلق إذا كان قصده من الطلاق منعها من ذلك، هذا يكون يمينًا، تحله الكفارة.

أما إذا كان قصد، تطليقها إذا فعلته فهي تطلق من حين يقع منها هذا الشيء، المخالفة، إذا فعلته مختارة ذاكرة لليمين.

سؤال: إذا انتهت عدتها ولم يعلم هو أنها خالفته؟

الجواب: العدة لا تتعلق بعلمه، وإنما تتعلق بحصول المعلق عليه، فإذا فعلت ما نهاها عنه وما علق عليه الطلاق فإنه يبدأ طلاقها من حين فعلها، وتنتهي عدتها بمضي وقتها سواءً كان بالحيض أو بالأشهر، سواءً علمه أو لم يعلمه.

سؤال: يعني لو عاشرها بعد ذلك تكون عشرة محرمة، وعليها الإثم الأكبر لأنها هي المتسببة وهو جاهل بما عملت؟

ص: 664

الجواب: هذا يختلف باختلاف الطلاق، إذا كان الطلاق رجعيًّا، وعاشرها في زمن العدة، لا بأس بذلك ويعتبر هذا رجعة.

سؤال: مثلًا لو كان غائبًا وحلف عليها أن لا تفعل شيئًا ثم سافر، وهي فعلته في غيبته وانتهت العدة، وهو لم يعلم أنها فعلت، هل يحصل لها مراجعة؟

الجواب: لا يجوز له إذا خرجت العدة فقد بانت منه وتحرم عليه.

***

سؤال: حصل مني وأنا في حالة غضب أن حلفت على زوجتي يمينًا بالطلاق ثلاث مرات، أن تكون محرمة علي مثل أمي وأختي إذا ذهبت إلى بيت والدها طول فترة غيابي، وحتى الآن لم تذهب، فهل يجوز لي بعد ذلك وأنا موجود هنا أن أسمح لها بالذهاب، ولأني شعرت بعد ذلك أني سأكون قاطعًا لذوي الأرحام، وماذا يترتب على ذلك لو فعلته؟

الجواب: إذا كان قصدك من الطلاق منعها من الذهاب، ولم ترد تعليق الطلاق، وإنما قصدت منعها فقط، فإنه يكون عليك كفارة يمين، تكفر كفارة يمين، وتنحل هذه اليمين، ويجوز لها بعد ذلك أن تذهب إلى أقاربها، هذا إذا كان قصدك منعها من الذهاب.

سؤال: نيته وقت الحلف؟

الجواب: نعم، إذا كانت نيته وقت الحلف أن يمنعها، لوم يقصد تطليقها، فهذا كما ذكرت.

أما إذا قصد طلاقها، وأنها إذا ذهبت فإنها تطلق، فهذا يقع عليه الطلاق، لأنه لم يقصد المنع، وإنما قصد تعليق الطلاق على الذهاب، وإذا حصل المعلق عليه، حصل المعلق. إذا حصل الشرط، حصل المشروط.

ص: 665

سؤال: تلفظ به ثلاث مرات، هل يقع ثلاث مرات؟

الجواب: إذا كان نوى به الطلاق، فإنه يقع ثلاث مرات ثلاث طلقات.

سؤال: وهذا ألا يكون من قبيل الظهار، قوله: وأن تكون محرمة علي مثل أمي أو أختي؟

الجواب: كذلك، فإن هذا هو طلاق وظهار معًا، إذا كان قصد مثلًا تعليق الظهار، أو تعليق الطلاق على ذهابها قصد الاثنين، فيكون مطلقًا ومظاهرًا، وأما إذا لم يقصد شيئًا من الاثنين، وإنما قصد منعها فقط، فكما ذكرنا عليه كفارة يمين.

سؤال: لو كان فعلًا قصد الطلاق وقصد الظهار ويريد أن يعدل عن ذلك؟

الجواب: إذا كان طلقها ثلاثًا فقد بانت منه.

سؤال: لا يكون طلقة واحدة بحكم أنها في مجلس واحد أو في موقف واحد؟

الجواب: لا، هذه كررها هو، لو كان بلفظ واحد، لو كانت الثلاث بلفظ واحد فهذا موضع خلاف بين أهل العلم، الجمهور على أنها تقع ثلاثًا، وهو الصحيح، وقد فرقه بثلاثة ألفاظ، فهذا يقع عند الجميع ثلاث طلقات، ربما يقال: إنه غضبان، كما ذكر هو إذا كان في حالة الغضب، وزال معها شعوره، بحيث لا يتصور ماذا يقول، فهذا لا شيء عليه، لا يمين ولا طلاق ولا ظهار، لأنه زائل الشعور.

أما إذا كان غضبه أقل من ذلك، ويتصور ما يقول ويعقل ما يقول، فكما ذكرنا.

ص: 666

سؤال: إذا لو فرضنا أنه في حالة غضب، ولكنه خفيف يعي معه ما يقول ووقع طلاق، ولكنه مرة واحدة، وفي نفس الوقت ظهار، فعليه أن يكفر كفارة الظهار؟

الجواب: هذا لا يتصور أن يقع عليه مرة واحدة، لأنه طلقها ثلاث مرات، بلفظ واحد، هذا إذا أفتي على رأي من يرى أن الثلاث بلفظ واحد تكون واحدة، يكون عليه ظهار فقط ويراجعها لكن الذي عليه الجمهور وهو الصحيح، أن الثلاث تقع ولو بلفظ واحد.

***

سؤال: أنا شاب في العشرين من عمري تزوجت ابنة عمي وذات ليلة تشاجرنا ودخل بيننا الشيطان لعنه الله، وغضبت وضربتها على وجهها وطقتها بالثلاث، فلما هدأت تندمت على فعلتي فأرجو منكم أن تخبروني إن كانت تحل لي وهل علي قضاء، وماذا أفعل مع العلم أنها كانت بها العادة عندما طلقتها؟

الجواب: هذه القضية، لا تكفي الإجابة عنها، عبر سؤال مكتوب، لأنه لا بد من معرفة ملابسات القضية، وحضور الزوجة، مع وليها وهذا لا يتم إلا عند القاضي، أو عند رئاسة الإفتاء والبحوث والعلمية بالرياض، فعليك أن تراجع إحدى الجهتين، وستجد إن شاء الله ما يكفي لحل مشكلتك والله أعلم

سؤال: إنما يقصد من حيث الحكم هل يقع الطلاق في حالة العادة؟

الجواب: نعم، الصحيح أن الطلاق يقع في حالة الحيض، وذلك لأن

ص: 667

«ابن عمر رضي الله تعالى عنه لما طلق امرأته وهي حائض، قال النبي صلى الله عليه وسلم: مره فليراجعها» ، فقوله: فليراجعها هذا دليل على أن الطلاق وقع رجعيًّا، لأنه لا يقول: فليراجعها إلا إذا كان وقع الطلاق.

سؤال: وقعت مشكلة بين أهلي وزوجتي في اليمن، وذهبت إلى المحكمة الشرعية بجدة للطلاق وفي المحكمة طلبوا مني ورقة كتبتها لهم وفيها: أنا المدعو فلان بن فلان، لقد طلقت فلانة بنت فلان، وأنا في كامل وعيي وعلى ذلك أوقع، وأخذوا مني الورقة وأعطوني موعدًا لمقابلة القاضي وإحضار الشهود، وحضرت في الموعد، ومعي الشهود ولكن القاضي لم يحضر إلى المحكمة في ذلك اليوم، وبعد ذلك تراجعت وعدلت عن الطلاق فهل بهذا يكون قد وقع الطلاق مني أم لا، وهذا حدث قبل ثلاث سنوات، وأنا الآن لي أولاد منها بعد ذلك، وإذا كان قد وقع الطلاق فما هو مصير الأولاد، وماذا علي أن أفعل؟

الجواب: الطلاق الذي قد كتبته ونويته، هذا يقع عليك بلا شك، وإذا كان هذا الطلاق دون الثلاث أي: لم يسبقه طلاق قبله، فإنه يجوز أن تراجعها بأن تشهد شاهدين بأنك قد راجعت زوجتك، لكن بشرط أن لا يكون الطلاق قد استنفذ الثلاث كما ذكرنا، وعلى كل يجب عليك أن تراجع المحكمة التي ربطت معها موعدًا لهذا الإجراء وأن تراجع عند

ص: 668

القاضي، بأن تطلعه على الورقة وتخبره بأنك تريد المراجعة، إذا كانت العدة باقية ولم تنته. أما إذا كانت انتهت عدة الزوجة فإن الرجعة لا تصح، ولا بد من عقد جديد، إذا لم يستنفذ الطلاق الثلاث.

***

سؤال: أنا رجل متزوج وقد حصل مني حلف بالطلاق في حالتين: الأولى: أنني حلفت بالطلاق أن لا أفعل شيئًا ما بنفسي، ولأهمية ذلك العمل لي فلم أجد من يقوم به غيري فعملته. والحالة الثانية: أنني كنت مع بعض الزملاء في مسكننا فحصل شجار كرهت الجلوس بعده، فقلت: علي الطلاق بالثلاث أنني لا أقعد معكم وحاولت الخروج ولكن بعض الأصحاب ألحوا علي في البقاء معهم، وفعلًا بقيت ولم أخرج، فماذا علي في هاتين الحالتين، وماذا يلزمني فعله لكي أحافظ على زوجتي؟

الجواب: لا يجوز للمسلم أن يتخذ الطلاق سلاحًا على لسانه دائمًا، وعند أدنى سبب يتلفظ بالطلاق، لأن هذا تلاعب بشرع الله سبحانه وتعالى، والطلاق أمر خطير وبغيض إلى الله سبحانه وتعالى، فيجب على المسلم أن يحفظ لسانه من التلفظ بالطلاق إلا عند الحاجة التي يشرع فيها الطلاق، أما أن يتخذ الطلاق محل اليمين ودائمًا يهزو به ويتكلم به، فهذا لا يجوز.

أما من ناحية ما حصل من السائل في أنه حلف بالطلاق مرتين في مناسبتين فهذا إن كان أراد تعليق طلاق زوجته على حصول هذا الشيء إن دخل أو إن فعل كذا فإن زوجته تطلق عند حصول المعلق عليه.

أما إذا كان أراد مجرد اليمين ومجرد منع نفسه من شيء وحلف بالطلاق

ص: 669

ليمنع نفسه من ذلك فهذا يجري مجرى اليمين على الصحيح من قولي العلماء، ويكون فيه كفارة اليمين، ويكون عليك إذا كنت قصدت منع نفسك في هذا الطلاق الذي وقع منك في الحالتين، ولم ترد تعليق الطلاق، فإنه يجب عليك كفارة يمين لكل مرة، يعني يكون عليك كفارتان.

كفارة للمرة الأولى وكفارة للمرة الثانية، بأن تطعم عن كل مرة عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من الطعام أو تكسو عشرة مساكين لكل مسكين ثوب أو إزار ورداء على حسب عادة البلد، أو تعتق رقبة إذا أمكن، وأنت مخير بين هذه الأمور الثلاثة.

وإذا لم تقدر على واحد منها، فإنك تصوم ثلاثة أيام والله أعلم.

سؤال: في حال الحكم بوقوع الطلاق منه في قوله: علي الطلاق بالثلاثة، كم يقع، طلقة واحدة أم ثلاث؟

الجواب: الجمهور على أنه يقع ثلاث طلقات إن قالها بهذا اللفظ.

سؤال: زوجتي كثيرة الشجار مع والدتي في مصر، ووالدتي تريد مني أن أطلقها، وأنا حائر بين الوالدة وبين أطفالي، ومصيرهم بعد الطلاق علمًا بأني شاب متدين والحمد لله، ولا أريد أن أغضب الله بالطلاق أو أغضب والدتي التي أمر الله بطاعتها، وقد قرأت عن عبد الله بن عمر أنه كان له امرأة يحبها، وكانت أمه تريد منه أن يطلقها فذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فأمره أن يطلقها فنرجو الرد أثابكم الله.

ص: 670

الجواب: أولًا: قضية ابن عمر ليست مع أمه، وإنما هي مع أبيه، عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وأما قضية ما ذكرت من حالة زوجتك مع أمك، وأنها تشاجرها، وأن أمك تطلب منك طلاقها، فهذا واضح أن هذه المرأة تؤذي أمك، ولا يجوز لك أن تقرها على ذلك، إذا كان بإمكانك أن تأخذ على يدها وأن تمنعها من هذه المشاجرة، وبإمكانك الإصلاح بين أمك وزوجتك، فإنه يتعين عليك ذلك، ولا تذهب إلى الطلاق، أو إذا كان بإمكانك أن تجعل زوجتك في مسكن وأمك في مسكن آخر، وتستطيع القيام بذلك، فهذا أيضًا حل آخر، أما إذا لم تستطع شيئًا من ذلك، وبقيت زوجتك تشاجر أمك وتغضبها، فحينئذ لا مناص من الطلاق طاعة لوالدتك، وإزالة للضرر عنها، ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، وعلى كل حال عالج الأمور بما تستطيع، ولعل الله سبحانه وتعالى أن يصلح من أمرك، ولا تجعل الطلاق إلا آخر الحلول، إذا لم تستطع حلًّا غيره.

***

ص: 671