الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمحلل له أيضا، كلهم سواء فالمرأة إذا كانت راضية وعالمة بهذا الشيء فهي أيضا تستحق التعزير والتأديب، لرضاها بالمعصية، ومواطأتها عليها، ولو أراد أن يبقى عندها لم تحل له، ما دام نكحها بهذه النية، وبهذا القصد، فإنه نكاح فاسد ولا تحل له، ولا تحل للزوج الأول؛ لأن هذا ليس بزواج، والله قال:{حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (1) وهذا تيس مستعار، وليس بزوج شرعي، فلا يحللها للزوج الأول.
(1) سورة البقرة الآية 230
146 -
والنكاح الثالث الفاسد أيضا: نكاح يسمى
نكاح الشغار
، ويسمى عند بعض الناس نكاح البدل، وهو نكاح يشترط فيه كل واحد من الوليين، نكاح الأخرى، فيقول أحدهما للآخر: زوجني وأزوجك، زوجني بنتك وأزوجك بنتي، أو زوجني أختك وأزوجك أختي، أو زوج ابني وأنا أزوج ابنك، أو زوجني وأنا أزوج ابنك، أو زوج ابني وأنا أزوجك، أو أزوج أخاك أو ما أشبه ذلك، هذا هو الشغار قالوا: سمي شغارا من الخلو؛ لأنه في الغالب لا يهمهم المهر، وإنما يهمهم الاتفاق على هذا العمل، يقال: بلاد شاغرة: يعني خلت من أهلها، ويقال: مكان شاغر: خالي. ويقال: شغر الكلب برجله، إذا رفعها ليبول، فأخلى مكانها، وقيل: سمي شغارا من شغور الكلب برجله، المعنى كأنه يقول: لا تمسها، ولا تمس رجلها، حتى أمس أو حتى أباشر
رجل أختك، أو بنتك أو عمتك، وما أشبه ذلك، وبكل حال فهو منكر وفاسد، وإن لم يخل من المهر، وإن سمي فيه مهر؛ لما ثبت «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الشغار (1) » في حديث ابن عمر، ومن حديث جابر رضي الله تعالى عنه، ومن حديث معاوية ومن أحاديث أخرى، في النهي عن الشغار، وفي حديث أبي هريرة، والشغار هو أن يقول الرجل: زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي، أو زوجني أختك وأزوجك أختي، هذا هو الشغار، أما ما جاء في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما بقوله: إن الشغار هو أن يزوج هذا هذا، وهذا هذا وليس بينهما صداق، هذا من كلام نافع مولى ابن عمر، وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وقال جماعة: هو من كلام مالك بن أنس الراوي، عن نافع وبكل حال فهو ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من كلام من دون النبي صلى الله عليه وسلم، وهو نافع مولى ابن عمر أو مالك، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في البلوغ: واتفقا من وجه آخر على أن تسمية الشغار من كلام نافع، فليس من كلام النبي عليه الصلاة والسلام، وقد اتفق الشيخان على أنه من تفسير نافع وليس من كلام النبي عليه الصلاة والسلام، وبعض الفقهاء - رحمة الله عليهم -، أخذ بما قال نافع، وقالوا: إنه لا يكون شغارا إلا إذا خلا من المهر، أما إذا كان فيه المهر كاملا
(1) صحيح البخاري النكاح (5112) ، صحيح مسلم النكاح (1415) ، سنن الترمذي النكاح (1124) ، سنن النسائي النكاح (3337) ، سنن أبو داود النكاح (2074) ، سنن ابن ماجه النكاح (1883) ، مسند أحمد بن حنبل (2/62) ، موطأ مالك النكاح (1134) ، سنن الدارمي النكاح (2180) .
فليس فيه حيلة، والمهر كاملا لهذه ولهذه، فإنه لا يكون شغارا، وهذا قول ضعيف ومرجوح، والصواب أنه يكون شغارا مطلقا، إذا كان فيه الشرط؛ لظاهر الأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنه في حديث أبي هريرة قال: والشغار أن يقول الرجل: زوجني أختك وأزوجك أختي أو زوجني بنتك وأزوجك بنتي (1) . ولم يقل: وليس بينهما صداق، بل أطلق؛ ولما ثبت في المسند وسنن أبي داود بسند صحيح عن معاوية رضي الله عنه، «أنه رفع إليه أمير المدينة، أن شخصين تزوجا شغارا، وقد سميا مهرا، فكتب معاوية رضي الله عنه إلى أمير المدينة أن يفرق بينهما، وقال: هذا هو الشغار الذي نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام (2) » مع أنهما قد سميا مهرا، فدل ذلك على أن الشغار هو ما فيه مشارطة، سواء سمي فيه المهر، أم لم يسم فيه المهر، والحكمة في ذلك والله أعلم، أنه وسيلة إلى ظلم النساء، وإجبارهن على أزواج لا ترضاهم النساء، وسبب أيضا لعدم المبالاة بمهورهن، وسبب أيضا للنزاع المتواصل والخصومات الكثيرة، فمن رحمة الله أن حرم الله ذلك، حتى لا يجبر النساء بغير حق، وحتى لا يظلمن، وحتى يسد باب النزاع والخصومات، فإن الذين فعلوا هذا قد جربوا ما فيه من الشر، فإنه تكثر بينهم النزاعات
(1) أخرجه مسلم في صحيحه برقم (1416) 2 \ 1035.
(2)
سنن أبو داود النكاح (2075) ، مسند أحمد بن حنبل (4/94) .
والخصومات، وإذا جرى بين هذا وزوجته شيء، وخرجت لعلة خرجت الأخرى، أو طلب وليها بإخراجها، حتى تعود هذه، وهكذا في النزاع، متى ساءت الحال بين هذا وزوجته، لحقتها الأخرى؛ لأنه مشروط على هذا، وهذا مشروط عليه أن ينكح هذا هذه، وهذا هذه، فكل ما جرى نزاع، ساءت الحال بين الجميع، ثم الولي لا يبالي، بل يحبسها ويؤذيها، حتى يجد امرأة أخرى، ويشترطها لنفسه، أو لولده أو لابن أخيه أو لأخيه، فتكون النساء حبسا مظلومات لحاجات الأولياء، ولمصالح الأولياء، ولظلم الأولياء، ومن أجل هذا حرم الله الشغار، ونهى عنه نبيه عليه الصلاة والسلام، حتى لا تظلم النساء، وحتى لا يتخذ تزويجهن للهوى والظلم، وإرضاء الأولياء، وتحصيل مقاصدهم وأهوائهم، بل على الولي أن يطلب لها الزوج المناسب، الزوج الشرعي، ولا يعلق ذلك، بأن يزوج ابن هذا، أو أخا هذا، أو عم هذا وما أشبه ذلك، فهذا هو نكاح الشغار، وهو المسمى نكاح البدل، والصواب أنه لا يجوز مطلقا سواء كان فيه مهر أم لم يكن فيه مهر، هذا هو أرجح قولي العلماء في هذه المسألة، وهو الموافق للأحاديث الصحيحة، وهو الموافق للمعنى الذي من أجله حرم الله الشغار، الذي هو البدل، ونهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام، لما يترتب عليه من المفاسد العظيمة، وإن سمي فيه
مهر، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله، أسأل الله أن يمن على المسلمين بالعافية من كل ما يغضبه، والواجب على من يستمع مثل هذه الفائدة أن يبلغها إلى غيره؛ لأن هذا كثير عند بعض الناس، فمسألة الشغار هذه موجودة في الحاضرة والبادية، ولعله في البادية أكثر، وفي القرى، فينبغي تبليغ ذلك لمن يستطيعه الإنسان، ولا سيما في هذا الوقت عند غلاء المهور، صار كل واحد يحبس ابنته أو أخته، يقول: لعله يحصل لي من يزوجني، بأخته أو بنته، فتبقى عنده بنته إلى أن تبلغ الأربعين سنة، أو الثلاثين سنة يرجو وجود من يزوجه، أو يزوج ولده، وهذا من الظلم الظاهر، والمعصية الظاهرة، فيجب على الإخوان أن يبلغوا من علموا ذلك منه، وأن يخوفوه من الله، وأن يحذروه نقمة الله، فإن هذا ظلم للنساء، لا يجوز هذا النكاح في هذه الصفة، أمر لا يجوز أيضا. ونسأل الله للجميع الهداية والعافية.
س 147: في برنامج نور على الدرب - وهو برنامج ينتشر - حلل الموضوع هذا ما دام سمي المهر، فالواجب نشر تعميم أو تعقيب على الكلام هذا، أنه ما يجوز لأن بعض الناس يأخذ به يسمع هالكلام أنه إذا كان فيه مهر فإنه جائز؟
ج: هذا على كل حال غلط ولا بد، سنسأل عن الذي قال،
ونتفق معه على أمر إن شاء الله، يعلن هذا الشيء؛ لأن هذا فيه مضار كثيرة، ومسائل إذا تأملها العاقل عرف ما فيها من الشر، ثم هو مخالف لنص النبي عليه الصلاة والسلام وإطلاقه عليه الصلاة والسلام، فأقوال العلماء واجتهاداتهم رضي الله عنهم، ورحمهم، تعرض على الكتاب والسنة فما وافق الكتاب والسنة منها قبل، وما خالف الكتاب والسنة، من أقوالهم وآرائهم، وجب أن يرد، قال الله تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (1) وقال سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (2) هذا هو الواجب على أهل العلم، أن يردوا ما تنازع فيه الناس إلى حكم الله ورسوله، حتى ينتهي النزاع، وحتى تجتمع الأمة على الحق والهدى الذي ينفعها ولا يضرها.
(1) سورة النساء الآية 59
(2)
سورة الشورى الآية 10
س 148: ما مصير الأولاد نتيجة الشغار هذا؟
ج: يلحقون بآبائهم؛ لأنه نكاح شبهة، بسبب أن بعض أهل العلم يبيحه، إذا كان فيه مهر، فهذا يكون شبهة، أو بعض الناس يفعله جاهلا، ما سأل ولا استفتى، يحسب أن هذا لا بأس به، فيكون الأولاد لاحقين بآبائهم، بسبب الشبهة، ولا