الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب النكاح
صفحة فارغة
143 -
الأنكحة المحرمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد (1) :
فإن الله جل وعلا شرع لعباده النكاح، وحرم عليهم السفاح، وحرم أيضا أنكحة فاسدة، كانت تعتادها الجاهلية، وبعضها شرع في الإسلام ثم نسخ، أما النكاح الشرعي الذي هو ضد السفاح هو النكاح الذي يكون عن رضى من المرأة، وعن واسطة الولي، وبواسطة الإعلان والشاهدين، وغير هذا من الإعلان فهذا هو النكاح الشرعي الباقي الذي قال الله فيه جل وعلا:{وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (2) وقال فيه النبي عليه الصلاة والسلام: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء (3) » ، وقال عليه الصلاة
(1) محاضرة لسماحته بعنوان (الأنكحة المحرمة كالشغار والمتعة) بالجامع الكبير بالرياض.
(2)
سورة النور الآية 32
(3)
أخرجه مسلم في صحيحه برقم (3352) .
والسلام: «تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة (1) » . وفي لفظ: «الأنبياء يوم القيامة» وقال صلى الله عليه وسلم: «تنكح المرأة لأربع، لجمالها ولمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك (2) » ، وقال صلى الله عليه وسلم:«إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير (3) » ، وفي لفظ:«وفساد عريض (4) » .
والأحاديث في المعنى للحث على النكاح والترغيب فيه كثيرة، والقرآن الكريم كذلك، دل على شرعية النكاح، ورغب فيه، قال تعالى:{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} (5) يعني أن لا تجوروا.
فالله سبحانه شرع لنا النكاح؛ لما فيه من إعفاف الفروج، ولما فيه من تكثير الأمة، فإن الأمة إذا لم يكن هناك نكاح
(1) أخرجه أبو داود في سننه باب النهي عن التزويج من لم يلد من النساء.
(2)
أخرجه البخاري برقم (4802) 5 \ 1958، ومسلم في صحيحه باب استحباب نكاح ذات الدين برقم (1466) 2 \ 1086.
(3)
كتاب السنن حديث رقم (590) 1 \ 190.
(4)
أخرجه الترمذي في سننه باب ما جاء إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه برقم (1084) 3 \ 394.
(5)
سورة النساء الآية 3
انقرضت، ولكن من رحمة الله أن شرع النكاح، وجعل في الرجل الميل إلى المرأة، وجعل في المرأة الميل إلى الرجل، وكتب بينهما ما كتب، لوجود الذرية، حتى يبقى هذا النسل، وتبقى هذه الأمة، إلى الأمد الذي حدده الله عز وجل، وشرع لهذه الأمة التمسك بما بعث الله به أنبياءه، من عهد آدم إلى يومنا هذا، شرع النكاح وشرع التمسك بما خلقوا له، من دين الله وعبادته سبحانه وتعالى، حتى لا يزال في الأرض من يعبد الله ويتقيه، ويكثر من ذكره سبحانه، ويطيع أوامره، وينتهي عن نواهيه، وجعل لهذه الدنيا أمدا تنتهي إليه، فإذا جاء الأمد قامت القيامة، وانتهى أمر هذا العالم، وصار الناس إلى الدار الأخرى، وهي الجنة أو النار، على حسب أعمالهم، فمن كان من أهل الإحسان في هذه الدار، من أهل طاعة الله ورسوله، صار إلى دار النعيم والكرامة، وإلى دار أهل الإحسان وهي الجنة، ومن كان في هذه الدار من أهل الانحراف والفساد، وطاعة الشيطان، أو عصيان الرحمن، صار إلى دار الهوان، ودار العذاب والنكال، وهي النار نعوذ بالله من ذلك.
وشرع في النكاح أمورا منها: أن تكون المرأة والرجل خاليين من الموانع، صالحين للزواج، بأن يكونا مسلمين أو كافرين، أو الزوج مسلما والمرأة كتابية، من اليهود والنصارى المحصنات، فإنه يكون النكاح هكذا، إما مسلمان أو كافران،
أو مسلم وكتابية محصنة، من اليهود والنصارى، فإذا اختل الأمر صار هناك مانع، إذا كان الزوج مسلما، والمرأة غير كتابية ولا مسلمة، وثنية مجوسية شيوعية، لم يصح النكاح، كذلك لا بد أيضا من كون المرأة خالية من الموانع ليست في عدة، ولا في عصمة نكاح، بل تكون خالية مطلقة أو متوفى عنها، قد انتهت من العدة أو لم تزوج أصلا، ثم هناك أيضا موانع أخرى من القرابة والرضاعة والمصاهرة، تكون سليمة من ذلك، والرجل سليما من ذلك، ليس بينهما ما يحرم النكاح، لا قرابة مثل كونها أخته أو عمته، أو خالته أو بنت أخيه أو ما أشبه ذلك، من رضاع أو من نسب، ولا كونها أيضا محرمة بالمصاهرة، كأن تكون بنت زوجته المدخول بها، أو أم زوجته أو جدتها، فلا يجوز له نكاحها، فإذا صار الزوجان خاليين من الموانع، وتوافرت الشروط الشرعية، من رضا الزوجين: الزوج والزوجة، الزوج بالمرأة والمرأة بالزوج، إلا ما استثني من حال صغر المرأة، إذا زوجها أبوها في حال صغرها، وهي ابنة تسع، واختار لها الزوج الصالح، فهذا يجوز إذا كان دون التسع، إذا اختار أبوها لها الزوج الصالح، كما زوج الصديق رضي الله عنه عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي صغيرة بنت ست أو سبع سنين، بغير مشورتها؛ لأنها صغيرة جدا، أما إذا بلغت تسع سنين فأكثر، فإنها تستشار